الموضوع: مقال اليوم...
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-23-2009, 03:14 PM   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
عضو نشط
 
إحصائية العضو










srab غير متواجد حالياً

آخـر مواضيعي


التوقيت

إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
srab is on a distinguished road


 





الرقص مع نتانياهو
الإثنين, 23 نوفمبر 2009
غسان شربل

لوغو الحياة
يخوض بنيامين نتانياهو حرب استنزاف ضد باراك اوباما. يحاول تطويعه قبل التفاهم معه على تصور للسلام. واللعبة بالغة الخطورة. تستفز مشاعر مليار مسلم. هذا ما قاله الرئيس حسني مبارك لشمعون بيريز. إنها تعني تقويض فرصة السلام وإغراق اسرائيل في عزلة من فرط إحراجها لأصدقائها. هذا التحذير جاء من الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون. يتصرف نتانياهو كمحارب اعمى يرفض قراءة الوضعين الاقليمي والدولي.

لا يستطيع باراك اوباما ان يكون قوياً في الشرق الأوسط اذا كان ضعيفاً أمام اسرائيل. لا يستطيع ان يكون مقنعاً في العالم العربي والاسلامي اذا لم يكن موقفه من حقوق الفلسطينيين مقنعاً. لا يستطيع ان يكون حازماً مع محمود احمدي نجاد اذا بدا مرتبكاً في التعامل مع بنيامين نتانياهو. لا يستطيع لجم اي محاولة انقلابية في الاقليم ان لم يجرؤ على التصدي للنزاع المزمن فيه. لا يستطيع تغيير صورة اميركا في الشرق الاوسط اذا لم يغير لغة التخاطب مع الدولة العبرية.

كانت إطلالة اوباما على المسرح الدولي مؤثرة بالتأكيد. انتخابه سجل اكثر من سابقة في تاريخ البيت الأبيض. لونه وجذوره وتلاقي الثقافات والأديان في عائلته. لا يمكن نسيان براعته في التوجه الى الناس. وقدرته على إثارة الثقة. لكن فترة السماح انتهت وجاءت فترة الاستحقاقات. من دون نجاحات عملية سيتآكل الرصيد الذي وفرته الخطب الكبرى في برلين واسطنبول والقاهرة وغيرها.

يصعب اتهام اوباما بأنه رجل محظوظ. الخراب الذي خلفته سياسات جورج بوش يحتاج الى سنوات لرفع ركامه. يحتاج أيضاً الى قرارات صعبة ومؤلمة. على الجبهة الاسرائيلية كان سوء الحظ ظاهراً. حكومة نتانياهو - ليبرمان وصفة مثالية لإشاعة اليأس في الإقليم. واليأس يعني التصدعات والمواجهات وتغليب منطق الصقور وتوفير أفضل الفرص لسياسات زعزعة الاستقرار.

في الشرق الأوسط يواجه اوباما ثلاثة استحقاقات رئيسة: تنفيذ الانسحاب من العراق وفقاً لما أعلن عنه ومعالجة أزمة الملف النووي الايراني ومواجهة توقف المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية بفعل شراهة حكومة نتانياهو في الاستيطان.

منذ شهور يخوض نتانياهو حرباً لاستنزاف قدرة اوباما على الدفع في اتجاه حل الدولتين. ولعل ما يقلق رئيس الوزراء الاسرائيلي ليس رؤية الدولتين فقط، بل تزايد الشعور في أوساط غربية بأن السلام الفلسطيني - الاسرائيلي ضروري للتمكن من معالجة الملف النووي الايراني والبرنامج الايراني في الإقليم. وترى هذه الأوساط ان نزع الورقة الفلسطينية من يدي ايران وفتح الباب لإعادة الجولان الى سورية هما السبيل لاحتواء الهجوم الايراني في الإقليم. ما يفعله نتانياهو هو عكس ذلك تماماً. يحاول قلب الأولويات معتبراً ان معالجة أوضاع الإقليم تبدأ بمواجهة «الخطر الايراني». ويسعى في الوقت نفسه الى ترسيخ الاعتقاد بأن «حماس» و «حزب الله» هما مجرد جزء من الأذرع الايرانية.

في موازاة السعي الى قلب الأولويات، يشن نتانياهو معركة استيطان تغتال الدولة الفلسطينية قبل قيامها وتدفع محمود عباس الى اليأس والانسحاب، ما يعطي اسرائيل لاحقاً ذريعة غياب الشريك الفلسطيني في البحث عن السلام. وعلى خط مواز، يعطل نتانياهو القناة التركية للتفاوض غير المباشر مع سورية. ومجمل هذه الخطوات يؤدي الى حرمان اوباما من القدرة على تحسين صورة بلاده في الشرق الأوسط وقدرتها على مواجهة استحقاقاته ولا تترك له غير مهمة التصدي للبرنامج الايراني النووي والاقليمي.

يتصرف نتانياهو كمحارب أعمى. يدفع الفلسطينيين بعيداً من منطق التفاوض ويعيدهم الى المواجهات المشرعة على اقصى درجات التشدد. يغامر بصبّ الزيت على النار في الإقليم المتوتر أصلاً. لهذا رفع اوباما الصوت لافتاً الى خطورة تفاقم مشاعر المرارة لدى الفلسطينيين بفعل تصاعد هجمة الاستيطان على الأرض والهوية وفرص الحل.

يدرك اوباما صعوبة الرقص مع نتانياهو. برنامجه مناقض وخطواته متهورة. سياسته خطيرة على المنطقة ولن تجلب الأمن للإسرائيليين. وهذا جوهر كلام اوباما.

يحاول نتانياهو لَيّ ذراع اوباما الغارق في هموم التدهور في باكستان وأفغانستان. الاختبار ليس بسيطاً. ولا خيار أمام اوباما غير الإطاحة بتحالف نتانياهو - ليبرمان معتمداً على أطراف يهودية تدرك خطورة الخيارات العمياء ومعتمداً أيضاً على التذكير بورقة المساعدات.

إنّ استمرار الرقص مع نتانياهو بالشروط التي يحاول الأخير فرضها يعني إنهاء الآمال التي أثارها وصول اوباما ويشبه في خطورته الرقص مع الذئاب.

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس