ذكريات ومن هنا وهناك (الجزء الأول)

صفحة من زمن مضى
اخواني واخواتي وابنائي وبناتي تحية عطرها ابعثها لكم من جدة عروس البحر الجريحة والتي اسأل الله أن يبرئ جروحها ويقيض لها من يخشى الله ويهتم بها ويعيد لها عزها ونظارتها وجمالها وما ذلك على الله بعزيز خاصة وأن مليكنا المحبوب يوليها جل اهتمامه .
اخذني الحديث عن جدة والحديث ذو شجون كما يقولون ... وما وددت أن اعرضه لكم هو صفحة من زمن مضى وانقضى بخيره وشره لكن ليقارن من لم يعش ذلك الزمان بما نحن فيه ولله الحمد .
يعرف من عاش ودرس في ذلك الزمن أن الضرب والتهزئ كان وسيلة من وسائل التربية واجبار الطالب على التعلم شاء ام ابى وكان يطبق قانون ( لكم اللحم ولنا العظم ) وهذا المنطق عامل مشترك بين جميع اولياء امور الطلاب وكان يتحاشى احدنا أن يشتكي لوالده ما حدث له خوفا من عقوبة اشد من الاهل ولهذا كنا نلتزم الصمت دائما والا سيطبق بحقنا القانون الموضح بعاليه .
وهناك وسيلة اشد من الضرب وضررها اكبر من نفعها وهي .. عندما يقصر الطالب في اداء واجباته او يتدنى مستواه في الدراسة لاسباب خارجة عن إرادته كأن يكلفه والده برعي الغنم من حين خروجه من المدرسة إلى الليل او يطلب منه مساعدة اهله في مواسم الحصاد وحماية مزارع الذرة من الطير وغيرها من الاعمال الشاقة يعمد المعلم إلى كشف رأسه ويكلف من يدور به على جميع الفصول ويصاح عليه بتلك العبارة المشؤومة ( يا بليييييييد ) او يطلب من طالب من صف ادنى من صفه كأن يكون الطالب بالصف الخامس ويطلب من طالب في الصف الرابع أن يكتب له كلمة لم يستطع كتباتها بشكل صحيح وعندما يكتب الطالب الذي استدعي من الصف الادنى الكلمة صحيحة يطلب منه ضرب الطالب الاكبر منه سنا كفا امام طلاب الصف !!!!! وبطبيعة الحال لا يخفى على الجميع ما لذلك الاسلوب من اضرار نفسية وتربوية .. وانا التمس العذر لاساتذتنا الكرام رحم الله من مات منهم وحفظ من بقي على طاعته لأن ذلك اهو الاسلوب الشائع في جميع المدارس في ذلك الوقت حيث لم تصلهم الاساليب التربوية الحديثة وما يدفعهم لذك الا مصلحتنا وحرصهم على تعليمنا .
واعتذر إن كان اسلوبي مملا او انني اثقلت عليكم بما ذكرته وتقبلوا خالص تحياتي وتقديري .

 

 

تحديد سن طلاب الصف السادس
جرت العادة كل سنة في المدرسة السعودية بوادي العلي ( هذا اسمها المكتوب في اللوحة التي تعلو المدخل الرئيسي لها ) أن يصطحب عدد من المعلمين طلاب الصف السادس في احد اللواري والذهاب إلى بلجرشي لتحديد السن بعد كشف طبي تمهيدا لتعبئة استمارة دخول معهد المعلمين الابتدائي وهو المجال الوحيد المتاح والمقدور عليه في عهدنا حيث لا يوجد مدارس متوسطة الا في بلجرشي او المدن وبعد ذلك متوسطة في الظفير والوصول إليها شاق وذلك قبل فتح طريق السيارات عبر جبل البريدة السفلى والعليا وعروان ، فليس امامنا الا معهد المعلمين في بني ظبيان .
وفي عهدنا وكان عددنا ثمانية عشر طالبا اسـتأجرت المدرسة لوري علي ماضي وصاحبنا في الرحلة الأستاذ علي دغسان والعم محمد سعيد العباسي وكنا في غاية الفرح لركوب السيارة وانطلقت بنا السيارة في طرق وعرة وعند وصولنا بلجرشي توقفت السيارة عند قهوة ( دوبان ) لتناول الفطور وهو عبارة عن صحن قرع ( دبا ) وعيش ثم ذهبنا إلى الجهة التي ستكشف علينا وتحدد السن لكل طالب ويدون ذلك في استمارة خصصت لذلك تعلوها صورة الطالب ( الجدير بالذكر انني والزميل العزيز صالح احمد العبائر حفظه الله واخي سعد رحمه الله نرتدي جاكيتات ( اكوات ) لون واحد اخضر عشبي اشتراها لنا الأخ يحيى بن صوهد حفظه الله وهذا ما اكده الزميل صالح العبائر ولديه ما شاء الله ذاكرة قوية يعتمد عليها ) انتهينا من الكشف الطبي وتحديد السن وعدنا ادراجنا إلى سيارتنا وسعيد الحظ من يجد مكانا فوق البرندة ( الرندة بروز في مقدمة صندوق السيارة فوق الغمارة ) وهي بمثابة درجة الافق في طائرات الخطوط السعودية والغمارة بمثابة الدرجة الأولى اما الدرجة السياحية فهي الصندوق ) انطلقت بنا السيارة يقودها الكابتن علي ماضي حفظه الله واحسن الله له الخاتمة وعندما وصلنا وادي فيق توقفت السيارة عند بيت بجوار الطريق لرجل اسمه بن جعران إن لتحميل اكياس لوز للعم سعيد ابو ريشة وطبعا لا بد من المساعدة في تحميل الاكياس وركبنا فوق الاكياس واكملنا المسير إلى منازلنا . وسلامتكم .

 

 

الاستاذ القدير ابا ياسر
قصه ممتعه وسرد جميل
ومتشوق للمزيد .. وايضا متلهفين مثلك لوقفات الاخ العزيز ابو ناهل
ورحم الله اخاك سعد رحمة واسعه
ولكم تحياتي

 

 

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد الشملاني

الاستاذ القدير ابا ياسر
قصه ممتعه وسرد جميل
ومتشوق للمزيد .. وايضا متلهفين مثلك لوقفات الاخ العزيز ابو ناهل
ورحم الله اخاك سعد رحمة واسعه
ولكم تحياتي

شكرا اخي احمد الشملاني على تكرمك بالمرور من هنا والتعليق وسرني جدا ان هذه الذكريات تعجبك وكنت اظن انها لا تعجب الا الشباب من امثالي

 

 

أشكر لك أستاذي أباياسر إكرامنا بسرد هذه القصص الممتعة
وأشكر الأستاذين القديرين : عبدالله بن ناصر واحمد الشملاني
على رغبتهما في تداخلي في الموضوع ويعلم الله أنني لاأملك من
القصص مايؤهلني للسير في ذات النسق الخاص بالمشاركة
تختزل ذاكرتي قصص عديدة رواها لي الوالد عن تعيينه في الربيان
والعفوص بعد ذلك وعن ذهابه اليومي لبشير كمعلم وأروع القصص
بعد أن أصبح مدرساً في الوادي سأستأذنه في روايتها ولكن ماأعجبني
من القصص أنه كان في غالبية أيام الدوام في مدرسة الوادي يقول كنت
أرتدي ثوبي وأسرح للوادي وأعلقه في شجرة وأبدأ العمل حتى يحين وقت
المدرسه فأغتسل وأرتدي ثوبي وعلى الطابور وهو معلم وليس طالب
طبعاً كل شيء مشاهد أمامه وهو كذلك مشاهد من الجميع ....
( نقل لايف ) المدرسة وذهاب الجميع لها وموقع الإصطفاف بل ويؤكد لي أن
الغالبية يعيشون نفس الظروف ويعتبر هذا الوقت رغم قصره أي من بعد الفجر
إلى وقت الدوام وقت عمل مقدس لدى الأسر ولابد من إستغلاله ...

 

 

ما اخفيك يا ابا ناهل انني من المعجبين بما تسطره اناملك الكريمة واقدر لك مرورك ولا اطلب منك سرد قصص فتلك حقبة انت لم تشاهد ولم تعش احداثها والمطلوب منك ومن امثالك من ابنائنا وبناتنا الشباب أن يطلعوا فقط ليقارنوا ماهم فيه الآن بما كنا فيه ويحمدوا الله على النعم هذا ما اطلبه اما المشاركات فاتروكها للشباب ابناء جيلي .
شكرا لك على مرورك واضافتك لا عدمتك ايها الحبيب .

 

 

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالحميد بن حسن

تحديد سن طلاب الصف السادس
جرت العادة كل سنة في المدرسة السعودية بوادي العلي ( هذا اسمها المكتوب في اللوحة التي تعلو المدخل الرئيسي لها ) أن يصطحب عدد من المعلمين طلاب الصف السادس في احد اللواري والذهاب إلى بلجرشي لتحديد السن بعد كشف طبي تمهيدا لتعبئة استمارة دخول معهد المعلمين الابتدائي وهو المجال الوحيد المتاح والمقدور عليه في عهدنا حيث لا يوجد مدارس متوسطة الا في بلجرشي او المدن وبعد ذلك متوسطة في الظفير والوصول إليها شاق وذلك قبل فتح طريق السيارات عبر جبل البريدة السفلى والعليا وعروان ، فليس امامنا الا معهد المعلمين في بني ظبيان .
وفي عهدنا وكان عددنا ثمانية عشر طالبا .

يبدوا أن عدة أجيال مرت بهذه التجربة المتعلقة بالتصوير والكشف الطبي وشهادة الميلاد ( لا زلت محتفظا بها ) والموضوع له علاقة بالإختبار النهائي للصف السادس الذي سيعقد في عرا .. وكنا متخوفين من الإنتقال إلى قرية عراء لأداء الإختبار في مدرسة أخرى حيث نتقابل مع جميع الوجوه ( النيرة ) من القرى الأخرى إذ نشاهد عينات من ( الخنافر ) وتشاهد نماذج من الملابس الراقية ( تصميم بيير كاردان - مشبك في الحلق ..وأحيانا إزارير الثوب عدة ألوان ) وكل منهم نحتفظ بانطباع خاص :

الجبل والرمادة .. كبار في أجسامهم وأقوياء

خفة وبني حدة .. صغار الأجسام ومسالمين

المفارجة .. سرعة في الأنطلاق المشي عنهم جري سريع لبعد قريتهم

وادي فيق .. تحس أنهم بادية

العباس .. نظافة وتعامل جيد

عراء .. شياكة ويمغطون في الكلام


(( المعذرة أذن المغرب الآن .. سأتوقف عن الكتابة .. وفي ذهني أشياء ومعلومات أخرى ومنها :إن شاء الله ..نماذج أسئلة الصف السادس .. ورقم الجلوس .. وصورة الشهادة الإبتدائية عام 1384 - 1385 ... لكن لا تستعجلون .. حسب الوقت والمزاج ))

 

 

اخي بن ناصر :
فتحت على نفسك فتحة وانا ادور اي مدخل لازج بك في هذه الذكريات لمعرفتي ان لديك الكثير والله حباك معرفة وعلما وبراعة في الوصف فيا اخي عشر عنها ليبارك الله لك في هذه الموهبة وما اود ان اصل إليه هو انني كنت اعد العدة عن الكتابة عن اختبار الشهادة الابتدائية وتأديتة امام لجان الرعب قصدي لجان النظام والمراقبة في عرا والتفتيش قبل الدخول وكلمة راسك في قرطاسك وذلك الصوت الذي يدوي من وقت لآخر بقي من الزمن نصف ساعة .
لكن طالما انت اثرت الموضوع فلن يكتب عنه غيرك خاصة وان لديك صور تستشهد بها ونماذج اسئلة فانت اجدر واقدر على الكتابة عن هذا الجانب ونحن في انتظارك وداخل على الله ثم عليك قل تم وترى الكورة في مرماك

 

 

يتبع

نعود لموضوع الصور : في تلك السنة انتقلت الأمارة من بلجرشي إلى الباحة وكان حدثا عظيما أشبه بالإنقلابات الثورية في بعض الدول .. حيث علمنا من قبل ومن بعد بأنه بعد عناء ومطالبات وخطط بين أهالي الباحة والظفير من جانب وبين أهالي بلجرشي من جانب آخر انتهت بفوز الطرف الأول وأصبحت الباحة هي المقر الرئيس للأمارة .. وتبع ذلك انتقال الإنشطة التجارية ومنها ( المصور ) الراقي قبل ذلك الوقت لم يكن هذا النشاط موجود

