الغنيمة الثامنة 
الزيادة الفريدة
يقول الله - عز وجل - : 
{ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } ، 
وقد ورد في تفسير للآية من قول المصطفى – صلى الله عليه وسلم - حيث جاء :
 " إنها نعمة ما بعدها من نعمة،
 إنه إكرام لمن فاز بالجنان بمزية رؤية الرحمن - سبحانه وتعالى –
 { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } .
إن من ثمار صلاة الفجر الظفر بهذه الرؤية التي هي أعظم من كل أجر ،
 وفي ذلك جاء حديث جرير بن عبد الله البجلي – رضي الله عنه – قال : 
كنا عند النبي – صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال : 
( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ، لا تُضامون في رؤيته ؛ 
فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ، وقبل غروبها فافعلوا ) .
 [متفق عليه] .
الله أكبر رؤية الباري جل جلاله ، يوم يأذن بذلك للمؤمنين يوم القيامة،
 من أسبابها الميسرة، وأبوابها المشرعة صلاة الفجر ،
 والربط في الحديث ظاهر وإليك البيان،
 فالمصطفى – صلى الله عليه وسلم -  يخبر أن المؤمنين سيرون ربهم ،
 ثم يزيد ذلك توكيداً من خلال بيانه أنها رؤية واضحة كاملة كوضوح رؤيتهم للقمر ليلة البدر ،
 ويزيد في التوكيد بقوله : ( لا تضامون في رؤيته )
 أي لا يلحقكم ضيم ولا مشقة في رؤيته ؛ فإنها تكون سهلة وواضحة ، 
وبعد ذلك يحث المؤمنين بالحرص والمبادرة على أداء الصلاة قبل طلوع الشمس - والمراد صلاة الفجر - ،
 وكذلك الصلاة قبل غروب الشمس - والمراد صلاة العصر - ،
 وقوله : ( إن استطعتم أن لا تغلبوا ) 
إشارة إلى وجود مثبطات وعوائق تقعد المسلم عن تلك الصلوات ،
 فدعاه رسول الهدى – صلى الله عليه وسلم - أن يغالب تلك العوائق وأن لا يسمح لها أن تغلبه ،
 ومراد المصطفى – صلى الله عليه وسلم - بذكر هاتين الصلاتين بعد الرؤية ،
 الدلالة على أنهما مما يكون سبباً في حصول المؤمن للرؤية واستحقاقه لها .
قال ابن حجر - رحمه الله تعالى - :
 " وجه مناسبة ذكر هاتين الصلاتين عند ذكر الرؤية ،
 أن الصلاة أفضل الطاعات ، وقد ثبت لهاتين الصلاتين الفضل بالنسبة إلى غيرهما ،
 ذكر من اجتماع الملائكة ورفع الأعمال وغير ذلك 
فهما أفضل الصلوات فناسب أن يجاز المحافظ عليهما بأفضل العطايا وهو النظر إلى الله تعالى " .
تأمل عظمة هذه النعمة فيما رواه مسلم من حديث صهيب الرومي
 أن المصطفى – صلى الله عليه وسلم – قال : 
( إذا دخل أهل الجنة الجنة ، يقول الله - تبارك وتعالى - : تريدون شيئاً أزيدكم ؟
 قالوا : ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار ؟ 
قال: فيكشف الحجاب ، 
فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى وجه ربهم تبارك وتعالى ) .
 أما تعلم أن من دعاء النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم - : 
( اللهم إني أسألك برد العيش بعد الموت ، 
وأسألك لذة النظر إلى وجهك ،
 وأسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة )
 [صحيح ابن حبان] .