يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحة الثقافة الإسلامية > الساحة الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-12-2008, 02:43 AM   رقم المشاركة : 1
أولو العزم من الرسل


 

.

*****

أولو العزم من الرسل

أولاً: نوح عليه السلام

‏‏كان نوح تقيا صادقا أرسله الله ليهدي قومه وينذرهم عذاب الآخرة ولكنهم عصوه وكذبوه ، ومع ذلك استمر يدعوهم إلى الدين الحنيف فاتبعه قليل من الناس ، واستمر الكفرة في طغيانهم فمنع الله عنهم المطر ودعاهم نوح أن يؤمنوا حتى يرفع الله عنهم العذاب فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب ولكنهم رجعوا إلى كفرهم ، وأخذ يدعوهم 950 سنة ثم أمره الله ببناء السفينة وأن يأخذ معه زوجا من كل نوع ثم جاء الطوفان فأغرقهم أجمعين

حال الناس قبل بعثة نوح:

قبل أن يولد قوم نوح عاش خمسة رجال صالحين من أجداد قوم نوح، عاشوا زمنا ثم ماتوا، كانت أسماء الرجال الخمسة هي: (ودَّ، سُواع، يغوث، يعوق، نسرا). بعد موتهم صنع الناس لهم تماثيل في مجال الذكرى والتكريم، ومضى الوقت.. ومات الذين نحتوا التماثيل.. وجاء أبنائهم.. ومات الأبناء وجاء أبناء الأبناء.. ثم نسجت قصصا وحكايات حول التماثيل تعزو لها قوة خاصة.. واستغل إبليس الفرصة، وأوهم الناس أن هذه تماثيل آلهة تملك النفع وتقدر على الضرر.. وبدأ الناس يعبدون هذه التماثيل

كان نوح على الفطرة مؤمنا بالله تعالى قبل بعثته إلى الناس. وكل الأنبياء مؤمنون بالله تعالى قبل بعثتهم. وكان كثير الشكر لله عزّ وجلّ. فاختاره الله لحمل الرسالة. فخرج نوح على قومه وبدأ دعوته:


قال تعالى ( يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ )

بهذه الجملة الموجزة وضع نوح قومه أمام حقيقة الألوهية وحقيقة البعث

ثانياً: إبراهيم عليه السلام

‏هو خليل الله، اصطفاه الله برسالته وفضله على كثير من خلقه، كان إبراهيم يعيش في قوم يعبدون الكواكب، فلم يكن يرضيه ذلك، وأحس بفطرته أن هناك إلها أعظم حتى هداه الله واصطفاه برسالته، وأخذ إبراهيم يدعو قومه لوحدانية الله وعبادته ولكنهم كذبوه وحاولوا إحراقه فأنجاه الله من بين أيديهم، جعل الله الأنبياء من نسل إبراهيم فولد له إسماعيل وإسحاق، قام إبراهيم ببناء الكعبة مع إسماعيل

إبراهيم عليه السلام أحد أولي العزم الخمسة الكبار الذين اخذ الله منهم ميثاقا غليظا ، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد .. بترتيب بعثهم , وهو النبي الذي ابتلاه الله ببلاء مبين , بلاء فوق قدرة البشر وطاقة الأعصاب , ورغم حدة الشدة ، وعنت البلاء , كان إبراهيم هو العبد الذي وفى , وزاد على الوفاء بالإحسان

وقد كرم الله تبارك وتعالى إبراهيم تكريما خاصا، فجعل ملته هي التوحيد الخالص النقي من الشوائب , وجعل العقل في جانب الذين يتبعون دينه

وكان من فضل الله على إبراهيم أن جعله الله إماما للناس , وجعل في ذريته النبوة والكتاب , فكل الأنبياء من بعد إبراهيم هم من نسله فهم أولاده وأحفاده , حتى إذا جاء آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم ، جاء تحقيقا واستجابة لدعوة إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم

ثالثاً: موسى عليه السلام

‏أرسله الله تعالى إلى فرعون وقومه ، وأيده بمعجزتين ، إحداهما هي العصا التي تلقف الثعابين ، أما الأخرى فكانت يده التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء ، دعا موسى إلى وحدانية الله فحاربه فرعون وجمع له السحرة ليكيدوا له ولكنه هزمهم بإذن الله تعالى ، ثم أمره الله أن يخرج من مصر مع من اتبعه ، فطارده فرعون بجيش عظيم ، ووقت أن ظن أتباعه أنهم مدركون أمره الله أن يضرب البحر بعصاه لتكون نجاته وليكون هلاك فرعون الذي جعله الله عبرة للآخرين

أرسل الله موسى وهارون عليهما السلام لأشد الشعوب كرها للحق وابتعادا عنه .. لذلك كانت حياتهما مليئة بالأحداث والمواقف

حياة موسى عليه السلام خاصة مليئة بالأحداث بدأ من نشأته وخروجه من مصر إلى مدين هاربا من فرعون وجنوده ، ولقاءه بربه في الوادي المقدس

