يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > الساحات العامة > الساحة العامة

الساحة العامة مخصصة للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه والمنوعة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-04-2013, 10:03 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية العضو

مزاجي:











غامداوي غير متواجد حالياً

آخـر مواضيعي


ذكر

التوقيت

إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 13
غامداوي is on a distinguished road


 

.






ويستمر خوي القدير ابو عبد الله ( محمد عجير ) في تسطير ذكرياته بكل مافيها من معاناة واحاسيس ومشاعر لينتقل بنا من حلقة الي حلقة حتي يصل بنا الي الحلقة الأخيرة بتلك النهاية السعيدة التي كنا ندعو الله له مع كل سطر نقرأه في الأجزاء السابقة.

ويصل بنا لنهاية احاسيس استمتاع عشنا فيها معه عبر سطوره التي بدأت منذ اكثر من اسبوعين غير ان ذلك لايعني انه قدم كل مالديه من ذكريات فبالتأكيد في ذاكرته الكثير والكثير الذي يقدمه في زاوية اخونا وحبيبنا ابو ياسر ولاسيما ابو عبد الله يملك الاسلوب الادبي الرفيع ولديه من ادوات اللغة التي يجيد فيها وصف المشاعر بإبداع رائع ورقيق.

لكنني ومع شدة اعجابي بما سرد ووصف غير انني افتقدت جزأ هام في سطوره كنت اود ان يسطره وقد تجاوزه ومر عليه بسرعة ولم يتوقف عندها بأي وصف ..

اللحظات التي كانت له وهو ينتظر مولوده الذي تأخر عليه سنوات وتكبد من أجله رحلات أمل ورجاء وعثرات كثيرة.. وايضا اللحظات التي كانت مع رؤيته الأولي لهذ الوليد وهو يتناوله من يد ممرضة العمليات وهي تقول له: مبروك.

بالتأكيد انها لحظات شديدة وصعبة وقد تكون قاسية لكنها ستكون لنا ممتعة بوصف خوي ابو عبد الله وسرده الذي عودنا عليه لذلك كما طلبتك في مداخلتي الاولي وقلت لك تكفى في مداخلتي الثانية فأنا اقول لك في هذه المرة دخيلك ان توعدنا بجزء يكون بعد الأخير تصف فيه هذه اللحظات الانسانية التي كانت لك وانت تنتظر مولودك عبد الله بارك الله لك فيه وجعله لك الولد الصالح وجمعه مع ولدي عبد الله في الجنة وكل اولاد المسلمين.

اما بالنسبة ماكان للطبيب السوداني وتفسير الطبيب المصري له فأنا من الناحية العلمية بالقليل الذي تبقي في رأسي من علوم النساء والولادة لا استريح لتفسير الطبيب المصري كل الراحة ومن الصعب جدا ان يكون الطبيب السوداني قد قام بذلك وبالذات ان هذه العمليات تتم باستخدام الانابيب الدقيقة التي لا تتحمل مثل ذلك.


وفي تنويه آخير اتوجه به الي اعضاء الساحات بعد هذه الإطالة في المداخلة:

- ماجاء في ذكريات الاخ الغالي ابو عبد الله رغم مافيها من امور شخصية وعائلية وخاصة كان أولى ان يحتفظ بها الي نفسه غير انه قدمها بين السطور وجزاه الله عن ذلك خير الجزاء لان فيها من الدروس والعبر والفائدة لمن يمر بمثل هذا الاختبار من اعضاء الساحات .

- وايضا فيها درس رائع في الرضاء بقضاء الله وقدره لكن مع الاخذ بالاسباب التي هيأها لنا رب هذه الاسباب.


- وايضا كان لخوي ابو عبد الله تنسيق جميل للسطور من استخدام حجم مناسب والالوان المختلفة للفقرات مما كان يسهل من عملية القراءة والاستمرار والتي نفتقد هذه الميزة في كثير من مشاركات الاعضاء فليتهم ينتبهون لذلك.




في الختام لا اشكر خوي ابو عبد الله فالذي قدمه لنا اكبر من اي شكر نستطيع ان نرفعه له لكن ندعو الله له بالخير وان يجازيه عن اعماله الطيبة خير الجزاء.. وكما ذكرت لك من قبل في سياق السطور .. ..



دخيلك يا أبا عبد الله لاتحرمنا من الحلقة بعد الأخيرة




دخيلك .. دخيلك .. دخيلك

 

 
























التوقيع

   

قديم 01-05-2013, 09:30 AM   رقم المشاركة : 2

 

دخيلك يا أبا عبد الله لاتحرمنا من الحلقة بعد الأخيرة




دخيلك .. دخيلك .. دخيلك


الرجال جاك دخيل ..تكفا لا ترده ..وهذا عقالي .. قل : تم

 

 

   

قديم 01-05-2013, 11:50 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عضو فعّال
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
محمد عجير is on a distinguished road


 

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غامداوي
.








اما بالنسبة ماكان للطبيب السوداني وتفسير الطبيب المصري له فأنا من الناحية العلمية بالقليل الذي تبقي في رأسي من علوم النساء والولادة لا استريح لتفسير الطبيب المصري كل الراحة ومن الصعب جدا ان يكون الطبيب السوداني قد قام بذلك وبالذات ان هذه العمليات تتم باستخدام الانابيب الدقيقة التي لا تتحمل مثل ذلك.


دخيلك يا أبا عبد الله لاتحرمنا من الحلقة بعد الأخيرة



دخيلك .. دخيلك .. دخيلك



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته :

أولا : ليسمح لي إخوتي المتداخلين في تجاوز النظام هذه المرة والقفز على مداخلاتهم للرد على مداخلة سعادة الدكتور غامد آوي لأنها تضمنت ما يستدعي التوضيح في هذا الوقت بالذات إذ لا معنى للرد عليها بعد فوات الأوان :

في البداية يعجبني عدم تحيّز سعادة الدكتور لما ذهب إليه الطبيب المصري مع أنه من أبناء جلدته وقيامه بالدفاع عن الطبيب السوداني وهو البعيد منه وهذا يدل على سمو أخلاقه وطيب معدنه ومناصرته للحق أياً كان مصدره إذ لا مكان عنده لما هو سائد لدى كثير من الأعراب ( أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب ) .

ثانيا : ذكرت في الحلقة الأولى من هذه السلسلة أمراً ربما لم يفطن إليه من مرّ به سريعا، ألا وهو أن الطبيب السوداني طلب منا طلبا غريبا حينها وذلك بعد إجراء العملية مباشرة حيث قال : إذا صادف ونزل شئ من المدام بعد أسبوعين فضعوه في قارورة بها قليل من الماء وآتوني به ، ففعلنا مثل ما أمرنا وجئنا له بعد إنقضاء المدة بقطعة لحم في حجم الإبهام قالت لنا مُسِنّة مجرّبَةٌ بعد أن شاهدتها إنها لجنين لم يكتمل خلقه، وبعد أن أريناه إياها أعطاها لممرضة عنده وقال ضعيها في الثلاجة لفحصها ثم وجه كلامه إلينا قائلا : لقد نجحت العملية ولكن للأسف سقط الجنين كما ترون ! وذكرت بأنه لم يسبق أن طلب منا أحد مثل ذلك من قبل مع أننا قمنا بنفس التجربة خمس مرات لم يكتب لأي منها النجاح !

بالطبع في تلك اللحظة لم أفطن لسبب طلبه هذا ! ولم تتفتق عندي حينها منابع الأسئلة لأنني ( يا غافل لك الله ) لم أتتبع نمو جنين قبل ذلك قط ، وبمجرد أن شاهدت بعد ذلك بسنوات جنين لا يزيد حجمه عن نقطة بيضاء كمثل رأس الدبوس على الرغم من أنه أتم شهره الأول بدأت أتساءل ( بغض النظر عن تنبيه الدكتور المصري لي من عدمه )...عن ..

1) لِمَ لمْ يطلب منّا أحد من قبل مثلما طلبه الدكتور السوداني مع أننا أجرينا خمس مرات عمليات متتالية مماثلة ؟!

2) كيف توقع سعادته بأن شيئا ما قد ينزل من المدام بعد أسبوعين من إجراء العملية وهو ما حدث بالفعل ؟!

3) لم طلب منا وضعه في قارورة بها قليل من الماء وإحضاره له ؟!

4) لماذا كان حريصا عليه أكثر من حرصه على نجاح العملية نفسها وهو ما لمسناه منه بعد مراجعتنا الأولى له على إثر فشل التجربة ؟! ثم لماذا أخذه منا وهو شيء يخصنا ووجّه بعد ذلك ممرضته بوضعه في الثلاجة لفحصه على حد زعمه ؟! أليس من المحتمل أن يضحك به على عقيم أخرى تراجعه وبنفس الطريقة التي ضحك به علينا ؟!

هناك فرضية لدينا نحن المحققين العسكر تقول بأن الأسلوب الإجرامي لا يغيره المجرم إلا فيما ندر طالما أنه نجح في تطبيقه مرّة واحدة قبل ذلك .

5) كيف يكون ذلك الشيء قطعة لحم مخلّقة لجنين بحجم الإبهام ( كما ذكرته لنا خبيرة سقط لها أجنّّة مرات ومرات ) وكأنه ( وزغة ) مع أنه لم يبلغ اليوم العاشر من العمر ؟! الكلمة التي بين قوسين هي التعبير الذي تجنبت ذكره عمداً فيما مضى مراعاة لمشاعركم لكنني اضطررت له هنا للتوضيح .

6) لماذا كذب علينا بعد ذلك وهو المُسْلِم وقال لنا بأن المدام لديها تشوهات خلقية في جهاز داخلي لا يمكننا رؤيته؟! ولِمَ اقترح علينا إجراء عملية جراحية عنده بالذات لتصحيح ذلك العيب وهي التي قد تلقى المدام حتفها فيها فضلا عن أنها تكلفنا ثلاثين ألف ريال عشرة منها تذهب إلى جعبته ؟! ِلمَ لمْ يكذب علينا الطبيب الألماني مع أنه مسيحيّ الديانة بل إنه تحاشى الطعن في ذلك السوداني وقال أخلاقي المهنية لا تسمح لي باتهام زميل لي في المهنة بالكذب لكني أقول لكما بأنه مخطئ في تشخيصه ؟! .

7) لم لا تتوقع يا دكتور طالما أن الطبيب المعني بهذا السوء ألا يكون من الأساس قد أجرى عملية التلقيح برمتها واكتفى بزرع جنين ميت في أحشاء مسكينة تبحث عن بصيص أمل ؟! ولم لا يكون إلى جانب إجرائه للعملية قد وضع ذلك المخلوق في أحشائها ليفسد عليها الحمل إن أتمّ الله لها تلقيح البويضة فتعيد عنده الكرة تلو الكرّة طمعا في الـ 30% التي اشرنا إليها .

8) من أين جاءت تلك القطعة وكيف وضعت نفسها بنفسها في مكان قال الله فيه ( في ظلمات ثلاث ) الم تكن بفعل فاعل ؟!

9) لا يخفى على سعادتكم يا دكتور أن طب النساء والولادة قد تقدم كثيرا وخاصة فيما يتعلق بجزئية أطفال الأنابيب حتى أنهم يسألون المراجع الآن عن جنس الجنين الذي يريده ( ذكر أم أنثى ) وسبحان الله حتى هنا للذكر مثل حظ الأنثيين ( تكلفة اختيار طفل ذكر تزيد عن تكلفة اختيار الأنثى ) فما هو المانع يا ترى أن يلجأ أمثال ذلك اللص مع هذا التقدم في الطب والأمان من عدم المساءلة من المتاجرة بأعراض المسلمين ومشاعرهم وتلفيق الحقائق وزرع الأجنة الميّتة في أحشاء نسائهم سعيا وراء المادة التي أعمى بريقها بصر كل مبصر إلا من رحم الله ؟!

لقد من الله عليّ بعبد الله ولا أخفيكم أنني وأمه حاولنا بعده مرات ومرات ربما تضاهي المرات التي سبقته واستخدمنا إلى جانب نفس التقنية التي استخدمت من قبل علاجات جلبناها من ابنة العجوز الأردنية بعد أن ورثت المهنة عن أمها لكن لأن النية اختلفت عندها وأصبحت المادة وليس النِّسمة التي توحد الله هي هدفها لم نوفق ولم يوفق غيرنا على حد علمي ممن زودناه بعنوانها حتى هذه اللحظة في حصول المبتغى وإلى الله المشتكى !

هذه أسرار لم أكن مرغما على البوح بها ولولا خوفي من سير إخوتي ممن يعانون مما عانيت منه وهم كثر من المضيّ في نفس الطريق الذي مشيت فيه وتكبد نفس المصاعب التي تكبدتها لما أظهرتها، لكنهم إخوتي وزوجاتهم أخوات لي في الدين والدم واللغة والعرق يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) وجاء في الأثر من كتم عن مسلم علما ( ليس بالضرورة شرعيا ) مع أنه ليس ببعيد هنا عن ذلك ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة .

لا انتظر يا دكتور تعليلا ولا تبريرا لما فعله الطبيب السوداني معي فو الذي نفسي بيده لو قدّر أنه قام من قبره وقتلته ثم قام وقتلته لما أشفى ذلك غليلي منه وقد قيل من قبل ــ النار ما تحرق إلا رجل وأطيها !

همسة : لكل من رزقه الله بالذرية ، أحمد الله على نعمته واعلم أنه لو اجتمعت الأنس والجن على أن يمنحوك طفلا لم يرد الله أن يعطيك إياه لما استطاعوا فليكن الشكر ديدنك والحمد مهنتك ، ويا من لم يرزق بذرية الجأوا إلى الله في ساعات الليل الأخيرة وخاصة الساعة التي تسبق الفجر واسألوه من فضله ولا تهملوا الأخذ بالأسباب واحذروا من تصديق ما يقوله لكم كل ناعق من الأطباء فمنهم الصادق المخلص ومنهم دون ذلك ولتكن صلاة الاستخارة هي الفيصل بينكم وبين ما يقترحون ، خذوا هذا عن تجربة وفيما مضى علمونا آباؤنا مقولةً نصّها ( اسأل مجرب ولا تسأل طبيب ) .

على فكرة ، ثبت طبيا أنه لا علاقة للدوالي بموضوع الإنجاب فاحذروا ممن يوصي بإجرائها من العاملين في المستشفيات الخاصة فالهدف هو الـ 30% ليس إلا .

لي عودة لتحقيق رجائك يا دكتور في كتابة ما بعد الحلقة الأخيرة بإذن الله لكن صبرك عليّ شويّ .

 

 
























التوقيع







التعديل الأخير تم بواسطة مشرف ; 01-05-2013 الساعة 01:16 PM.

   

قديم 01-05-2013, 07:55 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عضو فعّال
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
بنت الوادي is on a distinguished road


 

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عجير
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غامداوي
لا انتظر يا دكتور تعليلا ولا تبريرا لما فعله الطبيب السوداني معي فو الذي نفسي بيده لو قدّر أنه قام من قبره وقتلته ثم قام وقتلته لما أشفى ذلك غليلي منه وقد قيل من قبل ــ النار ما تحرق إلا رجل وأطيها !






اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
قال الملك الجبار:
{وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }الشورى40

 

 
























التوقيع

   

قديم 01-14-2013, 03:24 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عضو فعّال
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
محمد عجير is on a distinguished road


 

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت الوادي

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عجير
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غامداوي
لا انتظر يا دكتور تعليلا ولا تبريرا لما فعله الطبيب السوداني معي فو الذي نفسي بيده لو قدّر أنه قام من قبره وقتلته ثم قام وقتلته لما أشفى ذلك غليلي منه وقد قيل من قبل ــ النار ما تحرق إلا رجل وأطيها !






اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
قال الملك الجبار:
{وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }الشورى40




الله يهديك يابنت وادينا ،

أخوك قاعد يترتح عشان الرجال قد مات والا لو كان حي كان عوّد من عند باب المصعد !
كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثرمن أن يقول ( اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحزن ، ومن العجز والكسل ، ومن الجبن والبخل ، ومن المأثم والمغرم ، ومن غلبة الدين وقهر الرجال ) !
ركّزي على الكلمة الأخيرة وستجدين العذر ربما لي ولغيري , لك الود .

 

 
























التوقيع






   

قديم 01-05-2013, 07:58 PM   رقم المشاركة : 6

 

احسنت القول

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عجير
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غامداوي
.

همسة : لكل من رزقه الله بالذرية ، أحمد الله على نعمته واعلم أنه لو اجتمعت الأنس والجن على أن يمنحوك طفلا لم يرد الله أن يعطيك إياه لما استطاعوا فليكن الشكر ديدنك والحمد مهنتك ، ويا من لم يرزق بذرية الجأوا إلى الله في ساعات الليل الأخيرة وخاصة الساعة التي تسبق الفجر واسألوه من فضله ولا تهملوا الأخذ بالأسباب واحذروا من تصديق ما يقوله لكم كل ناعق من الأطباء فمنهم الصادق المخلص ومنهم دون ذلك ولتكن صلاة الاستخارة هي الفيصل بينكم وبين ما يقترحون ، خذوا هذا عن تجربة وفيما مضى علمونا آباؤنا مقولةً نصّها ( اسأل مجرب ولا تسأل طبيب ) .
. .

 

 
























التوقيع

   

قديم 01-07-2013, 07:37 PM   رقم المشاركة : 7

 

عند المرور بهذه الحلقات للاطلاع والاستفادة مما تحويه من تجارب أو مشاهدات لابد أن يشيد الكاتب بتلك المواضيع القيمة خاصة إذا كانت التجارب بها شيء من الطرائف والذكريات .. فكيف بنا إذا اطلعنا على تجارب قاسية ومعاناة لا حدود لها .. بالنسبة لي وأوكد على هذا أنني ما كنت أنوي المشاركة لأنني لا بد أن أشيد بما كتب .. واحيانا كثرة الاشادة مثل زيادة الحلا قد تفسد الطعم
ومع هذا فإن معاناة أبو عبدالله حفظه الله وحفظ ابنه هي مسيرة كفاح مرير تستحق المرور والتعقيب عليها .. لا أعتقد أن أحدا ممن لديه مثل هذا الظرف قد عانى مثل ما عاناه الأخ محمد .. ذلك أن لكل اسرة ظروفها الخاصة .. وظروف أبو عبدالله لا تسمح له إلا بالمضيء قدما في هذا الطريق الشاق .. ولعل بعض من تلك الظروف اتضحت من سياق الحديث بعفوية وهو لا يقصد أو يدري أنه يخط نهجا لإنسانية قلما نجدها عند غيره .. انها الحرص على مشاعر الآخرين ممثلة في رغبة والديه أولا ثم مشاعر شريكة حياته ثانيا واخيرا صفة خاصة تتعلق به شخصيا وهي محبته للأطفال ( من يوم كان يلجغ الطفل الصغير أحمد عند المسيد .. ومن كان يعلم آنذاك أن هذا الصغير سيكون أبو سهيل .. إلا الله الواحد الأحد)
فاذا أضفنا إليها صرامة الجانب العملي والعسكري الذي تربى عليه .. والجانب العقدي الذي يؤمن به إلى اقصى درجة كل تلك الظروف انتهت ولله الحمد بتحقيق مبتغاه وأمنيته

هناك جانب أخر مهم في الموضوع وهي نقل التجارب بما فيها من معلومات علمية حديثة أومصاعب ومتاعب ونصابين ودجالين .. كل ذلك يعطي الفرصة للآخرين من أجل توفير الوقت والجهد وتوخي الحذر .. وبالرغم أن تلك التجارب لها شيء من الخصوصية إلا أنها دروس مجانية من أبو عبدالله .. عانى منها أشد المعاناه ومن المفيد جدا البوح بها .. والكل يجمع بدون استثناء إلا ما ندر على الرغبة في استكمال الحلقة الأخيرة
أختم مشاركتي هذه بالدعاء للأخ محمد ولأسرته بأن يكونوا دائما وأبدا في الحفظ والصون .. فالله يحفظكم ويرعاكم

 

 

   

قديم 01-09-2013, 05:56 AM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
عضو فعّال
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
محمد عجير is on a distinguished road


 

{ رحلةُ بحثٍ عن قُرّة عين }

الفصل الأول

تملكني حب الأطفال منذ صغري وعندما كنت في الصف السادس الابتدائي عام 1386هـ في مدرسة وادي العلي الابتدائية كان من بين مدرسينا معلم أردني يدعى ياسر وهي المرة الأولى التي اسمع فيها بهذا الاسم وكنت معجبا بذلك المدرس أيما إعجاب فهو إلى جانب كونه متمكنا من جميع المواد التي كان يدرسها لنا وهي بالمناسبة ( الرياضيات والاجتماعيات والعربي ) أي أنه لم يكن يغادر الفصل إلا في حصتي الفنية والدِّين كان محبوبا من سائر الطلاب وكان يجيد لعبة كرة القدم بشكل مذهل ولذا أثرّت فيّ شخصيته فأضمرت في نفسي أن أسمي ولدي باسمه في حال كتب الله لي الزواج والإنجاب ،



في الصف الأول المتوسط جاءتني أخت شقيقة تعلقت بها أشد التعلق بعدها رزق شقيقي علي بابن سماه عبد الله ( أبي ناهل ) ثم بابن آخر سُمّي بإسمي بعد رفض شديد وعلى مضض فسرق الحب كله لكنّه بعد سنتين أو أكثر قليلا من ولادته انتقل مع والده إلى مدينة جدة ومات بها فترك في نفسي فراغا كبيرا، وشاء الله أن يكون في القرية طفل في مثل سنِّه وشبيه له في الخلقة كثيرا وكثيرا جداً يتردد مع والده على المسجد بصفة دائمة ويدعى أحمد فأحببت ذلكم الطفل إلى درجة أن والدي رحمه الله انتقدني من كثرة ما كنت أُسلّم عليه وأُلاطفه فقال ( اشبك يا ولد فوق بزورة الناس تلجّغهم وتعضضهم ، واش بيقلون عنك اهاليهم ؟! ) أتدرون من هو ذلك الطفل ؟ إنه أحمد بن فيصل ! أطال الله عمره وأصلح عمله .



في 22/8/1398هـ كتب الله لي الزواج من أسرة عريقة ميسورة الحال في مدينة جدة ومرت سنوات خمس بعد الزواج لم ارزق خلالها بذرّية ، ولأني كنت مغرما بالأطفال حد الجنون فقد كان بيتي لا يكاد يخلو من طفل من أبناء أخوات زوجتي ثم أخيراً شقيقها الذي تربى في منزلي بعد أن فقد والده وعمره سنتان وكان يناديني بأبويا التّاني ( بالتاء وليس بالثاء) .


بعد أن أخذت منّي ذلك الطفل أمه بالقوة تحركت عندي غريزة الأبوة فبدأت مرحلة البحث عن طفل من صلبي يغير من رتابة الحياة ويحمل اسمي من بعدي وكانت نقطة البدء من مكة حيث دلّني زميل لي عانى من نفس المشكلة على عجوز بدوية أميّة في شارع الحج لقي على يدها مراده بعد توفيق الله فذهبت إليها بعد شروق شمس أحد الأيام امتثالا لتوصية منه وكان قد سبق موعد تلك الزيارة بأسابيع ثلاثة تقريبا هطول أمطار غزيرة على مكة نبت معها الكلأ والعشب على سفوح الجبال فوجدتها تحش الكلأ من سفح جبل قريب من مقر إقامتها لشياه لها حجزتها في زريبة لها جوار باب المنزل وبعد أن زودتني وزوجتي بتعليماتها قلتُ لها بأنه لا يجوز لك حش الكلأ في حدود الحرم فتجهم وجهها وظننت أنه لولا الحياء لهاجمتني ووقع مالا تحمد عقباه فحمدت الله على السلامة وعقدت العزم على عدم العودة إليها مرة أخرى .



في أوائل عام 1403هـ سافر أخو زوجتي الأكبر إلى كندا لتحضير الماجستير في الطب وبعد عدة أشهر لحقت به أنا وأخته لعمل الفحوصات التي تقطع الشك باليقين وبعد أن أجرينا ما يلزم على يد أحد أكبر الاستشاريين قال لي بالحرف الواحد :


You believe in Allah, Mohammad.


Sure : I said.


He said : There is no clear reason for not having children, you have to wait for Allah willing. .


أنت تؤمن بالله يا محمد !

قلت : نعم

قال : ليس هناك سبب واضح ( لعدم الإنجاب ) ، يجب أن تنتظر مشيئة الله .



حزمت حقائبي وعدت إلى المملكة وأنا يحدوني الأمل في أن أسمع كلمة ( بابا ) كما يسمعها الآخرون من أبنائهم ، ومرت السنون ولم تأت مشيئة الله بشيء ، ولأن رئيسي في العمل كان يعلم أنه ليس عندي أطفال فقد كان يناديني إذا كان راضياً عني ( بأبي مقبل ) أي الذي لم يأت بعد ( وقليلا ما فعل ) ولم يكن يدر بخلده أنه كان بذلك يؤذيني أكثر مما كان يسعدني ،

كثرت بعد ذلك النصائح داخل العمل وخارجه فمنهم من يلمح ومنهم من يصرّح بضرورة تغيير عتبة الباب فكنت أضع في إحدى أذني طينا وفي الأخرى عجينا ،



خلال السنوات الثلاث التي تلت سفرتي إلى كندا لم تدع زوجتي ممرخةً ولا معالجةً بالطب الشعبي سمعت عنها إلا وأتتها حتى تخوفت ( أنا وليس هي ) من طفل يأتي تفوح منه رائحة الحُلْبَةِ أو ما شابهها من النباتات والأعشاب التي كثيرا ما تدخل في تركيبة تلك الوصفات والخلطات التي كانت تستخدمها والتي اعتقد أنها لو استمرت عليها فترة أطول فلربّما تسببت لها في نهاية المطاف بفشل كلوي .



في نهاية عام 1406هـ ذهبت إلى بريطانيا في دورة للغة الانجليزية لمدة سنة وكانت فرصة مواتية لإعادة إجراء الفحوصات إلا أنها لم تأت بجديد عما كانت عليه في كندا غير أن الطبيب الذي كان يشرف على تلك الفحوصات وكان طبيب نساء وولادة مشهوراً في المدينة التي كنت ادرس بها قال عندما جئت اطلب منه تقريراً نهائيا عن حالتي وأهلي قبل العودة إلى المملكة لو كنت مكانك ولم أنجب خلال سنة من الآن للجأت إلى تقنية جديدة لا أعلم هل وصلت إليكم في المملكة أم لا ؟ ألا وهي أطفال الأنابيب .



أخذت بنصيحته وبعد سنة من عودتي إلى المملكة جرّبت تلك التقنية خمس مرات ( كل ستة أشهر مرة ) سبقها علاج لي لمدة تسعة أشهر بالكرتيزون ( شديد الخطورة ) في مستشفى خاص لم يكن يجر تلك العمليات غيره في ذلك الوقت وعلى يد طبيب أمريكي مسيحيّ من أصول أفريقية أخبرني عند بدء العلاج بأن نسبة نجاح العملية لا تتعدى 30% فقط وكل واحدة من تلك العمليات كانت تكلف الشيء الكثير فإلى جانب المال، تتطلب جهداً جهيداً وتعباً مريراً وتعاطي حقن لا حصر لها ونزولا من مكة وعودة إليها عشرات المرات ومن ثم تنويماً داخل المستشفى لمدة ثلاثة أيام يعقبه ترقب وأمل لأسبوعين كاملين وأخيرا....! تكون النتيجة كسرة خاطر لا يخطر لأحد على بال مدى عُنْفَها، وللحق فإنها كانت تؤثر فيّ بنفس القدر الذي كانت تؤثر فيه في أم عبد الله أو أكثر لكنني كنت أتظاهر أمامها بعدم المبالاة وأقول لها لعل الله يريد بنا خيرا مراعاة لشعورها ورحمة بها من النحيب الذي كنت متوقعاً أن يفتك بها في أيّ لحظة .


بعد تلك العمليات الخمس أُصبت بإحباط ويأس شديدين فقررت معها عدم تكرار التجربة مرة أخرى رأفة بزوجتي من الحقن المنشطة لهرمونات المبايض والتي كانت تعطى لها بغير حساب وعلمنا فيما بعد أنها قد تأتي بالسرطان لكنني ضعفت أمام إلحاحها وأعدت الكرة في نفس المستشفى مرّة أخرى على يد طبيب سوداني هذه المرّة توسمت فيه خيراً كونه كان مسلما .


لفت نظري بعد أن أجرى الطبيب المذكور العملية وأوشكنا على المغادرة قوله : إذا صادف ونزل شيء من المدام بعد أسبوعين فضعوه في قارورة بها قليل من الماء وأتوني به ، ففعلنا مثل ما أمرنا وجئنا له بعد انقضاء المدة بقطعة لحم في حجم الإبهام قالت لنا مُسِنّة مجرّبَةٌ بعد أن شاهدتها إنها لجنين لم يكتمل خلقه، وبعد أن أريناه إياها أعطاها لممرضة عنده وقال ضعيها في الثلاجة لفحصها ثم وجه كلامه إلينا قائلا : لقد نجحت العملية ولكن للأسف سقط الجنين كما ترون !


قلت : وما هي نصيحتك يا دكتور؟


قال : زوجتك تعاني من تشوه خلقي في أصابع اليد المكلفة بالتقاط البويضة من المبيض ووضعها في قناة فالوب ولابد من إجراء عملية جراحية لتعديلها وإلا فلا مجال للحمل أبدا ثم جلب صورة توضيحية ملونة كانت معلقة لديه على حائط العيادة وقام يشرح لنا عليها أهميّة عمل تلك الأصابع وكيف أنها معطّلة عند زوجتي ولا تؤدي عملها على الوجه المطلوب .

قلت له : لكنني أجريت فحوصات وأشعة ملونة في كندا وفي بريطانيا ولم يقل لي أحد مثل هذا الكلام .

قال : ربما حدث الأمر بعد أن عدتم من هناك .


أصابتني بلاهة من هول الموقف فلم يدر بخلدي أن أواجهه بتناقض كلامه، فكيف يكون عيبا خلقيًّا وكيف يمكن أن يحدث بعد خمسة وعشرون عاماً من الولادة ؟! فالعيب الخلقي يخلق مع ألإنسان ولا يأتي بعد ولادته ! لكنها البلادة والبلاهة .


قلت له متسائلا : وكم تكلف العملية ؟


قال : ثلاثون ألفاً .


قلت : خيراً ، نفكر في الموضوع ونعود إليك .



داهمتني الهموم بعد تركي للعيادة وبعد أن ركبنا السيارة شاورت زوجتي في الأمر فلم ترد عليّ وعندما التفت إليها وجدتها غارقة في دموعها ولمّا أدركَتْ أني كشفتُ سرّ سكوتها أعلنتها مدوّية، طلقني طالما العيب مني وابحث عن زوجة تأتيك بما تبتغيه ، ثم انفجرت بالبكاء .



حاولت تهدئتها وامتصاص ردة فعلها فقلت سأجري لك العملية التي قال لنا عليها الدكتور في الوقت الذي ترغبين فيه لكنها كانت متوترة جدا وأصرّت على الطلاق إلى أن تدخل العقلاء من أهلها وأقنعوها بالتزام الهدوء .



تركت موضوع ألبحث عن الذريّة جانباً وانشغلت بعملي وعمارتي التي بدأ العمل فيها مؤخرا لكنّ أم عبد الله لم تتركن وحالي بل إنها كانت تلحُّ وبقوة على ضرورة السفر إلى خارج المملكة للتأكد من صحة ما ذكره ذلك الدكتور وعلى حسابها الخاص ( من مردود إيجار أرض تركها لها والدها رحمه الله ) أو أن أطلقها وبذلك تترك لي حرية البحث عن زوجة ودود ولود ! فكنت أقول لها ( لأنفك من شرّها ) سنسافر بإذن الله إلى الدولة التي ترغبين ولكن في الوقت المناسب وعندما يوافق مرجعي على منحي إجازة خارجية .



كان شهر الحج من عام 1413هـ قد دخل وكنا مرابطين داخل الإدارة ولا يسمح لأحد بالخروج إلا بإذن رسمي ولأمر مهمّ وفجأة جاءني خبر وفاة والدة الأخ سعيد بن محمد غرامة في منطقة الباحة فاستأذنت من مرجعي لأداء سنة العزاء وكان لابد لي من رفيق فعرضت الأمر على وكيل رقيب شيخيّ كان يعمل معي فوافق على الفور وتحركنا من مكة بعد صلاة العصر ....



الفصل الثاني


قبل أن أتحدث عما صادفنا في طريق عودتنا من الباحة إلى مكة يجب أن أوضح أن زميلي هذا كان قد تزوج قبل رحلتنا تلك من ثلاث نساء أنجب منهن سبع بنات ولم يرزق منهن بولد وقد طلّق اثنتين منهن ولم يبق في ذمته سوى الثالثة وكانت أيامها حاملا في شهرها الأخير وعلى وشك الولادة وقد قادنا الحديث ونحن في بداية المشوار إلى ظروف زوجته الصحية وماذا لو جاءها المخاض وهو بعيد عنها ؟ ومن سيتولى نقلها إلى المستشفى .....وما إلى ذلك....؟


ثم سألته : هل عرفتم جنس الجنين ؟!

قال : لا،

قلت : وأين تراجع بزوجتك؟

قال : في المستوصف الحكومي حق الحارة .

قلت : متى آخر مرة راجعتهم بها؟

قال : والله ما اذكر.

قلت : الم تراجع مستشفى الولادة ؟

قال : إلاّ، في أول شهرين من الحمل عشان كان عند المدام مشكلة بسيطة والحمد لله انتهت، المهم فهمت من خلال حديثه أنه لم يكشف عن جنس جنين قط ربما لاعتبارات دينية أو مادية أو .... أو .... لا أدري .



في طريق العودة كنت أتولى قيادة السيارة وكانت من نوع كابرس المشهورة عند العامة بـ ( الصابونة ) موديل ذلك العام ، ولما وصلنا مفرق بيشة في حوالي الساعة التاسعة مساء لاحظنا رجلا على يمين الخط متوقفاً بسيارته ومترجلا عنها وهي من نوع كابرس موديل قديم 78 على ما اعتقد ويؤشر للسيارات المارة طالبا منها التوقف،( الخط كان حينها مفردا وهو يقف على رأس كوبري صغير أو عبّارة على ما أظن )



تعديته ولم اُعرْه أي اهتمام في البداية فالوقت ليل، ولا تدري ماذا في جعبة الرجل ! وأنا مستعجل ـ الموسم موسم حج وكنت حينها اعمل رئيسا لشعبة التحقيق ومن المؤكد أن هناك الكثير من القضايا تنتظرني ، هذا فضلا عن أن فترة استئذاني محدودة لا استطيع تجاوزها، لكن بعد أن تجاوزته أخبرني صاحبي بأنه لاحظ بداخل السيارة امرأةً تحمل بين يديها طفلا رضيعا واقترح عليّ العودة لمساعدة الرجل، ( كانت وسيلة الاتصال اللاسلكي الوحيدة المتاحة في ذلك الوقت هي ـ البيجر ـ ولم تكن تُغطّي كافة المناطق ) كنت مسرعا ولذا لم استطع كبح جماح السيارة إلا بعد أن تعديته بنصف كيلو متر تقريبا ثم عدت إليه وهو يراقب الموقف بكل تفاصيله، أوقفت سيارتي في الخط المعاكس المتجه إلى الباحة على بعد ثلاثين مترا منه وترجلت منها وبقيت ملاصقا لها حتى لا يظن بي سوءاً ثم رفعت صوتي قائلا : أنا فلان بن فلان ، رتبتي كذا ( مقدم وقتها )، وأعمل في الجهة الفلانيّة فهل تريد مساعدة ؟



اقترب الرجل مني بعد أن سمع ما سمع وإذا به يرتعد بشكل لم أر له مثيلا من قبل، مرّ علي خائفون كثر في حياتي سواء في تحقيق أو في غيره لكن مثل ذلك الخوف لم أشهده ولا شهدت قريبا منه حتى يومنا هذا ، الرجل من شدة رعبه لم يكن قادراّ حتى على الكلام !



قلت : له ما بك ؟ خيرا إن شاء الله !

قال ( بعد أن استرد أنفاسه قليلا وأصبح في مقدوره النطق بكلام افهمه ) : بنشر عليّ الكفر والاستبنة كمان مبنشرة .


هدّأت من روعه وقلت : لا تخف، عليك وعلى أهلك أمان الله، لن نتركك بإذن الله حتى نحل مشكلتك ،


هدأ الرجل قليلا وقال : على بعد خمسة كيلو من هنا بنشر خذوا الكفر وصلّحوه .


قلت له : ايش رأيك نركب لك استبنة سيارتي وتمشي وراءنا إلى أن نصل البنشر


قال : أظنّه ما يركب، الجَنْط مختلف !


قلت : نجرّب .


فكيّنا الكفر وحاولنا تركيب كفر سيارتي مكانه فاتضح لنا عدم إمكانية ذلك ولذا لم يعد أمامنا سوى أخذ إحدى كفراته المعطوبة إلى أقرب بنشر، وبعد أن وضعنا عجلة سيارته في شنطة سيارتي سألته قبل أن أتحرّك :


هل عندك سلاح ؟


قال : لا


عندها قمت بإخراج مسدس صغير ( ربع ) من درج سيارتي ثم سلمته إياه مع مخزن له معبأ بالطلقات ( كان المخزن خارج المسدس ) وذهبنا للبحث عن أقرب بنشر فوجدناه على بعد خمسة عشر كيلومتر من الموقع وليس خمسة كيلومترات كما ذكر لنا آنفاً !





وجدنا المحلّ مقفلا لدخول وقت صلاة العشاء وهو يقع إلى جوار مسجد صغير شبه مهجور على رأس تبة صغيرة في بداية ألجبوب، توضأت وزميلي من قارورة ماء صحّة كانت بداخل السيارة ودخلنا لأداء الصلاة ، المسجد شبه مهجور كما قلت ولذا لم نجد فيه أحداً ولم يدخله بعد أن دخلنا إليه أحد .



بعد أن أدينا الصلاة وقبل أن نقوم من مقامنا قلت لرفيقي اسمع يا أخي سأدعو الله فأمّن على دعائي ثم رفعت يديّ وتوجهت بنية المضطرّ الصادق إلى من يسمع مناجاتنا ولا يخفى عليه مكاننا وقلت ( اللهم إني لا اذكر لي عملا صالحاّ أتوسل به إليك أفضل مما أسديته لهذا الرجل وزوجته وطفله هذه الليلة فا للهم إن كنت تعلم أن دافعي ورفيقي لما قمنا به هو ابتغاء ما عندك فا للهم اكتب لأخي أحمد ألشيخي في حمل زوجته الحالي طفلا ذكرا وهب لي من لدنك ذرية طيبة صالحة ) و والله ما زدت على هذا أو نحوه شيئا، غادرنا بعدها المسجد وقمنا بإصلاح الكفر المعطوب ولمّا اقتربنا من صاحبنا وإذا بجيب دورية يقف خلف سيارته بداخله رجل بلباس مدني واضعا لُثْمَةً على وجهه لم أتبين معها ملامحه بينما صاحبنا يتكلم مع عسكري مهرقل بجوار الكابرس و ( مهرقل ) تعني أن هندامه الخارجي ليس مرتباً فبدا لنا ( كاشف ألرأس، قميص بدلته مسدل من على البنطلون، يلبس في رجليه زنّوبة ، مشمّر عن ذراعيه ، وشعر رأسه أشعث أغبر أكاد اجزم انه لم يمس الماء منذ أشهر ) وبمجرد أن أوقفت سيارتي حدّقت فيه فإذا لون وجهه يتغير ويزداد ظُلمة على ظلمته ثم سمعت صاحبنا يقول له : خلاص، خلاص، أخوياي جو، أخوياي جو ! وقبل أن أوقف محرّك السيارة ركب المذكور سيارته وانطلق بها سالكاً طريق بيشة دون أن يعطيني فرصة للتحدث معه فضلا عن أفحص هويته للتأكد من اسمه أو بياناته الشخصية.



سألت صاحبنا : هل قالوا لك شيئا ؟ أو طلبوا منك شيئاً ؟

قال : لا


قلت في نفسي والله إنّ وضعهما لمريب وشكلهما أكثر ريبةً ولعل عودتنا جاءت في الوقت المناسب قبل أن ينفذا ما زين لهما الشيطان فعله لكن طالما أن صاحب الشأن لم يتهمهما بشي فليس لنا إلا ما أورده .




أنهينا إصلاح العطل وقلت لأخينا تمشي أمامنا أو نمشي أمامك ؟ قال لا أمشوا أنتم أمامي حتى نصل إلى البنشر ثم واصلوا سفركم والله معكم ،( يظهر أنه لا يزال خائفا ولذا طلب منا السير أمامه وليس خلفه خوفا من المسدس ) أعطاني مسدسي والسعفة ( المخزن ) كما سلمتهما له من قبل ومشينا أمامه حتى شارفنا على محل البنشر فأشار لنا بيده متشكرا وطالبا منا مواصلة السير فلم نقف إلا داخل فناء الإدارة بمكة .



دخلت مكتبي منهكا في حوالي الحادية عشرة مساء وجلست على الكرسي خلف الماصة ثم فتحت الدُّرج ووضعت به مسدسي مع سعفته واستدرت باتجاه النافذة ورفعت رجليّ على السكرتارية الواقعة على يساري لأخذ قسطاً من الرّاحة، فجأة دخل علي أحد الضباط برتبة ملازم أول يتدفق حيويّة ونشاطا ( كان يمارس المصارعة الرومانية طوال فترة دراسته في الولايات المتحدة الأمريكية ) وبعد أن أدى التحية العسكرية واقفا أمام الماصة قال : عندي مداهمة في شارع كذا وكنت منتظرا عودتك لأخذ توجيهاتك ،


ناقشته في بعض التفصيلات ثم سألته : من معك من الأفراد؟


قال : معي فلان و فلان و فلان ،


قلت له : توكل على الله ، وبعد أن استدار، استدعيته وسألته هل معك مسدساً ؟


جاء ووقف مكانه الأول قال : لا


أخرجت مسدسي من الدرج قائلا له خذ هذا ووجهته إلى وجهه واضعا فوهة السبطانة بين عينيه وسبابتي على الزناد ولم يؤخر ضغطي عليه والذي رفع السماء بلا عمد إلا الله سبحانه وتعالى وإلا فإني كنت عاقدا العزم على ذلك ثقة مني بأنه فارغٌ !



انقض الرجل في جزء من الثانية وأمسك بيدي بجرأة لم أعدها منه معي من قبل ولفّ معصمي في الاتجاه المعاكس وقال : يا أخي لا تمزح بالسلاح ، لا تمزح بالسلاح ! ثم انتزعه من يدي .


قلت له : فاضي يا أخي فاضي ، شوف السعفة برّا في الدرج .


قال : وإن يكن ، وإن يكن ، وفي لمح البصر وضع المسدس على راحة يده أليسري ثم سحب الأجزاء المتحركة بيمينه وإذا بحجرة إطلاق النار تقذف برصاصة حيّة على ماصتي تتدحرج حتى استقرت على الأرض .


قال : الم أقل لك لا تمزح بالسلاح ؟؟!!!!! أخذ المسدس وألقى التحية ثم أعطاني ظهره وخرج .



تابعته مشدوها فاغر ألفاه إلى أن توارى من الممر الواقع أمام باب المكتب ثم لاحقته بنظري من النافذة حتى ركب ومن معه سيارة المهمات وخرجوا من بوابة الإدارة الرسمية، بعدها شعرت بأن قواي قد خارت وقدماي لم تعد قادرتان على حملي فألقيت بنفسي على أقرب كنبة مني جوار النافذة .





أصابني هول الموقف بوجوم وذعر، برهبة وقشعريرة وتخيلت منظره وهو مضرّّج بدمائه على أرض مكتب رسمي داخل إدارة حكومية ! من ذا الذي سيصدقني لو قتلته أن الأمر كان مزاحاً ! من ذا الذي سيتولى التحقيق معي ؟ ومتى ؟ وأين ؟ وهل سيتم توقيفي داخل الإدارة أم في السجن العام ؟ ماذا أقول لوالديّ وأهل بيتي وجماعتي؟! وماذا سيقوله عني الشامتون والمتربصون ؟ من سيدفع الدية ومن يقدر على صيام شهرين متتابعين ؟! ثم هل سأمكّن بعد ذلك من العودة إلى عملي ؟ أم لا ؟ ماذا لو لم يقتنع القاضي بأنني قتلته خطأً ؟ وماذا ...؟ وماذا ... وماذا ....؟!


أسئلة بعدد نجوم السماء تواردت على ذهني يهزّه كل منها هزاً عنيفا دون شفقة أو رحمة بل إن كلاً منها يسخر من سابقه ! صدمةٌ وأيّ صدمة ؟! حيرة وأيّ حيرة ؟! شرود ذهني لم اعد قادرا على لمّ شتاته وبصريح العبارة أصابتني حالة من التوهان والهذيان لم استفق منها إلا بعودة ذلك الضابط مكللا بالنجاح من مهمته، ماثلا أمامي حيا يرزق ومعيدا إليّ أداة الجريمة المفترضة قبل أن ينبلج صبح تلك الليلة المشؤمة بدقائق ودونما طعام أو شراب أو نوم منذ عصر اليوم السابق .




الفصل الثالث



هدوء يسبق العاصفة


قول عربي مشهور يتردد كثيرا على الألسنة ، يقابله مثلٌ آخر انجليزي يقول ( After a storm comes a calm) بعد العاصفة يأتي الهدوء وكلاهما صحيح من حيث المعنى ، لكن الأخير هو الذي جاء متوافقا مع حالتي فبعد العاصفة التي عصفت بي ليلة الحادثة جاء الهدوء لأبدأ في استعادة شريط الأحداث سعيا لربط بعضها ببعض في محاولة لتذكر متى وكيف تركت طلقة حيّة في مسدسي ؟ وأين تم ذلك ؟ ولماذا ؟ فتيقنت بعد أن ذكّرني رفيقي في الرحلة أحمد ألشيخي أنني سحبت أجزاءه المتحركة في فناء الإدارة قبل أن اركب السيارة متوجها إلى الباحة وأنه كان حينها فارغا ! إذن فهذا يعني أن الشخص الذي تركته لديه هو الذي أعاد شحنه ربما عندما ارتاب في نوايا صاحبيّ سيارة الدورية التي توقفت عنده، وفي حال أعاده إليّ لم يخبرن بذلك، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمّي عندما قال ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء ).

ذات يوم قبيل نهاية شهر الحج من العام نفسه تلقيت اتصالا هاتفيا على مكتبي في حدود الساعة الثامنة والنصف صباحا من رفيقي في رحلة الباحة مفاده أنه رزق بعد منتصف الليلة السابقة بولد ذكر، حمدت الله على ذلك وباركت له فيما أعطاه الله وقلت له لعل الله قد استجاب دعائي فيما رزقك ورجائي فيه وحده أن يكمل فضله فيما بقي ،



لا أخفيكم سِرّاً أن ذلك قد بعث فيّ الأمل من جديد ولذا قررت عرض حالتي على استشاريّ مصريّ زائر جاء إلى مكة لمدة عشرة أيام بطلب من أحد المستوصفات الخاصة فأعطاني دواء طلب مني استخدامه لمدة ثلاثة أشهر فكانت المفاجأة بعد انقضاء المدة أن فرصة التلقيح قد انخفضت عندي من 60% إلى مادون ألـ 20% فأُسقط في يديّ وانهرت في عيادة دكتور الأمراض الجلدية والتناسلية الذي عرضت عليه النتائج في نفس المستوصف فخفف عنيّ من هول الصدمة وقال لي لا عليك سأجري لك عملية لاستئصال الدواليّ في المستشفى الفلاني وستكون كفيلة بإذن الله في إعادة النسبة إلى ما كانت عليه إن لم تكن أفضل ، وبعد إجرائي للعملية ودفع تكاليفها بقي الحال كما كان عليه من قبل .



إلى جانب رغبة أم عبد الله الملّحة في التأكد من صحة ما ذكره الطبيب السوداني بحقها أصبح الأمر يتطلب مني معالجة ما أفسده الطبيب المصري بحقي واحترت من أين ابدأ ؟!



صليت الفجر ذات يوم في الحرم كما تعودت وبقيت أتجاذب مع الحبيب المقرب إلى نفسي الشيخ أحمد رمزي أطراف الحديث فتطرقنا إلى تجربته السفر إلى ألمانيا للعلاج قبل ما يقارب خمسة عشر عاما من ذلك التاريخ فقفز إلى ذهني اسم تلك الدولة كخيار أخير وقلت في نفسي لم لا أُجرب السفر إليها لعل الله يكتب لي ما ابحث عنه لكن أنّى يتحقق لي ذلك وعمارتي متوقفة لعدم توفر المادّة والديون تراكمت عليّ ولا أجد ما اصرفه على نفسي وأهل بيتي ؟ وماذا سيقوله عني دائنيّ إذا ما علموا بسفري إلى تلك الدولة وحقوقهم لازالت في ذمتي وخاصة أن السفر في إجازة الصيف ؟ ( سافر محمد يتمشى وحقوقنا في بطنه ) !!!



لم تكن رجولتي لتسمح لي بأخذ قرش واحد من إيجار أرض زوجتي التي وعدتني به في حالة السفر خارج المملكة للعلاج فباشرت دوامي ذلك اليوم مبكراً مهموما ثم أخذت ورقة وقلما وبدأت أسطّر خطاباً مؤثراً لمعالي المدير العام الفريق صالح بن طه خصيفان شفاه الله اشرح له فيه معاناتي ومدى حاجتي للسفر إلى ألمانيا للعلاج فإذا بالرد يأتيني سريعا من مقام المرجع لكنّه كان مخيبا للآمال ( تذاكر سفر سياحية ومبلغ من المال لا يكفي للإقامة مدة أسبوع في فندق من الدرجة الثانية ! فماذا عن مصاريف المستشفى، والمترجمة ، والتنقل ، وما إلى ذلك ؟ّ! ) أخذت المبلغ والتذاكر إلى شقيق الفريق الذي يعمل معي في نفس الإدارة وبعد أن شرحت له الوضع استدعاني قبل نهاية الدوام وقال لي بالحرف الواحد : يسلّم عليك معالي الفريق ويقول إذا أتممت حجوزاتك فمرّ عليه في مكتبه بجدة قبل السفر، وبالفعل ذهبت إليه بعد أن أتممت الحجوزات وبعد أن نسّقت مع المترجمة التي زودني برقم هاتفها الأخ أحمد رمزي لترتيب مواعيد المستشفى فإذا به يسلمني ضعفيّ المبلغ الذي استلمته من قبل .



وصلت إلى ألمانيا وبعد مقابلتي للدكتور واسمه ( قيصر ) شرحت له وضعي ووضع زوجتي فقال لنا : كم مرة أجريتما عملية أطفال الأنابيب ؟ قلت ستاً ، قال :طالما أجريتما كل هذا العدد من العمليات فأنا ( تخيلوا ) لا انصح بإجراء عملية منظار جديدة لزوجتك لمعرفة ما إذا كانت قناة فالوب بها تشوهات خلقية من عدمه لأن كثرة العمليات قد تتسبب في انسدادها وبدلا عن ذلك سأجري لها أشعة ملونة فهي تغني عن العملية ! قلت : لا بأس، أجرينا الأشعة وساد جو من الصمت عندما قابلنا الدكتور في اليوم الثاني لمعرفة النتيجة وكنت أقرأ في عيني أم عبد الله الخوف والترقب فإذا بالمفاجأة تأتي عندما استهل الدكتور حديثه بالقول : أخلاقي لا تسمح لي بوصف زميل لي في المهنة بالكذب لكني أقول لكما أن تشخيصه كان خاطئاً ! تنفست زوجتي الصعداء وطلبت من الدكتور إجراء عملية المنظار لزيادة التأكد ! قال لها : يا ابنتي ليس بك عيبا خلقيّا وهذه الأشعة توضح ذلك ، خذيها لغيري وستجدين نفس النتيجة ! قالت : لابد من إجراء العملية فأنا أريد التأكد بصفة قاطعة ! هل لكم أن تتوقعوا ماذا رد به عليها قيصر ؟!



قال لها : يا ابنتي أنا أعمل في المستشفى بأجر شهري خلاف دخلي من العمليات ومثل هذه العملية سأتقاضى عليها 1000 ألف مارك زيادة على راتبي ومع ذلك أنا أقول لك لستِ بحاجة لإجرائها فالأشعة وضّحت كل شيء ، قالت لابد منها !! وهنا راودتني الشكوك ، فقلت في نفسي لعلها تريد شراً بعد التأكد من سلامة وضعها !!



تمت العملية وكانت النتيجة كما أشار إليها الدكتور من قبل، ليس هناك عيوباً خلقية ، ثم أمر بإجراء فحوص مخبريّة لكلينا تبين من خلالها أنه ليس هناك أي موانع للحمل لدى الزوجة وأن العيب يكمن عندي وحلّه لا يتأتى إلا بتكرار عملية التلقيح الصناعي تحت المجهر فأعادنا من جديد لدوامة أطفال الأنابيب !

ماذا كانت نوايا أم عبد الله حينها ؟! لست أدري ، ولم أجرؤ علي سؤالها في حينه !!





لم نمكث في ألمانيا سوى عشرة أيام عدنا بعدها إلى جدّة وقلت لأم عبد الله أمام والدتها وأشقائها لقد تأكدت الآن أنه لا موانع طبيعية عندك من الحمل وأن العيب عندي فهل تريدين الطلاق لعل الله يرزقك بزوج خير مني يحقق لك ما ترغبين فيه ؟ قالت : لا ، قلت لأهلها : هل تريدون أن أُنهي ارتباطي بابنتكم فهي راغبة في طفل لم يحققه الله على يديّ ؟ فعنّفوني على قولي طويلا، أخذت بعدها أهلي وعدت إلى مكة .



كنت قبل السفر إلى ألمانيا قد أخذت إجازة لمدة شهرين لم يمض منها سوى أسبوعين فقررت أن أعود إلى مستشفى آخر لإجراء محاولة طفل أنابيب جديدة وبالفعل أجريتها هذه المرة في مستشفى الأطباء المتحدين وعلى يد دكتور سعودي يدعى سمير عباس وفشلت هي الأخرى !



كان عليّ التوقف بعدها خوفا على زوجتي من تأثير الهرمونات فتركتها لمدة سنة ، ثم خرجنا إلى الديرة لحضور زواج الأخ سعيد بن دغسان وفي ليلة الزواج توفي العم صالح بن جهاد عليه رحمة الله فأقيم العزاء في منزل سعادة اللواء علي بن أحمد وكان والدي يجلس إلى جوار العم محمد بن عياض عليهما رحمة الله فسمعته يقول له بعد أن سأله العم محمد عني، أُبشّرك أنه ماشي في عمله وبيته على وشك الانتهاء وبقي واحدة ( الذرى ) لعل الله يحققه قريباً ! رفعت نظري إليه وإذا بدمعة على خدّه سارع إلى مسحها بأطراف عمامته .



في الطريق إلى مكة أخبرت زوجتي الخبر فطلبت مني معاودة إجراء المحاولة مرة أخرى لعلها تنجح وتُرضي بذلك والديّ ففشلت في المستشفى الأخير للمرة الثامنة ، وفي السنة التالية توفي والدي عليه رحمة الله ولم ير لي ولداُ .

 

 
























التوقيع






   

قديم 01-14-2013, 03:53 PM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
عضو فعّال
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
محمد عجير is on a distinguished road


 

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بن ناصر
عند المرور بهذه الحلقات للاطلاع والاستفادة مما تحويه من تجارب أو مشاهدات لابد أن يشيد الكاتب بتلك المواضيع القيمة خاصة إذا كانت التجارب بها شيء من الطرائف والذكريات .. فكيف بنا إذا اطلعنا على تجارب قاسية ومعاناة لا حدود لها .. بالنسبة لي وأوكد على هذا أنني ما كنت أنوي المشاركة لأنني لا بد أن أشيد بما كتب .. واحيانا كثرة الاشادة مثل زيادة الحلا قد تفسد الطعم

هناك جانب أخر مهم في الموضوع وهي نقل التجارب بما فيها من معلومات علمية حديثة أومصاعب ومتاعب ونصابين ودجالين .. كل ذلك يعطي الفرصة للآخرين من أجل توفير الوقت والجهد وتوخي الحذر .. وبالرغم أن تلك التجارب لها شيء من الخصوصية إلا أنها دروس مجانية من أبو عبدالله .. عانى منها أشد المعاناه ومن المفيد جدا البوح بها ..




إذا طرقت يا أبا فيصل موضوعا فإنك تعطيه حقه من كل الجوانب وتلك ميزة يتحسر الكثيرون على حرمانهم منها وأنا منهم ،
ما شاء الله عليك تقرأ حتى ما بين السطور وتفاجيء الآخرين بإحدى اللطائف غابت عن الكثيرين ممن قرأوا مثلما قرأت . تخيفني أحيانا وتبهجني في أحايين كثيرة وصدقني أنني أحرص على قراءة مداخلاتك بنفس الحرص الذي أوليه قراءة موضوعاتك لأنني أجد في كل مرة أقرأوها فيها فائدة مزوية هنا أو هناك تفوت على من لم يكن ماهراً في الغوص للبحث عن الدرر!

أشتاق دائما لما تكتب وآمل أن يعجك ما أكتب ، الود كل الود لك .

 

 
























التوقيع






   

قديم 01-09-2013, 06:41 AM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
عضو فعّال
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
محمد عجير is on a distinguished road


 

الفصل الرابع

روح، الله يفرّح قلبك كما ستفرّح قلب والديها

كان لوفاة والدي رحمه الله تأثير نفسي كبير عليّ وبعد شهر من وفاته مرّ عليّ بصفتي مديراً للشؤون الإدارية وقتها طلب من المرجع بترشيح ضابط لدورة أو ندوة بمعنى أصحّ في مجال العمل ستعقد في الولايات المتحدة الأمريكية ولمدة أسبوعين فقط فاتصلت بمدير الإدارة لترشيح من يراه للالتحاق بها فقال لي : أنت في أمس الحاجة إليها فرشّح نفسك لها وجهز أوراقك وارفعها لمقام المرجع ، وبالفعل سافرت مع من تم ترشيحه لتلك الندوة من القطاعات الأخرى وكانت في ولاية لويزيانا جنوب الولايات المتحدة الأمريكية،

من بين الذين نسقوا لتلك الندوة وحضرها معنا ضابط في الأمن العام برتبة عقيد يدعى علي عسيري استلطفته واستلطفني بحكم تقارب الرّتبة فنشاء بيننا علاقة قوية رغم قصر المدة التي جمعتنا، وفي إجازة نهاية الأسبوع الأول من تلك الندوة ذهبت وإياه للنزهة برفقة كامل المجموعة إلى عاصمة الولاية وهي مدينة تشتهر بالصخب والسّهر وتبعد حوالي سبعين ميلا عن الأكاديمية التي نسكن ونتعلم بها ،

على طول الطريق إلى تلك المدينة كان المطر يتساقط خفيفا وبعد وصولنا إلى مركزها تفرق الركب وبقيت أنا وهو وشخص ثالث من أهل الشمال مع بعضنا البعض وأخذنا نتمشى سيرا على الأقدام حتى ابتعدنا عن السيارة المقلّة لنا وكانت أتوبيسا تابعا للجهة المستظيفة وفجأة بدأت الأمطار تهطل بغزارة فاستظلينا تحت أول شرفة وجدناها في الطريق والشرفات نادرة هناك ، كان الرجل ضليعا في اللغة الانجليزية وأنا ورفيقي ( يفتح الله ) فلفت نظره لوحة تحت تلك الشرفة معلقة على دكان صغير مكتوب عليها ( قارئة كفّ ) فعرض علينا من باب التسلية فكرة الدخول عليها لقراءة أكفنا فاعترضت على ذلك بشدة فما كان منه إلا أن قال :

والله يا غامدي يا بخيل ما هو كلّه دين ولكن عشان ما تبغى تدفع خمسة دولارات حق الكشف، أنا بادفعها عنك !

قلت له : لا والله ولكن لأن هذا حرام .

قال : خلّ عنك ، والله إنه بخل الغمّد أنا أعرف به منك .

قلت : فسرها زيّ ما تفسرها أنا ما راح أدخل عليها أدخلوا أنتم !

دقائق قليلة مرًت ثمّ توقف المطر فتركنا المكان ومشينا دون أن يدخل عليها منّا أحد . لم نمش أكثر من مائتي متر حتى عاد المطر كما كان وأشدّ فرجعنا إلى نفس الشرّفة وعندها قال العسيري : والله مادام عدنا إلى هنا لندخل عليها حتى يتوقف المطر .

دخلنا فوجدناها امرأة في الخمسينات تقريبا من العمر شكلها مرعب ولها عدد من الشعيرات في ذقنها وبدا صوتها وكأنه صوت رجل وهي تقرأ كفي شاب وشابّة عندها، بعد أن انتهت منهما تقدم لها العسيري لتقرأ كفّه ، فأخبرته بأشياء بعضها حقيقيّ والبعض الآخر جانبه الصواب ومن ألأشياء الحقيقية التي ذكرتها له عدد أفراد أسرته وأعمارهم ثم استطردت في حديثها قائلة له : أنت لازلت محزونا على فقد عزيز لديك فقال موجها كلامه لنا : صدقت الملعونة مات لي ابن في مسبح الفيللا الخاصة بي في الرياض قبل أشهر من الآن ! بعدها تقدم لها الشمالي فقالت له : كنت على وشك الزواج من فتاة ( وصفتها له بدقة ) ولكن لم يتم ذلك ! هزّ الرجل رأسه موافقا على كلامها ثم فاجأته بقولها: لازلت متعلقا بتلك الفتاة وأنا أنصحك بالابتعاد عنها.... إلى غير ذلك.....ولما جاء دوري قالت لي بعد أن وضعت كفي في راحة يدها تتفحصه :

You have a very strong looking, But you have a

nice heart, You can't kill a chicken She said.

What else ? I asked.

You are a father of five children

Now or in the future ? I asked

I just say what I see

That isn't true . I said

We are in the U .S .A . We can't be let open this office without a license and we have certificates on this field . She said that nervously , then she dropped my hand


ملامحك تدل على القسوة والعنف ، لكنك تملك قلبا طيبا ولا تجرؤ على قتل دجاجة !

قلت : وماذا بعد ؟

أجابت :أنت أبٌ لخمسة أطفال .

سألتها : آلآن أم في المستقبل ؟

قالت : أنا فقط أقول ما أرى ! ( أي في الكفّ )

قلت : لكن هذه ليست حقيقة !

ردّت عليّ بعصبية زائدة وقالت : نحن في الولايات المتحدة الأمريكية ! ومن غير المسموح لنا به فتح هذا المكتب من دون علم، نحن نملك شهادات معترف بها في هذا المجال ! ثمّ تَرَكت كفّي بعد ذلك في إشارة واضحة لانتهاء المقابلة .


بعد عودتي إلى المملكة بأسابيع تلقيت اتصالا هاتفيا من العقيد العسيري مفاده أنه أحيل على التقاعد وعُيّنَ سفيرا للمملكة في الباكستان فقلت له مداعبا بعد التهنئة لو أن صاحبتنا عندها علم من الغيب لأخبرتك بهذا بدلا من تذكيرك بموت ولدك ! ضحك وطلب مني زيارته في مقر عمله الجديد لعلنا نجد من يعالجني هناك فوعدته بالزيارة في أقرب فرصة ممكنة ثم ودّعته وودّعني ولم يكتب الله لي لقائه بعد ذلك .

بقيت أشهر بعدها لم أحرك ساكنا فيما يتعلق بموضوع الإنجاب وأمام إلحاح أم عبد الله المستمر في إعادة إجراء العملية قمنا بتكرار المحاولة للمرة التاسعة بمستشفى الأطباء المتحدين فكتب الله لها النجاح هذه المرة وتباشرنا سرّا حينها بالخبر من جدة إلى الباحة مرورا بوالدتي في مدينة الطائف إلا أن الجنين سقط للأسف بعد شهر واحد من الحمل فانقلب الفرح إلى ترح كانت أم عبد الله الضحية الأولى له ومن ثم والدتي التي نُقل إليّ الخبر هاتفياً أثناء زيارتي لها فخرجت من عندها لا ألوي على شيء وبقيت تبحث عني بالجوال طوال تلك الليلة من مكان إلى آخر خوفا عليّ من مكروه قد أقترفه بحق نفسي .

بعد أن هدأت العاصفة ونزولا عند رغبة أمّ عبد الله قررت جلب طفل من إحدى دور الرعاية الاجتماعية لتربيته رغم معارضتي الشديدة لهذا الأمر من قبل ومن أجل ذلك دخلت على فضيلة الشيخ صالح بن حميد وهو يصلّي الوتر في حجر إسماعيل قبيل صلاة الفجر بنصف ساعة عندما كان يؤم المصلين آنذاك في تلك الفريضة وسألته قائلا : يا شيخ أنا لم أرزق بأطفال فهل لي أجر كافل يتيم في حال أتيت بطفل من دار الرعاية الاجتماعية وقمت بتربيته ؟

قال : نعم

قلت : وإن لم يكن شرعياً ؟

قال : وإن لم يكن شرعيا !

قلت : هناك قول ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم مفاده ( لا يدخل الجنة ابن زنا ) فما مدى صحة ذلك؟

قال : هذا غير صحيح فالذنب ليس ذنبه ؟

قلت له : فادع الله لي يا شيخ بأن يرزقني ذريّة صالحة، فما كان منه إلا أن رفع يديه إلى السماء ودعا بما كتب الله له .


ذهبت في صبيحة اليوم نفسه بعد بدء الدوام الرسمي إلى دار الرعاية الاجتماعية بمكة وبعد الإطلاع على روتين إجراءات تسليم الأطفال لمن يرغب في تربيتهم وجدتها طويلة ومعقدة فغيرت رأيي على الفور .ِِ

صليت العشاء بعد ذلك بأيام في الحرم وعند اقترابي من باب الملك فهد في طريقي للخروج لاحظت طفلةً في حوالي الخامسة من عمرها في منتهى البراءة والجمال تجري بين الناس لا تعرف لها وجهة ودموعها تتسابق على خدّيها وبما أنني مولع بالأطفال أمسكت بها وقلت لها أنت ضائعة ؟ فلم تجبن بل إنها حاولت الإفلات مني بشتى الطرق ولما لم أدعها تذهب وسمعت بوعدي لها بتوصيلها إلى أهلها هدأت قليلا ثمّ بعد أن اطمأنت إليّ سألتها عن اسمها فذكرته لي كاملا ، قلت فأين تسكنون ؟ قالت في فندق في طريقنا إليه رجل يبيع مساويك ، أخذت بيدها ولما وصلنا إلى باب الملك فهد قلت لها بعد أن أخبرت الشرطي بأنها ضائعة ابقي هنا عند العسكري حتى يأتي والدك أو والدتك لاستلامك ! تشبّثت بي ولم تدع أطراف ثوبي من يدها ودموعها تنهمر وعندها قلت للشرطي بعد أن عرّفته على نفسي ورتبتي ومكان عملي وزودته برقم جوالي سأحاول البحث معها عن مكان سكنها وقم أنت بإبلاغ مرجعك بأمرها لعل أحد من أهلها يراجعهم للبحث عنها فيتم الاتصال عليّ .

خرجت وأنا ممسك بيدها متوجهين إلى الطريق المحاذي لأبراج شركة مكة للإنشاء والتعمير فهناك رجل يبيع المساويك على حدّ علمي وقبل أن أصل إليه اتصلت بسنترال عملي لأخبره بأنني سوف أتأخّر قليلا عن موعد بيني وبين المدير بعد صلاة العشاء في مقر الإدارة فرد عليّ فَرْدٌ يعاني مما أعانيه من عدم الإنجاب ولما أخبرته عن سبب تأخري قال : روح، الله يفرّح قلبك كما ستفرّح قلب والديها


الفصل الخامس

{ خيبة وهزيمة وقهر }

عند وصولنا إلى بائع المساويك قلت لها من هنا ؟ لم تنطق بكلمة واحدة واكتفت بدمع غزير عرفت من خلاله أني وإياها ظللنا الطريق ،توجهت بها إلى حيث يوجد آخرون يبيعون المساويك في نهاية ساحة الحرم مقابل باب الملك عبد العزيز فتهللت أساريرها وقالت من هنا ثم قادتني في اتجاه أجياد بئر بليلة حتى وصلنا إلى الفندق الذي تسكنه وعائلتها وهو على بعد كيلومتر واحد من الحرم تقريبا ويقع أسفل طلعة ريع بخش ، كنت طوال الطريق أتحدث إليها فبدت فائقة الذكاء وأخبرتني بأنها قادمة مع والديها من أمريكا حيث يدرس والدها وهي سعودية من أبناء الجنوب ومن مواليد الولايات المتحدة الأمريكية .

دخلت الفندق وطلبت من موظف الاستعلامات جوال والدها وبعد الاتصال عليه نزل إليّ من غرفته وسلّمته ابنته وكان استقباله فاتراً إلى درجة أني شككت أنه والدها لولا أنها نطقت باسمه واحتضنته أمامي فقلت في نفسي ( سبحان الله ! بيت ينوح وآخر يترنّمُ ، طالما أن الأخ من أهل الجنوب فلم يعد خافيا سبب تجشم زوجته مشقة البحث عن فقيدتها وكتمانها للأمر عنه برمّته رغم أهميّته. إنها التربية الأسريّة التقليدية التي زرعت الرّعب من الزوج أو ولي الأمر في قلوب كثير من السيدات دون مبرر )!

يظهر أن أخينا كان نائما ولم يكن يعلم أن ابنته ضائعة وأظن أنني جنيت على زوجته المسكينة من حيث اعتقدت أني سأجلب لها السرور .

خرجت في صيف ذلك العام 1419هـ إلى الباحة واستأجرت شقة في منزل الأخ العزيز يحي بن حمدان ( تباركوا بالنواصي والأقدام ـ قول مشهور ) ثمّ سافرت ولم أسكنها ولم أنه تأثيثها نظرا لانتهاء إجازتي .

قبل عودتنا من الباحة تلقيت دعوة من أخوال أم عبد الله في العقيق لتناول طعام العشاء فقابلت زوجتي هناك امرأة متوسطة العمر لديها طفل وحيد قالت أنها حملت به في مستشفى الحمّادي بالرياض بواسطة عملية تلقيح صناعي وقد حذرّها الطبيب المعالج بعد أن تأكد لديه حملها من الحركة أو ركوب السيارة لفترات طويلة بل إنه أمرها بالبقاء مستلقية على ظهرها طوال الأربعة الأشهر الأولى من الحمل لكنها وعلى الرغم من نصائحه سافرت من الرياض إلى العقيق بواسطة النقل الجماعي بعد شهر واحد من حملها لحضور جنازة والدها ومع ذلك أتم الله لها حملها وأنجبت ذلك الطفل ! قلت : سبحان الله !! لقد عزى الدكتور الذي تعالجنا لديه مؤخراً في مدينة جدة سبب سقوط الجنين الذي حملت به زوجتي إلى كثرة الحركة وعدم الخلود للرّاحة مع أنها كانت في سكونها طوال تلك الفترة أشبه ما تكون بالميّتة، ولله في خلقه شؤون ! .

عدنا إلى مكة وباشرت عملي وإذا بشاعر معروف له ابن موظف لدينا في الإدارة يدخل عليّ المكتب ويطلب مني طلبا بخصوص ابنه فحققته له ثم أخذ بعدها يتردد عليّ كلما عَنّ له أمر حتى توطدت العلاقة بيننا، وذات مرة فاتحني في موضوع الإنجاب ولا أدري من أين علم بأنه ليس عندي أطفال فقال : هناك دكتور في الأردن تعالج لديه أحد جماعتي هو وزوجته وكانا لا ينجبان فلم يعودا من هناك إلا بعد أن حملت الزوجة ، وأضاف سوف آتيك بعنوانه في اقرب فرصة ممكنة بإذن الله.

لم يمض أسبوع على حديثه إلا وهو عندي ومعه العنوان وبقي يدندن في أذني كلما زارني ويلحُّ عليّ في السفر حتى كدت أرتكب بحقّه حماقة، لكن بما أن كثرة الدوىّ تغلب السحر فقد استجبت له بعد أن استخرت الله .

تقدمت بطلب إجازة خارجية إلى مرجعي وحددت الأردن مكانا لقضائها وعند تقديم الطلب إلى المدير وهو من أهالي العلا وكان مديرا لفرع الإدارة في تبوك لعدة سنوات وتربطه علاقات وطيدة مع بعض الأردنيين سألني لماذا اخترت الأردن بالذات فَصَدَقْتَه القول فقال : هذا عنوان شخص هناك صاحب نفوذ إذا احتجت إليه فلن يخيب ظنّك ! وقبل السفر قابلت الأخ عثمان بن أحمد فرحة ( من قرية العقشان ) في منزل عبد الله رمزي بالشرائع فأعطاني هو الآخر اسم وعنوان خال لزوجته في عمان واتصل به قبل سفري طالبا منه استقبالي وأهلي في المطار وتذليل كافّة الصعوبات التي قد تعترضنا .

تعمدت تحديد موعد بدء الإجازة قبل أن تبدأ الامتحانات في أيّ من دول الخليج بناء على نصائح المجرّبين تفاديا لأزمة السكن في الأردن ومواعيد عيادة الطبيب وقلّة السيارات المعدّة للإيجار وما إلى ذلك، ورغم كلما فعلت لم يجد ذلك نفعا لأن الظاهر أني لم أكن الوحيد الذي خطط لمثل هذا .

وصلت مطار عمّان قبيل ظهر يوم الأحد وإذا ( بأبي سعيد ) الرجل الذي حدثني عنه عثمان في استقبالي وقد أعد لنا مأدبة غداء فاخر في منزله على الرغم من فاقته ثم فاجأني بقوله لقد حدثني أبو أحمد ويعني ( عثمان ) عن سبب مجيئك إلى هنا وقد فرّغت نفسي للبقاء معك حتى تنتهي مهمتك وأضاف هناك عجوز مشهورة بعلاج السيدات بجبل سمّاه لي في حيّ الوحدات بعمّان سأذهب بكما إليها فقد وجد كثير من النساء اللائي راجعنها فائدة من علاجها، استحييت منه فوعدْته بالذهاب معه إليها فور الاستقرار في سكن مريح والعثور على سيارة للإيجار،

لم أجد سكنا في أيّ من فنادق الدرجة الأولى نظرا لوجود أعداد هائلة من الأوروبيين والإسرائيليين أيامها هناك لحضور مناسبة لا أذكرها الآن ولذا سكنت في فندق لا بأس به واستأجرت سيارة غير مكيفة ( لعدم وجود البديل ) وذهبت بصحبة الرجل إلى تلك العجوز وكان أول شيء اشترطته عليّ ألف ريال سعودي مقدماً قبل بدء العلاج ثم إحضار كيلوجرام من عسل السدّر الأصليِّ من المملكة وأخيرا الحضور إليها في يوم معيَّن مرتبط بخصوصيات أسريّة،

اتصلت بأخي الفاضل عبد الله رمزي وطلبت منه العسل ونسقت مع أحد أبناء عديلي سعيد بن عبد الواحد للمجيء به إلى الأردن وبقينا رهن الانتظار .

في اليوم التالي من وصولي إلى الأردن بدأت اُجري اتصالاتي مع عيادة الدكتور الذي جئت من أجله بغية تحديد موعد لمقابلته وكان أول اتصال أجريته بالعيادة قبل ظهر ذلك اليوم ـ ألاثنين ـ ففاجأتني العاملة لديه بقولها لن تستطيع مقابلة الدكتور قبل أسبوعين من الآن فهو مسافر يوم الجمعة القادم لحضور ندوة خارج البلاد، أمّا من الآن وحتى موعد السفر فالعيادة مزدحمة بالمواعيد ! حاولت التفاهم معها بشتى الطرق وقلت لها أنا قادم من مكة وإجازتي قصيرة و....و....الخ. فقالت يا أخي لدينا أشخاص من الكويت ومن الأمارات وقطر ومن عدد من الدول وليس لك عندي سوى ما سمعت !

يوم واحد في الأردن يكلف السائح ما يقارب الألف ريال سعودي مابين سكن وإعاشة وأجار سيارة وخلافه وهذا يعني أني سأصرف ثلث ميزانية الرحلة قبل مقابلة الطبيب ! وهذا مستحيل ، إذن فليس لي سوى الاستعانة بصديق وقد حان موعد طلب المساعدة من الشخصية ذات النفوذ التي زودني برقم هاتفها المدير لعل صاحبها يستطيع بنفوذه تقديم الموعد المطلوب.

لم أكن أعلم والله حتى تلك اللحظة بأن أم عبد الله قد طلبت من الله بعد أن أدّت صلاة الاستخارة ضحى ذلك اليوم أن يهيئ لنا مقابلة الدكتور إن كان فيها خير لنا وأن يصرفها عنّا إن لم يكن فيها ما نؤمله .

اتصلت بالرجل ( الواسطة ) وأخبرته الخبر وقلت له أنا من طرف فلان بن فلان فرحب بي ترحيبا حارا وقال بعد أن سألني عن مقر سكني تتعشى عندي الليلة أنت وأهلك وإن شاء الله يكون خيراً ،

اعتذرت عن قبول دعوته بلطف وقلت له يا أخي يسعدني ويشرفني قبول دعوتك ومقابلتك ولكن الوقت غير مناسب الآن فأنا جئت لمهمة محددة وظروفي لا تسمح لي بذلك .

أصر الرجل إصرارا عجيبا على تناول العشاء في منزله وقال : لي أخ سيأتي لمقابلتك وهو يعاني مما تعاني منه ويراجع الدكتور نفسه منذ ثلاث سنوات وفي حال لم تبدل قناعاتك بعد مقابلته سأسعى بقدر ما استطيع لترتيب موعد لك مع ذلك الطبيب قبل سفره .

وافقت على دعوته وعندها قال : سآتي إلي مقر سكنك بعد صلاة العشاء لاصطحابك وعائلتك حتى لا تتوها عن العنوان وبالفعل جاء إليّ بسيارتي مرسيدس بنز سوداوين جديدتين أحدهما بقيادته والأخرى بقيادة زوجته فأخذني وأخذت زوجته زوجتي إلى المنزل الواقع في حيّ من أرقى أحياء عمّان وكان من أجمل المنازل التي دخلتها في حياتي .

احتفى بي المذكور حفاوة كبيرة وسرني فيه إلى جانب ذلك تديّنه وتواضعه وأخلاقه العالية رغم ثرائه الملموس وبعد مقابلتي لأخيه ذكر الأخير بأنه يراجع الطبيب المعني منذ ثلاث سنوات وقد أجرى له ولزوجته ثلاث عمليات تلقيح صناعي ولم يكتب لأيّ منها النجاح وزادني معلومة جديدة هي الأهمّ حيث قال : لن يبقى معك الدكتور لأكثر من عشر دقائق وبعدها سيحيلك إلى أطباء صغار معاونين لديه لأجراء ما يلزم حتى يحين موعد العملية والتي لا أشك في أنه سينصحك بها فهو طبيب مختص في هذا النوع من العمليات وغير معني بعلاج أسباب العقم الرّئيسة، وأضاف : ما رأيك لو أخذتك إلى عجوز في قرية من قرى إربد تعالج النساء والرجال لعلك تجد على يديها الفائدة فإني قد ذهبت إليها وتحسنت فرص الإنجاب لديّ كثيراً مع أني لم أكمل علاجها بعد ؟ قلت له : لقد شبعت من علاج العجائز مابين مكة وجدة والأردن ولا حاجة لي بها ، قال : لكنّ هذه من أهل الله وتختلف عن كل اللائي قابلتهن! ، قلت له : لا أريد الذهاب إليها ولا أريد حتى مقابلة الطبيب الذي جئت إلى هنا من أجله .

صَعُبَتْ حالتي على أبي سعيد بعد أن علم بالأمر فعرض على الذهاب إلى رجل معروف لديه على الحدود الأردنية العراقية سبق على حد زعمه أن عالج العديد ممن لا ينجبون منهم الأمير الفلاني والشيخ الفلاني و...و... الخ فقلت له توكلنا على الله ،

مشينا ما يقارب ثلاثمائة وخمسين كيلو متر في شمس حارقة وبسيارة غير مكيفة ولمدة ثلاث ساعات ونصف وإذا بأخينا بدوي جاهل ابتدأ حديثه بتمجيد نفسه وبما قام به حسب زعمه من معالجة شخصيات معروفة ومسئولين كبار في شتى بقاع الأرض وأخيرا طلب مني ألف ريال قبل كل شيء ثم سألني عن اسمي واسم زوجتي واسم أمّي واسم أمّها فعرفت على الفور بأنه مشعوذ ! قلت له إذا لم يكن لديك علاج غير هذا فاعد إلي فلوسي ولا داعي لكثرة الكلام ! قال : اترك لي عنوانك وعد إلى عمان وسوف آتيك بالعلاج يوم الخميس ! من الطبيعي أني كنت على يقين من عدم مجيئه لكني كنت أيضا على يقين أكبر من أني لست بقادر على استعادة شيء مما دفعته له فالوضع غير مطمئن ونحن بين بدو وفي مقطعة وملامح الرجل تدل على الشرّ فآثرت السلامة وعدت أدراجي إلى عمّان أجر أذيال الخيبة والهزيمة والقهر !

الفصل السادس :

في طريق عودتنا إلى عمان مرّ بنا الطريق من بطن سهل فسيح بمحاذاة البحر الميت تنتشر على ضفته قرى متشابكة وخط الإسفلت يتوسط السهل ، كان الجو حاراً جداً والساعة تقترب من الثانية بعد الظهر وفي وسط الطريق فوجئت وأنا أقود السيارة برجل ممدد على ظهره فوق الإسفلت يرتدي بنطالا من الجينز وقد نزع قميصه من على جسده وهو يتلوى من شدة الحرّ وبالقرب منه قنينة ملقاة على الأرض ووضعه يستدعي الشفقة ، هدأت من سرعة السيارة حتى كدت أن أوقفها ظناً مني أنه مدهوساً ويحتاج إلى من يسعفه وإذا بأبي سعيد يصرخ في وجهي قائلا : ولك يا زلمه شو بدّك تفعل ؟! قلت الرجل يحتاج لمن يسعفه ! قال : ولك هاظ منازل قوم لوط ، ولك والله بيشلحوك ! هاظ يا زلمه سكران و بيدور عا واحد يفتري فيه روح، روح ! الله يرضى عليك .

حمدت الله على السلامة وقلت في نفسي سلمنا من المشعوذ وكدنا نذهب ضحية المخمور! وأين ؟! في مراتع قوم لوط ! أأترك مكة شرّفها الله وآتي للموت هنا وفي هذه البقعة بالذات من الأرض؟! هذا يوم نحس والعياذ بالله !.

ضحى يوم الخميس تلقيت اتصالا من كابينة هاتف من عمّان وفوجئت بالبدوي على الطرف الآخر من الخط يقول جئت لك بالدواء وأنا أقف في شارع كذا بجوار كذا فابعث لي أبا سعيد يأخذه ! اتصلت بأبي سعيد وقلت له إذهب إليه وأتني به ( أي بالشخص نفسه وليس بالدواء ) كنت طوال الوقت وأنا أقف مطلاّ من النافذة على أحر من الجمر انتظر قدومه واخطط لكيفية استرداد حقي منه !
بمجرد دخوله لاحظت عليه الارتباك فقلت في نفسي : حانت الفرصة لرد الصاع صاعين ، جلس الرجل فمد لي بقارورتين مقفلتين ومختّمتين بغطاء من البلاستيك اللاصق وقد كتب عليهما محلات كذا للعطارة ومحتوياتهما حسبما هو مدون على غلافيهما الخارجيين عسل أصليّ مضاف إليه غذاء ملكات النحل ! الواضح أنه للتو اشتراهما من السوق وجاء بهما إليّ ليبرر موقفه ! قبل أن أتفوه بكلمة واحدة أخرج من جيبه تعويذة أو تميمة وقال خلّي المدام تعلقها في رقبتها ! كتمت غيضي وقلت لنفسي خلّ غضبك هذه المرّة لله فأنت المسيطر هنا !

انفجرت في وجهه فجأة وصرخت بأعلى صوتي قائلا : أخرج من هنا ، أخرج من هنا ! يقول الرسول صلى الله عليه وسلّم من تعلق تميمة فلا أتمّ الله له ! من تعلق تميمة فلا أتم الله له ! من تعلق تميمة فلا أتم الله له ! قام المذكور مذعورا وقبل أن يخرج من الباب صحت به ، تعال ، بكم اشتريت الدواء ؟ قال بكذا . قلت له : هذا حقك وخذ معك دواءك ولا أريد أن أراك بعد الآن . خرج الرجل ينشد السلامة غير مستوعب لما جرى بينما تسمّر أبو سعيد في مقعده ، عدت بعد خروجه إلى النافذة استطلع حالته فإذا به في وضع لا يحسد عليه يجري باتجاه الشارع العام ويتلفت خلفه ثم يركب أول تاكسي مرّ به ويختفي عن الأنظار ، كاد المريب أن يقول خذوني !

ذهبنا عصر اليوم نفسه للنزهة في ضواحي عمان في حمامات عيون الماء الحارة ونحن في الطريق فاتحتني أم عبد الله في موضوع زيارة عجوز ارْبِد ويبدو أن امرأة أخي الرجل الذي تعشينا عنده قد أقنعتها بالذهاب إليها ، وبعد أخذٍ ورَدٍّ طويلين قالت ( يضع سرّه في أضعف خلقه ) خلينا نجرب ما بتخسر شيء ! قلت لا، ما باخسر إلا ألف ريال ! وأخيرا تعللت بعدم معرفة العنوان ، قالت : أنا اكلم زوجة الرجل وأحضر لك عنوانها .

مارست النساء سلوتهن في تبادل أحاديث المساء وإذا بالرجل يتصل بي في العاشرة مساء مقترحا علىّ زيارة تلك العجوز ضحى اليوم التالي ( الجمعة ) يوم إجازته ( خريج إحدى الجامعات الأمريكية وفاتح ـ ورشة سمكرة سيارات ـ تخيلوا )!!

جاء بسيارته ومعه زوجه واصطحبت أنا أم عبد الله في سيارتي وتحركنا باتجاه محافظة اربد ، صلينا الجمعة في مسجد على الطريق ودخلنا فناء البيت المقصود وقد حان للتو وقت صلاة العصر .

البيت بيت شعبي لا يختلف عن بيوتنا في منطقة الباحة وفي فنائه شجيرات معمّرات من اللوز والزيتون ربط في إحداهنّ بقرة وفي الأخرى عجل ويتردد بينهما عجوز في السبعين من عمرها تعلف هذا مرة وتنقل وعاء العلف للآخر مرة أخرى .

ظننت في بداية الأمر أنها هي المقصودة وبعد أن ألقى عليها مرافقي التحية سألْتُه : أهذه هي ؟! قال لا هذه ابنتها، والعجوز المقصودة أمها ! ثم وجه كلامه إليها قائلا : أم فايز موجودة ؟ قالت : نعم تصلي العصر ! تفاءلت بمجرد سماع قولها لكن اعتلت بدني قشعريرة لا أعرف لها سببا سوى تذكر عظمة الله الذي لم تغفل عن ذكره تلك العجوز في تلك الخلوة وفي تلك البقعة النائية من هذا الكون الفسيح !

دخلت الغرفة وإذا بمسنّة في التسعين من عمرها تبدو كوردة بيضاء رغم التجاعيد التي حفر الزمن ممراتها وتضاريسها على تقاسيم وجهها الصبوح ثمّ ألقيت عليها السلام بعد أن تأمّلتها ! قامت بطيّ سجادة متهالكة من تحتها انطبعت عليها أماكن أعضاء السجود السبعة من كثرة الاستخدام وألقت بجسمها النحيل على فراش لها لا يزيد سمكه عن ثلاثة سنتيمترات ثم استقبلتني بوجهها وظهرها مسند إلى الحائط وردّت عليّ السلام .

شرحت لها حالتي وأم عبد الله إلى جواري ففاجأتني بطلب غريب عجيب ألا وهو ضرورة إجراء تحليل طبي في مركز معترف به في عمّان يوضح به النسب المئوية للإنجاب ...وعدد ... وحركة ...... الخ ومن ثم عرضه عليها ! .. لا ... وقبل ذلك امتناع عن المعاشرة الزوجية لمدة أربعة أيام ! أشياء علمية بحتة تتحدث عنها وفوق ذلك مدونة بلغة لاتينية وأنا لا يخامرني الشك وقتها وحتى الآن في أن من كان في مثل سنها غير ملم باللغة العربية قراءة وكتابة فكيف بما سواها ؟!

حدّقت فيها وقلت : أنا مسافر ولا يمكنني البقاء في الأردن كل هذه المدة فإن كان لديك علاج فبها ونعمة وإلا ... ! أشارت بيدها إلى أكياس بلاستيكية مكوّمة في ركن الغرفة معبأة بنوعين من السوائل أحدهما بلون التوت والآخر يغلب عليه لون الماء وقالت خذ واحداّ من هذا وواحداً من ذاك ثم ناولتني كيسين من زنبيل بجوارها بكل منهما مسحوق يختلف لونه عن الآخر وقالت هذا لك وهذا لزوجتك تستخدمانه بعد شرب كأس صغير من تلكما السوائل لمدة شهرين ومحددة لنا الوقت الذي يستخدم كل منا علاجه فيه ثم أوصتني بحفظ الدواء في مكان بارد حتى لا يتعرض للتلف وحذرتني من مخالفة تعليماتها وقالت وهي تشير بإصبعها إلى أم عبد الله هذه من ذمتي في ذمتك لو قمت بمخالفة تعليماتي فلن تحمل هذه المسكينة أبداً !

أدخلت يدي إلي جيبي مستعدا بالألف كالعادة ثم سألتها كم حقك يا والدة ؟ قالت : ستة دنانير ونصف !! أي ما يعادل ثلاثة وثلاثين ريالا سعودياً ! ألجمني طلبها عن الحديث برهة من الزمن ...ثم تداركت نفسي ومددت لهه بعشرة دنانير قائلا لها ليس لدي إلا هذه فقالت : حقي ستة دنانير ونصف ! قلت : ليس عندي من العملة الأردنية أصغر منها ! تناولتها عندئذ مني ثم أدخلت يدها الأخرى تحت فراشها وأخرجت لي ثلاثة دنانير ونصف وسلّمتها إليّ وقالت : يا وليدي هدفي ليس الربح، أنا أبحث عن نسمة توحد الله ! هذا الدواء مجمع من نباتات في الرّمثاء يقوم طلاب الجامعة بجلبها لي بناء على طلبي وأعطيهم مقابل تعبهم ولولا ذلك لما أخذت من أحد شيئاً.

أخذت منها الدواء وخرجت من عندها مشدوهاً ولدّي إحساس بأنها مستجابة الدّعوة ! عدت أدراجي إليها بعد أن أودعت تلك الأكياس سيارتي وقلت لها اسألي الله لي ذريّة طيبة في آخر ساعة من هذا اليوم الفضيل ، يوم الجمعة !.

رجعت إلى عمّان وبقيت بها حتى وصلني المندوب من المملكة ومعه العسل ثم عدت إلى عجوزتنا الأولى ( صاحبة الألف ريال ) فمزجته بمساحيق لديها وأعادته إليّ بعد أربع وعشرين ساعة طالبة مني استخدامه على الريق حتى ينتهي !

قضيت شهرا من إجازتي متنقلا بين سوريا وتركيا ولبنان وعلاجاتي تركتها في ثلاجة استأجرت من أجلها شقة في الزبداني بثلاثة آلاف ريال تنقطع عنها الكهرباء أكثر مما تصل وفي النهاية وعن طريق مطار دمشق قررت العودة إلى المملكة !

 

 
























التوقيع






   

موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 0 والزوار 9)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:49 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir