عرض مشاركة واحدة
قديم 07-03-2009, 09:37 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
علي بن حسن is on a distinguished road

ليلة سقوط صالح بن مخمر من على أكتاف صالح بن فرحة في خبت نعمان


 



في ذات مناسبة من مناسبات الزواج التي كانت تقام في وادينا الحبيب وكان ذلك في أواسط السبعينات الهجرية وكنا نحن الفتيان الممتلئين بالحيوية والنشاط عماد الخدمة في تلك الأفراح ويتولى قيادتنا وتوجيهنا أحد كبار أهل القرية من الذين يحظون بالاحترام والتقدير ، والخدمات المهمة في مثل هذه المناسبات ، المسا عدة في مسك الذبائح ، من الأبقار أو الخراف ، ورفعها على سواري الخشب بسقوف المنازل ، بالحبال المصنوعة من جلود المواشي المسماة بالأرشية ، ويكون ذلك تحت إشراف المعلم الذي سيقوم بالطبخ ،

وكان المعلم أو [العشي ] في ذلك الوقت العم صالح بن مخمر شافاه الله ، ونحن نعمل تحت توجيهاته ، من إحضار الحطب وتكسيره وكل ما يقوم بتوجيهنا به أن نعمله ...

أقول كنا متحلقين على هدم من الخصف قريب من قدور الطبخ وبعد استواء أللحم وبعد أن قام بتمليحه وقبل أن يرمي الأرز في القدور وتسقيته بالمرقة المملحة ، غرف لنا نحن المتحلقين على الهدم طاستين من تلك المرقة بتداول شربها بفناجيل البن الكبيرة والتي ألذ مافي تلك المناسبة شرب تلك المرقة وكان من ضمن المتحلقين على ذلك الهدم العم صالح بن فرحة رحمه الله وحمدان العاصمي متعه الله بالصحة ومجموعة من [الرصدان] كاتب هذه السطور أحدهم ..

وجه حمدان العاصمي للعم صالح بن مخمر سؤال قائلاً : لازلت تذكر يا عم صالح قصتك مع العم صالح بن فرحة ليلة ما شالك فوق أكتافه وأنتم نازلين من الطائف لمكة المكرمة وأنت مسخن ؟!
قال : كأنها البارحة .. قال حمدان : بالله أعلمنا بها وشوف العم صالح بن فرحة جالس إذا نسيت شيء يذكرك به
قال العم صالح بن مخمر : خل السرسري هو يعلمكم
[ كلمة سرسري هذه ليست سبة وليست معيبة لمن توجه له ، وكثير من مثقفي المدن ، كمة المكرمة والمدينة المنورة وجدة يتنابزون بها في مجالسهم الخاصة من باب الدعابة والمزاح بدلاً من الألفاظ البذيئة التي اكتسبوها من الشوارع من أقرانهم وهم صغار وعندما كبروا وتعلموا أبدلوا تلك العبارات البذيئة بعبارات وصفية غير مخلة ، مثل كلمة [ سرسري] وتعني الرجل الذي يحب مسرى الليل للبحث عن أماكن اللهو البريئة كالألعاب الشعبية ،العرضات ، السامري ، المجرور وهكذا ....

تشعب الكلام وطولت النشيد ...نعود لموضوعنا العم صالح وصالح قال العم صالح بن فرحة : لا ..أنت علمهم ، وبدءا العم صالح بن مخمر يقول :

كنا في الطائف أنا والأخ صالح بن فرحة قبل مؤسم الحج بشهر وكانت أيام قيض ويتطلب منا النزول لمكة المكرمة استعداداً لمؤسم الحج مع البشناق وأتفقنا أن ننزل لمكة سوا .. وفعلاً قمنا من الطائف صباحاً مشياً على الأقدام مروراً بالهدا ونزولاً من العقبة ووصلنا قهاوي الكر أسفل العقبة عصراً وجلسنا في أحد القهاوي ومع تغيير الجو من بارد إلى حار أصبت بسخونة شديدة طرحتني في المقهى على جنبي بدون استطاعة للحركة فضلاً عن المشي والأمر يتطلب منا الإسراع في النزول لمكة المكرمة لضيق الوقت وأيضاً لأجد لي دواء يساعدني لتخفيف السخونة ...

قال صالح بن فرحة : وكان في عز الشباب إلى تعشينا هنا ياصالح في القهوة وبرد الجو ومع القماري أنا أبشتلك إذا ما قدرت تمشي على أكتافي ونسري نقطع خبت نعمان في الليل ...النهار: حر شديد ولا ينمشي فيه ..

قلت لصالح بن فرحة إذا جاء ذلك الوقت ولا قدرت أمشي ..أشتلني والله يعينك ،
وفعلاً بعدما تعشوا في المقهى وبداء الجو في الاعتدال توكلا على الله وبدءا في المشي العم صالح بن مخمر تحامل على نفسه ومشى متكئاً على العم صالح بن فرحة حتى ابتعدا عن أعين الناس
وجلس صالح بن فرحة وقال مداعباً : أطلع يا....وجاب عبارة لا تكتب هنا وبعد ما طلع صالح بن مخمر على أكتاف صالح بن فرحة منزلاً رجليه على صدر بن فرحة الملفوف على رأسه عمامة متكئا بن مخمر بيديه عليها واضعاً رجليه واحدة فوق الأخرى حول رقبة بن فرحة ومشيا على هذا الوضع ثلث الليل وبداء الجو يميل أكثر إلى الاعتدال وهبت نسمة عليلة لطيفة أنعشت العم صالح بن مخمر وبدأت درجة حرارة سخونته في الانخفاض وبداء في الانتعاش

وهنا بعدما أنتعش هفته نفسه على أخذ سيجارة ، أخرج علبة التبغ العثري وفتح العلبة المصنوعة من المعدن الذي لا يصدأ وعلى الغطاء من الداخل مكان مخصص لدفتر اللف الرقيق الشفاف وباحترافية كبار المدخنين ضرب بأصبعيه السبابة والوسطى على غطاء علبة التبغ ضربتين خفيفتين لتسقط ذرات التبغ العالقة بغطاء العلبة إلى الأسفل وفتح العلبة بإبهاميه ووضعها على العمامة الملفوفة بعناية على رأس بن فرحة وسحب الدفتر من ممسكته بغطاء العلبة وبمهارة المحترف مرر إبهامه على لسانه وبخفة سحب ورقة وثناها على شكل المرزاب بين إبهامه والسبابة مرتكزاً على الوسطى ووضع التبغ وتوزيعه بكمية هو مقننها وبداء بلف الورقة بخفة بإبهاميه وسبابتيه ووسطاويه بسرعة وبحرفية متقنة ثم مرر لسانه على آخر طرف من الورقة لألزاقها بباقي السيجارة وقفلها من الطرف الذي سيشعله والطرف الأخر مفتوح لسحب الدخان من التبغ المشتعل عن طريقه إلى رئتيه

وعندما أكمل لف السيجارة قال مخاطباً ومداعباً بن فرحة أنا بأبرم لك واحدة يا....[.وقال كلمة ما تكتب] على شان تصحصح قال بن فرحة تعرف أنّي ما أتنبك يا صالح
قال : أدري إنك ماتتنبك لكن خذ هذي وأشفطها ..جووووه داخل صدرك وكنّها....
وبعد ما أشعل بن مخمر لفافة تبغه وسحب منها نفسين أشعل الأخرى من لفافته وأعطاها لبن فرحة
وقال : خذ وسو مثل ما قلت لك ...

أخذها مثل ما قال له .. وفي ثوان شعر بدوار وفي لحظات هوى بما حمل كما تهوي الشجرة الجافة عندما يجتزها الحطاب من جذورها وسقطا على كثيب رمل ناعم من رمال خبت نعمان..
بن مخمر وقع وهو على شكل وضع السجود...
وبن فرحة على وجهه على كثيب الرمل الناعم مثل ما كان واقفاً ..

قفز العم صالح بن مخمر كالمذعور يبحث على ضوء القمر عن علبة تبغه التي كانت موضوعة فوق عمامة بن فرحة الملفوفة على رأسه بين الرمال الناعمة !!.. ولم يسأل عن سلامة خويه الذي كان راكب بين أكتافه !!
[ ولي موقف ظريف مشابه لهذا حصل لي مع مسفر أبو عالي ونحن نطيّن بيت دغسان عام 75ه سأروي تفا صيله فيما بعد ]

أقول بعد أن قام مذعوراً يبحث عن علبة تبغه .. وجدها وكأنه وجد كنزاً وبعد ما وجدها عاد يؤنب أخيه أبن فرحة الذي قام متثاقلاً من كبوته وهو ينفض حبات الرمل الناعمة من على وجهه ولحيته وحاجبيه قائلاً له ما كان تقول يا ....وأعاد نفس الكلمة التي لا تكتب هنا إنك تدوخ إلى تتنبكت ...

وبعد أن ضحكا على طرافة ما حصل لهما .. تعافا العم صالح بن مخمر من سخونته بعد السقوط وقاما وواصلا سيرهما في نسيم هواء الليل العليل حتى وصلا مشارف عرفة ، في الهزيع الأخير من تلك الليلة الجميلة والطريفة بأحداثها وهناك ارتاحا على كثيب رمل وكأنهما وصلا إلى مكة المكرمة ...

رحم الله ألعم صالح بن فرحة وشافا الله العم صالح بن مخمر وأحسن له خاتمته...

وإلى لقاء في رواية مواقف طريفة أخرى ...آسف على الإطالة والله يحفظكم .

علي بن حسن

 

 

   

رد مع اقتباس