متحـف صينـي لإحياء الذاكرة التاريخية
مبنى ضخم في ساحة تيانانمن، قبالة ضريح ماو تسي تونغ، بمساحة 192 الف متر متربع... هناك، أعادت الصين افتتاح متحفها الوطني بعد 3 سنوات من التجديد والتوسيع كلفت البلاد 2.5 مليار يوان (250 مليون يورو)، ذلك لأن للصين موقعا وقوة يفرضان عليها ان تعرّف عن نفسها بمتحف على هذا المستوى من الضخامة والأهمية.. لا اقلّ.
ذلك المكان الذي يعود بناؤه الى العهد الستاليني في العام 1949 لم يعد ذاته، بعدما حوّلته شركة «جركن مارك» الالمانية الى مركز لـ»التثقيف الوطني» بناء على طلب بكين، التي حاولت تجسيد التاريخ الصيني في صالات المتحف التسع، رغم انتقادات المثقفين الشديدة لما غاب عنه من أحداث مرّة، لولاها لما تشكّل هذا التاريخ.
بعنوان «الطريق الى النهضة»، قصد الصينيون إظهار مرحلة الإذلال التي عانوا منها على يد القوى الاستعمارية الغربية، ثم مرحلة الصحوة القومية والتحديث، مع ظهور الجمهورية الأولى.
مشاهد تاريخية أعاد المتحف تجسيدها، غير أن تغييب محطات مثل المجاعة الكبيرة بين عامي 1958 و1961، والثورة الثقافية الكبرى العام 1966، وتظاهرات ساحة تيانانمن العام 1989، لم يرق لبعض المثقفين الذين اعتبروا الأمر محاولة مباشرة لـ»تزوير» التاريخ.
«لطالما ارتبط التاريخ بالمنتصرين».. يقولها الكاتب والصحافي يانغ جيشانغ بشيء من اللوعة، معتبراً أن «من في الحكم يفصّلون التاريخ على قياسهم ويكتبونه بما يناسبهم.. ان إخفاء ما حدث في المجاعة الكبرى أسلوب مشين، اذ من المستحيل ان ينسى الصينيون مقتل 30 إلى 40 مليون شخص في تلك الحقبة نتيجة أخطاء في الإدارة لدى النظام الحاكم»...
في ثاني اكبر متحف وطني في العالم، بعد متحف «اللوفر» الفرنسي، يستعيد الصينيون لحظات تاريخية محورية، وعلى الارجح منقوصة، ولكنها تذكّر العالم بأن الصين ليست قوية وحاضرة بفعل السنوات الماضية، بل بعد عقود صنعت بها البلاد هويتها الخاصة.
(عن «لوموند»)