مشهد :
( ما بعدَ الحصاد ... )
محمد يعاني من ألمٍ يقضمُ مقدمةَ رأسه ،
يشعرُ أنّ بقاءه في العمل هذا اليوم بين كلَِّ تلك المعاملات الجائعة أمرٌ يحتاجُ إلى النظر الشّجاع !
محمد يطرقُ بابَ المقبرة ،
عفواً .. بابَ المدير !!
آ آ آ آ آ آ آ ،
احم ، احم ، احم ...!
المدير كعادته يُنزلُ عينيه الصناعيتين ( النظّارة ) حتى رأس أنفه ،
ويرفع عينيه الفعليّتين باتجاه محمد !
و هو يجد متعةً بالغةً في ممارسةِ ( الرّفع ، و التنزيل ) سواءً لعينيه أو حتى لموظّفيه !!!
المدير بصوتٍ يشبه إلى حدٍّ بعيد صوتَ المولّد الكهربائي :
ماذا تريد ؟؟؟
" خير إن شاء الله ؟؟ "
محمد و قدْ نسيَ تماماً ذلك ( الصّداع ) الأمامي ، و أصبح يفكّر هل دخلَ يمشي برجليه أم أنهما تنتظرانه في
الخارج :
أبو خالد ... مساء الخير ،
أحببت أن أسلم فقط !!!
مشهد :
( بين أكوام البذور ... في الطفولة )
محمد يشعر بإعياءٍ شديد أثناءَ أداءِ الواجبِ المنزليّ في البيت ،
أبي ... أبي ... أبي ...
الأب يدحرج عينيه الصناعيتين ( النظّارة ! ) حتى مقدمة أنفه ، و يرفع الأصليتين تجاه محمد :
نعم ...؟؟
خير إن شاء الله ؟؟؟
محمد و شفتاه جافّتان تماماً :
أبي أريدُ أنْ أن أرتاحَ قليلاً ،
و سأحلّ الواجبَ لاحقاً ...
عندَها تبدأُ ملحمةُ السّياط حينَ تتماهى تماماً في الظهور ،
و تحفرُ أخاديدَ لا تدفِنُها مسافاتُ السنين القادمة ...
همسة إلى الآباء و المربّين :
ما تكتبه على صدر ابنك في الصغر ،
سيقرؤه كل يومٍ حتى الممات !!!