عدد النقاط : 10
بسم الله الرحمن الرحيم تقديم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم بعون من الله تعالى تمت هذه الرحلة قبل عدة سنوات من هذا الآن ..لكن مسألة الكتابة عندي ليست منتظمة فهي تعتمد على الرغبة والمزاج و الصحة و( الفضاوة ) .. لقد تم اختيار هذا البلد بناء على تجميع معلومات أولية منها ما يتعلق بالأمن بعد القضاء تماما على منظمة التاميل الإرهابية وهدوء الأوضاع .. إضافة إلى الجمال الطبيعي الذي تتميز به الجزيرة مما أكسبها مسمى جوهرة الشرق نظرا لمشابهة شكل الجزيرة بالجوهرة ولما تحويه من كنوز طبيعية أدرجت الرحلة ضمن الخطة العامة لجمعية الكشافة السعودية أولا .. ثم أبلاغ السفارة السعودية في العاصمة كولمبو وأيضا الجهة المسئولة عن الكشافة السيرلانكية .. كما اسندت مسئولية التنظيم للأستاذ القائد : عبدالله بن علي الربعان السيهاتي .. مديرمكتب الدمام كان مسار الرحلة يتضمن سيرلانكا أولا ثم جزر المالديف لكننا بعد مضيء عشرة أيام من الترحال ألغينا مسألة الذهاب إلى جزر المالديف التي تبعد عن سيرلانكا ستمائة كيلومترا وسط المحيط الهندي .. إضافة إلى أن تلك الجزر لا تتناسب مع توجهات المجموعة الكشفية التي تبحث عن مناطق بها شيء من الحيوية والطلوع والنزول والأثار والمتاحف والجبال والأنهار .. جزر المالديف عبارة عن شواطيء هادئة ومريحة وجميلة أيضا تصلح للإسترخاء و ( للعرسان ) نبذه عن سيرلانكا وموقعها تقع الجزيرة جنوب الهند وكأنها وصلة مرتبطة بها جيولوجيا انفصلت عنها قبل ملايين السنين وهي دولة مستقلة كانت يوما ما تحت الاحتلال البرتغالي بعدها الهولندي ثم إحدى مستعمرات التاج البريطاني التي لا تغيب عنها الشمس .. دخلها الإسلام عن طريق التجار المسلمين الذين نشروا الإسلام في كل أرجاء الشرق الأسيوي مثل أندونيسيا والفلبين وماليزيا وبورما وتايلند والصين وغيرها .. هذا يتسق مع المفهوم المؤكد بأن الدين الإسلامي هو الدين السوي الذي يتفق مع الفطرة الإنسانية لهذا لم ينتشر هناك بالحرب أو الإكراه بل بالقدوة الحسنة التي كان يمثلها التجار المسلمون الأوائل .. لقد كان صدقهم وأمانتهم وصلواتهم خير مثال على تقبل أولئك الأقوام الدخول في الإسلام محبة وطواعية الفكرة السائدة عن سيرلانكا عامة هو ارتباطها بالعمالة والعمال خاصة عمال النظافة وشركة سمامة يوما ما ..لكن ما وجدناه يختلف تماما ..إذ يستقبلك شعب منظم مبتسم أغلبهم يجيد اللغة الإنجليزية ولا تزال آثار التنظيم والنظام واللغة موجودة من أيام الاستعمار البريطاني كما ارتبط اسمها تاريخيا حسب ما درسنا في الأدب والتاريخ بأمرين : الأول : قيام الاستعمار البريطاني الذي كان يحتل مصر بنفي الشاعر محمود سامي البارودي إلي جزيرة ( سرنديب ) بسبب مناهضته للاستعمار البريطاني .. وقد تحول اسم الجزيرة فيما بعد إلى ( سيلان ) وأخيرا استقر المسمى إلى ( سيرلانكا ) وبتلك المناسبة كنا نشارك الشاعر البارودي مشاعر الأسى وكآبة الأسر التي كان يبثها من سجنه في سرنديب يقول فيها : كفى بمقامي في ســــرنديب غربة ....... نزعت بها عنـــي ثياب العلائـــقِ ومن رام نيل العزّ فليصطبر على......... لقاء المنايا واقتــــحام المضايــــــقِ فإن تكــن الأيام رنّـقْـــن مشربــي ......وثلّمْـن حدّي بالخُطُـــــوب الطّوارقِ فما غيّرتني محْنةُ عن خليقتـــــي ......ولا حوّلتني خُــدْعـــــةُ عن طرائقـي ولكنّنــي باقٍ على ما يســـــــرٌني ..... ويُغضب أعدائي ويُرضــي أصادقي فحســرةُ بعدي عن حبيبٍ مُصادق ..... كفرحة ِ بُعــــدي عن عدوِ مُمَــاذِ قِ الثاني : رحلة ابن بطوطة لجزيرة سرنديب ( سيلان – سيرلانكا ) فقد وردت معلومات قيمة عن الجزيرة في كتاب : ( تحفة النظار في عجائب الأسفار وغرائب الأمصار ) لابن بطوطة المغربي الذي عاش في القرن الثامن الهجري وبقي يطوف بلدان العالم ويكتب عنها مدة ثلاثين عاما .. هناك على الشاطئ مدينة هامة تسمى ( بنتوتا ) سميت باسمه تخليدا لذكراه الوصول للعاصمة وصلنا لمطار كولمبو .. المطار حديث جدا ومنظم ومريح لا يوجد أدنى تعقيد في تصميمه .. فهو عبارة عن ممر واسع طويل وعلى جانبيه صالات متعددة للمغادرة والوصول .. وفي الأخير صالة وسير ناقل الأمتعة هذا بكل بساطة مطار متكامل .. بالتأكيد نفذ بأقل التكاليف .. استقبلنا بكل ترحاب مندوب السفارة السعودية الأخ الفاضل : خالد الحربي إضافة إلى قائد مسئول من الكشافة السيرلانكية العاصمة ( كولمبو ) مدينة منظمة يوجد بها العمارات الحديثة والأسواق المركزية والفنادق .. تشرف على شاطئ يهدر بأمواج المحيط الهندي الهائج .. ويرابط على الشاطئ مجموعات من بقايا مدافع أثرية ضخمة كشاهد حي على مرور المستعمرين الأوربيين من هنا .. ومع وجود نوع من الشعور بالأمن إلا أنه لازال هناك بقايا التوتر العسكري مع منظمة التاميل الإرهابية كالمتاريس والنقاط الأمنية بمنطقة الفنادق .. عند وصولنا الفندق استرحنا تلك الليلة بعد مسيرة طيران مدة ثمان ساعات متواصلة زيارة المدرسة الإسلامية اليوم الثاني بدأناه بزيارة للمدرسة الإسلامية بتنسيق مسبق بين رئيس الوفد والمسئول الكشفي السيرلانكي ..المدرسة عبارة عن مبنيين متجاورين منفصلين واحد للطلاب والأخر للطالبات مع وجود إدارة واحدة مشتركة يرأس المجمع مديرة عقدت لنا اجتماعا في قاعة صغيرة وضيقة .. وقدموا لكل واحد منا قطعة صغيرة من أل ( كيك ) ثم ألقت المديرة خطابا ترحيبيا باللغة الإنجليزية تتوقف لحظات لكي يقوم الأستاذ الربعان بالترجمة ..خطابها جاد ومعبر عن فرحتها بقدوم أول وفد عربي إسلامي يزور المدرسة ومع جديتها وصرامتها في الحديث أولا .. إلا أنها في النهاية كادت تترقرق عيناها بالدمع من تلك المفاجأة السارة ليس لها فقط بل للمدرسة بشكل عام . مررنا بأحد فصول الطلاب ذات المقاعد الخشبية بأربعة طلاب متجاورين .. بعدها قدمت لنا بالساحة العامة فقرة أنشودة جماعية لكشافة المدرسة بحضور عدد من معلمي ومعلمات المدرسة ثم سلمت لهم مجموعة من الهدايا والدروع التذكارية التي أحضرناها معنا .. أخيرا تسنت لنا فرصة الكتابة في سجل الزيارات الخاص بالمدرسة ولا أخفيكم أنني حرصت على الكتابة بخطي شخصيا بعد استئذان رئيس وفدنا .. مع احترامي لكل من كان معي .. وذلك بسبب تجربة سابقة مرت علينا بدولة خليجية عند زيارة أشهر مرفق ثقافي يحوي متحفا راقيا . ويزوره وفود رسمية وأفراد من كل دول العالم . حيث استبق احد الرفاق ذلك السجل القيم بدون إذن .. وكتب باسم المجموعة هراء مليئا بالأخطاء اللغوية والإملائية ظانا أنه يكتب كالعادة ذكريات على جدار مشوه ببلده ..ستبقى كتابته وصمة عار تمثل البلد طالما بقي السجل وبقي ذلك المرفق الثقافي في الوجود كتبت انطباعاتنا عن الزيارة .. ثم سجلت أرقاما متسلسلة وكتبت اسمي في آخر القائمة ولمعرفتي المسبقة بحبهم وحرصهم على تدوين أسمائهم .. طلبت منهم كتابة أسمائهم والتوقيع أمام الاسم .. وفي جانب من السجل اسم وتوقيع رئيس الوفد اجتماع مع من تواجد من المستقبلين النشيد الوطني الجمهوري السيرلانكي تقديم الهدايا والدروع لمديرة المدرسة والقائد الكشفي دعوة السفير تلقينا في اليوم الثالث دعوة من سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين الأستاذ محمد الجماز .. بعد أن رتب اللقاء بالهيلتون كانت المفاجأة بالنسبة له أنه أمام مجموعة من كبار السن إذ يعتقد كما قال بعد وصول الخطاب إليه أن الموضوع يتعلق بشباب صغار كالذين يشاهدهم عادة في خدمة الحجاج .. فقلنا له إن معظم من تراهم الآن كانوا يوما ما في خدمة الحجاج والآن هم في رابطة تجمعهم بعد أن ألقوا عصا العمل الشاق ويقومون بأدوار أخرى تتناسب مع أعمارهم وإمكاناتهم .. من المفاجآت بالنسبة له أيضا أن أحد الزملاء من قدماء الكشافين معنا يسير بعربية وعكاز ..لم تثنه الإعاقة عن المشاركة في هذه الرحلة وقد لقي من سعادة السفير كل الإعجاب والتقدير .. كما تلقينا نحن جميعا احتراما وتقديرا يفوق كل وصف تمثل في إدارة الجلسة من خلال حوار أخوي شرح لنا أهمية تنمية العلاقات مع هذا البلد ودور الحكومة في هذا الشأن تعرفنا من ثنايا حديثة على أمور هامة جدا .. مبديا سروره لقيامنا بزيارة المدرسة الإسلامية بدون علمه معتبرا أن هذا يتطابق تماما مع عمله واهتمامه .. ومما قال ( إيه . زين . يحسبونا مرسلينكم . تونا ..... لهم ...... ) سعادة السفير من أهالي شقرا حدثنا أنه خريج المعهد العلمي بشقراء ثم من جامعة الإمام .. أنهى تلك الدراسات بدون معرفة كلمة إنجليزية واحدة وكيف واجه الصعاب ومواصلة مشواره العلمي بتعلم اللغة الإنجليزية عند تكملته للدراسة العليا وأهمية اللغة الإنجليزية في كل مرافق الحياة وخاصة في البلدان الأجنبية والسفارات بالذات .. في الأخير التقطت صورة جماعية وسلمت الهدايا والدروع التذكارية كرم وأريحية ونقاش مع سعادة السفير صورة جماعية درع تذكاري بمناسبة الزيارة قدم لسعادة السفير التجوال في الديار السيرلانكية الأراضي بصورة عامة خضراء تغطيها الغابات والمناطق أغلبها جبلية ليست شاهقة يتخللها بعض السهول وتجري الأنهار في أغلب المناطق التي مررنا بها كما تنحدر منها الشلالات أحيانا والأهم من هذا :الشاي ثم الشاي ثم الشاهي .. باعتباره مصدرا مهما للدخل القومي نظرا للبنية التحتية القوية التي أسسها الإنجليز أثناء الإحتلال فقد قام الإنجليز بزراعة كل المرتفعات المناسبة وبنو السكك الحديدية التي تمر بالمزارع والمدن الرئيسة منذ أكثر من مائة عام كما بنو المصانع الخاصة بتجفيف وتصنيع الشاي الذي يهيء فرصا وظيفية لمئات الآلاف من العمال إضافة إلى عمليات التصدير التي توفر دخلا هاما للدولة .. عملت الشركات الإنجليزية كل ذلك من أجل رفاهية الشعب البريطاني وتشغيل أبنائهم عن طريق قهر وامتصاص ثروات الشعوب الفقيرة .. ومع ذلك كان الاستعمار يوما ما أفضل بالنسبة لهم من لا شيء المدن السيرلانكية التي زرناها 1- مدينة نقمبو :هي مدينة صغيرة تبعد عن كولمبو مسافة 30 كيلو مترا .. بجوارها نهر تلتف حوله الأشجار ومن على قارب صغير أخذنا أول جوله في النهر والغابة .. على ضفة النهر أكواخ القرى الفقيرة نشاهد أحيانا أطفالهم الصغار حفاة عراة تماما يلعبون على ضفاف الأنهار .. وفي أماكن أخرى نجد بعض المرافق السياحية الهامة .. أثناء التجوال تشاركنا تماسيح تسبح بالنهر لكن ما شاهدناه كان من النوع الصغير جدا .. أما أباء وأمهات التماسيح فقد كانوا حسب اعتقادي في نزهة بمكان آخر .. أو مشغولين بهضم ما سبق أن التهموه .. في العودة عند الغروب صادف مرورنا بمسجد كبير نسبيا وسعدنا بالصلاة معهم صلاة المغرب .. قابلت الإمام وسلمته مجموعة من الكتيبات الصغيرة باللغة السنهالية أحملها بحقيبة صغيرة للأغراض الشخصية أثناء التجوال ..الكتيبات تشرح مفاهيم عن الإسلام بلغتهم وطلبت منه توزيعها فيما بعد حسب مرئياته.. حصلت على تلك المطبوعات من جهة رسمية معتمدة ممثلة في مكتب توعية الجاليات المجاور لمنزلي بالطائف التمساح الصغير في الحفظ والصون .. يا ترى هل يدرك أنه ضائع ؟؟ صورة لا تحتاج إلى تعليق يتبع