وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ
بالرجوع إلى لغة العرب ولسانهم ، نجد أن أصل المكر يعني: الاحتيال والخداع، ويعني كذلك: صرف الغير عما يقصده بحيلة. ويَذكُر أهل العلم هنا، أن المكر نوعان: نوع محمود، وذلك أن يتحرى بذلك فِعْلَ جميل ، والنوع الثاني: مكر مذموم ، وهو أن يتحرى به فعل قبيح .
( وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ )
أي وما يعود وبال ذلك إلا عليهم أنفسهم دون غيرهم، قال محمد بن كعب القرظي: ثلاث من فعلهن لم ينج حتى ينزل به، من مكر، أوبغي، أو نكث، وتصديقها في كتاب اللّه تعالى ( وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ )
( إنما بغيكم على أنفسكمْ ) ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ) مختصر ابن كثير
وجاء بسط ذلك في الدر المنثور لجلال الدين السيوطي رحمه الله قال : أخرج أبو الشيخ وابن مروديه وأبو نعيم والخطيب في تاريخه والديلمي في مسند الفردوس عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" ثلاث هن رواجع على أهلها، المكر، والنكث، والبغي، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم) ( ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله) (فاطر الآية 43)
( ومن نكث فإنما ينكث على نفسه) ( الفتح الآية 10) "
وأخرج ابن مروديه عن عبد الله بن نفيل الكناني رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث "قد فرغ الله من القضاء فيهن لا يبغين أحدكم، فإن الله تعالى يقول ( يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم ) ولا يمكرن أحد فإن الله تعالى يقول( ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ) ( فاطر الآية 43) ولا ينكث أحد فإن الله يقول ( ومن نكث فإنما ينكث على نفسه) ( الفتح الآية 10)"
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" لا تبغ ولا تكن باغيا، فإن الله يقول ( إنما بغيكم على أنفسكم )
وأخرج ابن أبي حاتم عن الزهري قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تبغ ولا تكن باغيا فإن الله يقول(إنما بغيكم على أنفسكم )
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"لا يؤخر الله عقوبة البغي فإن الله قال( إنما بغيكم على أنفسكم )
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"ما من ذنب أجدر من أن يعجل الله لصاحبه العقوبة من البغي وقطيعة الرحم"
وأخرج أبو داود والبيهقي في الشعب عن عياض بن جابر. إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق بلال بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يبغي على الناس إلا ولد بغي أو فيه عرق منه
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن رجاء بن حيوية. أنه سمع قاصا في مسجد منى يقول: ثلاث خلال هن على من عمل بهن البغي، والمكر، والنكث، قال الله ( إنما بغيكم على أنفسكم ) (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله)
( فاطر الآية 43 ) ( ومن نكث فإنما ينكث على نفسه )
(الفتح الآية 10)
ثم قال: ثلاث خلال لا يعذبكم الله ما عملتم بهن: الشكر، والدعاء، والاستغفار، ثم قرأ 0
( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم )
(فاطر الآية 43) ( قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم ( (الفتح الآية 10)
( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) (الأنفال الآية 33)
وأخرج أبو الشيخ عن مكحول قال: ثلاث من كن فيه كن عليه: المكر والبغي والنكث. قال الله
( إنما بغيكم على أنفسكم )
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو بغى جبل على جبل لدك الباغي منهما".
وأخرج ابن مردويه من حديث ابن عمر رضي الله عنه. مثله.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنه قال: ما من عبادة أفضل من أن يسأل، وما يدفع القضاء إلا الدعاء، وإن أسرع الخير ثوابا البر، وأسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه، وأن يأمر الناس بما لا يستطيع التحول عنه، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه".انتهى النقل والله اعلم