
من أنواع الشكر لله 
الشكر بالقلب و الخوف من الله ورجاؤه ومحبته 
حبا يحملك على أداء حقه وترك معصيته وأن تدعو إلى سبيله وتستقيم على ذلك . 
ومن ذلك الإخلاص له والإكثار من التسبيح والتحميد والتكبير . 
ومن الشكر أيضا الثناء باللسان وتكرار النطق بنعم الله والتحدث بها 
والثناء على الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
 فإن الشكر يكون باللسان والقلب والعمل . 
وهكذا شكر ما شرع الله من الأقوال يكون باللسان . 
وهناك نوع ثالث وهو الشكر بالعمل . . . بعمل الجوارح والقلب ؛
 ومن عمل الجوارح أداء الفرائض والمحافظة عليها كالصلاة والصيام والزكاة وحج بيت الله الحرام
 والجهاد في سبيل الله بالنفس والمال كما قال تعالى : 
{ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ... } الآية . 
ومن الشكر بالقلب الإخلاص لله ومحبته والخوف منه ورجاؤه كما تقدم
 والشكر لله سبب للمزيد من النعم كما قال سبحانه : 
{ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ } ،
 ومعنى تأذن : يعني أعلم عباده بذلك وأخبرهم أنهم إن شكروا زادهم وإن كفروا فعذابه شديد ،
 ومن عذابه أن يسلبهم النعمة ،
 ويعاجلهم بالعقوبة فيجعل بعد الصحة المرض وبعد الخصب الجدب وبعد الأمن الخوف
 وبعد الإسلام الكفر بالله عز وجل وبعد الطاعة المعصية . 
فمن شكر الله عز وجل أن تستقيم على أمره وتحافظ على شكره حتى يزيدك من نعمه ، 
فإذا أبيت إلا كفران نعمه ومعصية أمره فإنك تتعرض بذلك لعذابه وغضبه ،
 وعذابه أنواع؛ بعضه في الدنيا وبعضه في الآخرة . 
ومن عذابه في الدنيا : 
سلب النعم كما قال تعالى :
{ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ }،
 وتسليط الأعداء وعذاب الآخرة أشد وأعظم كما قال سبحانه : 
{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ } 
وقال تعالى : { اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } 
فأخبر سبحانه أن الشاكرين قليلون وأكثر الناس لا يشكرون . 
فأكثر الناس يتمتع بنعم الله ويتقلب فيها ولكنهم لا يشكرونها بل هم ساهون لاهون غافلون 
كما قال تعالى :
 { وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ }
 فلا يتم الشكر إلا باللسان واليد والقلب جميعا . وبهذا المعنى يقول الشاعر : 
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا 
والمؤمن من شأنه أن يكون صبورا شكورا كما قال تعالى : 
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }
 فالمؤمن صبور على المصائب شكور على النعم ، 
صبور مع أخذه بالأسباب وتعاطيه الأسباب ،
 فإن الصبر لا يمنع الأسباب ، فلا يجزع من المرض ولكن لا مانع من الدواء . 
فلا يجزع من قلة المزرعة أو ما يصيبها ولكن يعالج المزرعة بما يزيل من أمراضها ، 
فالصبر لازم وواجب ، ولكن لا يمنع العلاج والأخذ بالأسباب . 
فالمؤمن يصبر على ما أصابه ويعلم أنه بقدر الله وله فيه الحكمة البالغة 
ويعلم أن الذنوب شرها عظيم وعواقبها وخيمة فيبادر بالتوبة من الذنوب والمعاصي . 
فعليك أيها المسلم أن تتوب إلى الله عز وجل حتى يصلح لك ما كان فاسدا ويرد عليك ما كان غائبا . 
وقد صح في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
 ( إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ) ،
 فقد يفعل الإنسان ذنبا يحرم به من نعم كثيرة . قال تعالى : 
{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ }
 وقال جل وعلا :
 { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ... } الآية ،
 وقال سبحانه : 
{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } 
فالمصائب فيها دعوة للرجوع إلى الله وتنبيه للناس لعلهم يرجعون إليه . 
فالعلاج الحقيقي للذنوب يكون بالتوبة إلى الله وترك المعاصي والصدق في ذلك ، 
ومن جملة ذلك العلاج : ما شرع الله من العلاج الحسي فإنه من طاعة الله ،
 كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :
 « عباد الله تداووا ولا تتداووا بحرام » 
فالمؤمن صبور عند البلايا في نفسه وأهله وولده شكور عند النعم بالقيام بحقه والتوبة إليه 
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : 
« عجبا لأمر المؤمن فإن أمره كله له خير
 وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له 
وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له »
 رواه مسلم في الصحيح من حديث صهيب ابن سنان رضي الله عنه . 
من موقع سماحة الشيخ بن باز يرحمه الله .
تحياتي  
...........