يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحات الموروث والشعر والأدب > ساحة الأدب الشعبي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-19-2010, 03:26 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية عبدالرحيم كعشر
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 13
عبدالرحيم كعشر is on a distinguished road

اليتيمة " قصة "


 


اليتيمة " قصة "

أتت من قرية تبعد عن وادي السقا ربما 5 كلم وجلست أمام باب خيمة الوادي
المبنية بالحجارة والمسقوفة بأخشاب العرعر , كان شكلها وهيئتها ولباسها
تدعو للشفقة والرحمة , فعيناها شاخصاتان محمرتان وأدمعها تتساقط على وجنتيها
لاتكف ولاتجف , تمسح أدمعها بشيلتها البالية , اللتي يعلوها على الراس
معصب ذو لون أصفر ولباسها من الساتان القديم أطرافه السفلى مما يلي القدمين
مشقوقة ومهترئة من قِدمها , قامتها غارقة بغبار ووحل السنين
والجوع المهين , يداها وأقدامها مملؤه بالتششقات والبثور المزمنة
ولا يوجد بأقدامها حذاء ومن أين لها ياحسرة ؟
وسنها يقارب الأربعين سنة
جلست الى جواري وسألتني : من أنت ولده ؟
وماذا تفعل هنا ..؟
أجبتها : أحمي عذوق الخريف من الطير وغيره كما تشاهدين
أحتزم بالمرجمة أرابط في هذا المكان من الصباح وحتى المغرب
وأستعمل المرجمة لطرد الطير بقصد الحفاظ على محصول الذرة
سألتني : ماشاء الله عليك كم عمرك ..؟
أجبتها : عمري 10 سنوات .
قالت : والله ياولدي إني جوعانة فهل تتكرم عليّ ببعض عذوق الحميصة
من ركيبكم ..؟
أجبتها : نعم ياوالده , انتظري وسأحضر لك المطلوب
نزلت الى الركيب , كان ذلك قبل الظهر .
وقصعت لها ماقدرت على حمله
كان الخير الكثير بذلك الركيب , فهو مزروع بحب الدفين
المشهور قديما .
إذ بعض عذوقه يصل وزنها الى نصف كلغم .
عدت اليها وقدمته لها وهو ملئ حثلي .
فما كان منها إلا أنة قامت وقبلتني على جبهتي ودعت لي دعاءً من القلب
ويعلم الله أنه انتابني شعور بوخز الضمير لرؤية هذه المسكينة على هذه الحالة .
رغم أن سني لايتجاوز الـ 10 أعوام , وتعاطفت معها من واقع انساني
سألتها : لماذا أتيت الى هذا المكان , وقريتك تبعد عنّا وليس لك أملاك بهذا الوادي ..؟
قالت : ياولدي سأسرد عليك قصتي , وأسأل الله لك العافية وألا يريك مكروه .
سألتني : هل والداك احياء ..؟
أجبتها : نعم .
قالت : الله يحفظهم لك , أنا يا ابني لم أذق طعم الطفولة والحياة حيث تربيت يتيمة
عند أعمامي ذلك أن والدي توفى وعمري 10 سنوات ووالدتي توفت وعمري 12 سنة
وبقيت عند اعمامي وحينما بلغت من العمر 18 عاما زوجوني من أحد رجال قريتي
فأنجبت منه ابن وابنتين لكنه توفى الى رحمة الله ولم يبلغ أكبر أبنائي 15 عاما
وكافحت بعد موته في تربية أبنائي لكن العين بصيرة واليد قصيرة .
كنت أستجدي الجيران وأطلب منهم بعضاً من الدقيق وبقايا أطعمة ضيوفهم
أستعملها لتغذية أبنائي وأحرص أن احتفظ ببقايا الشحوم ومن ثّم استعمالها في بلال العشاء أو الغداء
وقد كبر ولدي وصار عمره 18 عاما فطلب مني السماح له بالسفر الى مكة
لعل الله يرزقه من واسع فضله وهكذا سافر ولدي وله سنتين بمكة .
وقد حضرت هنا حينما سمعت نداء أحد الأخوات من قريتكم تدعوني لمقابلة ولدي
عند حصن السقا وأنا أتيت لهذا السبب وسأنتظره هنا حتى غروب الشمس .
هل عرفت قصتي ياابني ..؟
أجبتها : نعم , وإذا لم يأتِ ولدك فأرجوك تذهبين معي الى بيتنا عند والدتي وتباتين عندها .
انهمرت دموعها فجأة وصاحبها أنين وزفير يرتجف له البدن ويصعق القلب والأعصاب
لمن كان له قلب حي , وعواطف ثكلى
وبينما الوضع كذلك وإذا بهذا الشاب القادم الى الخيمة من جهة الغمده
وهو مفتول العضلات حسن الهيئة والجمال قادم الينا من مسافة لاتتعدى الـ 50 متر
ويبدو أنه عرف والدته فقد صاح بصوت عالِ : يا أمه يا أمه يا أمه يا أمه
كان يحمل فوق أكتافه كيس مملوء كما أعتقد ببعض الحاجيات التي جلبها لأمه وأخواته
هرعت الأم مسرعة وهي تصيح : يالله حي ولدي عبدالله ودموعها ونواحها ينسمع من القرى
لقد شاهدت ذلك المشهد وأنا غير مصدق بتلك العاطفة من الأم وحنانها وصوتها الصارخ من الفرح النادر
وهو فرح الأم بسلامة ابنها .
ودعتهم بعد أن سلمت على ابنها ثم ضمتني الى صدرها بحنان وطلبت مني ابلاغ سلامها لوالدتي

إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ..... ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .

 

 
























التوقيع

ليسَ الغريبُ غريبَ الشآمِ واليمنِ .. إنَّ الغريبَ غريبْ اللحدْ والكفَنِ


   

رد مع اقتباس
قديم 04-19-2010, 05:24 PM   رقم المشاركة : 2

 

شكرا يا ابا هشام على سرد هذه القصة المؤثرة ونحمد الله أن من علينا وعلى بلادنا بالخير والبركات واصبحنا نتقلب في نعم الله التي لا تعد ولا تحصى كما اسأله سبحانه أن يرزقنا شكره على هذه النعم لتدوم واخشى ما اخشاه زوالها إذا لم نشكر الله ، يقول الله سبحانه وتعالى : ( وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مّطْمَئِنّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مّن كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } النحل :112.

 

 
























التوقيع



سبحانك اللهم وبحمدك عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك .

   

رد مع اقتباس
قديم 04-19-2010, 09:32 PM   رقم المشاركة : 3

 

اخي عبد الحميد الشكر لك انت ذلك انك اول من تصفح هذا الموضوع دليل على حب الاطلاع بشتى المواضيع حفظك الله ورعاك و الشكر لله على ما انعم به علينا من نعمه الامن والامان ونسأل الله ان يديمها علينا جميعا دمت لمحبيك ايها الحبيب ودام يراعك المتمكن وشكرا مره اخرى اخي عبد الحميد على اخلاقك الفاضله وادبك الجم

 

 
























التوقيع

ليسَ الغريبُ غريبَ الشآمِ واليمنِ .. إنَّ الغريبَ غريبْ اللحدْ والكفَنِ


   

رد مع اقتباس
قديم 04-21-2010, 09:30 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية محمد سعد دوبح
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
محمد سعد دوبح is on a distinguished road


 

الوالد العزيز ابو هشام قصه رائعه وتصرف جميل منك تجاهها حينما اعطيتها مايسد حاجتها وعندما
دعوتها للمبيت بمنزلكم وهذ ليس بمستغرب عليك لان معدنك طيب وسيرتك عطره منذ نعومة اظافرك
ننتظر منك المزيد مما تختزنه ذاكرتك من قصص وقصائد تقبل مروري ودمت بود0

 

 
























التوقيع

اللهم اغفرلي ولوالدي

   

رد مع اقتباس
قديم 04-22-2010, 01:00 AM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية عبدالرحيم كعشر
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 13
عبدالرحيم كعشر is on a distinguished road


 

,’

شكرا لك عزيزي محمد بن سعد حفظك الله ورعاك
ولايخفى عليك أن هذه القصة حقيقية , واحمد لله انها نالت اعجابك
والكثير من المتصفحين إن شاء الله ..
وما أوردتها الا أنها تحتوي على الكثير من العبر والحكم خاصة مايعانيه اليتيم
في ذلك الوقت حيث لاكافل له الا الله سبحانه وتعالى .
مقدرا لك احترامك لمثل هؤلاء اليتامى وعاطفتك الجياشة بتلمسك لمشاعرهم
ودمت برعاية الله .

,’

 

 
























التوقيع

ليسَ الغريبُ غريبَ الشآمِ واليمنِ .. إنَّ الغريبَ غريبْ اللحدْ والكفَنِ


   

رد مع اقتباس
قديم 04-23-2010, 03:47 PM   رقم المشاركة : 6

 

أخي الفاضل / عبد الرحيم كعشر

ما شاء الله تبارك الله بسم الله عليك وعلى ذاكرتك التي تختزن هذا الكم من الذكريات الجميلة والعبر

وما شاء الله عليك في سردك لهذه القصة بكلماتها النابعة من التراث الأصيل الذي لازلت أحاول الحفاظ عليه ..
(بشيلتها البالية... معصب ذو لون أصفر... الساتان القديم... أحمي عذوق الخريف .. أحتزم بالمرجمة .. الحميصة .. وقصعت لها .. )

كم هي جميلة تلك الألفاظ وكم لها في عقولنا من الذكريات ..

نعم إنها البيئة الجميلة والتعاون والتكاتف والعطف والشفقة التي آمل ألا نكون قد تناسيناها بسبب النعم الزائدة التي لم نرعى شكرها وأخشى عليها من الفقد ..

رغم أني شعرت بالأسى والحزن لما عانته تلك المكلومة من الزمن من اليتم وفقد الزوج وفراق الأبن إلا إنه انتابني بصيص أمل في أن أبنها عبد الله سيعوضها عن كل ما فقدته في ذلك الزمن الغابر ...

تصدق يا ابا هشام إني استمتع بذكرياتك حتى لو كان بها بعض المعاناة والتعب والألم .. بارك الله فيك وفي قلمك وقلبك النابض ..

 

 
























التوقيع

مدّيت له قلبي وروّح وخلاه
الظاهر إنه ماعرف وش عطيته

   

رد مع اقتباس
قديم 04-23-2010, 11:52 PM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية عبدالرحيم كعشر
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 13
عبدالرحيم كعشر is on a distinguished road


 

اخي الحبيب عبدالله رمزي لك الشكر والتقدير على اطلاعك على موضوعي قصة اليتيمه والتي ضمنتها ماشاء الله عليك شرحا وافيا لبعض الكلمات التي وردت في تلك القصة ثم استرجاعكم لتلك الفتره الغوص في رحابها واستشراق المستقبل لتلك اليتيمه . نعم اخي لقد توفى ابنها رحمها الله تعالى قبل سنوات بعد ان خلف جيلا ًَ من الرجال والبنات يفتخر بهم في العلم والعطاء وترك لهم ثروة خلاف الماده هي الاخلاق والقيم والتربيه الحسنه وما ذلك الا بتوفيق الله سبحانه وتعالى ثم ببرهم بوالدتهم اليتيمه ونرجو من الله ان تكون تربيتنا لابنائنا على تلك الأطر الاخلاقيه المستمده من ديننا وقيمنا حفظك الله اخي عبدالله على الشعور المرهف والقلب العاطفي دمت لمحبك

 

 
























التوقيع

ليسَ الغريبُ غريبَ الشآمِ واليمنِ .. إنَّ الغريبَ غريبْ اللحدْ والكفَنِ


   

رد مع اقتباس
قديم 04-24-2010, 01:51 PM   رقم المشاركة : 8

 



ما شاء الله عليك يا ابو هشام ان هذا الطرح يدل على براعه في السرد 0 والارتباط بالالفاض الشعبيه المندثره وما اجملها ورحم الله ايام زمان وهذا توثيق جميل وتسلسل قصصي بابداع 00

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 04-24-2010, 03:31 PM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية &شيخــه&
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
&شيخــه& is on a distinguished road


 



ماعندي كلام اقوله اكثر من الي قالوه الاخوان
جزاك الله خير

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 04-24-2010, 10:27 PM   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية عبدالرحيم كعشر
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 13
عبدالرحيم كعشر is on a distinguished road


 


1- أخي ابو صالح حفظه الله نعم تلك الأيّام كانت البساطة والتواضع تسودان ذلك المجتمع ومن وجهة نظري لن تتكرر وأيضاً اهلها رحمهم الله واسكنهم فسيح جنّاته شكراً ياابا صالح على اضافتكم لاعدمتكم.

2- الى الابنة شيخة حفظها الله ورعاها شكراً جزيلاً لتصفحك واطّلاعك على هذه القصة والدعاء لي اسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم نعمته على الجميع وأن يرزقنا بالستر والسعادة في الدنيا والآخرة ودمتي بصحة دائمة.

 

 
























التوقيع

ليسَ الغريبُ غريبَ الشآمِ واليمنِ .. إنَّ الغريبَ غريبْ اللحدْ والكفَنِ


   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:10 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir