قبل اسبوع كانت علي صفحات الساحة موضوع لـ خوي وعزيزي محمد سعد دوبح (ابو خالد) آثار الجدل بسبب احتواءه علي عبارة علي عوض قامت الادارة بحجب هذا الموضوع ورفعه.
فما هو معني عبارة علي عوض؟
ومن اين جاءت؟
وماهو اصل العبارة؟
ولماذا تستعمل في سباب المصاري دون غيرهم؟
قبل مائة عام او يزيد في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي وعلي امداد القرن التاسع عشر الي بداية الخمسنيات منه لم يكن هناك من وسائل انتقال للبشر والبضائع في المدن المصرية وخاصة القاهرة سوي الحنطور والعربة الكارو.
والحنطور وهو بالطاء وليس بالكاف – كحنكور خوي بن ناصر في رحلة الموز – عبارة عن عربة من الحديد والخشب والجلد يجرها حصان او حصانين وفي الغالب لا يتسع الا لثلاث ركاب فقط وكان يستعمله الموسرين من المصاري.
وكلاسيكيات افلام السينما المصرية حافلة بالحناطير ( جمع حنطور) غير ان اشهر حنطور هو الحنطور الذي صدم زوجة سي السيد في فيلم بين القصرين. وقد كانت للحنطور اغنية مشهورة لسيد مصطفي وشافية احمد وكارم محمود بعنوان الجوز الخيل والعربية يتذكرها من كان يستمع صوت العرب في السبعينيات.
والوسيلة الثانية وكانت تستعمل لشحن البضائع هي العربة الكارو. وهي عبارة عن عربة من الخشب 2 او 4 سلندر (عجلتين أو اربع) يجرها حمار, وكان يستعملها الطبقات الفقيرة في الانتقال من مكان الي آخر لرخص سعرها عن الحنطور, ولإمكانية تحميلها بعدد كبير من البشر يمكن ان يصل الي عشرة.
وكان يقود هذه العربة (الكارو) رجل في الغالب رث الثياب اشعث غاضب دائما في طلعته يطلق عليه عربجي
وكلمة عربجي هذه من مقطعين الاول عرب ويعني العربة , والثاني جي وهي تعني صاحب مهنة او قائد أو صنعة وهي تركية الأصل ومنها المكوجي (من يقوم بالمكوه) والجزمجي (صانع الاحذية).
ولأن مهنة العربجي كانت مهنة منبوذة اجتماعيا لا يمارسها غير الطبقات الفقيرة جدا رغم حاجة المجتمع لها كان يستعملها المصاري في السباب لمن يريدون التحقير منه واهانته لما للعربجي من هيئة وشكل واحتقار.
وكان علي عوض واحدا من هؤلاء العربجية و استطاع ان يكون اسطولا من العربات الكارو حتي انه صار شيخا لهذه الصنعة في ثلاثينيات القرن الميلادي الماضي.
وكان لابد من اي عربجي ان يتتلمذ علي يديه ليعلمه فنون (الشيه والحا والهس) قبل ان يعطيه عربة وحمار ليعمل عليه مقابل أجر زهيد بالكاد يقتاد مه .
والشيه والحا والهس هي الكلمات التي يتعامل بها العربجي مع حمار عربته وهي كلمات فرعونية . شيه بمعني امشي, والحا بمعني حمار, وهس بمعني اقف.
وكان علي عوض مشهور بشخصيته القوية وعدوانيته الشديد في التعامل مع العربجية المنتسبين لمدرسته طلبا لعلمه ومعرفته من اجل العمل لديه لذلك لم يكن الأمر يخلو من الضرب والإهانة للعربجي المتدرب الجديد لديه. ومن هنا كانت بداية تسمية علي عوض للعربجي من باب الشماته فيه وتذكيره بالإهانة التي تعرض لها علي يدي شيخ الصنعة قبل ان يستقل بعربة وحمار.
وبدأ المصاري في استبدال كلمة عربجي بعبارة علي عوض في سبابهم وتلاسنهم.
والي بداية سبعينيات القرن الميلادي الماضي كان مشهدا مألوفا في شوارع القاهرة التي كانت تستوعب المركبات والمارة وعربات الكارو في ذلك الوقت, كان يتجمع عدد من الصبية ليطاردو العربجي بهتافاتهم : علي عوض .. علي عوض
ليشتاط العربجي غصبا ويترك عربته في نهر الطريق ليمسك ثوبه المهلهل في يد واليد الآخري يمسك بها الععصي التي يقود بها الحمار ويعدو في تعقب هؤلاء الصبية لعله يستطيع الإمساك بأحدهم ليفرغ فيه جماح غضبه لكنه في الغالب يفشل لأن الصبية يختفون بسيقانهم المتسارعة داخل الحواري والأزقة.
وقد غاب العربجي بعربته الكارو وغاب حماره عن شوارع القاهرة منذ اكثر من اربعين سنة لكن بقيت جملة علي عوض باقية ليس داخل مصر بل عبرت الحدود.
ولأن علي عوض والتي تعني عربجي وهي مهنة شريفة لا شماتة فيها ولا معايرة, بعض المصاري خاصة من كبار السن لا تحدث بهم اية علامات غضب او استفزاز لأنهم يعلمون معناها جيدا وليس فيها مايغضب او يعصب.
اما عن السرد التاريخي لأنتقال هذه الجملة الي السعودية واستعمالها في معايرة المصاري وسبابهم فقد اخبرني في ذلك احد الاطباء السعوديين الذين حصلوا علي شهادة الطب من مصر قبل 50 سنة :
ان الدارسين السعوديين في مصر هم الذين حملوا هذه العبارة من مصر الي السعودية وشاع تداولها واستعمالها.