أولا: الآذان
إن من نعم الله – عز وجل – على أهل الإسلام وجود مثل هذه الأجهزة ( مكبرات الصوت )
والتي يستخدمها المسلمون اليوم في نداءهم للصلوات في المساجد
وقد أصبحت هذه الأجهزة سببا في بلوغ صوت الآذان إلى أعداد كبيرة من المسلمين
في الأحياء والطرقات ولا شك أن ذلك يوافق الحكمة من مشروعية الآذان
من دعوة من هم خارج المساجد إلى الصلاة وكذا إعلام من في البيوت بدخول وقت الصلاة،
ولذلك شرع له رفع الصوت،
وهذا متحقق بهذه الأجهزة – ولله الحمد – ولم ينكر ذلك أحد من أهل الخير والصلاح
بل هو مما يبهج صدور المؤمنين حين يسمعون صوت الحق ( الله أكبر )
يعلو في سماء المدن والقرى
ولا ينكر ذلك إلا من طمس الله بصائرهم عن الحق وكرهوا ذكر الله ،
وهذا أمر ظاهر بيِّن ولله الحمد والمنة.
ثانيا: الإقامة
أما الإقامة فإنها للإعلام بالقيام إلى الصلاة وليس ذلك خاصاً بالحاضرين
كما فهمه بعض الناس ولذلك أنكر رفع الصوت بها وإسماعها للغائبين
ظناً منه أن ذلك خاص بمنهم داخل المسجد دون من هم خارجه ,
ولكن الصحيح الذي دلت عليه السنة الصحيحة
أنه يستحب إسماعها للغائبين عن المسجد
ومن أدلة ذلك ما يلي :
1- حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة ".
ومعلوم أن هذا في من هم خارج المسجد.
2- ما جاء في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما –
سمع الإقامة وهو بالبقيع فأسرع المشي .
وهذا يدل على أنهم كانوا يرفعون الصوت بها حتى يسمعها من هو خارج المسجد.
3- أن الإقامة أحد الأذانين فاستحب رفع الصوت بها كالآذان لإسماع الغائبين أيضا.
ولذلك فقد ثبت في السنة استحباب أن تكون الإقامة في موضع الآذان
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله كما في شرح العمدة:
"و السنة إن يكون الأذان و الإقامة في موضع واحد
فإذا أذن في مكان استحب إن يقيم فيه لا في الموضع الذي يصلي فيه
لما احتج به الإمام احمد رحمه الله عن بلال رضي الله عنه
أنه قال يا رسول الله لا تسبقني بآمين رواه احمد و أبو داود ,
و قال اسحق بن راهويه و كذلك أبو هريرة و غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
قالوا لأئمتهم و لو كانت الإقامة موضع الصلاة لم يخشوا إن يسبقوا بآمين
فعلم أن الإقامة كانت حيث يسمعها الغائبون عن المسجد إما موضع الأذان أو قريبا منه ....
و لأن الإقامة أحد الندائين فاستحب أسماعها للغائبين كالآذان
و لأن المقصود بها الإعلام بفعل الصلاة لمنتظرها في المسجد و غيره فان شقت الإقامة قريبا من موضع الأذان
بأن يكون الأذان في المنارة أو في موضع بعيد من المسجد فانه يقيم في غيره بحيث يعلم الغائبين أيضا " أنتهى كلامه رحمه الله .
ومن المعلوم أن موضع الآذان في الأزمان المتقدمة قبل وجود هذه الأجهزة كان عبر منائر المساجد.
والحكمة من إستحباب كون الإقامة موضع الأذان – والله أعلم – حتى يسمعها من كان خارج المسجد.
فتبين من هذه الأدلة أن الإقامة بمكبرات الصوت موافق للسنة
وليس في ذلك ما ينكر،
وزعم بعض الناس وجود مفاسد في ذلك مردود
بثبوت السنة برفع الصوت بها كما تقدم. .
غفر الله لكاتبه وناقله وقارئه
تحياتي
...........