لعَمرُكَ ما ضَاقَتْ بلادٌ بأهلِهَا0 0 ولكنَّ أخلاقَ الرِّجالِ تَضِيقُ  
قال عمرو بن الأهتم السعدي صاحب البيت المشهور :
لعَمرُكَ ما ضَاقَتْ بلادٌ بأهلِهَا ... ولكنَّ أخلاقَ الرِّجالِ تَضِيقُ
يقول واصفاً مفارقةَ الأحبة ، والضيف يطرقه في ليل شتوي قارس البرودة فيقولُ :
 
 أَلاَ طَــرَقَـــتْ أَسْــمَـــاءُ وَهْــــــيَ طَــــــرُوْقُ --- وَبَـــانَـــتْ عَـــلَـــى أَنَّ الْــخَــيَــالَ يَـــشُــــوْقُ
 بِـــحَـــاجَــــةِ مَـــــحْــــــزُوْنٍ كَـــــــــــأَنَّ فُـــــــــــؤَادَهُ --- جَــنَــاحٌ وَهَــــى عَـظْـمَــاهُ فَــهْــوَ خَــفُـــوْقُ
 وَهَانَ عَلَى أَسْمَاءَ أَنْ شَطَّتِ النَّوَى --- يَـــــــحِــــــــنُّ إِلَـــــيْـــــهَــــــا وَالِــــــــــــــــهٌ وَيَــــــــتُــــــــوْقُ
 ذَرِيْـــنِـــيْ فَــــــإِنَّ الْــبُــخْــلَ يَـــــــا أُمَّ هَــيْــثَـــمٍ --- لِــصَــالِــحِ أَخْــــــلاَقِ الـــرِّجَـــالِ سَـــــــرُوْقُ
 ذَرِيْــنِــيْ وَحُــطِّــي فــــي هَــــوَايَ فَـإِنَّــنِــيْ --- عَلَـى الْحَسَـبِ الزَّاكِـي الرَّفِيْـعِ شَفِـيْـقُ
 وَإِنِّـــــــــيْ كَــــرِيْـــــمٌ ذُوْ عِــــيَـــــالٍ تَــهُــمُّــنِـــيْ --- نَــــوَائِــــبُ يُــغْـــشَـــى رِزْؤُهَـــــــــا وَحُــــقُـــــوقُ
 وَمُـسْـتَــنْــبِــحٍ بَــــعْــــدَ الْــــهُـــــدُوْءِ دَعَــــوْتُـــــهُ --- وَقَــدْ حَــانَ مِــنْ نَـجْـمِ الـشِّـتَـاءِ خُـفُــوْقُ
 يُــعَــالِــجُ عِـرْنِـيْــنــاً مِــــــنَ الــلَّــيْـــلِ بَـــــــارِداً --- تَـــــــلُـــــــفُّ رِيَــــــــــــــاحٌ ثَـــــــوْبَـــــــهُ وَبُـــــــــــــــرُوْقُ
 تَــأَلَّــقَ فــــي عَــيْــنٍ مِــــنَ الْــمُـــزْنِ وَادِقٍ --- لَــــهُ هَــيْــدَبٌ دَانِــــي الـسَّــحَــابِ دَفُـــــوْقُ
 أَضَـفْـتُ فَـلَـمْ أُفْـحِـشْ عَلَـيْـهِ وَلَــمْ أَقُـــلْ --- لأَحْــــرِمَـــــهُ : إِنَّ الْـــمَـــكَــــانَ مَـــضِـــيْــــقُ
 فَـقُــلْــتُ لَــــــهُ أَهْــــــلاً وَسَـــهْـــلاً وَمَــرْحَــبــاً --- فَـــــهَـــــذَا صَـــــبُـــــوْحٌ رَاهِــــــــــنٌ وَصَـــــدِيْـــــقُ
 وَكُـــــــلُّ كَـــرِيْــــمٍ يَــتَّــقِـــي الـــــــذَّمَّ بِــالْــقِـــرَى --- وَلِـلْـخَــيْــرِ بَـــيْـــنَ الـصَّـالِـحِـيْــنَ طَـــرِيْــــقُ
 لَـعَـمْــرُكَ مَـــــا ضَــاقَـــتْ بِـــــلاَدٌ بِـأهْـلِـهَــا --- وَلَــــكِــــنَّ أَخْــــــــلاَقَ الــــرِّجَــــالِ تَـــضِـــيْـــقُ
 نَـمَـتْــنِــيْ عُــــــرُوْقٌ مِــــــنْ زُرَارَةَ لِـلْــعُــلَــى --- وَمِـــــــــــنْ فَـــــدَكِــــــيٍّ وَالأَشَـــــــــــدِّ عُـــــــــــرُوْقُ
 مَــكَــارِمُ يَـجْـعَـلْـنَ الْـفَـتَــى فـــــي أَرُوْمَـــــةٍ --- يَـــفَـــاعٍ ، وَبَـــعْــــضُ الْــوَالِــدِيْـــنَ دَقِـــيْــــقُ
 *****************
 إضاءات حول القصيدة وصاحبها :
صاحب القصيدة هو عمرو بن سنان بن سُمي بن سنان بن خالد المنقري التميمي، أبو ربعي ، لُقب أبوه بـ(الأهتم) لأنَّ ثـنيَّتَهُ هُتمت يوم الكلاب .
وعمرو بن الأهتم سيِّدٌ من سادات قومه ، كان خطيباً بليغاً ، شريفاً جميلاً، وكان يقال لشعره (الحُلَلُ المنَشَّرَةُ) . وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد بني تميم ، فلقي إكراماً وحفاوة ، ولما تكلم بين يدي النبي أعجبه كلامُهُ ، وسأله النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الزبرقان بن بدر (الشاعر) فمدحه ثم هجاه ولم يكذب في الحالين ، فقال المصطفى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ : (( إنَّ من الشعر حكماً، وإن من البيان سحراً )) . لم يكن في بادية العرب في زمانه أخطب منه ، وهو صاحب البيت السَّيَّار المشهور :
لعمرُكَ ما ضاقت بلادٌ بأهلها --- ولكنَّ أخلاقَ الرجال تضيقُ