أخي الإنسان: لقد وصفَكَ القُرآنُ باللؤمِ في عدَّةِ مواضعَ , وبيَّن أنَّك جَحودٌ كنودٌ , وأنَّك فرحٌ فخُور تحبُّ التعالي والمُباهاة والمُكاثرة بالأموال والأولاد , لا تنظُرُ إلاَّ إلى نفسكَ ومصلحَتكَ وزمنكَ الحاليِّ , تنسَى الإحسَانَ عليكَ فلا تذكُرهُ ولا تشكُرهُ , وتنسى ماضيكَ الأسودَ في الفقر , والجهل , والصِّبا , والخُمول , والضَّعة , والعصيان , والعُزوبة , والبُنُوَّة , والتَّبعيَّـة و.... و....و.... الخ , فهل تعرفُ لماذا أنساكَ الغنى , والعلمُ , وبلوغ الرشدِ , والشُّهرة , والجاه , والاستقامة , والزَّواج , والأبوة , والزَّعامة والصدارة كل هذه الأحوال البائسة التي صحبتَها سنوات وسنوات..؟
لأنَّك بكل صراحة جحودٌ كَنودٌ , ولأنَّك تطغَى عند حصول هذه النِّعَم ولكنَّها إذا سُلبت منكَ تكفُر وتيأسُ , ولأنَّ الله يُنعمُ عليكَ فتشكُر غيره , وتُبارزهُ بأنعُمه وخَيره , وفي كل ذلك يقول الله
وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ
, ويقول
وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ
, ويقول
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار
, بل إنَّ الإحسانَ عليكَ لا يزيدُك إلا لؤماً وإساءةً , وذلك لتلازم الطغيان في أخلاقك وكلامك وأفعالك وعقيدتك بنعم الله , فكلما زادك الله من فضله تزدادُ طُغياناً , يقول الله تعالى
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى 