لا تحيلوا فرحة العيد إلى نكد
أشياء غريبة تحدث في بلداننا تنم عن جهل بأبسط شعائر الإسلام، فما أن يدخل علينا شعبان حتى نسمع عن كذا «جريمة» أذى جسماني جسيم أو حتى قتل بسبب خلاف بين الزوجين حول توفير حاجيات رمضان.. وحتى في الأوساط التي لا تشهد مثل تلك الحوادث فإنك تلمس «هلعا» عند اقتراب شهر الصوم الفضيل.. ربما كانت كلمة «هلع» قوية قليلا لوصف ما يحدث، ولكن حالة السعار لشراء ما يسميه الجميع بمتطلبات رمضان تجعل العديد من البيوت تعيش حالة من التوتر والنرفزة، عوضا عن حالة الترقب الروحانية المشبعة بالأمل في شهر ذي طعم ومذاق خاص.. كنت لحين من الدهر أشك في أمر نفسي لأنني لا أعلن أي حالة تأهب بمناسبة قدوم رمضان، ولا أشتري أي شيء تحت مسمى «حاجيات رمضان»، لأنني لا أعرف ما هي تلك الحاجيات!! ففي حياتنا اليومية المعتادة نحرص على توفر مستلزمات الوجبات من لحوم حمراء وبيضاء وبيض وعصير وفواكه وخبز ورز في بيتنا، وهي نفس الأشياء التي نحتاج إليها في رمضان.. والتمر هو فاكهتنا المفضلة على مدار العام.. فما هي الأشياء التي لا يعرفها بيتي وتتسابق البيوت الأخرى لشرائها وتكديسها منذ انتصاف شعبان: التين والزبيب والمكسرات؟ هذه ثمرات طيبات ينبغي أكلها على مدار العام،.. نعم تكون الوجبات الرمضانية «مبحبحة» ولكنها تعد من نفس المواد التي نأكلها في غير رمضان فعلام التهافت والتكالب على الشراء والإنفاق الباذخ بذريعة استقبال رمضان وجعل ذلك الاستقبال مجلبة للتوتر والنقنقة؟
في الأعياد أيضا يمارس بعضنا سفها يكلف شططا.. إنسان على «قد حاله» ويجد نفسه مضطرا إلى الاستدانة لأن هناك مطلبا تعسفيا بتغيير أثاث البيت، أو بعضه بحجة «ما نقدر نعيِّد بنفس الأثاث ثلاث سنوات».. لا، تقدرون تعيدون بنفس الأثاث عشرين سنة متتالية.. في بعض البلدان العربية يضحي البعض بأرواح بشرية في عيد الفداء، أي أن الإنسان يحل محل الكبش.. وقبل عيد الأضحى الفائت بيومين طلبت سيدة عربية من زوجها شراء خروف العيد فقال لها: أنت تعرفين البير وغطاه وإن كل ما عندي من مال ضاع في شراء ملابس جديدة لك وللعيال، ولكن المدام قالت إنه لا يهمها من أين يأتي بالمال: بس المهم تجيب الخروف.. وطبعا هناك اللازمة المعتادة: نحن لسنا أقل من جيراننا الذين أتوا بالخراف.. هي نفس لازمة موسم الإجازات: لازم نسافر بره لأننا لسنا أقل من جارتنا زركوبة وزوجها أبو رطوبة.. المهم اعتذر الزوج مؤكدا أنه لا يملك مالا لشراء الخروف، فما كان من الزوجة إلا أن استنجدت بـ«بابا» فجاء نيافة البابا.. وبدلا من أن يقوم بالوساطة، أو - على الأقل - يستمع إلى وجهة نظر الزوج صاح فيه: بنتي جاية من بيت يذبح فيه خروف العيد، ولا يهمني لو سرقت أو بعت ملابسك.. المهم أن يكون الخروف هنا خلال ساعات فقال الزوج المسكين: والله يا عمي حتى لو أمهلتني شهراً لا أستطيع توفير المال لشراء الخروف.. أتعرفون ماذا فعل بابا الفتكان (مشتقة من الفتك).. استل سكينا وغرسها في ظهر زوج ابنته “مضحيا” به.. ومضحيا بحريته وبحرية ابنته التي تعتبر شريكة في الجريمة.
مقال فيه وقفات يجب أن نقف عندها مليئاَ ونعيد التفكير فيها نجد أن ماقاله الأستاذ / جعفر عباس في زاويته اليومية بجريدة عكاظ اليوم الخميس 16/12/2008 صحيح ...ياليت نعيد حساباتنا للتخلص من بعض العادات ...كعادة مقاضي رمضان وخروف العيد إلاّ للمستطيع.
علي بن حسن