في صباح ذلك اليوم بعد الفجر قلنا نتمشى على ما يسمى بالكورنيش .. نحن ثلاثة مع بعضنا.. خوفاً من مصير مجهول.. وجدنا مناظر يتفطر لها القلب ألماً وحسرة.. حالات من البؤس.. لن أطيل عليكم.. سأكتفي بواحدة فقط : أحدهم نائم في كيس نايلون (كيس حب فارغ) أدخل ثلثي جسمه في الكيس ونام هذا مسكنه وهذا لباسه وفراشه.. وغيره الكثير.. أحدنا أيقظه من نومه ولم يكد يخرج رأسه من الكيس مذعوراً وإلا والنقود في يده.. مشاهدته للنقود خففت من روعه.. عاد إلى نومه في كيسه بدون أية كلمة . ويبدو أنه مرتاح ومطمئن وليست لديه أية مشكلة .. قلت لزميلي : أيش رأيك نصوره ؟؟.. قال : لا يا شيخ أتركه .. لقد ضيعت بمشاورته تصوير هذا المنظر.. واكتشفت فيما بعد أن هذا الزميل لا يعتد بمشورته ولا ينبغي أن يؤخذ برأيه .. لأن من طبعه الإعتراض على كل شيء
الطريق إلى صنعا
قبيل ظهر هذا اليوم بدأت الرحلة الحقيقية من الحديدة باتجاه صنعاء عبر وادٍ يتخلل الجبال صعوداً إلى صنعا.. وكلما صعدنا يزداد جمال الطبيعة والجبال وروعة المناظر التي أعجز عن وصف جمالها وروعتها في كل خطوة تجد البساتين والأشجار والظلال وكل مكان يصلح لأن تجلس فيه وتنعم بمشاهدة الطبيعة البكر.. أودية وجداول مياه تنساب عبر الصخور والمزارع.. صورة قريبة جداً لما كنا نشاهده سابقاً بالديرة (تحت قرية رحبان.. في حلق العين والسقا والحازم وحلق الجر) مع فارق المستوى في جمال الطبيعة.
هنا تسعد باستعادة ذكريات القرية.. نساء محملين بالحطب و(القصيل) والبقر والثيران والحمير والكعاكعة ( جمع كعي وهو الحمار الصغير ) ... و "التبعان" أو " العجول " الصغيرة مجموعات على الطريق العام نشاهدها في المزارع وتحت الأشجار تنتظر أمهاتها
باعة الموز والبرتقال والجوافة والقشطة في خيام من القش على جنبات الطريق يعرضون منتوجاتهم الزراعية بأرخص الأسعار.. معاملة من قبل الإخوة اليمنيين – في المناطق الجبلية – رائعة بكل المقاييس.. أصالة وعلى الفطرة واحترام للسعودي عجيب وغير عادي.. (عسى ما يخربونها الربع) .. وأوكد هنا أن هذه المعاملة والارتياح النفسي تأتي بعد التخلص من ساحل تهامة.. فبمجرد صعود المناطق الجبلية تلقى المعاملة الممتازة ويزداد الارتياح كلما استمرينا في صعود الجبال وصولاً إلى صنعا .
يوجد على الطريق نقاط عسكرية تسمى (طقم) وباللهجة اليمنية (دقم) تتكون من جيب عليه مدفع رشاش وعدد من العسكريين الأشداء يرحبون بالسعودي ترحيباً جيداً.. لم نجد أي تلميح لمسألة مادية كما يحدث عادة على الحدود السورية... علمنا أن لديهم تعليمات من أعلى المسئولين بتسهيل الطريق والأمن للسعوديين.. كما اتضح لنا فيما بعد أن رواتبهم وحالتهم المادية بسيطة جداً.. لكن لديهم قناعة وعزة نفس ورضى.. فالجميع يشتركون في هذه المعاناة.. يريحون أنفسهم بتناول القات والانشغال ذهنياً وجسدياً.. وأعتقد أن 70% من الدخل المادي البسيط للفرد الواحد يذهب في شراء القات .
