نقلاً عن :
هل مازالت أدمغة الأبناء مسرحا للأجندات الخفية؟
اميمة الخميس
أنا كمواطنة أولا، وكأم ثانيا من حقي أن أعيد السؤال القديم المتجدد:
هل المناهج الدينية لدينا ما برحت خاضعة للمنهج الخفي الذي كان مخترقا من الفكر المتطرف، والذي كان أيضا متهما بأنه أحد محاضن الفكر التكفيري؟، سأورد هنا بعض النماذج ولكم الحكم..
كتاب التوحيد للصف الثاني ثانوي وفي درس (معنى الإيمان)، هناك نشاط جماعي فيه شعار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمطلوب أن يربط الطالب بين الشعار والموضوع. ماذا يعني هذا؟ ما علاقة الهيئة بمعنى عقدي؟ ما الرسالة المواربة؟ هل يعني ان الهيئة وهي هيئة حكومية لها من المحاسن مثل ما لها من المثالب هي جزء من العقيدة؟ وتدرس في كتاب التوحيد لعموم طلاب المملكة؟ وهل من يعارض الهيئة أو يقاطعها في أحد اجتهاداتها يعتبر هذا مغمزا في دينه أو عقيدته؟ ولماذا لا يوضع مثلا شعار وزارة المياه لدعم حملة الترشيد وعدم الفساد في الأرض؟ أو شعار وزارة الصحة (وإذا مرضت فهو يشفين)؟ لا أملك الجواب على هذا ولكن السؤال هنا: هل مازالت أدمغة الأبناء مسرحا للأجندات الخفية؟
أيضا في كتاب التوحيد للصف الخامس الابتدائي أول درس وأول سطر، نتوقع جميعا أن يكون قال الله تعالى أو قال الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن ما هو موجود قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب. لماذا نورد اسم شيخنا الجليل فقط ونغفل عموم السلف الصالح؟ لاسيما أن مادة التوحيد تدرس لجميع طلاب المملكة باختلاف مذاهبهم؟ أيضا المملكة بمنهجها السلفي المعتدل محاصرة بمسمى الوهابية، إذا لماذا يصر البعض على تكريس هذا الحصار في زمن باتت فيه المملكة تتبنى حوار الحضارات العالمية مع الحوار الوطني الداخلي؟
وكان من الممكن أن أستوعب هذا لو أن الأمر اقتصر على الدرس الأول، ومن ثم أفردت بقية الدروس لبقية المذاهب الإسلامية في المملكة، وجميعها مذاهب اعترف بها مجمع الفقه الإسلامي، وحرم تكفير أصحابها، بل إن من يكفر أصحابه هو بذاته يصبح تكفيريا.
ولكن ليس هذا ما يجري بل يستمر تكرار اسم شيخنا الفاضل محمد بن عبدالوهاب في الدرس ال (7-8-9-10-11) إلى نهاية فصول باب التوحيد، فهل طالبة الخامسة ملزمة بهذه الأمور العقدية المعقدة نوعا ما على وعيها؟ أم أنه إصرار البعض على الاستحواذ الطائفي البعيد عن التعايش والتسامح؟
أيضا في كتاب الحديث والسيرة للصف الخامس الابتدائي يوردون حديث اللهو المباح يوم العيد والمتعلق بعائشة رضي الله عنها حينما استدعاها عليه الصلاة والسلام لتنظر إلى أحباش (يزفنون)، وقد ورد في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: (جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فوضعت رأسي على منكبه، فجعلت أنظر إلى لعبهم حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم).. وقال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم: يزفنون: من الزفن يعني الرقص.
ولكنهم في المنهج يحجبون هذا الموضوع ويقولون ان الأحباش فقط كانوا يلعبون بالحراب، فهم يخشون أن يدخلوا أيا من المتعة والبهجة على المنهج ولم يوردوا قول الرسول صلى الله عليه وسلم بروحه المتسامحه لعمر رضي الله عنه: "دَعْهم يا عمر، حتى تَعلمَ اليهود أن في ديننا فسحة، وأني بُعثت بحنيفية سمحة)، تلك الروح التي عجزت تلك المناهج المنبثقة عن فقه صحراوي أن تستوعبها واكتفوا من الحديث (بلعب الحراب) فهم يعدون الطلبة لجو جنائزي قاتم في الصف السادس.
في مرحلة ما ضج المجتمع احتجاجا على أن تكون فقرة تكفين الميت هي إحدى فقرات الإذاعة المدرسية الصباحية، عندها احتال مقدمو هذه الفقرة وتحول الموضوع من فقرة في إذاعة صباحية إلى درس مقرر في كتاب الفقة للصف السادس الابتدائي.
ما سبق هو غيض من فيض وإطلالة سريعة ونماذج وقعت بيدي مصادفة عبر كتب أبنائي، لكن الدارس والمتتبع للمناهج بعين مستقلة محايدة سيجد حتما العجب العجاب.
مشروع خادم الحرمين الشريفين رعاه الله في تطوير التعليم بدأ عام 2007 بكلفة 9 مليارات، فهل هذه مخرجاته؟ وهل مازالت أدمغة أبنائنا مسرحا للمنهج الخفي؟