ثم عودة موسى عليه السلام لمصر داعيا إلى الله وحده ، والصراع بين موسى وفرعون في مصر ، وغرق فرعون وجنوده

كما أن موسى عليه السلام عانا مع بني إسرائيل بعد غرق فرعون ، وخاصة الأحداث التي حدثت أثناء ضياع بني اسرائل في صحراء سيناء

وهناك قصص كثيرة حدثت لموسى وقومه مثل قصة موسى والعبد الصالح ، وقصة قارون


رابعاً: عيسى عليه السلام

‏مثل عيسى مثل آدم خلقه الله من تراب وقال له كن فيكون ، هو عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم ، وهو الذي بشر بالنبي محمد ، آتاه الله البينات وأيده بروح القدس وكان وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ، كلم الناس في المهد وكهلا وكان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيرا ، ويبرئ الأكمه والأبرص ويخرج الموتى كل بإذن الله ، دعا المسيح قومه لعبادة الله الواحد الأحد ولكنهم أبوا واستكبروا وعارضوه ، ولم يؤمن به سوى بسطاء قومه ، رفعه الله إلى السماء وسيهبط حينما يشاء الله إلى الأرض ليكون شهيدا على الناس

الحديث عن نبي الله عيسى عليه السلام ، يستدعي الحديث عن أمه مريم ، بل وعن ذرية آل عمران هذه الذرية التي اصطفاها الله تعالى واختارها ، كما اختار آدم ونوحا وآل إبراهيم على العالمين

آل عمران أسرة كريمة مكونة من عمران والد مريم ، وامرأة عمران أم مريم ، ومريم ، وعيسى عليه السلام ؛ فعمران جد عيسى لأمه ، وامرأة عمران جدته لأمه ، وكان عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه ، وكانت زوجته امرأة عمران امرأة صالحة كذلك ، وكانت لا تلد ، فدعت الله تعالى أن يرزقها ولدا ، ونذرت أن تجعله مفرغا للعبادة ولخدمة بيت المقدس ، فاستجاب الله دعاءها ، ولكن شاء الله أن تلد أنثى هي مريم ، وجعل الله تعالى كفالتها ورعايتها إلى زكريا عليه السلام ، وهو زوج خالتها ، وإنما قدر الله ذلك لتقتبس منه علما نافعا ، وعملا صالحا

كانت مريم مثالا للعبادة والتقوى ، وأسبغ الله تعالى عليها فضله ونعمه مما لفت أنظار الآخرين ، فكان زكريا عليه السلام كلما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا ، فيسألها من أين لك هذا ، فتجيب: (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ)

كل ذلك إنما كان تمهيدا للمعجزة العظمى ؛ حيث ولد عيسى عليه السلام من هذه المرأة الطاهرة النقية ، دون أن يكون له أب كسائر الخلق ، واستمع إلى بداية القصة كما أوردها القرآن الكريم ، قال تعالى:

( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ ) (42آل عمران)

بهذه الكلمات البسيطة فهمت مريم أن الله يختارها ، ويطهرها ويختارها ويجعلها على رأس نساء الوجود .. هذا الوجود ، والوجود الذي لم يخلق بعد .. هي أعظم فتاة في الدنيا وبعد قيامة الأموات وخلق الآخرة .. وعادت الملائكة تتحدث:

( يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ) (43 آل عمران)

خامساً: محمد عليه الصلاة والسلام

‏النبي الأمي العربي ، من بني هاشم ، ولد في مكة بعد وفاة أبيه عبد الله بأشهر قليلة ، توفيت أمه آمنة وهو لا يزال طفلا ، كفله جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب ، ورعى الغنم لزمن ، تزوج من السيدة خديجة بنت خويلد وهو في الخامسة والعشرين من عمره ، دعا الناس إلى الإسلام أي إلى الإيمان بالله الواحد ورسوله ، بدأ دعوته في مكة فاضطهده أهلها فهاجر إلى المدينة حيث اجتمع حوله عدد من الأنصار عام 622 م فأصبحت هذه السنة بدء التاريخ الهجري ، توفي بعد أن حج حجة الوداع

بهذا النبي الكريم ختم الله سبحانه وتعالى سلسلة هداة البشرية من الأنبياء


*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 09-12-2008, 05:04 AM   رقم المشاركة : 2

 


جزاك الله خيرآ أباتوفيق
ولاعدمناك ...

 

 
























التوقيع



   

رد مع اقتباس
قديم 09-12-2008, 02:05 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز بن شويل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 19
عبدالعزيز بن شويل is on a distinguished road


 





رجح الإمام الشنقيطي في أضواء البيان أن المراد بأولي العزم

من الرسل :

الخمسة المذكورون في آيتي الأحزاب والشورى

(وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ

وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ

وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً
)

(الأحزاب:7)

(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً

وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى

أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ

مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ
)

(الشورى:13)

قال رحمه الله :

(اختلف العلماء في المراد بأولي العزم من الرسل

في هذه الآية الكريمة اختلافاً كثيراً.

