
إن العبادة الحقة هي التي يكون صاحبها بين الخوف والرجاء قال سبحانه :
 أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ 
وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا 
(57) سورة الإسراء 
كما قال في وصف هؤلاء المشتاقين إلى الله :
أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ 
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ 
(9)سورة : الزمر 
فالمشتاقون إلى الله تعالى هم الذين تكون حياتهم بين الرغبة والرهبة 
كما قال تعالى في آل زكريا عليهم السلام : 
 إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ 
(90) سورة : الأنبياء 
فالعبد الصالح تارة يمده الرجاء والرغبة ، 
فيكاد يطير شوقاً إلى الله ، وطوراً يقبضه الخوف والرهبة 
فيكاد أن يذوب من خشية الله تعالى ، 
فهو دائب في طلب مرضاة ربه مقبل عليه خائف من عقوباته ، 
ملتجئ منه إليه ، عائذ به منه ، راغب فيما لديه .
قال الشاعر: 
خف الله وارجوه لكلِّ عظيمةٍ = ولا تطع النَّفس الّلجوج فتندما
وكن بين هاتين من الخوف والرَّجا = وأبشر بعفو الله إن كنت مسلما 
ولقد ضرب الأنبياء الكرام مثلاً طيبا في حسن الشوق إلى الله تعالى , 
فها هو نبي الله موسى عليه السلام حين قال لله : 
{ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ } 
( الأعراف 143 ) ، 
يطلب النظر إلى الله شوقاً إلى الله عز وجل لا شكاً في وجوده , 
ويدل عليه سؤال الله له وما تلك بيمينك, قال تعالى 
" وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) 
قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18)
 سورة : طه
قال المفسرون : وقد كان يكفى موسى - عليه السلام - في الجواب أن يقول : هي عصاي ،
 ولكنه أضاف إلى ذلك أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي.
 لأن المقام يستدعى البسط والإطالة في الكلام ،
 إذ هو مقام حديث العبد مع خالقه ، والحبيب مع حبيبه .
راجع: التفسير الوسيط 1/2818.
قال ابن القيم : 
أنا الفقير إلى رب البريات = أنا المسكين في مجموع حالاتي 
أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي = والخير إن يأتنا من عنده يأتي
لا أستطيع لنفسي جلب منفعة = ولا عن النفس لي دفع المضرات