يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحات الموروث والشعر والأدب > ساحة الأدب الشعبي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-15-2010, 06:54 AM   رقم المشاركة : 1
يا عبد العزيز مازالت صالحة في الباحة


 

ذات صباح صيفي، كان على مقربة البصر، ملء السمع، سيارة كبيرة صفراء بسكين أمامية كبيرة، تزيل الصخور والتراب، وكل شيء أمامها.. جاء الناس وبيدهم دفاتر، سألوا عن كبير القرية، واصطحبوه إلى بيت (صالحة بنت أحمد). نظر الرجال إليها، وقال بصوته الهادي الثقيل: (اسمعي يا بنت الرجال، هذا أمر بشق الخط من فوق كل بيت، وكل مزرعة، في الطريق).
أمسكت (صالحة) على جانبي رأسها، وقالت:
- (يعني.. يابو فلان.. بيهدّون بيتي، وين أروح؟).
- (والله، أنا، لا بيدي، ولا بأيدك).
- (يا لطيفنا.. ويش أسوي بحال؟).
- (يقولون، بيعطونك تعويض).
- (.. أنا، ما أطلع من بيتي، لو أعطوني.. مال الدنيا)
جاهد الرجال، ليأخذ منها الرضى، ويقنعها بأن الأمر لا خيار فيه، لكنها كانت تحتد في القول، وتضع يديها على رأسها وتردد (هوه.. يا قطع نصيبي). ثم تلفتت حولها، وقعدت كالصخرة القاسية على عتبة البيت، وقالت:
- (أسمعوا.. تعالوا، اقلعوا بيتي، هدوه فوقي أنا ماني طالعة منه).
لم يتحاور معها أحد، بل نظروها قليلاً، ومضوا. أما الرجل الكبير فوقف صامتاً، ثم استدار، وعيناه نحو الأفق. بعد يوم كان التراكتور الأصفر الكبير، يزحلق في الأذن أزيز سيرة المجنزر القوي، ويتأهب لهدم البيت.
كانت (صالحة بنت أحمد)، تقعد على عتبة الباب تمسح عينيها، وتحوش ابنها الذي انفلت من يدها، ليقذف السكين الكبيرة بالحجارة، فتصيح به أخته (سعيدة) من خلف أمها.. كان الناس يقفون دون كلام في وجهة الساحة،
جاءت جارتها فتحدثت معها بكلام طويل، وبعد قليل لمت أواني قليلة من الداخل، وصرة كبيرة، ومهدا بان عليه عدم الاستعمال، وأشياء أخرى، وفاض بها الخرج الذي شهدته على ظهر الحمارة، التي اقتادتها وجاءت إلى (صالحة بنت أحمد) وعيالها، لتسحبها من يدها.
كانت الجارة تجذبها بكل قوة يدها وتقول (هيا قومي يا مخلوقة، ما حد يقدر يعاندهم)
وكانت بين لحظة وأخرى تمد كم يدها لتمسح قطر عينها الحامضي، وتداريه لكيلا تراه عندما قعدت في بيت جارتها، ولثامتها البيضاء تغمر نصف وجهها السفلي، وتغطي كتفيها وصدرها، لم تتناول فنجان القهوة.. بل طلبت ماء وشربته.. بقيت صامتة لا تتكلم، وبقي ذلك الصوت الذي يرج الأسماع، كأنما يهدم الضلوع.. صالحة بطلة رواية تحمل اسمها وصفاتها، إنسانة تجلت في شمائلها كل صفات النبل، ونبذت نواميس طارئة تغيرت بتغير المصالح، ليتغير الرجال ضعاف النفوس والمستلبون، وتبقى صالحة تياراً عاصفاً في وجه كل ما يمس إرثها، ومصالحها بقوة لم يقو الرجال عليها..
صالحة الآتية من نسيج مجتمعي، له قيمه وطقوسه ونواميسه، فالأرض التي يعنيها المبدع - الراحل عبد العزيز مشرى، تشكل للإنسان الجنوبي شرفه وكرامته، فالإهانة واحدة تطال الإنسان الأرض، وتبقى وصمة متى ما اعتدي عليها، وتحفظ الذاكرة الشعبية أسماء الذين ذهبوا فداء للأرض، ويتسمى المكان بأسمائهم تخليداً لهم، سواء كان أولئك ذهبوا فداء في مكان عام كحمى القبائل، ينذر للرعي وأشجار وأحجار، تؤخذ لبناء المساكن والمزارع والقبور، أو كانت أملاك جّدية متوارثة جيلاً بعد جيل، ويا كثر الأماكن الأثرية التي مسح وجه التغيير معالمها، لن أعني هنا لئلا أفهم خطأ أني من دعاة القبلية، وسيادة بعض قوانينها البائدة، فالتحولات ومعايشة الزمن ولغة العصر، يفرض التخلي عن بعض بل كثير من النظم المعطلة. وما أنا ضده هو الظلم والفساد والتعديات، تذكرت هذا النص المعبر عن واقع مزرٍ ما زال ممتداً، يتكرر في المنطقة الجنوبية وما زلنا نرى صور (الدركتورات)، هكذا يسميها المشري -رحمه الله- تتصدر صورها واجهة الصحف وتواجهها أكثر من صالحة..
هذه الصورة الفلكلورية التي رسمها المبدع - عبد العزيز مشري لواقع الباحة في رواية كاملة، هي تلك الصورة التي ينتزعها الفنان من الواقع بلا رتوش، ويضفي عليها من حسه ورؤيته، وهو في كل الأحوال غير معني وغير قادر على فعل شيء، فلا يستطع إلا التعبير من خلال شخوصه ولغة الواقع والصدق. وبطبيعة الحال فإن لغة الكلام المحكي والشفوي واليومي، كانت هي اللغة التي دون بها نصوصه وتوسمتها بالواقعية. وأيضاً بلا شك فعبد العزيز مشري حينما يوجه هذا النقد، الشديد الوطأة لعالم بعض شخوص رواية صالحة، ويصفهم بالمتخاذلين والمنتفعين، فإنما يعزف على وتر مفصلي في حياة مجتمع، يشهد كل يوم مجازر تعني بانتهاك الأرض ويرمز ب(صالحة)، وصالحة الإنسان والأرض والشجر والحجر، وينطلق من ثقافة مجتمع غزته ثقافة الأسمنت وحولته إلى كائن آخر.. وقيمة الأدب والإبداع الصادق، التقاط تلك الومضات الخاطفة في حياة الناس. فكلنا نؤمن بالتنمية التي تأتي من ثقافة المجتمع، فتكديس الناس في بيوت أسمنت، يعني القضاء على الأرض التي تمتص نبضهم وعرقهم، يعني قتل حياة وفراقاً للأرض. والأرض في جبال السروات محدودة، فكيف إذا قُضي على المساحات الصغيرة الصالحة للزراعة، ببناء بيوت الأسمنت المنتشرة في الحقول. وقد رمز عبد العزيز لكل هذه النماذج وتأملها، نماذج فقيه القرية ومعلمها ورجل الدولة ومواطنها، نماذج نجدها يومياً في حياتنا، إنه يحيل الواقع إلى صورة تجعلنا ننفعل بها. صالحة شخصية أرمله مات زوجها وما زال (أحمد) في بطنها لم يخرج إلى الحياة، وقد سبقته إلى الحياة أخته (سعيدة). وتأملوا رمزية الأسماء ودلالاتها. واجهت الطامعين في ذاتها ومحنة الحياة وموت زوجها. لكنها الآن تواجه ما هو أخطر وما لا تحتمله ويهدد باقتلاعها.. إن أبشع ما يتأمله الفنان، حينما يجد أن صور الفساد والانتهازية تتجسد في رموز المجتمع، فالدركتر بسكينه الحادة جبروت، يكفي سماع صوته الذي يرج الأسماع ويهدم الضلوع، وشخوص الرواية رموز فساد لسرقة الأرض وانتهاك الحقوق. فالمرآة الجنوبية لها خصوصية في الإرث،
وليس غريباً أن تتداول مفردة (حق أبي). وخلقت هذه الخصوصية إشكالية مجتمعية متراكمة.
وهنا نفتح نافذة ضوء لصورة عبد العزيز الفلكلورية، ولصوت (صالحة) الممزوجة خصوصيتها بالأرض، تواجه رموز الفساد الجدد، يتشكلون في عباءة البيروقراطية والمصالح من وجهاء مجتمع وتجار وموظفين في قطاعات حكومية، يأتي الدركتر كصورة واضحة لنهاية الصورة والمعاناة.
واقع ليس بغريب على العين، وما جعل الصورة تتداعى، وتحضر (صالحة) مجللة بالبياض وروح عبد العزيز المبدعة. قراءة دراسة تتأمل وتحلل أسباب التعديات على الأرضي في المملكة، وتساءل بلدياتها الذين لن يكونوا وحدهم، وقد بدأت بالمنطقة الجنوبية فتكشفت وجوه كثيرة تحتاج إلى أكثر من صالحة، وما خفي أعظم.
/
/
نقلا عن الروائي احمد الدويحي

.................................................. .................................................. .....................




اما عن كاتبها...... عبد العزيز صالح مشري الغامدي



عبد العزيز صالح مشري الغامدي
الذي ينحدر من قبيلة بني عبدالله ومن قرية محضرة
علم من أعلام المنطقة وكتابها الكبار الذين
رحلوا عن الدنيا ولا زال إبداعهم متواصل إلى يومنا
سبحان الله فقد كان يدون كتاباته وهو على فراش الموت ينتظر مصيره

رغم وفاته عام 2000م
إلا أنه تم تكريمه كأفضل روائي وكاتب عربي عام 2008م
بالمغرب


 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 09-16-2010, 04:58 PM   رقم المشاركة : 2

 

.

*****

رحم الله عبد العزيز مشري رحمة الأبرار وعوضه في حياته الجنه

شكرا للأخت سمن وعسل على تقديم هذه النافذة عن المرحوم

تحياتي وتقديري

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 09-16-2010, 05:17 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية محمد سعد دوبح
 
إحصائية العضو

مزاجي:










محمد سعد دوبح غير متواجد حالياً

آخـر مواضيعي


ذكر

التوقيت

إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
محمد سعد دوبح is on a distinguished road


 

رحم الله عبد العزيز مشري رحمة الأبرار وعوضه في حياته الجنه

شكرا للأخت سمن وعسل على تقديم هذه النافذة عن المرحوم

تحياتي وتقديري تقبلي مروري ودمتي بود 0

 

 
























التوقيع

اللهم اغفرلي ولوالدي

   

رد مع اقتباس
قديم 09-16-2010, 11:57 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية أبوناهل
 
إحصائية العضو











أبوناهل غير متواجد حالياً

آخـر مواضيعي


ذكر

التوقيت

إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 12
أبوناهل is on a distinguished road


 


فعلاً يبقى عبدالعزيز أو (عزوز) رحمه الله
على رأي شقيقه أحمد حفظه الله أحد الرموز الثقافية
في البلاد العربية كمبدع وروائي مميز .
وجمال عبدالعزيز في إنسانيته العميقة الجذور والإرتباط بالأرض ومن عليها
وفي قلمه المبدع الذي سخره لخدمة الإنسان ... من السهل أن تكون مثقف
ولكن من الصعب جداً أن تكون إنسان بل ومبدع وعبدالعزيز رحمه الله جمع
كل هذا وماكتبه عنه الروائي - أحمد الدويحي - غيض من فيض لاعدمناه .
........ سمن وعسل دام هذا التميز ولاعدمناك ........

 

 
























التوقيع



   

رد مع اقتباس
قديم 09-17-2010, 12:34 PM   رقم المشاركة : 5

 

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحيم بن قسقس مشاهدة المشاركة
.


*****

رحم الله عبد العزيز مشري رحمة الأبرار وعوضه في حياته الجنه

شكرا للأخت سمن وعسل على تقديم هذه النافذة عن المرحوم

تحياتي وتقديري


*****





رحم الله عبد العزيز مشري رحمة الأبرار وعوضه في حياته الجنه

والشكر موصول لقارئي هذه النافذة

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 09-17-2010, 12:38 PM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية سمن وعسل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 14
سمن وعسل is on a distinguished road


 

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد سعد دوبح مشاهدة المشاركة
رحم الله عبد العزيز مشري رحمة الأبرار وعوضه في حياته الجنه
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد سعد دوبح مشاهدة المشاركة

شكرا للأخت سمن وعسل على تقديم هذه النافذة عن المرحوم

تحياتي وتقديري تقبلي مروري ودمتي بود 0



..........اخي الكريم.......


...دمت متألقا بإطلالاتك ومرورك الداعم..



 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 09-17-2010, 12:46 PM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية سمن وعسل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 14
سمن وعسل is on a distinguished road


 

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوناهل مشاهدة المشاركة
فعلاً يبقى عبدالعزيز أو (عزوز) رحمه الله
على رأي شقيقه أحمد حفظه الله أحد الرموز الثقافية
في البلاد العربية كمبدع وروائي مميز .
وجمال عبدالعزيز في إنسانيته العميقة الجذور والإرتباط بالأرض ومن عليها
وفي قلمه المبدع الذي سخره لخدمة الإنسان ... من السهل أن تكون مثقف
ولكن من الصعب جداً أن تكون إنسان بل ومبدع وعبدالعزيز رحمه الله جمع
كل هذا وماكتبه عنه الروائي - أحمد الدويحي - غيض من فيض لاعدمناه .
........ سمن وعسل دام هذا التميز ولاعدمناك ........


