هذي
شعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي

ألقاها في لقاء خادم الحرمين بوفود المهنئين في قصر السلام في جدة في اليوم الثاني من رمضان 
 
هذي قلاع المجـد، عـز كيانهـا =
وتجاذبـت وتماسكـت  أركانهـا =
تمشي النجوم على ذراها،  كلمـا = 
جن المسـاء، فيزدهـي بنيانهـا =
ويعانق القمر المضيء شموخهـا= 
فتكاد تهتـف باسمـه  جدرانهـا =
أما إذا انسكب الصباح على الذرى = 
منهـا وهـش لنـوره بستانهـا =
وانساب ضوء الشمس في واحاتها =
متخلـلا مـا ظلّلـت  أغصانهـا =
وسرى النسيم مداعبـاً  أهدابهـا =
واستيقظت من نومهـا  أجفانهـا =
فهناك يسعد كـل نفـس حسنهـا =
وتسـر مقلـة ناظـر ألوانـهـا =
هذي قلاع المجد جلجـل صمتهـا =
نطقا، وأينع في السكـوت بيانهـا =
فهي التي بالصمت أفصح  ناطـق =
مهما تعثر فـي الكـلام لسانهـا =
وهي التي تبقى رمـوزاً، يرتقـي =
في كل عصـر قدرهـا ومكانهـا =
فيها تعانقـت المكـارم، والتقـى =
إيمانهـا فـي ساحهـا وأمانهـا =
هي مهبط الوحي المبين،  بنـوره =
اغتسلت، فزالـت بعـده أدرانهـا =
لما تلا المختار (اقـرأ)  أشرقـت =
وتساقطت مـن حولـه  أوثانهـا =
وتطامنت شـم الجبـال تواضعـاً =
وتشربـت ممـا تـلا  آذانـهـا =
فكأن حصبـاء البطـاح تحولـت =
فيها لآلـئ، قـد غلـت أثمانهـا =
يا خادم الحرميـن، هـذي قبلـةٌ =
كبرى، ثقيـلٌ بالهـدى  ميزانهـا =
من حولها البلـد الأميـن وأمـةٌ =
في كـل ناحيـةٍ، هَفـا وجدانهـا =
فالشام، واليمن السعيد،  ومصرُها =
وعراقُهـا، ومحبهـا سودانـهـا =
وخليجها العربـي فـي  أعماقـه =
شغـف تبـوح بمثلـه  إيرانهـا =
والمغرب العربـي يخفـق  قلبـه =
حبـاً، وكشميـر  وباكستانـهـا =
وعلى مـآذن تركيـا  وقلاعهـا =
من حبها صـور بـدا  برهانهـا =
وهناك من خلف البحـار تطلعـت =
شيشانهـا حبـاً  وتركستانـهـا =
ومآثـر التاريـخ فـي  بلقانهـا =
تشدو بمـا تشـدو بـه أفغانهـا =
أما فلسطيـن الحبيبـة  فالمـدى =
في ناظريها، والزمـان  زمانهـا =
فيها شقيق المسجدين ولـم تـزل =
في سجنها، يلهو بهـا  سجانهـا =
يتطلـع الأقصـى إلينـا،  كلمـا =
هـز المشاعـر للصـلاة أذانهـا =
يا خادم الحرمين، دولتنـا  التـي =
ورثت ينابيـع الهـدى  أوطانهـا =
إن قيل: تلك سفينة، فالبحر  فـي =
زهو بهـا، وشموخهـا  ربانهـا =
أو قيـل: ذلـك موكـب فأمامـه =
طـرق النجـاة يحفهـا ريحانهـا =
هي دولة قامت على الدين الـذي =
لولاه، ما سبق الخيول  حصانهـا =
لمـا مشـى عبدالعزيـز مكبـراً =
سلك الطريـق وراءه  فرسانهـا =
أستـار كعبتهـا دلائـل حشمـة =
مهما تراقـص حولهـا مجانهـا =
يا خادم الحرمين، أنـت  تقودهـا =
وإليك ألقـي سرجهـا  وعنانهـا =
أنت الذي أسكنـت قلبـك  حبهـا =
فاستوطنتـه وسـرَّك استيطانهـا =
ما زلت تمنح مسجديهـا  خدمـة =
عظمى سرت بحديثهـا  ركبانهـا =
في وجه مكتها علامـات الرضـا =
وبحب طيبتهـا يفيـض  جنانهـا =
شرف تضاءلت المفاخـر  عنـده =
لا فرسهـا بلغـت ولا رومانهـا =
والله لـولا دينهـا مـا أسرجـت =
قنديلهـا قحطـان أو  عدنانـهـا =
ظلت تدير رحى الحروب  لنفسهـا =
لا عبسها انتصـرت ولا  ذبيانهـا =
ذاقت قبائلهـا الشتـات، وحينهـا =
بعث الرسـول تبـددت  أحزانهـا =
فجمالهـا إسلامهـا، وجلالـهـا =
إيمانهـا، وبهاؤهـا  إحسانـهـا =
يا خادم الحرميـن هـذي  دولـة =
يسمو بها نحـو العـلا  إيمانهـا =
تلك الأمانة - لا عدمتك -  عبئها =
عبء يشير إلى الرجـال  بنانهـا =
أبت السمـاء وأرضنـا وجبالنـا =
منها، ونـاء بحملهـا  إنسانهـا =
فلأنت تحملهـا، ونايـف  أمننـا =
وولي عهدك - قبله - سلطانهـا =
فيكم لهـا أمـل يطمئـن  قلبهـا =
وكفيلهـا ووليـهـا رحمانـهـا =
فهو الذي علـم السرائـر عنـده =
مهما يطول على المدى  كتمانهـا =
أركـان دولتنـا يثبتهـا  الهـدى =
وبـه تعـز ويشـرق اطمئنانهـا =
فهي المنيعة بالشريعـة،  دارهـا =
دار الهـدى، ويقينهـا  عنوانهـا =
والأمر بالمعروف خيمـة  أمنهـا =
ولسان خيـر الأنبيـاء  لسانهـا =
أبشـر بعزتهـا وطـول  بقائهـا =
إن ظـل يرفـع رأسهـا قرآنهـا =
نشر بتاريخ 28-08-2009م