وأشهر الأقوال في ذلك أنهم خمسة،

وهم الذين قدمنا ذكرهم في الأحزاب والشورى،

وهم نوح وإبراهيم وموسى

وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام.

وعلى هذا القول فالرسل الذين

أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

أن يصبر كما صبروا أربعة

فصار هو صلى الله عليه وسلم خامسهم
.)

ثم قال :

( واعلم أن القول بأن المراد بأولي العزم جميع الرسل

عليهم الصلاة والسلام، وأن لفظة من،

في قوله: من الرسل بيانية يظهر أنه خلاف التحقيق،

كما دل على ذلك بعض الآيات القرآنية كقوله تعالى:

{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ

فأمر الله جل وعلا نبيه في آية القلم هذه بالصبر،

ونهاه عن أن يكون مثل يونس،

لأنه هو صاحب الحوت وكقوله:

{وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَى ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِىَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}

فآية القلم، وآية طه المذكورتان

كلتاهما تدل على أن أولي العزم من الرسل

الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يصبر كصبرهم

ليسوا جميع الرسل والعلم عند الله تعالى
.) أ . هـ


ابو توفيق

بارك الله فيك ونفع بما تطرح


تحياتي
...........

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 09-12-2008, 04:05 PM   رقم المشاركة : 4

 

.

*****

أخي العزيز أبو ناهل

شكرا على المرور والتواجد

أخي العزيز شويل

شكرا على المرور والتواجد والإضافة

وجزاكما الله كل خير

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 09-12-2008, 04:47 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ساهر الليل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 21
ساهر الليل is on a distinguished road


 

أخي الكريم //أبو توفيق

مشكور يالغالي على هذا الطرح الرائع
بارك الله فيك وجزاك الله كل خير
وجعله الله في موازين حسناتك

ساهر

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 09-12-2008, 05:43 PM   رقم المشاركة : 7

 

.

*****

نعود لنبي الله نوح عليه السلام

وكما ذكرنا كان نوح على الفطرة مؤمنا بالله تعالى قبل بعثته إلى الناس وكذلك جميع الأنبياء مؤمنون بالله تعالى قبل بعثتهم . وكان كثير الشكر لله عزّ وجلّ . فاختاره الله لحمل الرسالة . فخرج نوح على قومه وبدأ دعوته:

( يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ )

بهذه الجملة الموجزة وضع نوح قومه أمام حقيقة الألوهية.. وحقيقة البعث . هناك إله خالق وهو وحده الذي يستحق العبادة.. وهناك موت ثم بعث ثم يوم للقيامة . يوم عظيم ، فيه عذاب يوم عظيم .

شرح "نوح" لقومه أنه يستحيل أن يكون هناك غير إله واحد هو الخالق . أفهمهم أن الشيطان قد خدعهم زمنا طويلا، وأن الوقت قد جاء ليتوقف هذا الخداع ، حدثهم نوح عن تكريم الله للإنسان . كيف خلقه ، ومنحه الرزق وأعطاه نعمة العقل ، وليست عبادة الأصنام غير ظلم خانق للعقل

تحرك قوم نوح في اتجاهين بعد دعوته . لمست الدعوة قلوب الضعفاء والفقراء والبؤساء ، وانحنت على جراحهم وآلامهم بالرحمة.. أما الأغنياء والأقوياء والكبراء ، تأملوا الدعوة بعين الشك… ولما كانوا يستفيدون من بقاء الأوضاع على ما هي عليه.. فقد بدءوا حربهم ضد نوح

في البداية اتهموا نوحا بأنه بشر مثلهم:

( فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا )

قال القرطبي: الملأ الذين كفروا من قومه هم الرؤساء الذين كانوا في قومه . يسمون الملأ لأنهم مليئون بما يقولون

قال هؤلاء الملأ لنوح: أنت بشر يا نوح

رغم أن نوحا لم يقل غير ذلك ، وأكد أنه مجرد بشر .. والله يرسل إلى الأرض رسولا من البشر ، لأن الأرض يسكنها البشر ، ولو كانت الأرض تسكنها الملائكة لأرسل الله رسولا من الملائكة.. استمرت الحرب بين الكافرين ونوح

في البداية ، تصور الكفرة يومها أن دعوة نوح لا تلبث أن تنطفئ وحدها ، فلما وجدوا الدعوة تجتذب الفقراء والضعفاء وأهل الصناعات البسيطة بدءوا الهجوم على نوح من هذه الناحية . هاجموه في أتباعه ، وقالوا له: لم يتبعك غير الفقراء والضعفاء والأراذل

هكذا اندلع الصراع بين نوح ورؤساء قومه . ولجأ الذين كفروا إلى المساومة . قالوا لنوح: اسمع يا نوح . إذا أردت أن نؤمن لك فاطرد الذين آمنوا بك . إنهم ضعفاء وفقراء ، ونحن سادة القوم وأغنياؤهم .. ويستحيل أن تضمنا دعوة واحدة مع هؤلاء

واستمع نوح إلى كفار قومه وأدرك أنهم يعاندون ، ورغم ذلك كان طيبا في رده . أفهم قومه أنه لا يستطيع أن يطرد المؤمنين ، لأنهم أولا ليسوا ضيوفه ، إنما هم ضيوف الله.. وليست الرحمة بيته الذي يدخل فيه من يشاء أو يطرد منه من يشاء ، إنما الرحمة بيت الله الذي يستقبل فيه من يشاء

كان نوح يناقش كل حجج الكافرين بمنطق الأنبياء الكريم الوجيه . وهو منطق الفكر الذي يجرد نفسه من الكبرياء الشخصي وهوى المصالح الخاصة

قال لهم إن الله قد آتاه الرسالة والنبوة والرحمة . ولم يروا هم ما آتاه الله ، وهو بالتالي لا يجبرهم على الإيمان برسالته وهم كارهون. إن كلمة لا إله إلا الله لا تفرض على أحد من البشر
أفهمهم أنه لا يطلب منهم مقابلا لدعوته ، لا يطلب منهم مالا فيثقل عليهم ، إن أجره على الله ، هو الذي يعطيه ثوابه
أفهمهم أنه لا يستطيع أن يطرد الذين آمنوا بالله ، وأن له حدوده كنبي وحدوده لا تعطيه حق طرد المؤمنين لسببين: أنهم سيلقون الله مؤمنين به فكيف يطرد مؤمنا بالله؟ ثم أنه لو طردهم لخاصموه عند الله ، ويجازي من طردهم ، فمن الذي ينصر نوحا من الله لو طردهم؟ وهكذا انتهى نوح إلى أن مطالبة قومه له بطرد المؤمنين جهل منهم

وعاد نوح يقول لهم أنه لا يدعى لنفسه أكثر مما له من حق ، وأخبرهم بتذللـه وتواضعه لله عز وجل ، فهو لا يدعي لنفسه ما ليس له من خزائن الله ، وهي إنعامه على من يشاء من عباده ، وهو لا يعلم الغيب ، لأن الغيب علم اختص الله تعالى وحده به
أخبرهم أيضا أنه ليس ملكا بمعنى أن منزلته ليست كمنزلة الملائكة.. قال لهم نوح: إن الذين تزدري أعينكم وتحتقر وتستثقل.. إن هؤلاء المؤمنين الذي تحتقرونهم لن تبطل أجورهم وتضيع لاحتقاركم لهم ، الله أعلم بما في أنفسهم هو الذي يجازيهم عليه ويؤاخذهم به.. أظلم نفسي لو قلت إن الله لن يؤتيهم خيرا

وسئم الملأ يومها من هذا الجدل الذي يجادله نوح.. حكى الله موقفهم منه في سورة (هود):

( قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (33) وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) (هود)

أضاف نوح إغواءهم إلى الله تعالى تسليما بأن الله هو الفاعل في كل حال غير أنهم استحقوا الضلال بموقفهم الاختياري وملئ حريتهم وكامل إرادتهم.. فالإنسان صانع لأفعاله ولكنه محتاج في صدورها عنه إلى ربه بهذه النظرة يستقيم معنى مساءلة الإنسان عن أفعاله , كل ما في الأمر أن الله ييسر كل مخلوق لما خلق له ، سواء أكان التيسير إلى الخير أم إلى الشر.. وهذا من تمام الحرية وكمالها يختار الإنسان بحريته فييسر له الله تعالى طريق ما اختاره . اختار كفار قوم نوح طريق الغواية فيسره الله لهم

وتستمر المعركة ، وتطول المناقشة بين الكافرين من قوم نوح وبينه إذا انهارت كل حجج الكافرين ولم يعد لديهم ما يقال ، بدءوا يخرجون عن حدود الأدب ويشتمون نبي الله:

( قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60) (الأعراف)

ورد عليهم نوح بأدب الأنبياء العظيم:

( قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (62) (الأعراف)

ويستمر نوح في دعوة قومه إلى الله ساعة بعد ساعة ويوما بعد يوم وعاما بعد عام ومرت الأعوام ونوح يدعو قومه
كان يدعوهم ليلا ونهارا وسرا وجهرا يضرب لهم الأمثال ويشرح لهم الآيات ويبين لهم قدرة الله في الكائنات وكلما دعاهم إلى الله فروا منه وكلما دعاهم ليغفر الله لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا عن سماع الحق واستمر نوح يدعو قومه إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما

وكان يلاحظ أن عدد المؤمنين لا يزيد ، بينما يزيد عدد الكافرين
وحزن نوح غير أنه لم يفقد الأمل ، وظل يدعو قومه ويجادلهم ، وظل قومه على الكبرياء والكفر والتبجح . وحزن نوح على قومه . لكنه لم يبلغ درجة اليأس . ظل محتفظا بالأمل طوال 950 سنة . ويبدو أن أعمار الناس قبل الطوفان كانت طويلة ، وربما يكون هذا العمر الطويل لنوح معجزة خاصة له

وجاء يوم أوحى الله إليه ، أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن . أوحى الله إليه ألا يحزن عليهم . ساعتها دعا نوح على الكافرين بالهلاك:

( وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) (نوح)

وبرر نوح دعوته بقوله:

( إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا (26) (نوح)

الطوفان

ثم أصدر الله تعالى حكمه على الكافرين بالطوفان . أخبر الله تعالى عبده نوحا أنه سيصنع سفينة (بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) أي بعلم الله وتعليمه ، وعلى مرأى منه وطبقا لتوجيهاته ومساعدة الملائكة . أصدر الله تعالى أمره إلى نوح (وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ) يغرق الله الذين ظلموا مهما كانت أهميتهم أو قرابتهم للنبي ، وينهى الله نبيه أن يخاطبه أو يتوسط لهم

وبدأ نوح يغرس الشجر ويزرعه ليصنع منه السفينة . انتظر سنوات ، ثم قطع ما زرعه ، وبدأ نجارته . كانت سفينة عظيمة الطول والارتفاع والمتانة ، وقد اختلف المفسرون في حجمها ، وهيئتها ، وعدد طبقاتها ، ومدة عملها ، والمكان الذي عملت فيه ، ومقدار طولها ، وعرضها ، على أقوال متعارضة لم يصح منها شيء . وقال الفخر الرازي في هذا كله: أعلم أن هذه المباحث لا تعجبني ، لأنها أمور لا حاجة إلى معرفتها البتة ، ولا يتعلق بمعرفتها فائدة أصلا . نحن نتفق مع الرازي في مقولته هذه . فنحن لا نعرف عن حقيقة هذه السفينة إلا ما حدثنا الله به . تجاوز الله تعالى هذه التفصيلات التي لا أهمية لها ، إلى مضمون القصة ومغزاها المهم

بدأ نوح يبني السفينة ، ويمر عليه الكفار فيرونه منهمكا في صنع السفينة ، والجفاف سائد ، وليست هناك أنهار قريبة أو بحار . كيف ستجري هذه السفينة إذن يا نوح؟ هل ستجري على الأرض؟ أين الماء الذي يمكن أن تسبح فيه سفينتك؟ يعتقدون أن نوح عليه السلام قد جن ، وترتفع ضحكات الكافرين وتزداد سخريتهم من نوح . وكانوا يسخرون منه قائلين: صرت نجارا بعد أن كنت نبيا!

إن قمة الصراع في قصة نوح تتجلى في هذه المساحة الزمنية ، إن الباطل يسخر من الحق . يضحك عليه طويلا ، متصورا أن الدنيا ملكه ، وأن الأمن نصيبه ، وأن العذاب غير واقع.. غير أن هذا كله مؤقت بموعد حلول الطوفان . عندئذ يسخر المؤمنون من الكافرين ، وتكون سخريتهم هي الحق

انتهى صنع السفينة ، وجلس نوح ينتظر أمر الله . أوحى الله إلى نوح أنه إذا فار التنور هذا علامة على بدء الطوفان . قيل في تفسير التنور أنه بركان في المنطقة ، وقيل أن الفرن الكائن في بيت نوح ، إذا خرج منه الماء وفار كان هذا أمرا لنوح بالحركة

وجاء اليوم الرهيب ، فار التنور . وأسرع نوح يفتح سفينته ويدعو المؤمنين به ، وهبط جبريل عليه السلام إلى الأرض
حمل نوح إلى السفينة من كل حيوان وطير ووحش زوجين اثنين ، بقرا وثورا ، فيلا وفيلة ، عصفورا وعصفور ، نمرا ونمرة ، إلى آخر المخلوقات . كان نوح قد صنع أقفاصا للوحوش وهو يصنع السفينة . وساق جبريل عليه السلام أمامه من كل زوجين اثنين ، لضمان بقاء نوع الحيوان والطير على الأرض ، وهذا معناه أن الطوفان أغرق الأرض كلها ، فلولا ذلك ما كان هناك معنى لحمل هذه الأنواع من الحيوان والطير . وبدأ صعود السفينة . صعدت الحيوانات والوحوش والطيور ، وصعد من آمن بنوح ، وكان عدد المؤمنين قليل

لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد ، وكان أحد أبنائه يخفي كفره ويبدي الإيمان أمام نوح ، فلم يصعد هو الآخر . وكانت أغلبية الناس غير مؤمنة هي الأخرى ، فلم تصعد . وصعد المؤمنون . قال ابن عباس ، رضي الله عنهما: آمن من قوم نوح ثمانون إنسان

ارتفعت المياه من فتحات الأرض . انهمرت من السماء أمطارا غزيرة بكميات لم تر مثلها الأرض . فالتقت أمطار السماء بمياه الأرض ، وصارت ترتفع ساعة بعد ساعة . فقدت البحار هدوئها ، وانفجرت أمواجها تجور على اليابسة ، وتكتسح الأرض . وغرقت الكرة الأرضية للمرة الأولى في المياه

