نصوص إبداعية

- 1 -

هذا جزء من نص
محبرة تنتحب

للشاعر

عبد الوهاب العريض

__________________________________________________ ____

عِنْدَمَا يَغْتَسِلُ الصُّبْحُ مِنْ شَفَةِ القَهْوَةِ، أُمْسِكُ الحَرْفَ النَّازِفَ خَلْفَ المِحْبَرَةِ،
أَنْظُرُ بَعِيدَاً لَعَلِّي أَتَعَثَّرُ بِرَائِحَةِ الفِنْجَانِ الَّتي خَلَّفَهَا المَسَاء.

* *

كَانَ اللَّيلُ طَوِيلاً، وَ النَّهَارُ يَنْسَحِبُ مِنْ بَيْنِ الأَصَابِعِ كَقَطْرَةِ مَاءٍ خَلَّفَهَا نَهْرٌ عَابِر.. هَمَسَ الوَقْتُ فِي جَيْبِهِ فَأَخْرَجَ مَا تَبقَّى مِنْ المَحْبَرةِ.

* *

صُرَاخُ طِفْلٍ نَائِمٍ يُوقِظُ جَسَدِي فِي الصُّبْحِ، وَ العُيُونُ الَّتي تَجُوبُ المَكَانَ بَحْثَاً عَنِّي أَصْبَحَتْ تُؤلِمُنِي
كَمْ يَتَعَلّْقُ عُمْرِي بِهَذِهِ النَّظْرَةِ التَِّي مَا عُدْتُ أَرَاهَا مِن سِوَاه.

**

في عُيُونِهِ لَمْحَةٌ مِنْ بُكَاءْ.. وَفِي وَجْهِهِ بَقَايَاً مِني حَمَلَنِي بَيْنَ كَفْيّهِ، عَلَّقَ اللَّوْحَةَ فِي الجِدَارِ وَنَسِيَ أَنْ يَضْرِبَ المِسْمَاَرَ فِي جَسَدِي.
ضَحَكَاتُ عَيْنَيْهِ تَكْشِفُ عَنْ سَذَاجَتِي أَحْيَانَاً، وَ لمَعَانٌ يُشْعِرُنِي بِأَنَّهُ لاَزَالَ يَنْتَظِرُ عَوْدَتِي.

__________________________________________________ _______

 

 

/

\




من ... الأوراق ذاكرة الخريف / لـ قاسم طلاع








" الظل هو الضوء القادم من بعيد.

من عمق المسافة القادمة من زمان ومكان

من ذلك الرقم الذي يبدأ " بلحظة " الولادة واقتراب النهاية."



أقف...

أسند نفسي على ظلي،

أنتظر!

في الخريف تتساقط الأوراق

وقطرات الندى الصباحي تنتظر لحظتها الضبابية ،







من يوم إلى اليوم

من أرض إلى أرض

ومن جدار إلى آخر،

والدروب حقائب يحملها معه.... قال :

" أحتفظ بها، ربما، للعودة... ! "

وفي كل حقيبة ذاكرة وصوره.

في زاوية ما

كان جالسا بوجه حزين

وشعر أبيض مدثر بغبار الزمن

والرياح رداء تغطي الجسد.



/
\


أخـي أبو نـاهل ...


تبهرنا إختيارتكـ .. وتجبرنا على الراقي بتفكيرنا وذائقتنا


دمت بنقـاء ...


أختك / شموخ

 

 

أختي الكريمة شموخ
ذائقتك المتجاوزة
وروعة طرحك تحفزني
لإنتقاء الأفضل مما أقرأ ...

_________________________________

امتحان الهواء .... لأحمد الملا

________________________________
يومها لم تعد طفلة
تعبر الحديقة
وتلهو بالعشب
يومها خانت اللعب.. خانت الأم والشمس
يومها
مال غصن
وانخطف الورد
صفَّق هواء في الأعالي
وشجر تمنى .


بيد غضَّةٍ تقطف الأحمر
تقطف الأبيض
تقفز وترصه خلف الظهر
تشد قميصاً وتوسّط عقد الصدر
تمد قبضة الورد
وتمتحن الهواء
بأوَّل الوجد .

يومها لم تعد طفلة
وردٌ ينمو بين كتفيها
يدٌ تدفع الباب
وحدائق نائمة
في انتظار .

* * * *

 

 

- 4 -

(( السور ))

لمسفر الغامدي




يصدف أحيانآ
أن تعبرمن جانب هذا السور
عرجاء ، ولكن ...
تتوكأ في السير
على غصن (الأركوظ)
وتهش به
بضعة أغنام ...
_____

يصدف أحيانآ
أن ترمق هذا السور بعينين
.. تكوم دمع
مر قديمآ فوق جفونهما ...
أصبح حبات سوداء

على جرف العينين الذابلتين
تصخر
بعض منه على ذاكرة الوجه !!
_____

يصدف أحيانآ ...
أن ترتاح قليلآ
لصق السور ...

... تحس بأطفال
يشتجرون هنالك ...
حيث المد الآخر للحائط
بأب يتوعد ...
أم تنداح
فلا تملك إلا أن ترفع
(شرشفها) الأبيض
ناحية العينين الغائرتين ...
... تمسح بعضآ من دمع
نسيته الأحزان
فلم يتجمد بعد !!
_____

يصدف أحيانآ ...
أن تبكي عائدة نحو البيت المهجور
... سوى من (فانوس)
يتدلى من سقف
كغطاء القبر !!
سوى من عرجاء ...
ستلقي بالجسد المتهالك
فوق سرير
أشبه بالنعش !!

_________________________

 

 

/

\



كان يأتي / لــ مسفر الغامدي










كان يأتي

وإذْ ينثني

_ في الطريق إلى بيت جدّتِهِ _

ينثني؛ ليقبِّل بعضَ الحجارةِ

يسألُ بعضَ الرفاقِ القدامى عن الحالْ

يحتفي با لوشاياتِ

بالعشبِ

سُكْرِ العصافيرِ

حين تدسُّ مناقيرَها في قناني العنبْ


كان يأتي

ولكنّه لا يرى أثراً

ليس من أحدٍ يعبرُ الطرقاتِ

سوى الريحْ

ليس من شجرٍ

يتنّزّهُ في جنباتِ البلاد

ليس من عابرٍ سيصافحُهُ

أو يردُّ التحيةَ

كان يأتي

ولكنه لا يرى

غيرَ ما خلّفَتْهُ أنامِلُها

من قصائدَ يلبسُها المتعبونْ

عكَفتْ تتَوسَّلُ مغزلَها

ثمّ تكتبُها في ليالي الشّتاء الطّويلةِ

دوماً ستختِمُها ببديعِ القَصَبْ

هيَ لم تعرفِ الحرفَ

لكنّها كتبتْ فوقَ ما كتبَ الشعراءُ

وغنّتْ كما لم تغنِّ الطيورُ

وغابتْ وفي صدْرِها قصصٌ

لم تجد_ رغم كلِّ السّنينِ _

قليلاً من الوقتِ كي تحتفي

بمباهجِهِ وهُو يسمَعُها

 

 

كان يأتي
وإذ ينثني
ينثني , لاكقوس قزح
بل كشيخ تعقبه الحزن
حتى انحنى راكعآ ...
يسأل الأرض عن حجر صالح للبناء !!
يدرك الآن
ان الطريق إلى بيت جدته
لم يعد كالطريق إلى بيت جدته ...
... فلا هي في الزاوية !!
... ولا هو عما قليل سيجثو على ركبتيها
لترفعه بالحكايات
حتى أعالي الجبال
وتنزله في الحكايات
حتى يحاذي المياه على شاطيء البحر !!

لم تمت ...
الذي مات شوق يديه
إلى نزهة في براري النجوم ...
صوته , بجلال الخطايا ,
يجمع أشعاره من عيون النساء !!
الذي مات ...
فجره وهو يحتال مرتبكآ :
كيف يبدي النهار جديدآ عليه
ليوقعه في غرام الحقول !!

............ تتمة نص العائد لمسفر الغامدي ............
______________________________________

.......... شكرآ شموخ ...................

 

 

[img]http://bntalmaghrib.***********/rahhhil.jpg[/img]

(( وضاح ))

صاحبي ...
ما الذي غيرك
ما الذي خدر الحلم في صحو عينيك
من لف حول حدائق روحك هذا الشرك

عهدتك تطوي دروب المدينة مبتهجآ
وتبث بأطرافها عنبرك


صاحبي ..
هل ستهجس بالحب - بين اتساع الحنين
وضيق الميادين -
لو طوقت خيول الدرك

هل ستوقظ أنشودة الروح في غابة
الخيزران الأنيقة لو أنكرت مظهرك

صاحبي ..
لاتمل الغناء
فما دمت تنهل صفو الينابيع
شق بنعليك ماء البرك
________________________
محمد الثبيتي
_________________________

 

 

حين يكون الحزنُ كثيفاً
أفتح باباً في عتمة عينيكْ
فأرى مدناً
و سقوفا ودعها الأزرق
شجراً مسلوب الخضرة
وطناً يزحفُ في ثوب القهر
و أنا طائرٌ
لا يعرف إلا الهجرة !!


مفعمٌ مسائي بكَْ
مثقلٌ بالغياب
تراودني أطيافٌ لذكرى لقاء
و يساورني الليل بقطف قناديل حزنك اللاهثة
ألونها من زهر حنيني
و أودعها آخر قطرة من روحي
فتورق في الصباح فراشات
وطرقاً وردية


ربما يغادرني وجهكْ
أبحثُ عن عينيك
أقرأ فيها خارطةَ العمرِ المهملْ
و تضاريس الوطن الصلب
نضيعُُ في رمل المسافة
تتوه أسماؤنا
وفي آخر الليل المنهك
يحملنا قطار المتعبين
و نمضي غريبين !!


دخانٌ و برد يملآن مساحاتي
و يطول الليل
أجمع الرماد لجرحي بيميني
و بشمالي آخر أقداح الحب المشرعة
يحاصرني وجهكَ
تجلدني أغصان حزنك
وحين تدثرت ذاكرتي
أنقذني البكاء


يرش الظلَّ في دربي
كلما أطلَّ بذاكرتي طيفـُه
و يعشش في نبضي
يرفرف فوق جبيني
أحملُه عطراً من شجرِ الفردوس
يَسْقط ُ في عمري شروقاً
عند تباريح الغروبْ


ناديتك في ليل سهدي
كنْ متكأً لروحي المتعبة
أهدرتْ الريحُ صوتي
و على حافة من ألم....

 

 

الفاضل إبن القرية
سعيد بتواجدك الرائع
وبهذه الإضافة الجميلة
للمبدعة تقى المرسي
فلاعدمتك أستاذي ...


-----------------------------------------------------------
........ لم نكن نفترق نحن الخمسة تجسيدآ لرائعة صديقنا
( كم نبتعد ، ولعة لانفترق
لأننا : لسنا ككل الآخرين ... )

منصور عثمان
أحمد البوق
عبدالسلام الوايل
مسفر الغامدي
عبدالله أبوعالي

... همنا واحد وذائقتنا متقاربة واحلامنا على
رأي غيفارا ( لاتعرف حدودآ )

أصدقاء لنا يستغربون من هذه الحميمية التي تجمعنا
وتميزنا ...
صديقنا الشاعر أحمد البوق اجاب عن هذه الإستفهامات
بهذه الرائعة ...




(( الأصدقاء ))

إنهم أصدقاء
لكنهم ، ليسوا ككل الآخرين
كم نختلف ، ولعلة لانفترق
لنا عرائش لانفارق ظلها :
نخلآ وتين
لنا خيوط الشمس في نول الغروب
لنا الدروب
ماتوازن خطونا
لبعضنا حزن الضحى
إذ تلهب الشمس المقيل
ولبعضنا فرح الرحيل
عن بلاد لاتوافق نجمنا
ماء وطين
كم نبتعد ، ولعلة لانفترق
لأننا : لسنا ككل الآخرين .

____________________________________________

(أحمد البوق) الطائف 16 - 3 - 1991


______________________________________________

 

 

نصين لشاعرين من البرتغال

******

1- جوزيه أغوستينيو باتيستا



شهر أيلول

يقودنا هذا الشهر إلى الخسارة.
بقي القليل في زمن الكريستال وفي كل
موجة
لا نعرف تحديد أي نسيان.
معطفك، أيها البحر، بارد كوجهك الأعمى.
ليس الأزرق سوى أبي هول محنط.
عندما أجلس هنا، واقفا أمام أطرافك،
ينزف قلب فوق الأفق،
مدمى بالحنين.
ثمة، في مكان ما، مدينة تتلبد فوقها الشمس.
في عمق الأكواريوم، ينعس الكائن الغريب
من النزع.

*******


2- جوون ميغيل فرنانديس جورج



المركب الفارغ

مياه النهر
لا تجيد التخلص من اخضرار
الطمي السائل. يغللها
الضوء بالبياض،
غصن طويل ينثني
على المركب الفارغ، المضموم
بحنين أخضر
عميق جدا.

إنني بين الجدران...

إنني بين جدران الحديقة.
هناك ثلاثة أنواع من الكائنات: الأحياء
الموتى والبحارة.
تقريبا، تطفو شجرات النخيل.
أسير بمحاذاة جدار الطمي.
من حديقة إلى أخرى (لتتبارك
نجمتها) متبعا انحدار الدروب
محاطا بأشجار نخيل شاهقة في كل مرة.
أسير فوق الدرب حيث تنمو الزهور.
___________________________________