رافقنا الأستاذ سعيد بن غرم الله ( رحمه الله ) من قرية العباس وهو من أفضل ما مر علينا من المعلمين خلقا وعلما .. وكانت تسند إليه تدريس مادة الرياضيات بالصف السادس وقد أكون متأكدا بأنه الوحيد من المعلمين الذي يستطيع تدريس وحل مسائل الرياضيات بالصف السادس آنذاك .. ومع أنه صاحب خلق وأدب جم إلا أنه لم يسلم أحيانا من أذى بعض أفراد ( الميليشيات ) عند مروره من تحت قريتنا حيث يندس البعض وراء قرصان البرشومي .. ويصفر .. تصفير فقط .. والتصفير هو رسالة موجهه وشيفره يعرفها فقط من يمر من جيراننا المسالمين

وصلنا الباحة وتم التصوير بالأستوديو الراقي .. في الشارع .. ولعدم وجود كهرباء يستفاد من ضوء الشمس ضحى كبديل للإنارة ..
أما تحديد العمر فقد علمنا ماحل بزملائنا القدامى ممن تخرج من المعهد القديم وكانوا صغارا في السن ولم يتم توظيفهم فكان الإقتراح بأن يزيد كل واحد في عمره أربع سنوات ( بخشيش ) وكان الكاتب يسأل : كم عمرك ؟؟ وبناء على التوصية نعطيه الرقم .. وهو يعلم الحقيقة بكاملها ولكنه يكتب مانقول من باب المساعدة

أهم حدث هو ( الفول ) .. فبعد الإنتهاء من التصوير وشهادة الميلاد إنتقلنا إلى المطعم ونحن نعلم مسبقا بأن المسألة ستخللها أكل فول .. وكل الموجودين معي لم يسافروا اطلاقا على حد علمي وبالتالي هم يسمعون بالفول ومنتظرين التجربة .. محدثكم قدر له مسبقا أن يسافر لعدة سنوات بما فيها الدراسة لعدد من السنوات بمدينة الدمام وسبق لي أن دخلت مطاعم أرامكو وصالة الكفتيريا الكبيرة والنادي الإجتماعي للعمال وأكل الإسكريم والحصول على مجلة قافلة الزيت وقراء ةمجلة العربي .. ومشاهدة أفلام السينما .. والتلفزيون وأشياء كثيرة لا مجال لذكرها .. إلا أنني هنا عدت مع رفاق الدرب والطفولة مثل أي واحد منهم أشتاق لهذه الأكلة - حتى الآن -

أحضر كل واحد منا ( 12 ) قرش تكلفة التصوير ( 6 ) قروش والباقي رجعه لنا الأستاذ سعيد وقال روحوا افطروا وحاسبوا .. أفطرنا طبعا ولازلت أذكر أن فردين من الرفاق المناضلين المشهورين تشاورا وقررا الهرب بدون دفع الحساب وفعلا نفذا الفكرة .ولكن مع كثرة رواد المطعم لم ينتبه لهم أحد .. الفقر والجهل آفة نسأل الله أن يتوب عليهم

في تلك السنة ألغي نظام معهد المعلمين الإبتدائي والتحقنا بمدرسة النجاح المتوسطة كأول دفعة عام 1385 هجرية .. درسنا شهرين بالمبنى القديم بقرية عراء ( مكان فول علي الذهبي كان أحد فصول الصف الأول متوسط ) بعد تلك الشهرين انتقلنا إلى المبنى المسلح الذي لا يزال قائما حتى الآن ومعنا طلاب الصف الثاني والثالث من معهد المعلمين يتقدمهم البطل الهمام بالصف الثالث معهد : ( عبد الحميد صوهد ) صاحب فكرة هذه الذكريات .. الذي ورطنا وخلانا نعيد نشر هذا الغسيل سامحه الله .. واستروا ما واجهتم

 

 

من هنا وهناك يا أبا ياسر ، وذكريات فتحتَ بها ذكريات ، فما نقرأ منها شيئا إلا تذكرنا مثيلا لها أو قريبا منها أو شبيها بها . تأكد أننا مع هذه الذكريات ممن يتابع ويستمتع ويتذكر ويضحك ويحزن ويشكر ،فيا أبا ياسر حفظك الله و حفظ أبا ناصر وجزاكما الله كلّ خير وبارك فيكما .