ارتفعت المياه أعلى من الناس . تجاوزت قمم الأشجار ، وقمم الجبال ، وغطت سطح الأرض كله . وفي بداية الطوفان نادى نوح ابنه . كان ابنه يقف بمعزل منه . ويحكي لنا المولى عز وجل الحوار القصير الذي دار بين نوح عليه السلام وابنه قبل أن يحول بينهما الموج فجأة

نادى نوح ابنه قائلا: ( يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ )
ورد الابن عليه: ( قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء )
عاد نوح يخاطبه: ( قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ )

وانتهى الحوار بين نوح وابنه

( وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ )

انظر إلى تعبير القرآن الكريم (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ) أنهى الموج حوارهما فجأة . نظر نوح فلم يجد ابنه . لم يجد غير جبال الموج التي ترتفع وترفع معها السفينة ، وتفقدها رؤية كل شيء غير المياه . وشاءت رحمة الله أن يغرق الابن بعيدا عن عين الأب ، رحمة منه بالأب ، واعتقد نوح أن ابنه المؤمن تصور أن الجبل سيعصمه من الماء، فغرق

واستمر الطوفان. استمر يحمل سفينة نوح . بعد ساعات من بدايته ، كانت كل عين تطرف على الأرض قد هلكت غرقا . لم يعد باقيا من الحياة والأحياء غير هذا الجزء الخشبي من سفينة نوح ، وهو ينطوي على الخلاصة المؤمنة من أهل الأرض . وأنواع الحيوانات والطيور التي اختيرت بعناية . ومن الصعب اليوم تصور هول الطوفان أو عظمته . كان شيئا مروعا يدل على قدرة الخالق . كانت السفينة تجري بهم في موج كالجبال . ويعتقد بعض العلماء الجيولوجيا اليوم إن انفصال القارات وتشكل الأرض في صورتها الحالية ، قد وقعا نتيجة طوفان قديم جبار ، ثارت فيه المياه ثورة غير مفهومة . حتى غطت سطح الجزء اليابس من الأرض ، وارتفعت فيه قيعان المحيطات ووقع فيه ما نستطيع تسميته بالثورة الجغرافية

استمر طوفان نوح زمنا لا نعرف مقداره . ثم صدر الأمر الإلهي إلى السماء أن تكف عن الإمطار ، وإلى الأرض أن تستقر وتبتلع الماء ، وإلى أخشاب السفينة أن ترسو على الجودي ، وهو اسم مكان قديم يقال أنه جبل في العراق . طهر الطوفان الأرض وغسلها . قال تعالى في سورة (هود):

( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) (هود)

(وَغِيضَ الْمَاء) بمعنى نقص الماء وانصرف عائدا إلى فتحات الأرض . (وَقُضِيَ الأَمْرُ) بمعنى أنه أحكم وفرغ منه ، يعني هلك الكافرون من قوم نوح تماما . ويقال أن الله أعقم أرحامهم أربعين سنة قبل الطوفان ، فلم يكن فيمن هلك طفل أو صغير . (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) بمعنى رست عليه ، وقيل كان ذلك يوم عاشوراء
فصامه نوح وأمر من معه بصيامه (وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي هلاكا لهم . طهر الطوفان الأرض منهم وغسلها . ذهب الهول بذهاب الطوفان . وانتقل الصراع من الموج إلى نفس نوح.. تذكر ابنه الذي غرق

لم يكن نوح يعرف حتى هذه اللحظة أن ابنه كافر . كان يتصور أنه مؤمن عنيد ، آثر النجاة باللجوء إلى جبل . وكان الموج قد أنهى حوارهما قبل أن يتم.. فلم يعرف نوح حظ ابنه من الإيمان . تحركت في قلب الأب عواطف الأبوة . قال تعالى في سورة (هود):

( وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) (هود)

أراد نوح أن يقول لله أن ابنه من أهله المؤمنين . وقد وعده الله بنجاة أهله المؤمنين . قال الله سبحانه وتعالى ، مطلعا نوحا على حقيقة ابنه للمرة الأولى:

( يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) (هود)

قال القرطبي -نقلا عن شيوخه من العلماء- وهو الرأي الذي نؤثره: كان ابنه عنده -أي نوح- مؤمنا في ظنه ، ولم يك نوح يقول لربه: (إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي) إلا وذلك عنده كذلك ، إذ محال أن يسأل هلاك الكفار ، ثم يسأل في إنجاء بعضهم . وكان ابنه يسرّ الكفر ويظهر الإيمان . فأخبر الله تعالى نوحا بما هو منفرد به من علم الغيوب . أي علمت من حال ابنك ما لم تعلمه أنت . وكان الله حين يعظه أن يكون من الجاهلين ، يريد أن يبرئه من تصور أن يكون ابنه مؤمنا ، ثم يهلك مع الكافرين

