القصة التالية أوردها الأخ نائف بن عوضة في منتدى قريته ... كتبها نيابة عنه اخي ( الرحباني الشمالي ) قرأتها وتجاوبت معي مشاعرها وآلامها
وعز علي أن تكون في ركن قصي .. تدفن بمرور صفحات عليها
وهي تتحدث عن شعاب .. ومساكن .. وأناس من صلب وادينا ...أناس لهم بصمات وذكرى في قلوبنا
كتبت ردا ... وتأملته ... فإذا هو رد طويل بسطوره ... وعز علي أن تطويه الصفحات
فأحببت أن أثقل عليكم بمشاعري .. وأنقل الرد كموضوع مستقل هنا
من أحب هذا اللون من ( الحكي ) فالحمد لله ... ومن كان لا يهواه
( فالهوى .. هوايا ) أنتم رحبتم وتحملوا ما يجيكم من رحبان
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الرحباني الشمالي
قصــــة من الــــواقــــع
بين عام 1375هـ وعام 1376هـ كنت بين السنة الخامسة والسادسة الابتدائي في
عرا وكنت إلى جانب دراستي بالنهار أدرس بالليل في نفس المدرسة مستأنسا بوجود
الوالد والزميل في الدراسة /علي دغسان أبو عالي طالبا بالمدرسة الليلية والأخ
الأستاذ/سعيد أبو عالي
مدرسا بها..
وفي أحد الليالي سبقتهم بالوصول إلى المدرسة معتقدا أنهم لن يتخلفوا عن الحضور ولكن وقع
مالم يكن بالحسبان حيث حل الشيخ عيد المسبي ضيفا على العزيز /علي دغسان الذي يجل عيد
ويقدره الأمر الذي أرغمه وسعيد أبو عالي على عدم الحضور في المدرسة وكنت في الفصل أترقب
وأتحسس حضورهم لأنني أخاف (المســـــــرى) ليلا لما غرسه الأهل في الأذهان من وجود (الجــن)
في أماكن معينه في الطريق بين قرية عرا والوادي بالإضافة إلى السباع والوحوش الضارية وعدم
وجود إضاءة كافية في البيوت والقرى وانعدامه في الطرق ولم يكن معي كشاف الذي لم يكن متاح
إلا للموسرين وعند وقت الانصراف في المدرسة تقريبا الساعة التاسعة ليلا منعتني عزت نفسي
وكبريائي من التجاوب مع من حاولوا منعي من (المسرى) خوفا أن أتهم بالجبن والخوف لذا قررت
أن أسري بمفردي بدون وسيلة الإضاءة أو عصا وعند خروجي من قرية عرا اشتدت بي الحيرة أي
طريق أسلك ؟؟!!.. فهناك طريق يسمى ألشطبه والندرة وهو محاط بالجبال والغابات ، وطريق آخر
مكشوف ولكنه مشهور بوجود (الجن) في كل جوانبه ويسمى (سُليسِله) و(السِر) لذا وقد قررت أن
أسير في الطريق الثاني (سُليسِله) لأنه مكشوف والقرى على جوانبه متسلحاً بما أحفظه من سورٍ
للقرآن مستأنساً بها وقد كانت تحذيرات الأهل عدم الالتفات إلى الخلف وإن حسيت بأي (حذف)
في المسرى ليلا ..يقولون إذا ألتفت إلى الوراء صرعتك الجن وسرت مستعيناً بالله إلا أن الخوف
الذي بداخلي يصور لي أن حركة كل شجرة والحصى التي تنبعث من حذائي(الزنوبه) يصور لي
أنها جن أستمريت حتى وصلت في آخر (سُليسِله)وأخذت الطريق الأيمن الذي يؤدي إلى قرية المردد
لعلي أنطلق منها عبر الحمى (البحري) إلى الوادي ولكني فوجئت بكلب محمد مخْرب رحمه الله عندما
لمحني (نبح فيه) وبدون شعور من الخوف نبحت معه فخرج الوالد محمد مخْرب رحمه الله وقال: من
ساري الليل؟؟! ..فأطمأنيت ,, فقلت :أنا يا خال نايف ولد حميده لأن أمي كانت معروفه ومحل شفقه
واحترام من الجميع فعزم علي (بدغبوس سفري بدون مرقه) لأني رفضت الدخول للعشاء عندهم أخذت
الدغبوس وسكَنت به روعتي وأدفئت به معدتي وأتجهت للحمى البحري ونزلت حوزت (الزبير)وفوجئت
بأحمد الزبير يرحمه الله يقف على حائط الطريق ليرى من الساري خوفا ألايكون حرامي وقبل أن أصل
إليه صآآآآآح بي وقال:من أنت؟؟!! ..قلت: أنا نايف ولد عوضه ياخال ..قال:أيش جابك ؟؟وفين رايح ؟؟!
قلت: أنا جاي من عرا لأني أدرس بالليل وبأروح لأمي حينها أصبغ عليه من عبارات الثناء والتشجيع
وقال:أنتظر ..ثم أنتظرت قليلا فجائني (بكسرة تمر) ومرسم أبوتمساح وفرخ ورق وقال:هذه مكافأة لك
على شجاعتك ومسراك لحالك ودراستك بالليل وأنت تدرس بالنهار ثم أخذت المكافأة وأتجهت إلى أمي
في بيت البكري التي كانت على أحر من الجمر بسبب تـأخري .....
هذه القصة لاشك أن الأخ الدكتور الصديق /سعيد أبو عالي . يذكرها ، وأنا ذكرتها لكم ليعلم الجميع حجم
المعاناة في ذلك الوقت وليعلم الشباب الفارق بين المتعلمين ومايتمتع به جيل الأباء والأجداد من صفات
خلدتهم في ذاكرة الزمن...
|
* * *
كل المعلومات التى وردت تعتبر مخزون ثقافي مميز
إلا أن القصة الأولى ( مسرى الليل ) هي بلا شك تجربة قاسية وصبر ومعاناة ومغامرة وشجاعة
والأهم من هذا أولئك الرجال ( الأفذاذ ) ( الكرماء ) عز عليهم مرور هذا الطفل ( الأشبه باليتيم ) وكل منهم جاد عليه بما لديه :
1- واحد .. أعطاه (همبرجر ذلك الزمان ) وقد يكون جزءا من عشاء عياله لكن نفسه ماهانت عليه أن يمرعليه هذا الفتى العابر بدون جبرخاطر
وكانت الهدية : ( دغبوس ) ياسلام يارقالة عل .. هدية الحلوة .... والا رأيك إيه يا : (علي أكبر محمد شودري)
2- الثاني وهو المقتدر المتعلم أعطى بما يرى أنه مناسب للحدث ( طالب العلم ) ومن ضمن الهدية : فرخ ورق .. لا ليشخبط فيه ويرميه
بل لوقت حاجته .. وسيأتي اليوم الذي يكتب فيه رسالة لخاله أوأحد محبيه
* * *
أما والدتي .. ( أم نائف).... التى أرضعت إخوتي الكبار ... فقد كنت أذهب أليها في الفسحة المدرسية وسكنها في ( بيت البكرى ) بجوار المدرسة .. لكي أشرب الماء
وأحيانا كثيرة أجد ( طاسة حقينة ) .... يعنى : لبن يا شباب ..... كان البيت كله ( أوضه واحدة ... للسكن والمطبخ ... والبأرة .. واللبن )
أما لماذا ينساق بي الدرب إلى هذا البيت دون غيره ... وبدون توصية مسبقة ...فهو شعور داخلي بالأمومة لكثرة ماتردده والدتي
عنها وعن أخبارها وآلامها وصبرها رحمة الله عليهن جميعا
لقد أمتعتنا يابو صالح ... بهذه الدرر من الذكريات الحلوة والمرة
ومما يزيدنا ألما _كثير من شباب اليوم _ ممن لا يتحملون أدنى مسئولية ولاإحساس ... إلا من هدى الله
كيف لي أن أصدق وأشاهد شبابا بالعشرات يسهرون حتى التاسعة صباحا ... وهم في لهو ... وقرقرة جوالات ... وقلة خاتمة
كيف أقارنها بجزء يسير من مغامرة الأخ ( نائف )في طفولته مع هذه المشاهد
الواحد محتاج لتبلد إحساس حتى تعدي على خير
( ولما رأيت الجهل في القوم فاشيا ................... تجاهلت حتى ظن أني جاهل)
*** ( ها شاء تردون ... والا باقي .. زأأ لا نين ... ما ألي .. منكن ... بيتكن .. في أم حصون )
وسلامتكم