يا غارة الله .. وفزعة الكشافة
إثناء سيرنا صعودا إلى صنعا على الطريق الإسفلتي المتعرج فوجئنا بسيارة تريلا وقد تناثرت أجزاء من أكياس الحبوب التي تحملها على الإسفلت قاطعة الطريق .. نحن أول من وصل إلى المكان .. لكن ما أثار حماسنا للفزعة والمساعدة .. ذلك الصراخ والولولة التي صدرت من أحد ركاب الناقلة .. قائلا : ( واحلالي حلالاه ) ..( يا غارة الله .. يا غارة الله ) .. وهي مشابهة تماما لقولنا ( ريح الله يا ريح الله ) أخذنا دقائق من الوقت في عملية المساعدة بتجميع الحبوب وأعطيناه ( شراعا خاص بالمطر) كان معنا ليساعده في التجميع .. وعندما وصلت سيارات ومواطنين يمنيين تركناهم يكملون مساعدته وأكملنا مشوار السفر
لابد من صنعاء ولو طال السفر
دخلنا صنعاء.. يوجد شيء من ملامح الاهتمام بالبنية الأساسية.. طرق وإنارة وأنفاق وأرصفة.. مبانيها من وجهة نظري الشخصية غير جميلة إطلاقاً.. تلبس الواجهات بحجر محلي من عدة ألوان (داكنة) مستمدة من التراث اليمني ... ويتعبون أنفسهم في قصه وتشكيله و(تعفيسه) ... المدينة كأنها متحف .
زحام شديد في الشوارع .. أغرب شيء أصوات بواري السيارات المزعجة جداً وعصبيتهم ونرفزتهم أثناء القيادة : ( هيا . مالك ؟ يا ..... ) سيارات قديمة جداً منها: سيارات تويوتا (ستاوت) ونيت كانت عندنا بالديرة في الأعوام 1392-1393هـ وقد انقطع استيرادها.. واحدة منها كان عند ابن منصور ينقل به طلاب الوادي إلى الباحة... نفس الموديلات القديمة وبأعداد كبيرة أشكالها متهالكة وملفتة للنظر .
ركبت سيارة أجرة كريسدا موديل 78 كل ما بداخلها صاج حديد فقط ..الأرضية والطبلون وجدران الأبواب.. لا يوجد أثر لأي لباس سوى المقعدة المهترئة .. سألت السائق.. إن كان له عمل آخر؟؟ قال لي أنا ملازم أول في القصر الجمهوري.. راتبي خمسمائة ريال أعمل (14) يوم بالقصر و(14) يوم حر طليق.. قارنوا هذا بشبابننا ؟؟
أعجبت بنشاط الإنسان اليمني منذ الصباح الباكر الجميع يعمل بجد ونشاط الصغار والكبار يعملون في كل شيء بدءاً من البيع على العربيات والأرصفة وانتهاءً بالمراكز التجارية إضافة إلى الزراعة والمصانع والخدمات الأخرى.. لا يوجد من ينام صباحاً إلى الظهر.. الجميع في الشوارع .
ساحة باب اليمن التي تعتبر قلب صنعا
كل الذين تحدثت إليهم صغاراً وكباراً لديهم ثقافة اجتماعية وسياسية ودينية عالية.. إضافة إلى المنطق السليم والعقلانية والجد.. الغير متعلمين منهم قلة.. وجدت لديهم الصبر والقناعة والحكمة وعلى الفطرة.. أحد الرفاق ( تسرع ) بسؤال - غير واضح - لشايب طاعن في السن رد عليه الشائب بآية قرآنية طويلة ومشى في سبيله .
لا يوجد باليمن أي أثر لعامل بنغالي أو هندي أو مصري.. كل الأعمال يقومون بها بأنفسهم.. الموجود صينيين وروس .... وخبراء في المهن والمشاريع التي لا يستطيعون القيام بها .
جميع المدارس – تأكدت بنفسي – مبانٍ حكومية مبنية من الحجر جميلة المنظر.. الطلاب بلباس موحد بنطلون وقميص أبيض.. والطالبات بزي موحد أيضا بمنتهى الاحتشام.. في عدن يسرن الطالبات سافرات .. الطلاب يخرجون من مدارسهم أيضاً مشيا على الأقدام بدون باصات أو وسائل نقل خاصة ويتداخلون بين الطالبات في الطريق العام شيء عادي كلاً في حاله وسبيله إلى منازلهم .. أجد نفسي أكثر ألما عندما أقارن هذا الوضع في بلد نعتبره متأخرا .. وأقارنه بمدارسنا وحالات الإستنفار بالدوريات الأمنية وهيئات الأمر بالمعروف لكي تضبط فئات قذرة من شبابنا أمام المدارس
أثناء مرورنا في الطريق إلى المدن الأخرى نجد القرى وطلاب القرى الفقيرة جداً نلاحظ الزي الموحد وإن كان يبدو عليه قدمه وعدم نظافته قياساً بغيرهم .
المدارس لا يوجد عليها عبارات وشخبطة.. وكذلك جدران المنازل والكباري والطرق العامة.. يا خسارة!! .. انظروا إلى طرقاتنا... ومدارسنا... وجدران منازلنا.... ولوحات الطرق الإرشادية... وحدائقنا... حتى الصخور... والجبال... لم تسلم من الأذى.. شباب لدينا لا يوجد لهم مثيل في العالم كله... في الدناءة والخسة والنذالة.. وإلا كيف أقبل... أو يقبل غيري ... ويقبل كل ذي منطق سليم.... أن يرى هذه الشخبطة... والكلمات البذيئة والذكريات الحقيرة.... والعبارات الجنسية.... على مرافق ومنشآت وأملاك خاصة صرفت عليها الحكومة بسخاء بلايين الريالات..!! نجدها تدمر ويعبث بها على مرأى ومسمع العابرين .. ولم نجد سببا مقنعا أو حلا لهذا العبث .. أين الأسرة ؟ والآباء والتعليم والأمن والحس الوطني؟؟ وأين الرادع الديني والإيماني ونحن في أطهر بقعة على وجه الأرض.. تخريب متعمد وتكسير كأنهم عند المرافق في جبهة حرب مع الأعداء .شعرت بالإعجاب والطمأنينة والرضا في الحديدة وصنعاء وتعز وإب... حتى في عدن .. عندما سمعت النداء فجراً في كل أرجاء تلك المدن بصوت واحد "الله أكبر.. الله أكبر..".. المساجد مليئة بالمصلين . وإن كانت لا تقارن بمستوى جمال ونظافة المساجد لدينا ..
منذ أن عبرنا الحدود.. حتى الحديدة وعند كل نقطة تفتيش والمسئولين اليمنيين في وزارة الشباب على اتصال مستمر.. وفي كل نقطة عسكرية نجد خبرنا قد وصل إلى النقطة ويسلموننا أمنياً إلى النقطة الأخرى عن طريق الاتصالات ..
وكيل وزارة الشباب أرسل مندوباً لاستقبالنا ومندوباً عسكرياً آخر من الأمن السياسي مرافق لنا.. رحبوا بنا واستقبلونا بحفاوة وكرم ..عددنا (24) منهم المشرف التربوي والضابط والمدير والدكتوروالمعلمين.. إلا أن مستقبلينا كانوا جميعا في مستوى عال من الثقافة حديثهم وترحيبهم في الأماكن التي زرناها بلغة... عربية فصحى وعبارات جميلة... وتعبير صادق... واحترام يفوق الوصف ..
أعدوا لنا برنامجاً مكتوباً بالساعة والدقيقة .. نجتهد في الإلتزام به .. فترة صباحية وفترة غداء وراحة.. ثم انطلاقة أخرى.. حتى المساء مع فترة مسائية أخرى .. زرنا خلالها العديد من الجهات منها السفارة السعودية والقائم بالأعمال حيث وجدنا منه كل مودة وترحاب ... وأثنى على هذه الزيارة وفكرتها باعتبارها في نظره الشخصي تأخذ طابعاً سياسياً يهم السفارة من أجل تدعيم العلاقات بين البلدين .
أتيحت لنا زيارة مركز الشباب والرياضة والمركز الكشفي.. ولقاء آخر مع وكيل الوزارة الأول للشباب والرياضة وألقى الزميل : الدكتور أسعد بشية الغامدي ( مدير تعليم المخواة سابقا ) كلمة بهذه المناسبة.. حضراللقاء مندوبو الصحف اليمنية والتلفزيون اليمني ونشر لديهم الخبر بالتلفزيون اليمني في نفس اليوم ضمن الأخبار المحلية .. وتبودلت الهدايا التذكارية ..
دار الحجر : قصر الإمام
زرنا (دار الحجر) القريبة من صنعاء .. وهي قصر للإمام حاكم اليمن سابقاً القصر مبني على صخرة غريبة وعالية جداً يصعب الوصول إليها وهدفها حماية الحاكم من الأعداء أثناء تواجده بهذا القصر.. بداخلها مرافق عدة منها غرفة إصدار الأحكام الشرعية وساحة القصاص وغرفة أخرى يختلي فيها الإمام للتفكير قبل إصدار الحكم ويوجد مخازن للحبوب... وجلسات صيفية وشتوية... وعدد من غرف الحريم... ومطاحن الدقيق الحجرية... ووكر ضيق جداً للخدم وبئر ماء محفوره من أعلى نقطة في الصخرة وتصل إلى باطن الأرض.. ومقر خاص للحمام الزاجل (وسيلة الاتصالات الوحيدة) ونوافذ خاصة يتضح من خلال عدة فتحات صغيرة الأبراج الفلكية والزمنية.. ودرج سري للهروب خارج القصر عند الخطر.. وغير هذا كثير يصعب عليّ كتابته هنا.. بجوار هذا القصر منـزل متواضع بالحجر والطين.. إنه بيت الإمام الشوكاني..
بالرغم من تلك الاحتياطات فقد علمت من خلال قراءات لي شخصية وسابقة أن الإمام يحيى حميد الدين قد قتل رحمه الله غيلة وغدراً برصاص أعدائه المتربصين به وهو راكب على حصانه بالقرب من هذا القصر بعد أن تجاوز السبعين من عمره.. وكان حجة في علم الحديث والفقه والتفسير عالماً في الدين لا يجاريه أحد في زمانه.. وكل وزير لديه لابد أن يكون عالماً وصل إلى درجة (حجة) في العلم الشرعي .
زيارات في صنعا
أتيحت لنا أيضاً زيارة المتحف الحربي بصنعاء.. الذي يركز على قيام الثورة و(أبدال) أبطال الثورة اليمنية وشهدائها وأسلحتهم وصور أخرى لما أسموهم ب ( الشهداء ) من كبار ضباط الجيش المصري الذي شارك وساند السلال في الثورة على الإمام البدر.. عام 1962م بالإضافة إلى سيارة الإمام يحيى ولباس جنوده وعربة خيله.. وغيره الكثير ..
بادرة إنسانية أخرى زرنا فيها أحد قادة الكشافة اليمنية الذي يرقد مريضاً في منـزله بعد إجراء عملية جراحية له.. وقبل الزيارة أعجبني الأخوان عندما بادروا بشراء باقة ورد كبيرة .. واقترحت عليهم إضافة علبة حلويات لعلها تكون أكثر نفعاً لأبنائه وأسرته.. استقبلنا والده وابنه الصغير في شقة متواضعة جداً .. لقد شعرنا جميعاً بالارتياح لهذه البادرة الأخوية..
* * * * * * * * * * * *
إلى تعز
انتقلنا إلى تعز ثاني مدينة في اليمن وبجوارها جبل (صبر) الشهير بجماله وارتفاعه.. وإطلالته على المدينة يخترق الجبل طريق مسفلت حديث وجميل نفذ على حساب الأمير سلطان بن عبدالعزيز.. وعلى جنبات الطريق فتيات تعز يعرضن بيع الفل اليمني ويلحون علينا بشرائه.. توجد العديد من غرف الاستراحات البسيطة والشعبية لتناول الشاي والتمتع بالمناظر الجميلة من خلال نوافذ زجاجية تطل على المدرجات الزراعية وعلى بيوت رائعة مبنية من الحجر بنيت بشكل تراثي أخاذ يفوق الوصف . الجبل مغطى بأنواع من الأشجار الجبلية .. والأشجار المثمرة صيفا بأنواع من الفواكه
من خلال تداخلنا مع السكان يتواجد لدينا شعور بأن أهالي تعز أكثر لطفا ووداعة في التعامل مقارنة بغيرها ..إذ تتركز الشراسة وصعوبة المراس في ذمار( أكبر مقر لبيع الأسلحة الفردية خارج نطاق القانون ) وسكان الحدود الشمالية الشرقية المجاورة للمملكة .. والأشداء منهم في ( مأرب ) حيث لم نفكر بالمرور أو الاقتراب من مأرب .. لأن الابتعاد عنها أفضل من قولة ( الله يرحم أولئك الكشافين القدماء الذين قضوا نحبهم في مأرب )
في تعز مركز ثقافي (مركز السعيد للعلوم والتقانة) زرناه وتلقينا ترحيباً رسمياً من مديره وبقية المسئولين.. يحتوي على مكتبة علمية وثقافية كبرى وصالات للقراءة.. يرتاده الطلاب والطالبات الجامعيات..
كان شيئاً طبيعياً بالنسبة لهم عندما التقينا بمجموعة من الفتيات الجامعيات في إحدى صالات هذا المركز.. وشرح لهم رئيس الوفد بشكل مختصر عن مهمتنا وطبيعة عملنا.. تبرعت إحداهن بالرد والترحيب وهي تذاكر على مقعدها والبقية ينظرن في صمت وأدب وشيء من الاستغراب (ما سمعنا : كركرة .. ولا مجاغة).. ولم يسمعوا ولا سبق أن شاهدوا من قبل مثل هؤلاء المجموعة من (الشيبان) الكشافين في ملابس موحدة ومنظمة.. بعضهن سافرات.. الفتيات في جانب والطلاب في جانب آخر والمكتبة موحدة كلا منهن مشغول بكتبه وأبحاثه .
أما نحن فبنظرة عابرة لا بد أن نشاهد الجمال الذي تشتهر به تعز .. لا تسألني عن (الجمال).. ولا أحب أن أتذكر هذا الموضوع ولا أكتب عنه
ولعلني لا ألوم الشاعر اليمني في قوله :
عليك سموني وسمسمـــــــــوني====وبالملامـــــــــــــــه فيك عذبوني
وجروا المصحف وحلـــــــــفوني====وقصدهم بالنار يحرقــــــــــــوني
حلفت ما احبك فكذبــــــــــــــوني====وقبل ذا كانوا يصدقـــــــــــــــوني
هم يحسبوني أضمرت في يميني====فقلــــــــــــــــــت الله بينهم وبيني
00000000000000000
حلفت لما أبدوا شجن ووسواس====وأجروا من الدمع الغزير أجناس
ياذ الذي سميتمــوه على الراس====قلتم بأنه بدر جنح الأغــــــــلاس
ما أراه إلا مثل ســـــــائر الناس====لو كنت أحبه ما علي من بـــاس
أنساه وأنتم به تذكـــــــــــــروني====لا تظلموه بالله وتظلمـــــــــــوني
00000000000000000
قالوا فمالك حين تراه تخــــــجل====يصفــــــــــر وجهك إن بدا وأقبل
وتستحي يوم تذكره وتفشــــــــل====يغيب حســــــــــك إن ذكر وتذهل
وأنت قالوا اليوم عليه تغــــــزل====غزل رقيـــــــق في كل حين يقبل
قروا بخطك له غزل حمـــــــيني====يهز حتى قامــــــــــــــــة الرديني
00000000000000000
فقلت خلوا ذا الكـــــــــــلام بالله====كلام يورث للصغير خجـــــــــــله
كلام يخجل راعي الأشــــــــــلة====مغير شمس الأفق والأهـــــــــله
تكايدوه عاده صــــــــــــغير أبله====شاحمل لكم حاجة عليّ سهــــله
خلوا لكــــــــــــم كيده وكايدوني====تعاندوه بالله عانــــــــــــــــــدوني
0000000000000000
هــــــو يرحمه قلبي لصغر سنه====ما هو شفق في مبسمه وعيـنه
وأنتم تقولوا أعشقه لحســــــنه====وان قــــــــــــــــدِّه غرّني بغصنه
حسنه لنفســــه وايش علي منه====كيف أعشقه والهجر صار فنـه
قالوا كذب والا تصدقـــــــــــوني====وان لكم قدره فقيـــــــــــــــدوني
00000000000000000
يا خل جيرانك شواني اعــــــــدا====قد ذوقوني المـــــــــر فيك والدا
يشنوك ويشنوني صحيح جـــــدا====يشنوك كما حسنك بديع مــفدى
داريتهم في عشقتك فما أجـــدى====انه إذا أرهب بالذي تبــــــــــدى
وأنا كما أنا عاشقك شنـــــــوني====ما شاءه في جدي وفي مجوني
00000000000000000
مالي مع الناس ايش علي منهم====شاصبر على أقوالهم وشاحـلم
والله ما أنا أسأل عنـــــــــــــــهم====أخافهم في عشقتك فخفـــــــهم
وأنا كذا من يوم أنا ويــــــوم هم====قد جرعوني في المحبة الســم
شاقول منيع الله يتركـــــــــــوني====ولا عليهم عزتي وهـــــــــوني
00000000000000000
قالوا عشق هو عيب من تعشق====قالوا فؤادي بالهوى معــــــــلق
قالوا لمه قلبي عليه يحــــــــرق====من سكر حبه ما صحا ولا افرق
ومالعيني بالدموع تغــــــــــــرق====ونهرها فوق الخدود مطــــــــلق
الدمع دمعي والعيون عيـــــوني====وما عليهم من بكا جفــــــــوني
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::
من الملاحظ وجود العديد من الجامعات اليمنية المعترف بها رسمياً وفيها أعداد كبيرة من الطلبة السعوديين أرسلوهم أهاليهم لدراسة الطب والهندسة بعد أن تعذر قبولهم في الجامعات السعودية والرسوم هناك ليست كبيرة مقارنة برسوم الدراسة في الأردن .. أو غيرها من الدول الأخرى .
في منتصف جبل صبر توجد قلعة أثرية من أيام الأتراك ويجري حالياً عملية ترميم وإصلاح جبارة وبأيدٍ يمنية.. مرافقها وموقعها يفوق الخيال.. التقينا في أحدى جوانبها مجموعة من الكشافة اليمنية حضروا لاستقبالنا وعندما تأخرنا عليهم طبخوا غداءهم بأنفسهم وطلبوا منا الانتظار والمشاركة .. قدموا لنا بعض الأناشيد الترحيبية باللحن اليمني الجميل ..
(ريسنا الجيزاني ينزل من القلعة ..قلت : وقف شاء آهب لك صوره .. واسيد أيني )
وكاتب السطور ينزل من القلعة أيضا
قائد القلعة يستلم درعا بمناسبة الزيارة
* * * * * * * * * * * *
إب .. درة اليمن
وفي اليوم الثالث كانت لنا زيارة إلى مدينة "إب" أجمل وأشهر مدينة في اليمن بمزارعها وجبالها ومدرجاتها الخضراء.. على مد البصر.. يخترقها شارع رئيس من المنتصف على جنباته عدد من الفنادق ( نجمتين فقط ) والمقاهي الشعبية والمطاعم ( طبعا لازم تاكل وانت مغمض لا تبحث عن شيء اسمه نظافه ) .. وفي جانب منها على ربوة عالية مجموعات من الفلل والمباني الفخمة قيل لنا أن هذه ملك للمغتربين القادمين والعاملين بأمريكا .. وعلى بعد قريب من المدينة ينتصب شامخا جبل بل مجموعة ( جبال ) مغطاة بالإخضرار يسمونه جبل ( ربي ) وبجوارها جبال كوكبان الشهيرة .. ولعل هذا الاسم يذكر الجيل القديم بأغاني ( الثلاثي الكوكباني )
عندما توقفنا في الشارع العام .. حضر إلينا مجموعة من الصبية .. أحدهم في الثامنة من عمره بدأ يفاوضنا على مشاهدة بعض المناطق السياحية المجاورة لمدينة إب .. قائلا : أنا مرشد سياحي .. يا سلام على هذا المرشد الصغير في جسمه الكبير بعقله وتصرفاته .. تتعامل معه كأنه رجل بثقته في نفسه ومعرفته بطريقة التفاوض
نزلنا من إب بطريق جبلي منحدر إلى منطقة تسمى ( العدين ) وهي مدينة صغيرة بها حركة تجارية نشطة على الشارع العام .. وبها مسجد أثري بني في القرن السادس على ما أعتقد .. وأسفل هذه المدينة واد جميل تخترقه المياه والشلالات .. وعلى جوانبه أشجار البن ومزارع أخرى .. اسظلينا تحت تلك الأشجار مقابل المياه المتدفقة من الجبال المجاورة وعلى مرأى منا أهالي المزارع على الفطرة يتابعون أبقارهم ومزارعهم .. مثل الأوضاع المعيشية التي كامن عندنا قبل خمسين عاما
كشافة بلدة ( جبلة ) المجاورة لمدينة إب أثناء ترحيبهم واستقبالهم للوفد
هنا .. عدن
انتقلنا إلى جنوب اليمن باتجاه عدن .. ونظم استقبال لنا من مسئولي وزارة الشباب والرياضة والكشافة هنا في مركز حديث .. لاحظنا الفارق في المستوى العام بين الشمال والجنوب.. حيث يلاحظ في عدن بقية آثار النظام الشيوعي والاشتراكي المستبد والذي صاحبه نظام صارم في مسار الحياة اليومية لكل أفراد الشعب.. الآن تنفسوا الصعداء وبدأوا حياة النظام الرأس مالي .. تجتهد أكثر وتنتهز الفرص.. تكسب مادة أكثر بأي طريقة وبأي أسلوب.
سألت بعضهم عن الفرق بالنسبة لحياتهم ومعيشتهم : بين النظام الإشتراكي السابق ومع النظام الجمهوري الحالي تحت شعار الوحدة .. الفقراء منهم يتحسرون على النظام السابق حيث يتساوى الجميع في الفقر وحياة الكفاف.. وبعضهم لديه ثقافة حزبية وسياسية يدخل بك في متاهات لم أصل معه إلى نتيجة.. وبعض التصريحات منهم لا ينبغي ذكرها.. وأحياناً لا أفهم ماذا يعني وماذا يقصد .. لكن سائقا للتاكسي ركبت معه أفاد بأنه حاليا استطاع اقتناء هذه السيارة التي يمتلكها ويقودها بينما في ظل النظام الشيوعي الإشتراكي السابق لا يستطيع أن يمتلك مسمارا من تلك السيارة ومن جانب آخر أشار إلى شيء من الفوضى في تطبيق الأنظمة والقانون حاليا
في الجانب الشرقي من عدن يوجد حي (كريتر) ويعني فوهة البركان والمدينة القديمة بكاملها تستقر على هذه الفوهة .. وبقرب هذا المكان توجد صهاريج عدن وهي تحفة معمارية عجيبة بنيت قبل آلاف السنين.. مهمتها حجز مياه السيول حتى لا تجتاح المدينة.. بالإضافة إلى تزويد المدينة بمياه الشرب .
صهاريج عدن بنيت منذ آلاف السنين لحجزالمياه وسقيا المدينة
من ضمن الخطة زيارة متحف الآثار بعدن الذي يقع في قصر كان ملكاً لسلطان الدولة القعيطية الحاكمة لعدن.. في ظل السيطرة والاستعمار البريطاني .. بني القصر بطراز إنجليزي قديم في غاية الروعة والجمال ..
دخلنا المتحف .. بعض أعضاء الوفد غير مهتمين بالآثار.. وتفرقوا يمنة ويسرة.. عندما وصلت الدكتورة المسئولة وبدأت الشرح عن المتحف .. ما شاء الله.. تجمعوا بسرعة وبدأوا يناقشون ويسألون .. بعض الأسئلة أصابتني شخصياً بالدوار والغثيان.. لبعدها عن الواقع.. على سبيل المثال توجد بنادق قديمة محفوظة بإحكام خلف زجاج وعليها أرقام للتوثيق والمحافظة عليها.. البنادق تخص بعض الشهداء الأبطال يحكي منظرها مآثرهم وبطولاتهم في مكافحة الاستعمار البريطاني .. في نظري لا تقدر بثمن.. أخينا .. سأل هذه البنادق للبيع؟ تبيعون؟؟ ... أين النظام الذي يسمح ببيع قطعة أثرية للزائرين من متحف حكومي؟ في أي دولة من دول العالم؟
مدينة عدن تعج بالحركة التجارية.. ولديهم ثقافة عالية وانضباط في الشوارع والتعامل أخذ وعطاء بدون مجالات.. ولا عواطف.. يوجد نظام لا بأس به في الكثير من نواحي الحياة.. ولعل بقايا النظام الإنجليزي الاستعماري والنظام الاشتراكي السابق له دور في ذلك.. وفي نفس الوقت لا أنصح بزيارتها إطلاقاً لأنها تشابه أحد أحياء جدة الجنوبية فقط لا جديد فيها ..
توجد الكثير من الأحياء الشعبية الفقيرة.. وأعداد هائلة من المتسولين الذين يشبهون متسولي سهل تهامة في حرض إلى الحديدة .. وهذا الأمر يذكرني بأشكال المتسولين الذين كانوا يفدون علينا في قرى وادي العلي منذ زمن بعيد .. نسميهم : (اللحوج) و(اللحجي) نفس الأشكال والملامح ..
يتبع