عام الأول غديت أديس بالهوش في طفة نعاش
لن واحد من الثيران يعمل والأخر ينعشونه
قلت يا لعنبو تالعيشه دايم ويا من عاشها
ومشينا ومن مزحك وطول الطريق إلى عشا امشي
كودا إني وصلت أهلي وكودا وصلت عشاش راش
قالو أهلي هبوا للهوش هذي من العياش عيشه
قلت حيلوا بهوش الجن عني عساها ما تعيش
اندروها بلاد التهم ترعى وتاكل عشبها
هذه القصيدة لخرصان رحمه الله نادرة بكل المقاييس
أولا من الناحية التركيبية والموسيقية للقصيدة فإننا نجد إبداع منقطع النظير حيث صاغها خرصان بموسيقى حروف الشين والعين والياء_ إذا استثنينا الألف واللام _ حيث طغت على القصيدة وهي حروف فريدة فالعين حرف معاناة ينبع من أدنى منطقة في الحنجرة وقد اختاره الفراهيدي ليوسم به مؤلفه الفريد في العربية معجم العين فعندما نقرن الهمزة
بحروف الأبجدية تباعا نجد أن أعمقها العين مثل : أ ب أت أخ...أع أما الياء فهو حرف النداء والتمني والتوجد والمعاناة أيضا ولكي يخفف من قوة هذين الحرفين قرنهما خرصان في الغالب بحرف الشين وحرف الشين مختلف إنه حرف وشوشة حرف انتعاش حرف إنعاش حرف متقد ولذلك ( ولع ) خرصان به القصيدة وأشعلها فكأنه عقد من الألماس البراق وضعه خرصان في عنق كل بيت
وقد نجد في بعض البيوت عقدين أو ثلاثة حسب حظ البيت من القسمة وقد كان تكرار استخدام الحروف في القصيدة كالتالي:
ا 41
ل 23
ش 17
ي 17
ع 16
هـ 14
ن 13
ت 10
م 10
و 9
د 6
ر 5
ك 4
ح ط ق 3
س 2
ث ج خ ذ ز غ ف 1
ثانيا موضوع القصيدة وفية يعالج خرصان موضوعات مهمة وعزيزة على نفوس أبناء منطقتنا وخاصة الذين عاصروا معاناة المزارع مع الزراعة من حرث وصرام ودياس وسقي وغير ذلك وكذك يؤرخ خرصان لفترة مهمة من تأريخ المنطقة وهي فترة التنقل من السراة الى تهامة والعيش فترة من الزمن في الأصدار حيث الجو الدافيء والعشب الوافر والعكس صحيح ايضا حيث ينتقل التهمان الى السراة اذا اشتدت الفاقة والزمتهم الحاجة وقد سجلت هذه المرحلة أروع صور التلاحم والتكافل بين أبناء المنطقة عموما السروان والتهمان حيت كان التعاون سيد الموقف وكان التعاصب سلوك شائع بحيث يتعاون الشخص مع آخرين من قرى مختلفة بحث يشتركون في مقومات الزراعة من مواد وحيوانات ومن جهود بشرية .
معاناة خرصان مع هوشه ليست جديدة فنحن لا زلنا نذكر قصته مع الزراعة والعودة لها من جديد وقصة ثوره حبيش الذي طالت قرونه ولم تركب عليها المصلبه
أما انا عودت زراع واحب البلاد
اشتريت الثور والغرب واقربت العداد
هرجوني بالشويش
والزموا ثوري حبيش
ماتقر المصلبه غير باكسر قرونه
العيا في الرأس وإلا العيا فالجمجمه
أما معاناته في قصيدته مع السانية الجديدة فقد جعلنا خرصان نشعر ونحس بالمعاناة والتعب من كثرة المشي ومن عرقلة الثيران لسير العملية.
احترنا في نقطة انطلاق الرحلة هل انطلق خرصان بالهوش من الطويلة ام صعد بها من اصدار تهامه عبر مزحك فنعاش كما يعلم الجميع قرية تقع على الخط السياحي في منتصف الطريق بين مدينتي الباحة والمندق وتطل على تهامة وتتميز بجمال الطبيعة وكثافة الغابات مثل غابات الصار والشقان وشعب الطفة.
على اية حال القرينة خذلت خرصان فأحد الثيران معاق او مصاب، مما اضطره للعودة ويقول خرصان انه ضل يمشي من مزحك طوال النهار الى العشاء حتى وصل إلى عشاش راش وراش هو وادي يقع بتهامة تحت عقبة الباحة وتطل عليه أغلب الأصدار التي كان يلجأ لها ابناء السراة بأغنامهم وحلالهم وتطل على الوادي قرية ذي عين الشهيرة ويستمر الوادي حتى مدينة المخواة.
يختم خرصان رحمه الله رحمة واسعة القصيدة بحديثه الماتع مع أهله حول الهوش التي عكرت مزاجه وخبثت خاطره حيث طالبوه أهلة بإطعام الهوش من العياش والعياش أيضا قرية مجاورة لمدينة المخواة يسكنها قبائل من بني عمر زهران ولكن خرصان ينهرهم ويطالبهم بإندارها بلاد التهم ترعى عشبها ولعله قصد بالبلاد هنا المعنى القريب للبلاد وهو الركايب أو المزارع وليس منطقة تهامه إذا افترضنا انه موجود أصلا في تهامة.
وبعد.
هذه اجتهادات لقراءة نص عزيز على نفسي ولعل الصواب جانبها كثيرا ولكنه جهد المقل ومنكم العذر.