وثمة درس مهم تنطوي عليه الآيات الكريمة التي تحكي قصة نوح وابنه . أراد الله سبحانه وتعالى أن يقول لنبيه الكريم أن ابنه ليس من أهله ، لأنه لم يؤمن بالله ، وليس الدم هو الصلة الحقيقية بين الناس . ابن النبي هو ابنه في العقيدة . هو من يتبع الله والنبي ، وليس ابنه من يكفر به ولو كان من صلبه . هنا ينبغي أن يتبرأ المؤمن من غير المؤمن . وهنا أيضا ينبغي أن تتصل بين المؤمنين صلات العقيدة فحسب . لا اعتبارات الدم أو الجنس أو اللون أو الأرض

واستغفر نوح ربه وتاب إليه ورحمه الله وأمره أن يهبط من السفينة محاطا ببركة الله ورعايته . وهبط نوح من سفينته . أطلق سراح الطيور والوحش فتفرقت في الأرض ، نزل المؤمنون بعد ذلك . ولا يحكي لنا القرآن الكريم قصة من آمن مع نوح بعد نجاتهم من الطوفان

والله أعلم

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 09-12-2008, 09:57 PM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 20
إبن القرية is on a distinguished road


 


قال تعالى .. ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِل

لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ

يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ) .. الأحقاف


ما أحوجنا للإطلاع على مثل هذه المواضيع القيمة

اللهم صلِّ وسلم وبارك عليهم جميعـاً.

عبد الرحيم بن قسقس .. جزاك الله خير .. تميز فريد

والشكر موصول للأخ العزيز .. شويل .. على إضافته الرائعة

دمتم بخير

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 09-14-2008, 01:08 AM   رقم المشاركة : 10

 

.

*****

نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام


منزلة إبراهيم عليه السلام

هو أحد أولي العزم الخمسة الكبار الذين اخذ الله منهم ميثاقا غليظا ، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد حسب ترتيب بعثهم

إبراهيم الخليل عليه السلام النبي الذي ابتلاه الله ببلاء مبين بلاء فوق قدرة البشر وطاقة الأعصاب . ورغم حدة الشدة ، وعنت البلاء.. كان إبراهيم هو العبد الذي وفى . وزاد على الوفاء بالإحسان

وقد كرم الله تبارك وتعالى إبراهيم تكريما خاصاً فجعل ملته هي التوحيد الخالص النقي من الشوائب . وجعل العقل في جانب الذين يتبعون دينه

وكان من فضل الله على إبراهيم أن جعله الله إماما للناس . وجعل في ذريته النبوة والكتاب . فكل الأنبياء من بعد إبراهيم هم من نسله فهم أولاده وأحفاده . حتى إذا جاء آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم ، جاء تحقيقا واستجابة لدعوة إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم

ولو مضينا نبحث في فضل إبراهيم وتكريم الله له فسوف نمتلئ بالدهشة . نحن أمام بشر جاء ربه بقلب سليم . إنسان لم يكد الله يقول له أسلم حتى قال أسلمت لرب العالمين . نبي هو أول من سمانا المسلمين . نبي كان جدا وأبا لكل أنبياء الله الذين جاءوا بعده . نبي هادئ متسامح حليم أواه منيب

يذكر لنا ربنا ذو الجلال والإكرام أمرا آخر أفضل من كل ما سبق . فيقول الله عز وجل في محكم آياته (وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) لم يرد في كتاب الله ذكر لنبي ، اتخذه الله خليلا غير إبراهيم . قال العلماء: الخُلَّة هي شدة المحبة . وبذلك تعني الآية: واتخذ الله إبراهيم حبيباً فوق هذه القمة الشامخة يجلس إبراهيم عليه الصلاة والسلام . إن منتهى أمل السالكين ، وغاية هدف المحققين والعارفين بالله.. أن يحبوا الله عز وجل . أما أن يحلم أحدهم أن يحبه الله ، أن يفرده بالحب ، أن يختصه بالخُلَّة وهي شدة المحبة.. فذلك شيء وراء آفاق التصور . كان إبراهيم هو هذا العبد الرباني الذي استحق أن يتخذه الله خليلا

حال المشركين قبل بعثة إبراهيم

لا يتحدث القرآن عن ميلاده أو طفولته ، ولا يتوقف عند عصره صراحة ، ولكنه يرسم صورة لجو الحياة في أيامه ، فتدب الحياة في عصره ، وترى الناس قد انقسموا ثلاث فئات:

فئة تعبد الأصنام والتماثيل الخشبية والحجرية

وفئة تعبد الكواكب والنجوم والشمس والقمر

وفئة تعبد الملوك والحكام

نشأة إبراهيم عليه السلام

وفي هذا الجو ولد إبراهيم. ولد في أسرة من أسر ذلك الزمان البعيد . لم يكن رب الأسرة كافرا عاديا من عبدة الأصنام ، كان كافرا متميزا يصنع بيديه تماثيل الآلهة . وقيل أن أباه مات قبل ولادته فرباه عمه ، وكان له بمثابة الأب ، وكان إبراهيم يدعوه بلفظ الأبوة ، وقيل أن أباه لم يمت وكان آزر هو والده حقاً وقيل أن آزر اسم صنم اشتهر أبوه بصناعته.. ومهما يكن من أمر فقد ولد إبراهيم في هذه الأسرة

رب الأسرة أعظم نحات يصنع تماثيل الآلهة . ومهنة الأب تضفي عليه قداسة خاصة في قومه ، وتجعل لأسرته كلها مكانا ممتازا في المجتمع . هي أسرة مرموقة ، أسرة من الصفوة الحاكمة

من هذه الأسرة المقدسة ، ولد طفل قدر له أن يقف ضد أسرته وضد نظام مجتمعه وضد أوهام قومه وضد ظنون الكهنة وضد العروش القائمة وضد عبدة النجوم والكواكب وضد كل أنواع الشرك باختصار

مرت الأيام .. وكبر إبراهيم .. كان قلبه يمتلأ من طفولته بكراهية صادقة لهذه التماثيل التي يصنعها والده . لم يكن يفهم كيف يمكن لإنسان عاقل أن يصنع بيديه تمثالا ، ثم يسجد بعد ذلك لما صنع بيديه . لاحظ إبراهيم إن هذه التماثيل لا تشرب ولا تأكل ولا تتكلم ولا تستطيع أن تعتدل لو قلبها أحد على جنبهاً كيف يتصور الناس أن هذه التماثيل تضر وتنفع؟!

مواجهة عبدة الكواكب والنجوم

قرر إبراهيم عليه السلام مواجهة عبدة النجوم من قومه ، فأعلن عندما رأى أحد الكواكب في الليل ، أن هذا الكوكب ربه . ويبدو أن قومه اطمأنوا له ، وحسبوا أنه يرفض عبادة التماثيل ويهوى عبادة الكواكب . وكانت الملاحة حرة بين الوثنيات الثلاث: عبادة التماثيل والنجوم والملوك . غير أن إبراهيم كان يدخر لقومه مفاجأة مذهلة في الصباح . لقد أفل الكوكب الذي التحق بديانته بالأمس . وإبراهيم لا يحب الآفلين . فعاد إبراهيم في الليلة الثانية يعلن لقومه أن القمر ربه . لم يكن قومه على درجة كافية من الذكاء ليدركوا أنه يسخر منهم برفق ولطف وحب . كيف يعبدون ربا يختفي ثم يظهر . يأفل ثم يشرق . لم يفهم قومه هذا في المرة الأولى فكرره مع القمر . لكن القمر كالزهرة كأي كوكب آخر .. يظهر ويختفي . فقال إبراهيم عدما أفل القمر (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) نلاحظ هنا أنه عندما يحدث قومه عن رفضه لألوهية القمر .. فإنه يمزق العقيدة القمرية بهدوء ولطف . كيف يعبد الناس ربا يختفي ويأفل (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي) يفهمهم أن له ربا غير كل ما يعبدون . غير أن اللفتة لا تصل إليهم . ويعاود إبراهيم محاولته في إقامة الحجة على الفئة الأولى من قومه .. عبدة الكواكب والنجوم . فيعلن أن الشمس ربه ، لأنها أكبر من القمر . وما أن غابت الشمس ، حتى أعلن براءته من عبادة النجوم والكواكب . فكلها مغلوقات تأفل . وأنهى جولته الأولى بتوجيهه وجهه للذي فطر السماوات والأرض حنيفا.. ليس مشركا مثلهم

استطاعت حجة إبراهيم أن تظهر الحق . وبدأ صراع قومه معه . لم يسكت عنه عبدة النجوم والكواكب . بدءوا جدالهم وتخويفهم له وتهديده. ورد إبراهيم عليهم قال:

( أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) (الأنعام)

لا نعرف رهبة الهجوم عليه . ولا حدة الصراع ضده ، ولا أسلوب قومه الذي اتبعه معه لتخويفه . تجاوز القرآن هذا كله إلى رده هو كان جدالهم باطلا فأسقطه القرآن من القصة ، وذكر رد إبراهيم المنطقي العاقل . كيف يخوفونه ولا يخافون هم؟ أي الفريقين أحق بالأمن؟

بعد أن بين إبراهيم عليه السلام حجته لفئة عبدة النجوم والكواكب ، استعد لتبيين حجته لعبدة الأصنام . آتاه الله الحجة في المرة الأولى كما سيؤتيه الحجة في كل مرة

سبحانه .. كان يؤيد إبراهيم ويريه ملكوت السماوات والأرض . لم يكن معه غير إسلامه حين بدأ صراعه مع عبدة الأصنام . هذه المرة يأخذ الصراع شكلا أعظم حدة . أبوه في الموضوع .. هذه مهنة الأب وسر مكانته وموضع تصديق القوم .. وهي العبادة التي تتبعها الأغلبية

يتبع للخليل إبراهيم عليه السلام

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:50 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir