عرض مشاركة واحدة
قديم 10-06-2011, 03:14 PM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
عضو مميز
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوفارس is on a distinguished road


 

....

..

الورقة .. التي قدمها الدكتور المسفر بمهرجان الجنادرية 1432 هـ

..


منتدى الجنادرية يثري الرؤى الفكرية.. قراءة في السياسة الخارجية للمملكة العربية


الدبلوماسية السعودية تشكل عنصرا مهماً وحاسما في المجال العربي
مجريات الامور كشفت تغيراً في هذه الدبلوماسية تجاه الفلسطينيين
ابرز نقاط ضعف السياسة السعودية اعتماد دبلوماسية "دفع البلاء"

أ. د. محمد صالح المسفر:

بدعوة كريمة من مهرجان الجنادرية للتراث الوطني والثقافة في الرياض، هذا العام (2011) شاركت بورقة عمل تحت عنوان "نظرة نقدية للسياسة الخارجية السعودية" وعلى أثرها وجهت لي دعوة أخرى من منتدى سمو الأمير تركي بن طلال بن عبد العزيز آل سعود حدد موعدها في الأسبوع الأول من رمضان (1432هـ - 2011م).

كانت مداخلتي في مهرجان الجنادرية محددة بنحو 15 دقيقة، وأعقبتها مناقشات جادة وصريحة مع الحضور الذي ضم نخبة من أهل القلم والفكر. كان أكبر الحاضرين سناً ومقاماً سمو الأمير طلال بن عبد العزيز، كما كان بين الحضور ضباط كبار وأعضاء في مجلس الشورى وبعض رجال الفكر الديني الوسطي. ولا أخفي على القارئ الكريم ترددي في المشاركة في منتدى الجنادرية لاعتبارات خاصة نابعة من اعتقادي بأن صناع القرار في المملكة لا يرتاحون إلى أي وجهة نظر تخالف ما في أنفسهم.
تتابعت الهمسات في أذني بأن موعد محاضرتي سيكون في الصباح، وهذا يعني أنني سأكون بلا جمهور، وهو أمر مقصود. قال أحدهم: ألا تستطيع الاعتذار عن المحاضرة؟ وقال آخر: الحديث عن السياسة الخارجية في السعودية خط أحمر، فاختر أي موضوع سواه، ولم يكن من تحدثوا معي في هذا الأمر من هيئة الضيافة. والحق أنني شعرت بالقلق، ولكني توكلت على الله.
دخلت القاعة، وبدأ الجمهور توافده تباعاً، فشغلت كل الكراسي المعدة مسبقاً، وقد رأيت جمهوراً من النساء لا عهد لي به في الرياض.
بعد الديباجة الواجبة، بدأت محاضرتي بالقول: أعتقد أن مضيفينا يحتاجون منا إلى رأي حول ما يفعلون، لا بهدف المدح أو القدح وإنما بهدف تقديم رؤية أخرى، لأن ما يربطنا بهم هو الحب والتقدير والاحترام، لا المصالح الشخصية أو الوظيفية.
وأرجو أن تتسع صدور صناع القرار في هذا البلد العريق لما سأقول، وألا يؤاخذوني إذا نسيت أو أخطأت، وعذري حسن النية والصدق في القول.
(2)
بناءً على ذلك، أقول: إن مصطلح السياسة الخارجية يعني سلوك الدولة في علاقاتها الخارجية مع جماعة الدول، سواء كان ذلك السلوك إيجابياً أو سلبياً.
وإن تحليل السياسة الخارجية لأي دولة يتطلب إخضاع عناصر عديدة للبحث والتحقيق، مثل الموقع الجغرافي والمجال الحيوي للدولة، وقوتها العسكرية، وقدرتها الاقتصادية، ونوع نظامها السياسي والاقتصادي، وتجانسها الاجتماعي.
لكن بالنسبة للسياسة الخارجية في دول العالم الثالث، ركز كثير من الباحثين على دراسة شخصية الزعيم باعتباره العنصر الهام الذي يتوجب الالتفات إليه من أجل فهم السياسة الخارجية، وآلياتها، ودوافعها، وأهدافها. لكنني لن أتبع هذه المدرسة.
المجال الدولي، والإقليمي والعربي، والمنظمات الدولية في المراحل الأولى لتأسيس الدولة السعودية بقيادة الملك عبد العزيز، رحمه الله، كانت السياسة الخارجية تهدف إلى إيجاد تحالفات مع قوى تكون عوناً لها في مواجهة أي طارئ، أو اتقاء لأية مفاجأة. فتحالف مع بريطانيا، وتواصل مع الاتحاد السوفيتي وأقام علاقات دبلوماسية معه. كان الزعيم القادر على تبديل تحالفاته دون أن يختل توازنه السياسي، فاستقر أخيراً على القوة الصاعدة، الولايات المتحدة الأمريكية. تلك هي مرحلة التأسيس ولن أغوص في استعراض تاريخ الدبلوماسية السعودية، الذي تضمن سلبيات وإيجابيات عديدة عبر السنين، لكني سأتناولها من خلال أربعة محاور:
المحور الأول ـ المجال الدولي (أمريكا نموذجاً)
من المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية دولة عظمى ومعظم الدول تنشد ودها، ولا عيب في ذلك، فالكل في نهاية المطاف يبحث عن تحقيق مصالحه الوطنية، وفي حال تعارضت المصالح مع الدولة العظمى فلا بأس من المواجهة.
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، اتهمت المملكة بأنها موئل الإرهاب الدولي، لأنه وُجد على قائمة ركاب الطائرة التي فجرت مركز التجارة العالمي ركاب سعوديون، ولم يُذكر أن على تلك الطائرة أي راكب آخر. وراحت الآلة الإعلامية الأمريكية والصهيونية تحشد الرأي العام الأمريكي والدولي ضد المملكة، واختل توازن السياسة الخارجية السعودية.
على سبيل المثال: هناك تصريحات لبعض المسؤولين السعوديين بأن تفجيرات مركز التجارة العالمي " مؤامرة صهيونية ". وقال مسؤول كبير في المملكة: " إن الحملة الإعلامية الشرسة ضد المملكة تعبر عن حقد دفين ضدنا".
بعد مرور عامين على أحداث سبتمبر، قدم البنتاغون " وزارة الدفاع الأمريكية " تقريراً سرياً (في أواخر عام 2002)، سُرب فيما بعد للصحافة الأمريكية ينص على " إدراج المملكة، حكومتها تحديداً، ضمن قائمة أعداء الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم يوصي بتوجيه إنذار إلى الحكومة السعودية بالتخلي عن سياستها العدوانية، وإلا فإن أمريكا ستحتل منابع النفط في المملكة، وتستولي على أرصدتها المالية في الخارج ".
* ماذا كان رد فعل السياسة الخارجية؟ كان "استرضائياً" بالقول إن هذا التقرير لا يعبر عن سياسة الإدارة الأمريكية. وكان هناك قول آخر لأحد المستشارين المرموقين في الدولة: "إذا كانت العاصفة قوية، احن رأسك لها ".
* قال الملك عبد الله آل سعود في خطابه أمام مؤتمر القمة العربية في الرياض، مارس 2007 "إن دماء العراقيين تسيل في ظل الاحتلال الأجنبي غير الشرعي". وكان الرد الأمريكي على كل المستويات احتجاجاً على ذلك البيان. وكان رد المتصدرين لرسم السياسة الخارجية في الرياض "تبريرياً"، إذ صرح مسؤول بأن بيان الملك يعبر عن مشاعر الإحباط العامة إزاء ما تقوم به أمريكا في العراق، وكان من المفروض أن يكون التعقيب على الاحتجاج الأمريكي بالإصرار على أن العراق واقع تحت الاحتلال الأمريكي البريطاني، فتلك هي الحقيقة.
* يروي السيد إدورد هيث، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق " أن جيمس بيكر، وزير خارجية أمريكا الأسبق أيضاً، أجبر مسؤولاً سعودياً كبيراً على تصحيح تصريحاته التي أعلن فيها استعداد المملكة لقبول مبدأ التنازلات لحل الأزمات الحدودية بين الدول العربية، مشيراً بذلك إلى إمكانية حل أزمة الخليج من خلال التنازلات المتبادلة بين العراق والكويت.
* ما هي مكافأة المملكة بوصفها صديقة للولايات المتحدة الأمريكية، وقدمت لها الكثير من العون على كل الصعد؟ كانت مزيداً من الضغوط على النظام السياسي السعودي، تارةً باسم الإصلاح، بما في ذلك إصلاح مناهج التعليم، وتارةً باسم الحرب على الإرهاب، بما في ذلك تحجيم دور منظمات الأعمال الخيرية لتجفيف موارد الإرهابيين، علاوة على الضغوط في مجال الطاقة إنتاجا وأسعاراً. كنت أتمنى أن تكون الدبلوماسية السعودية أكثر وضوحاً في مواجهة السياسة الأمريكية، خصوصاً فيما يتعلق باحتلال العراق وقضايا الإرهاب.
ثانيا: في المجال الإقليمي:
هناك دول تتنازع السيادة على إقليمنا دون منافس، وهي إيران وتركيا وإسرائيل.
إيران
ــ تعمل إيران على فرض إرادتها أو هيمنتها على المنطقة منذ القدم، وقد أحكمت سيطرتها على العراق بعد احتلاله، وامتد نفوذها حتى شواطئ البحر الأبيض المتوسط، واتجهت شرقا لتخترق أفغانستان في ظل ظروفه المتردية بعد وقوعه تحت الاحتلال الأمريكي، وأقامت مجمعات سكنية واسعة لأنصارها، وأسست أكبر جامعة في هيرات.
وفي هذا المجال، قال الأمير سعود الفيصل (الحياة في 18/1 / 2007) إن إيران سيطرت على جنوب العراق، وقال في (21/ 9 / 2005) "لقد خضنا معاً حرباً لإبعاد إيران عن العراق بعد إخراج العراق من الكويت، واليوم، نسلم البلاد كلها لإيران دون مبرر".
من جهة أخرى، قال مسؤول سعودي كبير، تعقيباً على تسلح إيران المطرد: "إن قوة إيران العسكرية قوة للمسلمين".
إن إيران تعبث بالعراق اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وسياسياً وتعليمياً، وقد حجبت كل مصادر المياه الطبيعية المنحدرة من الهضبة الإيرانية إلى العراق، كما أنها لم تخف مطامعها في الخليج العربي وتشير الدلائل إلى تصاعد نفوذها في بعض دول مجلس التعاون.
والسؤال الآن هو: ماذا حققت الدبلوماسية السعودية في هذا المجال؟
ما هي أدوات الضغط المتوفرة بيد المملكة لمواجهة التوسع الإيراني في المجال العربي؟ في تقديري، أنها تملك كل وسائل القوة لتكون الفاعل الرئيسي في الشرق الأوسط. إنها محور المنطقة وما حولها يدور في فلكها، لكن غلبت عليها دبلوماسية "الاسترضاء" وتخلت عن الدور الذي يجب أن تؤديه في المنطقة.
تركيا
بكل اختصار اختطفت تركيا الأضواء السياسية من سماء الشرق الأوسط لصالحها، ولتحقيق مصالحها المختلفة.
ثالثا : في المجال العربي
تشكل الدبلوماسية السعودية في المجال العربي عنصراً هاماً، سلباً أو إيجاباً، وهي دبلوماسية نشطة يُحسب حسابها، فالكل يتساءل عن دور الدبلوماسية السعودية في الأحداث الجارية في فلسطين ومصر وتونس واليمن وسوريا والبحرين والسودان والصومال والعراق والكويت.
فلسطين: حملت المملكة الهم الفلسطيني منذ نشأتها، ففي لقاء الملك عبد العزيز بالرئيس الأمريكي روزفلت على اليخت الرئاسي في البحيرات المرة في السويس، طلب الرئيس الأمريكي من الملك قبول هجرة اليهود إلى فلسطين بدعوى المعاناة التي تعرض لها اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية. كان جواب الملك عبد العزيز: "أعطوا اليهود وأحفادهم من بيوت الألمان الذين اضطهدوهم". كانت دبلوماسية الملك عبد العزيز أكثر وضوحاً لأنه يملك الإرادة والثقة بقدراته المادية رغم تواضعها في ذلك الحين. لقد رفض الاعتراف بدولة إسرائيل. ومن بعده، قدم الملك فهد ثم الملك عبد الله مبادرتين توحيان بالاعتراف بإسرائيل ضمناً، ولم يكتب لهما النجاح، والسؤال لماذا؟ الجواب لعدم دعم المبادرتين بدبلوماسية فاعلة في المحافل الدولية. من ناحية ثانية، قدمت المملكة المساعدات المالية السخية لمنظمة التحرير الفلسطينية سابقا وللسلطة الحالية. نعم قدمت للقضية الفلسطينية الكثير من الأموال.
أين نقطة الضعف في هذا المجال؟ إنها الدبلوماسية السعودية "الرخوة"
إن الدبلوماسية السعودية تكتفي باتباع دبلوماسية "دفع البلاء" لا ممارسة الدور الذي ينبغي أن تؤديه، في ضوء مجالها الحيوي ومكانتها الروحية وقوتها الاقتصادية وهيبة قيادتها السياسة.
ــ يلاحظ المراقب للدبلوماسية السعودية تغيراً في هذه الدبلوماسية تجاه الفلسطينيين في بعض القضايا: ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:
- غياب الدور السعودي المؤثر أثناء محاصرة إسرائيل لياسر عرفات في رام الله، وحتى وفاته مسموماً.
ـ غياب رد الفعل السعودي على العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين بعد اعتماد المبادرة السعودية عربيا في قمة بيروت 2002م. وقد كنت أتوقع رداً يتناسب مع الأحداث ومع وزن المملكة، وقد توقعت سحب المبادرة السعودية مثلاً.
ــ وقف دعم انتفاضة الأقصى
ــ عدم اتخاذ موقف مؤثر يتناسب مع الكارثة التي يواجهها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، طوال فترة الحصار الإسرائيلي/ المصري على غزة في عهد حسني مبارك، وأثناء العدوان الإسرائيلي على غزة نهاية 2009م ومطلع 2010م
ــ عدم تفعيل صلح مكة الذي أشرفت على ترتيبه بين فتح وحماس، ويؤسفني القول إن تقارير غير نزيهة قدمتها أطراف مصرية معادية لحركة حماس إلى المسؤولين في المملكة بقصد الإساءة لحماس وتحميلها مسؤولية نقض صلح مكة، وهذا يحتاج إلى نقاش لا مجال له الآن.
البحرين
تشهد مملكة البحرين حالة من عدم الاستقرار، أدت إلى استخدام العنف المسلح من قبل النظام السياسي، وتصاعد الأزمة إلى الحد الذي طالب فيه البعض بإسقاط النظام السياسي وقيام " نظام جمهوري إسلامي " كبديل عنه. لكن قيادات المعارضة البحرينية تنفي مطالبتها بإقامة جمهورية إسلامية أو إسقاط نظام الحكم القائم (الشيخ علي سلمان يوليو 2011). وقد أدت التطورات إلى استدعاء قوات "درع الجزيرة المسلحة" لتعين حكومة البحرين على إعادة الاستقرار إلى ما كان عليه.
إن ما يجري في البحرين أمر مؤسف ومحزن للغاية، ويقيني أن الدبلوماسية السعودية كانت قادرة على تضميد الجراح والوصول إلى حل توافقي يرضي الأطراف كافة، لكنها آثرت الحلول الأمنية غير المجدية، في رأيي، فالدبلوماسية هي أفضل السبل، والمملكة تملك من القدرات والنفوذ ما يؤهلها لحل الأزمة سلمياً.
العراق:
بعد احتلال أمريكا للعراق عام 2003، تشكلت مقاومة وطنية شعبية ضد الاحتلال غابت عنها الدبلوماسية السعودية، وحوصرت هذه المقاومة من قبل بعض الدول العربية المجاورة ولم يسمح بوصول الإمدادات والتموين إليها عبر الحدود العربية، بينما ظلت حدود إيران مفتوحة على امتداد 1300 كيلو متر دون رقيب، وقد انساب عبر هذه الحدود ما يقدره بعض العراقيين بحوالي مليونين من الإيرانيين، وسهلت تحركات الحرس الثوري الإيراني إلى داخل العراق، وإرسال السلاح والمال إلى كل عملاء إيران. لقد فرضت إيران إرادتها على العراق بعد الاحتلال وذلك بسبب التقاعس العربي خاصة دول الجوار.
في الانتخابات الأخيرة، فاز ائتلاف العراقية (علاوي) ولم تقبل به إيران وعملاؤها في العراق، لأنه، كما قيل، مرشح سني بعمامة شيعية، واتفقت إيران وأمريكا على ترشيح المالكي. كنت أعتقد أن الدبلوماسية السعودية قادرة على حشد الرأي العام العراقي والعربي والدولي لفرض الفائز في الانتخابات بعد كل محاولات التشكيك في نزاهتها من قبل المالكي وإيران وحلفائها في العراق. إلا أن الدبلوماسية السعودية لم تمارس دورها في هذا المجال مما أفقدها دورها في العراق، ففازت إيران بالعراق وثرواته ومكانته. فهل تستطيع السعودية استرداد دورها في العراق؟ أرى أنها قادرة إذا أحسنت التخطيط، وصدقت نواياها في إنقاذ العراق.
لبنان
لا جدال في أن للدبلوماسية السعودية دوراً مؤثراً في لبنان منذ استقلاله عن فرنسا وحتى صلح الطائف 1998م، لكنها لم تضع الحلول النهائية التي تقضي على الفتن الطائفية، والإقطاع السياسي، وهو ما أدى إلى ظهور قوة جديدة لم تجد السياسة السعودية طريقة للحيلولة دون ظهورها، فأصبحت إيران لاعباً جديداً هاماً في الساحة اللبنانية، مع غياب دور مصر والدور السعودي المتوقع في نصرة المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان منذ عام 1982 وحتى عام 2000. ويعتبر كثير من المراقبين ذلك الغياب فشلاً للدبلوماسية السعودية في لبنان.الأمر الثاني في هذا المجال هو موقف السياسة الخارجية السعودية من عدوان إسرائيل على لبنان عام 2006، فقد كان موقفاً غير مبرر، واعتبره كثير من المهتمين بسياسة المملكة موقفا في غير صالح المملكة، بل إساءة إلى دورها ووزنها في المنطقة.
اليمن
غابت السياسة الخارجية السعودية عن مشكلة اليمن، وتعاملت معها كمسألة أمنية، وزج بها في صراع علي عبد الله صالح ضد الحوثيين. فدفعت المملكة بقوة عسكرية برية وجوية في أتون ذلك الصراع. إن ما يجري في اليمن أمر بالغ الخطورة، فبقاء نظام علي عبد الله صالح في السلطة على أي كيفية كانت ولو شرفية، يشكل خطراً على المملكة وعُمان على وجه التحديد. إن القول بأن الأزمة اليمنية هي بين علي عبد الله صالح وأبناء الشيخ عبد الله بن الأحمر على من يحكم وعلى المصالح التجارية أمر لا يثبته الواقع. إنها أزمة نظام فاسد ظالم حاقد على شعبه ورموزه من السياسيين والمفكرين.
يتضح للباحث في شأن الدبلوماسية السعودية أنها دائما تتخوف من أي نظام جديد في اليمن وغيره، باستثناء العراق، حيث كانت سياستها واضحة وهي إسقاط نظام صدام حسين، ومع الأسف جاء من بعده الطوفان. من الخطأ الشائع في السياسة الخارجية السعودية أنها في حال حدوث أزمة سياسية في محيطنا العربي، تبحث عن البديل، ولا تصنع البديل، ومن هذا المنطلق، تقع في مآزق.
إن القوى القادمة في اليمن، في تقديري، هي التي يجب المراهنة عليها، وهي قوى الشعب الزاحف لإسقاط النظام. إن الدبلوماسية السعودية في اليمن خلال حكم علي عبد الله صالح كانت توصف بأنها (دبلوماسية أمين الصندوق) أي دفع الأموال عند حدوث أزمة يقوم بها نظام علي عبد الله صالح. وهذه الدبلوماسية لم تحقق أي نجاح، وأرى أنه ينبغي رفع اليد عن علي عبد الله صالح ونظامه الفاسد قبل أن يتأزم الموقف في اليمن، فيفشل النظام في البقاء وتخسر المملكة الشعب اليمني الرافض لحكم علي عبد الله صالح وحكومته.
السودان
لم يحظ السودان باهتمام الدبلوماسية السعودية، وهو البلد الكبير الذي يقع على الشاطئ الغربي للبحر الأحمر المواجه للشواطئ السعودية التي تضم أكبر المدن الصناعية البترولية. وهذا أمر مخل بأمن المملكة البحري وهيبتها ودورها الفعال في السياسة الدولية.
أخيرا غابت السياسة السعودية عن ثورة الشعب المصري، وكثرت الأقاويل عن هذا الغياب. وكنت من الداعين إلى التقاط اللحظة التاريخية بعد سقوط نظام حسني مبارك، كما فعل الملك عبد العزيز رحمه الله عندما قامت ثورة مصر عام 1952، ولكم في دبلوماسيته الناجحة عِبَر.
السياسة الخارجية والمنظمات الدولية
تساهم المملكة العربية السعودية بحصة كبرى في ميزانية الأمم المتحدة، تساوي حصة جمهورية الصين. وحسب معرفتي، لا يوجد مواطن سعودي يشغل أي مركز قيادي في الأمانة العام للأمم المتحدة. وتعتبر المملكة من بين الدول العشر الأولى من حيث نصيبها في ميزانية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومع ذلك، لا يوجد من بين كبار الموظفين في هاتين المؤسستين أي مواطن سعودي رغم وجود كفاءات سعودية عالية التأهيل، فأين الخلل؟!

 

 

   

رد مع اقتباس