في قصيدة له بعنوان ( مرثية تيس وبس) رفيق الدرب يهجو اللواء ويشهر به
بسم الله الرحمن الرحيم
بعث إليّ الحبيب رفيق الدرب عبر رسالة وسائط من جواله الخاص بنسخة من قصيدة يهجوني فيها وذلك بعد أن ارسل بنسختين أخريين منها إلى كل من الغاليين أخينا الفاضل علي بن حسن وأخي الحبيب عبدالعزيز بن دغسان بصفتهما متضررين من تصرفات محدثكم عندما كان في بدايات مرحلة المراهقة المبكرة ( صف أول متوسط 1387 هـ) وفي منتصف مرحلة المراهقة المتأخرة ( أول ثانوي 1392هـ ) وذلك لتحريضهما فيها على مطالبتي بالتعويض عن دماء ضحيتين لهما لقيتا حتفهما على يديّ وذلك بعد كل هذه السنوات التي جاوزت في عددها مدة حرب البسوس وهو بهذا يرتكب إلى جانب الهجاء منكرا نهى الله تعالى عنه في آيتين منفصلتين في سورة البقرة الآ وهو إثارة الفتنة قال تعالى( والفتنة أشد من القتل ) وقال ( والفتنة أكبر من القتل ) وجاء في الأثر ( الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ) (1)
لكن قبل أن اورد القصيدة واطالب بحقي منه عليّ أن اورد المناسبة وظروفها كي تتضح الصورة وينكشف لكم المستور :
الحادثة الأولى : كانت لديّ بندقية ساكتون هوائية اتصيّد بها الطيور وفي يوم من الأيام وأنا متوشح بها أخذت طريقي إلى الوادي للبحث عن صيد ثمين وبعد أن تجاوزت المقبرة واذا بقطّ أبيض مربرب جميل تبدو عليه آثار النعمة والترف يقف على حجيرة ركيب للعم حسن بن يحي صوهد ( والد الأخوين علي وعبدالحميد ) رحمه الله فظننت أنه يتربّص بطرائدي ريب المنون فنزغني الشيطان ولم استعذ بالله منه عملا بقول الله تعالى ( وإمّا ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ) فسددت رميتي نحوه وهو على بعد مائة متر تقريبا مني فأصبته في عينه ولم أكن أعلم بأنّه لوالدة كل من ( عليّ وعبدالحميد ) رحمها الله رحمة الأبرار وأنها كانت تراقب الموقف من على شرفة منزلهم ،
المهم قفز البس قفزة عالية في الهواء دليل اصابته وإذا بصوت والدة (عليّ ) ينطلق من القرية تصيح وتولول وتدعو على يميني بالشلل فادركت عندها مدى حجم الجرم الذي ارتكبته ومدى الخطر الذي أنا واقع فيه لكن لم يك ينفع ساعتئذٍ مندم ، عاد الضحية إلى البيت ولم تطل مدة حياته وودّع الدنيا .
الحادثة الثانية : في إجازة الصيف يستمتع اقراني عادة إما بالسفر من الديرة أو بالراحة على الأقل من عناء الدراسة ومزاولة كرة القدم التي اعشقها بجنون أو بالرحلات وممارسة الصيد وما إلى ذلك إلا أنا فمع اقتراب نهاية العام الدراسي يذهب والدي رحمه الله إلى السوق ليشتري عددا من الأغنام ( الضأن ـ كبار السن المزريّة ) ويشغلني برعيها طوال فترة الإجازة ليتكسّب من مردودها بعد توزيعها ( شِرْكَة ) على بعض عجائز القرية نهاية الصيف ويشغل بذلك وقت فراغي الطويل ، وكان ذلك يثير حنقي بالطبع وفي سنة من السنوات اضاف الوالد علي دغسان إلى قطيعي ذاك ( عنزاً ) جاء بها ليستحلبها لأبنه سعيد عندما كان طفلا ،
من رعى منكم الغنم يعلم ماذا يعني وجود رأس واحد من الماعز ضمن قطيع من الضأن ! فهو لايدعها تستقر في المرعى كونه مغرما بشواهق الجبال وجروفها العالية حيث يجد فيها مطلبه من الأشجار التي يقتات عليها وهي على العكس منه تحب الأماكن المنبسطة السهلة ذات العشب الكثيف لكنها مجبولة على اللحاق به وتتبع مسالكه وبهذا يسرقها الوقت فتعود في المساء خاوية البطون مما يعني تعرض الراعي للنقد وربما للعقاب ،
أخذت القطيع ومعه العنز بالطبع عصر أحد الأيام وذهبت به إلى ركيب لنا في شعيب مقابل القرية يسمّى شعب الخيطان وكنا في نهاية فصل الخريف ، كانت حِزَمْ أعواد الذُرَة للتو قُصِلت من ركيب تحت ركيبنا بالضبط وتم رصّها بعناية سند ذلك الركيب وبما أنها موقّفة على أعجازها ( إن جاز التعبير ) وهي طويلة بما فيه الكفاية فإن العنز يمكنها إذا جثت على ركبتيها الأماميتين أن تلحق رؤوس تلك الحزم أو ما يطلق عليه ( القصيل ) وتأكل منها ،
صاحت عليّ صاحبة القصيل من القرية مرّة أو مرّتين فطردت العنز لكنها سرعان ما تعاود الكرة بعد الكرّة ، أردت أن اضع نهاية لتلك المهزلة فتسللت من خلف العنز وهي مستغرقة في أكلها ومستمتعة به فأخذت برجليها الخلفيتين وقلبتها رأسا على عقب في الركيب الأسفل ( موقع القصيل ) من على علو يزيد عن المترين .
كان المشهد يتابعه على غفلة مني من على شرفة المسجد كل من الجدّ حمدان بن جميلة والوالد علي دغسان عليهما رحمة الله ولم استفق إلا على صيحة مدوية من الوالد علي دغسان يقول فيها ( أووووه يامحمد وأنا أبوك ؟!! ) تصبب عرقي وارتعدت فرائصي وكدت أجنّ من الخجل والخوف في الوقت الذي بدأ فيه الرجلان يأخذان طريقهما نحوي لتفقد رقبة العنز والتأكد من أنها كُسرت أم لا ؟!
توقعت قبل وصولهما كل شئ ( التوبيخ ، العقاب ) ال ... ال ... ال ... إلا أنهما لم ينطقا بكلمة واحدة ، فقد مسكا بالعنز وتعسسا رقبتها ثم أطلقا سراحها وعادا ادراجهما تاركين لي الوجوم والحيرة !
في اليوم التالي حُجِزَت العنز داخل البيت ولم يسمح لها بمرافقتي إلى المرعى ،
والدي رحمه الله في تلك الأيام لديه بكس ابلكاش يقوم بتحميل الركاب عليه من الباحة إلى الطائف وبالعكس وكان وقت الحادثة في طريقه من الطائف إلى الباحة فتوقعت أن الوالد علي دغسان سيقص عليه القصص حال وصوله خصوصا وأنه لم يعاقبني فور وقوع الحادثة لكنه توفي عليه رحمة الله بعد ذلك بثلاثين سنة دون أن يفشي لي سراً .
هل مرّ بكم رجلا كهذا ؟!!!
لم تمت العنز لكني متُّ قبلها مرات ومرات كمدا وخجلا !!!!!!!
والآن إلى قصيدة رفيق الدرب التي عنون لها ب ( مرثية تيس(2) وبسّ ) حيث يقول لافُضّ فوه :
سُكُوتُكم عن فقع عين البسّ *** أغراه ينوي كسر ظهر التيسِ
يفقع عيونه يوم مرّ بجنبه ***بسٌّ أليف ياترى وش ذنبّه
فعاش أعمى مايصيد الفارَ *** إذا خرج من جحره وغارا
والتيس يرعى بالجناب العالي *** يهجم عليه يابوعلي ما يبالي
من شاهق يامسلمون تلّه *** إلى حياض الموت أشفى غلّه
يقول عنه سَرِفٌ وعلّه *** يناطح المعزا يحب الفلّه
هذي الدعاوي والشهود احياء ***والحكم عند الله والرجاء
ولنفرض انه ( س ) من عباده *** والحكم لك ياصاحب السعاده
ياشيخنا يابو حسن وش عندك ***بانت لك الدعوى فأصدر حكمك
تمت وصلى الله على المختار *** على محمد سيّد الأبرار
وأنا بادئ ذي بدء اعترض على تحكيم الشيخ علي بن حسن في القضية بصفته طرفاً فيها ( باعتباري خصمه ) إلا إذا وكّل أخيه عبدالحميد بمتابعة الدعوى وتفرّغ هو للحكم فلا بأس ولكن بشرط أن يحكم بموجب القانون الفرنسي الذي استخدم إحدى موادّه للحكم في مدى مشروعية عسّية الفقيه يارفيقي والأطمئنان على سلامة أصبعه الملجوووووغ !!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)هذا الحديث مروي فعلا لكنه ضعيف فقد أورده الشيخ المحدث إسماعيل بن محمد العجلوني في كتابه: "كشف الخفاء" فقال: "(الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها) قال النجم رواه الرافعي في أماليه عن أنس، وعند نعيم بن حماد في كتاب الفتن عن ابن عمر بلفظ إن الفتنة راتعة في بلاد الله تطأ في خطامها لا يحل لأحد أن يوقظها ويل لمن أخذ بخطامها"(2/83)
وقد أورد الشيخ محمد ناصر الدين الألباني الحديث في كتابه ضعيف الجامع الصغير وزيادته، (4/104)، وضعفه.
ومعنى النص قد يكون صحيحا، لكن ليس كل كلام صحيح يمكن أن ينسب إلى المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم.
(3) الضحية كانت عنزا ولم تكن تيسا لكن يجوز التعبير بأحد الجنسين عن الآخر كقولنا ( يابني آدم ) للذكر والأنثى .
هذا علمي وسلامتكم .