ملامح التعذيب الأسباني للمسلمين بعد عام 1492 ميلادي

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ..... وبعد

مقدمة

هذه النبذة الموجزة .. لها علاقة بما سبق أن طرحت من انطباعات ومشاهدات عن الأندلس .. وذلك من أجل استكمال حلقة الموضوع .. وربط الماضي بالحاضر من خلال إيجاد معلومة قد تكون غائبة نوعا ما .. رأيت أن أسهم بها بعد أن شجعني على هذا .. أحد الإخوة من جيراني المتابع لساحات وادي العلي هو الأخ : ( عقيد متقاعد : زهير بن حسن العمري .. سبق أن عمل بصحبة اللواء : م- علي بن أحمد .. ويكن لأبو أحمد .. ولغامد كل محبة وتقدير ) وأبو حسن صاحب مؤلفات تاريخية متعددة ..ومن المهتمين بهذه الجوانب .. ونحن نرحب به وبمروره على كل ساحة وجناح بوادي العلي

..الموجز الذي سأطرحه لدي منه معلومات موزعه.. تذكرت بعضها.. واستقيت بعضا مما ورد في مجلتي : ( قافلة الزيت ومجلة العربي .. القديمة ) وبعض الكتب.. إضافة إلى مواقع اليكترونية :


(( ملامح التعذيب الأسباني للمسلمين بعد عام 1492 ميلادي ))

من المعروف أن الفتح الإسلامي للأندلس كان عام 711م وبالتحديد في 5 رجب عام 92 هجرية ..استمر مدة ثمانية قرون.. كان المسلمون خلال تلك الفترة مثالا راقيا للتسامح الديني والإنساني بكل معانية .. وأتيحت لهم الفرصة في ظلال الطبيعة والجمال والأجواء المهيأة لكي ينسجوا حضارة انسانية رائعة امتدت لتشمل العديد من فنون العلم والمعرفة والأخلاق والمثل العليا .. وكان الطلاب الأوربيون يتوافدون على الجامعات الإسلامية في قرطبة وغيرها من الجامعات للاستفادة من علوم العرب.. بعد أن برع العرب في علوم الطب والهندسة والرياضيات والفلك والأدب .والفلسفة

.. حتى الآن لا زال تمثال ابن رشد وابن حزم ينتصبان في ميادين أسبانيا ... _ الإسلام يحرم التماثيل_ .... والأسبان رغم حبهم وعنصريتهم لتاريخهم وتراثهم إلا أن وجود هذين التمثالين يؤكدان تقديرهم لهذين العالمين العربيين واعترافا بدورهما

في السنوات الأخيرة من الحكم العربي للأندلس اشتعلت الفتن والحروب بينهم وتحولوا من دولة واحدة قوية إلى دويلات متنافسة ضعيفة .. حتى أن بعضهم يستعين بالإفرنج على منافسيه ومنهم صاحب غرناطة عندما استعان بحاكم قشتالة المسيحي .. ولهذا كانت فرصة الأسبان للهجوم على الدويلات الإسلامية المتهالكة واحدة تلو الأخرى حتى سقطت ( غرناطة ) كآخر دولة عربية في الأنلس عام 1492 م


بداية مراحل التعذيب

بعد سقوط غرناطة كشر الأسبان عن أنيابهم وارتكبوا مجازر ضد المسلمين ومزقوا كل اتفاقيات الصلح وشروط الإسلام .. ولم يجد المسلمون بدا من الهجرة إلى دول شمال المغرب العربي ( المغرب – تونس – الجزائر )

أما من تبقى منهم فقد نال صنوفا من العذاب لم يسجل التاريخ مثلها في القمع والوحشية : فقد عملوا على محو أي أثر للإسلام .. وأجبروا ما تبقى من المسلمين على تغيير أسمائهم العربية ومنعوهم من ختان أبنائهم وأحرقت كل الكتب والمؤلفات القيمة التي تمت للإسلام بصلة.. ولم يعد للقرآن أي أثر .. ومنعوا من إقامة الصلوات أو الصوم أو التحدث باللغة العربية

ومن يلاحظ عليه شيء مما ذكر .. فإنه يقدم إلى المحكمة الظالمة .. حيث يحاكم وتمارس ضده صنوف من أنواع التعذيب


الموقف السري للعرب المسلمين

ومع تلك الأوضاع الصعبة وبالرغم من انقراض الإسلام وإزالة المساجد فقد بقي عدد من المسلمين يمارسون شعائرهم الدينية سرا وبخفية عن أعين الأعداء سماهم المؤرخين ب ( الموريسكيين ) يعلمون أبناؤهم ليلا القرآن والتعاليم الإسلامية .. كما ابتكروا لغة جديدة ( سرية ) يتخاطبون بها مدة قرنين من الزمان سميت ب ( الأليمخادو ) وتعني ( الأعجمية ) حافظو بها على العقيدة الإسلامية وألفوا الكتب السرية لتوضيح ما يجب أن يفعله الإنسان المسلم ومن أولئك المؤلفين : ( فتى إبيرالو ) ... ( بدون مؤاخذه .. قارنوه بأصحاب الأشرطه والأسطوانات الشعبية : فتى الأحساء.. وفتى رحيمه .. وفتى نجد.. وغيرهم من الفتيان )

ألف ( فتى ليبرالو ) كتبا تشرح آيات القرآن الكريم .. وكتب أخرى في السنة .. وكانت تخبأ تلك الكتب في جدران منازلهم الحجرية حتى لا يطلع عليها الأسبان لأن من وجدت لديه فمحاكم التفتيش موجودة والعقاب بأبشع الصور حاصل

ومن أراد الإستفادة بصورة أكثر : راجع الكتب التالية :

1- محمد عبدالله عنان – نهاية الأندلس – صدر من : مكتبة الخانجي – القاهرة
2- نبيل عبد الحي رضوان – جهود العثمانيين في إنقاذ الأندلس – صدر من : مكتبة الطالب الجامعي – مكة المكرمة

وهذه نماذج من صور التعذيب رسمت بواسطة رسامي تلك الفترة التاريخية .. عندما كان الرسم وسيلة من وسائل تصوير الواقع من قبل الفنانين والرسامين الأسبان :








































نهاية مرحلة التعذيب
من الطبيعي أن تكون تلك فترة انتهت إلى غير رجعة أن شاء الله حيث استمرت من عام 1492م حتى عام 1808 م عندما دخل القائد الفرنسي ( نابليون ) اسبانيا وقام بأحتلالها ..و ألغى محاكم التفتيش بعد قرابة أربع مائة سنه من إنشائها

بعد أن تخلصت أسبانيا من نابليون.. انشغلت بالاستعمار والمستعمرات في الأمريكيتين وغيرها من دول العالم ومن أكبر مستعمراتها آنذاك ( الأرجنتين ) التي لا زالت حتى الآن تتكلم اللغة الأسبانية .. والبرازيل استعمرتها البرتغال ولغتها الحالية البرتغالية .. وهكذا تجولت اسبانيا وجارتها البرتغال إلى ما هو أهم من تعذيب المسلمين في محاكم التفتيش

*******************************************

أما في الوقت الحاضر .. فلا يوجد اهتمام ملموس بالنواحي الدينية.. القانون والنظام يتحكم في كل شيء .. وقبل سنتين حدثت عمليه إرهابية خطيرة عندما فجر إرهابيون مغاربة محطة سكة الحديد في العاصمة مدريد وتسببوا ( عليهم من الله ما يستحقون ) في سفك دماء بريئة لا ذنب لها .. قدر عددها بمائتي قتيل وعدد كبير من الجرحى ..

هذه الحادثة الخطيرة جعلت من اسبانيا الآن ترتاب من المسلمين المتواجدين.. ومن أي حركة تثير الريبة والشك ..وأدت إلى انتكاسة كبيرة في نظرتهم للإسلام والمسلمين .. ومع ذلك فإن تعاملهم الآن يحكمه القانون والنظام والاحترام والمصلحة العامة


هذا ما لدي من معلومات في هذا الجانب.. والله أعلم

استدراك : تذكرت أن مسألة التعذيب كانت تطال شرائح من المسيحين أنفسهم ممن لا يلتزم بتعاليم الديانة الكاثوليكية وكانوا يسمونهم ب ( الهراطقة ) حيث انتشر مصطلح ( الهرطقة ) فترة طويلة من الزمن