عبدالعزيز صالح محمد مشري الغامدي


ولد رحمه الله في قرية محضرة بالباحة عام 1374 هـ . وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي بها .
ـ تفرغ للقراءة الذاتية والرسم والكتابة الإبداعية مبكراً ؛ حيث أعاقته ظروفه الصحية عن استكمال دراسته أو الانتظام في عمل وظيفي .
ـ عمل محرراً ثقافياً في ملحق المربد الدي كانت تصدره جريدة اليوم .
ـ شارك في بعض المنتديات والمهرجانات الأدبية داخل المملكة العربية السعودية وخارجها .
ـ أسهم في كتابة المقالة الصحفية عبر زاويته " تلويحة " في أكثر من صحيفة سعودية ، كان آخرها صحيفة الجزيرة وعبر ملحقها الثقافي .
ـ أقام له النادي الأدبي بجدة حفلاً تكريمياً تخللته مناقشات عديدة ومداخلات أدبية حول تجربة الكاتب القصصية والروائية وريادته في الفنين .
ـ أصدرت صحيفة الجزيرة ملحقاً ثقافياً خاصاً بإبداع وأدب مشري ، وقدمت مؤسسة الجزيرة الصحفية درعها تكريماً لجهد المشري في الأدب السعودي .
ـ أقام فرع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالباحة ـ مسقط رأس الكاتب ـ حفلاً تكريمياً آخر إحتفاءً بتجربته الرائدة ، ومساره الإبداعي المتميز ، وكفاحه الإنساني العظيم .
ـ قام الشاعر والروائي علي الدميني الصديق الأوفى لمشري بجمع ما كتب عن المشري من دراسات نقدية ومتابعات وشهادات وأصدرها في كتاب حمل عنوان " ابن السـروي وذاكرة القرى " ، وظهر متزامناً مع حفل تكريمه في الباحة .
ـ كان رحمه الله أبرز من كتب عن طبيعة الحياة في القرية الجنوبية ؛ حيث نقل عبر تجربتيه الروائية والقصصية منظومة العادات والقيم والمكونات الحضارية لهذه القرية في أعماله . كما استوحى طبيعة إنسانها ومزاجه وحسه الإنساني .
ـ كانت تجربة المرض واضحة في إبداع مشري ؛ حيث استمدها كمقوم إبداعي فنقل عبرها أدق تفاصيل الإحساس الإنساني ساعة المرض بتلك الشفافية المتناهية ، والوصف الإنساني الواقعي المنتقى ، والحساسية الاستثنائية .
ـ بلغت إرادته الأسطورية في مواجهة المرض حداً كان مثار إعجاب وإكبار الآخرين ؛ إذ ظل يكتب رحمه الله حتى اللحظات الأخيرة من حياته .
يقول الدكتور معجب الزهراني معلقاً على هذا الجانب بالذات :
" مرت بي فترة وأنا عاجز تماماً عن أن أرى عبدالعزيز أو أن أقرأ أو أسمع شيئاً عنه ؛ كنت أضعف بكثير من ألمي ، وأقوى بكثير من أية مثابرة لإخفائه أو التصريح به . كنت أثمّن كل ما يكتب عنه وإليه ، وهو في ذروة جديدة من ذرى معاناته المتصلة اتصال إبداعه وحضوره ،لكنني لم أستطع المشاركة في هذا النوع من الكتابة ؛ لأن لعبدالعزيز عندي صورة تختلف كلياً عن عبدالعزيز الذي يكتب عنه الآخرون ؛ لم أستطع أبداً الفصل بين الكائن والكاتب فيه ، ولا بين النص والشخص المشري ؛ كلاهما من الألفة التي لا يمكن استحضار إحدهما دون الآخر ، ومن المحال استحضارها خارج فضاء الحياة الخفيفة المرحة البسيطة العميقة التي تحفل بها كتاباته "
ـ كان صديقه ورفيق دربه علي الدميني من أبرز من احتفى بتجربته وعني بإنتاجه كائناً وكاتباُ ، وكان من أبرز نصوصه الشعرية التي كتبها له " قصيدة لذاكرة القرى " :
" مثلما سيطل الغريب على محضره
سيطل ابن مشري على نفسه
في البيوت التي نبتت من عروق الجبال
وسيسألها عن فتى ذاهب لحقول البدايات
حيث تسيل ورود الطفولة
فوق عيون الحصى
مثلما تتنامى على شجرة
وسيبسط كفيه قرب المساء
لتأوي إليه العصافير
من غابة اللوز ، والطلح ، والعنب الفارسي
والرعيني كما تهطل المغفرة "
ـ كان إبداع مشري موضوعاً لدراسات نقدية عديدة ؛ حيث تناول إنجازه القصصي والروائي باعتباره ملمحاً مستقلاً في مسارالإبداع السردي في المملكة .
وقد تناول أدبه بالدراسة الناقد الدكتور محمد صالح الشنطي ، والدكتور معجب الزهراني ، والدكتور حسن النعمي ، والدكتور يوسف نوفل ، والأستاذ عابد خزندار ، والأستاذ أحمد بوقري والأستاذ حسين بافقيه ، والأستاذ معجب العدواني ، والأستاذ عبد الحفيظ الشمري ، والأستاذأحمد سماحة ، والأستاذة فوزية أبو خالد ، والأستاذ حسن السبع ، والأستاذ فايز أبا ، وقد تناولت الدكتورة كوثر القاضي بعض أعماله القصصية في أطروحتها للدكتوراة حيث أعتبرته أحد أعمدة التحديث في الشكل والمضمون في القصة القصيرة ؛ حيث تعد مجموعته القصصية الأولى " موت على الماء " من أوائل المجموعات القصصية بالمملكة التي أسست للغة الشعرية العالية ؛ فقد استثمر كثيراً من تقنيات كتابة النص القصصي بدءاً بالكلمة المنحوته بطريقة خاصة به ، إلى التكرار الإيقاعي ، إلى اللعب الحاذق بلعبة التقديم والتأخير التي تعتمد على موروث الحكي الشفاهي ، إلى غير ذلك من تقنيات أثبتتها الدراسة .
ـ لم يتوقف إبداع مشري عند أدب القصة بنوعيه ؛ فقد امتلك رحمه الله موهبة جميلة في الفن التشكيلي ؛ وقد قام بتنفيذ الرسوم الداخلية للمجموعة الشعرية الأولى للشاعرة فوزية أبو خالد
" إلى متى يختطفونك ليلة العرس " وبعض أغلفة مجموعاته القصصية ورسوماتها الداخلية .
ـ تميز رحمه الله بغزارة الإنتاج وتنوع الاهتمامات حيث صدرت له الأعمال التالية :
1. باقة من أدب العرب " وهو عبارة عن مختارات تأسيسية من نصوص التراث العربي "
2. المجموعات القصصية التالية : " موت على الماء ، أسفار السروي ، بوح السنابل ، الزهور تبحث عن آنية ، أحوال الديار ، جاردينيا تتثاءب في النافذة "
3. الروايات التالية : " الوسمية ، الغيوم ومنابت الشجر ، ريح الكادي ، الحصون ، في عشق حتّى ، صالحة "
4. " مكاشفات السيف والوردة " وهو كتاب يضم سيرته الإبداعية والثقافية .
5. ترك رحمه الله المخطوطات التالية : " رواية بعنوان " المغزول " ، " القصة القصيرة في المملكة " وتتضمن بعض مشاهداته وتأملاته عنها ، نصوص شعرية بعنوان : " ترنيمة " .
6. ترك عدداً كبيراً من اللوحات الزيتيه والرسومات المخطوطة بالحبر . ويطمح أصدقاؤه إلى طباعتها وجمعها في كتاب .
ـ أصيب بمرض السكري وأدت مضاعفات المرض والعلاج مع مرور الزمن إلى التأثير على البصر ، واختلال توازن حركة المشي ، والفشل الكلوي ، واضطراره لغسيل الدم ( الديلزة ) ، وكذلك تعرضه لضغط الدم .
ـ أجريت له عملية لزراعة الكلى بمستشفى الملك فهد بجدة في النصف الأول من عام 1993 م وقد تكللت بالنجاح ، وساعده ذلك على التألق والإبداع في السنوات الست الأخيرة من عمره ، ولكن الغرغرينا بدأت تغزو أطرافه فتم بتر إصبع من يده اليسرى ، ثم بترت القدم اليمنى ، ثم بترت الساق اليسرى كاملة .
ـ توفي رحمه الله تعالى بمستشفى الملك فهد بجدة في يوم الأحد الساعة السادسة إلا ربع مساءً بتاريخ 7/5/2000 م . وكان إلى جواره أخيه المخلص " سادن الذكريات " أحمد مشري ، وصديقه الوفي سعد الدوسري .
وقد ووري جثمانه الثرى في مقبرة الفيصلية بجدة ، ويقع قبره في الجهة الشرقية من المقبرة على مسافة أربعة أمتار من الجدار الشرقي وثمانية أمتار من الجدار الشمالي .
وأخيراً لقد كان عبدالعزيز مشري يستحق تكريماً أكبر من التكريم الذي ناله في حياته ، وأجدني هنا أكرر ما قاله صديقه الحميم الأستاذ علي الدميني :
" لقد كان عبدالعزيز يستحق التكريم ولكننا كنا نخشى أن يبدو تكريمه مبكراً ـ حيث لم يكمل الخامسة والأربعين من عمره عند وفاته رحمه الله "
إننا نرفع أكف الضراعة الآن ـ بعد أن مات مشري وهو في شرخ الشباب ـ لله رب العالمين أن يمد بأعمار أصدقائه و محبيه ليستكملوا المشروع الذي بدأوه لإعادة طباعة كل نتاجه الإبداعي مرة أخرى ؛ فقد صدر حتى الآن ـ على حد علمي ـ الجزء الأول من الأعمال الكاملة ، ويضم مجموعاته القصصية ، كما صدرت في بيروت رواية" المغزول " ، وبانتظار الجزء الثاني للأعمال الكاملة الذي سيضم رواياته ، وقد يكون الآن قيد الطبع ..



الفاضل ..ابو ناهل..


التميز بمروركم واراؤكم وتعليقاتكم

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 09-18-2010, 07:11 PM   رقم المشاركة : 8

 

رحم الله عبد العزيز مشري رحمة الأبرار وعوضه في حياته الجنه

نحن نفتقد إلى مثل هذه القصص الروائية رغم أن بعض الأعضاء لديهم القدرة على الكتابه فلماذا يبخلون علينا ..

شكراً لك

 

 
























التوقيع

مدّيت له قلبي وروّح وخلاه
الظاهر إنه ماعرف وش عطيته

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:06 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir