بسم الله الرحمن الرحيم
..... الآن ستسمع قصتى
قلت
..... كلى آذان صاغية
..... منذ سنوات كنت ملكا لهذه الغابة التى نجلس على أطرافها الآن
..... ملكا لهذه الغابة ؟
.... نعم يا صديقى فقد كنت فى شبابى نائبا لأسد كبير ذو حكمة وقوة ، وكان على حدود الغابة جبل تأوى إليه ضباع ضرب بها المثل فى الخسة والوقاحة والظلم والبغى ، كانت هذه الضباع تهاجم أطراف الغابة فتغتال من سكانها وتنهب من خيراتها حتى إستوطنت جزءا من غابتنا
..... وماذا حدث بعد ذلك
..... قرر الأسد الملك أن يطهر الغابة من نجس الضباع فوضع خطة محكمة وقاد هجوما كاسحا كنت فيه ساعده الأيمن فتحقق النصر وولت الضباع الأدبار
..... عجبا !! إذا فتاريخك بدأ بالعز والفخار
.... نعم ولذا أصبحت ملك الغابة بعد رحيل الأسد الملك
..... وكيف وصل بك الحال إلى ما أنت عليه الآن
..... فى يوم من الأيام كنت أجول الغابة لصيد طعام لى ولأسرتى عندما شاهدت عددا من الرجال يركبون مركبة غريبة إقتربوا منى وألقوا أمامى غزالة كاملة ثم مضوا و أنا أزأر زأيرا يصم الآذان
..... أمر عجيب
..... تكرر الأمر أياما طويله ، تركت الصيد وأصبحت أنتظر ما يجود به هؤلاء الرجال يوميا دون كد أو عناء ، اصبحت أنتظرهم وما أنا أراهم حتى أهز ذيلى مرحبا بهم فى سعادة وحبور
..... تهز ذيلك؟!
..... نعم فلم يصبح من اللائق أن أزأر بوجه هؤلاء الصحب الكرام
..... وماذا حدث بعد ذلك
..... فى يوم حضر الرجال فى موعدهم فأقتربت منهم بإنتظار طعامى ولكننى أحسست وخزة غريبة فى فخذى ثم تموجت أمامى الصور ولم أدر بشئ مما يحدث
..... لابد أنهم أطلقوا عليك حقنة مخدرة لقد كان فخا من البداية
..... نعم إستيقظت لأجد نفسى فى قفص فى مكان غريب حاولت أن أزأر ولكننى إكتشفت أننى قد نسيت كيف يكون الزئير والغريب أننى وجدت صوتا شبيها جدا بأصواتهم بل أننى وجدت لسانى ينطق بما يريدون ونسيت تماما لغة الأسود
..... يا للفظاعة وكيف تحملت هذا ؟
..... لم يكن لى من حيلة فقد أصبح إطعامى يرتبط بتنفيذ ما يريدون
..... هذا غريب ، هناك مئات الأسود الذين يعيشون فى سيرك ولكنهم لايزالون أسودا متوحشة
..... لم يكونوا يرديدون أسدا يزأر أو يخيف رواد السيرك بل كانوا يريدون أسدا يأتى بما لم تأت به من قبله الأسود
..... وكيف ذلك
.... منعوا عنى الطعام لفتره حتى أستجبت لهم واصبحت أؤدى رقصة يومية بالسيرك
..... رقصه !!
..... نعم رقصة على أنغام الموسيقى
.... يا للبشاعه وكيف هانت عليك نفسك لقد كان الموت أكرم لك
.... إنه حب الطعام وحب القيادة
.... قياده ؟ أية قيادة ؟
..... لقد أحضروا عددا من الأسود الوليده وفصلوها عن الأسود الأخرى وجعلوها تشاهدنى أثناء أداء فقراتى الراقصة فأصبحت قائدهم ومعلمهم ونشأوا جميعا أسودا راقصة
..... يا لهول ما أرتكبت ، لم تلوث نفسك فقط ولم تغتال فطرتك لوحدك بل لوثت جيلا كاملا ووادت ما فطر عليه الأسود من العزة والقوة
..... هذا ما حدث
..... ولكننى لم أشهد فقرة راقصة لك
..... بمرور الزمن والتكرار سئم رواد السيرك فقرات الأسود الراقصة واصبحت غير ذات جدوى ، ولذا أصبح طعامنا مرتبطا بأن نركب أو يلتقط لنا صور مع هذا أو ذاك وأصبح المقابل قطعة شاورما أو بقايا قطعة هامبورجر
..... يا لها من نهاية ! صدقنى لم أمقت شيئا فى حياتى كما أمقتك
.... لى عندك طلب
.... ما هو
.... إتركنى أرجع للغابة فسأجمع الأسود حولى ونعيد للغابة عزها
.... مستحيل لن تستطيع ذلك أبدا لقد فقدت روحك وعزتك وأصبح الذل والهوان يسرى بك مسرى الدماء ، لن تقوم للأسود قائمة مادمت على وجه الأرض ، أنت تكسر نفوسهم وتطفئ جذوة سؤددهم بخنوعك وذلك وإنحناءك لعدوهم
.... ألا تمنحى فرصة ؟
.... سأمنحك فرصة لا تعوض
..... وما هى
....فرصتك لتكون شجاعا مرة واحده وتتخذ قرارا بالرحيل بنفسك
... الرحيل ؟
... نعم هذا أفضل لك .... صدقنى لقد مت قبل سنين
أطرق الأسد لبعض الوقت ثم نهض فجأة ورمقنى بنظرة حزينة كسيرة ، سار خطوات نحو النهر ، ثم أقتحمه بهدوء ، أخذ جسده يغوص رويدا رويدا ويختفى شيئا فشيئا ، إضطربت صفحة النهر قليلا ثم حل بها سكون تام .
أخذت أرقب مكان غيابه من صفحة النهر ، مرت لحظات قبل أن تظهر دائرة مضيئة صغيرة ، أخذت تتوالد لتتراقص فوق المياة دوائر تتسع وتتقارب ، إلتفت خلفى لأجد شعاعات من ضياء تمر من ظلام الأشجار الكثيفة فأيقنت أن صبحا جديدا...... قد أوشك أن يتنفس
تم
والحمد لله