إبن عبد ربه ـ العصر الأندلسي

.

*****

يا غافلاً ما يرى إلا محاسنهُ = ولو دَرَى ما رأى إلا مَساوِيهِ
انظُرْ إلى باطنِ الدُّنيا، فظاهرُها = كُلُّ البهائمِ يجري طرفُها فيهِ

*****

 

 

.

*****

يا هلالاً في تجلِّيهِ = وقضيباً في تثنِّيهِ
والذي لسْتُ أُسمِّيـ = ـهِ ولكنِّي أُكنِّيهِ
شادنٌ ما تَقْدرُ العيْـ = ـنُ تراهُ من تلاليهِ
كلَّما قابلَهُ شخـ = ـصٌ رأى صُورتَهُ فيهِ
لانَ حتى لو مَشى = الذَّرْ رُ عليهِ كادَ يُدْميهِ

*****

 

 

.

*****

وربَّ مُلتفَّة ِ العوالي = يلتمعُ الموتُ في ذُراها
إذا توطَّتْ حُزونَ أرضٍ = طُحْطِحتِ الشُّمُّ من رُباها
يقودُها منهُ ليثُ غابٍ إذا = رأى فرصة ً قضاها
تمضي بآرائهِ سُيوفٌ = يستبقُ الموتُ في ظُباها
بيضٌ تُحلُّ القلوبَ سُوداً = إذا انتَضى عزمَهُ انتَضاها
تَتْبعُهُ الطَّيرُ في الأَعادي = تجني كَلا العشبِ من كُلاها
أقْدمَ إذ كاعَ كُلُّ ليثٍ = عن حَومة ِ الموتِ إذ رآها
فأقحمَ الخيلَ في غِمارٍ = تَفغَرُ بالموتِ لَهْوَتاها
عنتْ لهُ أوجُ المنايا = فعافَها القومُ واشْتَهاها

*****

 

 

.

*****

صَحا القلبُ إلا نَظرة ً تَبعثُ الأَسى = لها زَفرة ٌ مَوصولة ٌ بحنينِ
بلى ربَّما حلَّتْ عُرى عَزَماتِهِ = سوالفُ آرامٍ وأعينُ عينِ
لَواقطُ حبَّاتِ القُلوبِ، إذا رنَتْ = بسحرِ عُيونٍ وانْكِسارِ جُفونِ
ورَيطٌ منَ الموشيِّ أينعَ تحتهُ = ثمارُ صدورٍ لا ثِمارُ غُصونِ
بُرودٌ كأنوارِ الربيع لبسْنَها = ثيابُ تَصابٍ لاثيابُ مُجونِ
فَرَينَ أَديمَ الليلِ عن نُورِ أَوجهٍ = تُجَنُّ بها الألبابُ أيَّ جنونِ
وجوهٌ جرى فيها النَّعيمُ فكُلِّلتْ = بوردِ خُدودٍ يُجْتنى بعيونِ
سألبسُ للأحزانِ ثوبَ تصبُّرٍ = وإنْ لم يكُنْ عندَ اللِّقا بحَصينِ
فكيفَ ولي قلبٌ إذا هبَّتِ الصَّبا = أهابَ بشوقٍ في الفؤادِ كمينِ
ويهتاجُ منه كلَّ ما كانَ ساكناً = دعاءُ حمامٍ لم يبِتْ بوُكونِ
وإِنَّ ارْتياحي من بكاءِ حَمامة ٍ = كذي شجنٍ داويتُهُ بشُجونِ
كأَنَّ حَمامَ الأيكِ، حينَ تَجاوبَتْ، = حزينٌ بكى من رحمة ٍ لحزينِ

*****

 

 

.

*****

أطلالُ لهْوكَ قد أقْوتْ مَغانيها = لم يبقَ من عهدها إلا أثافيها
هذي المفارقُ قد قامَتْ شواهدُها = على فنائِكَ والدُّنيا تُزكِّيها
الشَّيبُ سُفْتجة ٌ فيها مُعَنْوَنَة ٌ = لم يَبقَ للموتِ إلا أَنْ يُسحِّيها

*****

 

 

.

*****

فكَّرتُ فيكَ أَبحرٌ أنتَ أم قمرٌ = فقد تَحيَّرَ فِكْري بينَ هّذينِ!
إنْ قلتُ: بحرٌ، وجدتُ البحرَ مُنْحَسِراً = وبحرُ جودِكَ ممتدُّ العُبابَينِ
أو قلتُ : بدراً ، رأيتُ البدرُ منتقصاً = فقلتُ: شَتَّانَ ما بينَ اليزيدينِ

*****

 

 

.

*****

سَلبتَ الرُّوحَ مِنْ بَدني = ورُعتَ القلبَ بالحزَنِ
فلي بَدَنٌ بلا رُوحٍ = ولي رُوحٌ بلا بَدَنِ
قرنتَ معَ الرَّدى نفسي = فَنفْسي وهْوَ في قَرَنِ
فليتَ السِّحرَ منْ عينيـ = ـكَ لم أَرَهُ ولم يَرَني

*****

 

 

.

*****

أَلحاظُ عيني تَلْتهي = في رَوضِ وردٍ يَزْدَهي
رَتَعتْ بها وتَنزَّهتْ = فيها ألذَّ تنزُّهِ
يأيُّها الخِنثُ الجفونَ = بنَخْوة ٍ وتكرُّهِ
والمُكْتسي غُنجاً ، أما = تَرثي لأَشعثَ أَمرهِ

*****

 

 

.

*****

رجعُ صوتٍ كأنه نظمُ دُرٍّما = يرى سَلكهُ سوَى الآذانِ
تَنفثُ السِّحرَ بالبيانِ من القولِ = ولا سحرَ مثلُ سحرِ البيانِ

*****

 

 

.

*****

أهدتْ إليكَ حُمَيّاها بكأسينِ = شمسٌ تَدبَّرَتْها بالكفِّ والعينِ
يسعى بتلك وهذي شادنٌ غَنِجٌ = كأنه قمرٌ يسعَى بنجمينِ
كأنَّه حين يمشي في تأوُّدهِ = قضيبُ بانٍ تَثنَّى بينَ ريحينِ

*****