يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحة الثقافة الإسلامية > الساحة الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-11-2008, 05:18 PM   رقم المشاركة : 1
البسملة في القرآن الكريم..


 

البسملة في القرآن الكريم..

--------------------------------------------------------------------------------



الحمد لله رب العالمين ,والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على خير خلق الله أجمعين وعلى آله وصحابته والتابعين إلى يوم الدين...

فإن من سوابغ نعم الله تعالى على خير أمة أخرجت للناس إكرامها بكتاب الله المجيد

الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد, ومما اشتمل عليه القرآن من آيات العظمة والجلال

-وكله كذلك- البسملةُ التي افتُتحت بها أم الكتاب وسأتطرق في عجل إلى ما يلي في تفسيرها بعد استمداد العون من ربي المعين:

1- سببِ نزولها.

2- معنى لفظ (بسملة) وإعرابها.

3- شرحِها .

4- البسملة عند القراء والفقهاء.

والله أسألُ أن يكرمني في هذا العمل بالإخلاص والقبول إنه ولي ذلك والقادر عليه,

وهو بلا ريب قريبٌ مجيب الدعاء,وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين...

1- سبب النزول,وتاريخه:

لم أجد في ما طالعتُ من كتب التفسير سببا خاصا لنزول البسملة لوحدها,وذلك أن آيَ القرآن لا يلزمُ أن يكون لكل منها سببُ نزول مستقل,

إذ يرِدُ بعضها وينزلُ من الله ابتداءاً,وقد ورد سببان لنزول البسملة كما ذكر ذلك الواحدي رحمه الله إلا أن الحافظ ابن حجر -رحمه الله-

في كتابه العجاب في بيان الأسباب تعقَّب الواحدي -رحمه الله- في آثارٍ ذكرها مستدلاً بها على سبب نزول البسملة فقال:

(ثم أسند من طريق أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال: أول ما نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم قال:

{يا محمد استعذ ثم قل:بسم الله الرحمن الرحيم} والراوي له عن أبي رويق ضعيفٌ فلا ينبغي أن يُحتَجَّ به.

ثم أسند من طريق من طريق يزيد النحوي عن عكرمة والحسن قالا:{أول ما نزل من القرآن:بسم الله الرحمن الرحيم}.

وهذا مرسل,ولعل قائله تأول الأمر في قوله تعالى (اقرأ باسم ربك الذي خلق) وإلى ذلك أشار السهيلي فقال:

يستفاد من هذه الآية ابتداءُ القراءة بالبسملة,وأما خصوص نزول البسملة سابقا ففي صحته نظرٌ.)

ثم قال عقب ذلك(ثم أسند من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:

كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف ختم السورة حتى ينزَل عليه بسم الله الرحمن الرحيم- وهذا رواته ثقات.

وأخرجه أبو داود لكنه اختُلف في وصله وإرساله,وأورد الواحدي له شاهدين بسندين ضعيفين.

قال الجعبري:يؤخذ من هذا أن لنزول البسملة سببين,أحدهما:التبرك بالابتداء بها,والثاني:

الفصل بين السورتين والله أعلم) العجاب في بيان الأسباب,لابن حجر,تحقيق:عبد الحكيم محمد الأنيس,ص/243

أما فيما يتعلق بتاريخ نزولها فقد قيل إنها أول ما نزل من القرآن الكريم ولكن في عدم تقييد ذلك بأوائل السور نظرٌ,

حيث يرى الإمام السيوطي رحمه الله أنها هي أول آية نزلت على الإطلاق لحاجة أول السورة إليها ,

قال رحمه الله عند ذكره لأقوال العلماء في أول ما نزل,وقد جعل القول بأن البسملة هي أول ما نزل رابعَ تلك الأقوال

(وعندي أن هذا لا يعد قولاً برأسه,فإنه من ضرورة نزول السورة نزول البسملة معها,فهي أول آية نزلت على الإطلاق.)

الإتقان في علوم القرآن للسيوطي1/72

2- معنى كلمة البسملة وإعرابها:

في اللغة العربية ما يسمَّى بالنحت في النسب,وهو نحت لفظ واحد من اسمين مشتركين أصلاً,كقول دمعزَ فيمن قال:

أدام الله عزك,وحوقل فيمن قال: لا حول ولا قوة إلا بالله,وبسمل فيمن قال: بسم الله الرحمن الرحيم...الخ.

قال السمين الحلبي رحمه الله (وهي لغة مولدة,وقد جاءت في الشعر,قال عمر بن أبي ربيعة:

لقد بسملت ليلى غداة لقيتها *** ألا حبذا ذاك الحبيب المبسمِلُ

وغيره من أهل اللغة نقلها ولم يقل إنها مولدة كثعلب والمطرز)

الدر المصون1/13

وإعرابُها مختلفٌ بحسب اختلاف النحاة في التقدير المحذوف قبلها على وجهين:

(الباء): حرف جرٍّ.

(اسمِ): اسم مجرورٌ.

والجار والمجرور على القول بأن المحذوف مبتدأٌتقديره:

(ابتدائي باسم الله) يكونان في محل رفعٍ خبرٌ,على القول بأن المحذوف المقدَّر فعلٌ تقديره

(أبتدئ باسم الله) يكونان في محل نصب مفعول به والفاعل ضميرٌ مستترٌ تقديره أنا.

الرحمنِ الرحيمِ:صفتان مجرورتان تبعاً للموصوف.


3-شرحها:

لا شك أن إعراب البسملة السابقَ يوضح معناها المراد من طلب البركة والاستعانة بالله تعالى على ما يبسمَل عليه من منطوق ومفعول,

ولكني وجدت صياغة لمعنى البسملة الإجمالي يؤدي الغرض على أكمل وجه واستحسنت إيراده حيث قال شيخ المفسرين الإمام الطبري رحمه الله تعالى

(إن الله تعالى ذكره وتقدست أسمائه أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله,

وتقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته,وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه منه لجميع خلقه,

سنة يستنون بها,وسبيلا يتبعونه عليها,في افتتاح أول منطقهم,وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم,

حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل بسم الله,على ما بطن من مراده)تفسير الطبري1/50

وقيل إنَّ البسملة قسمٌ من الله تعالى,وذكر ذلك الإمام القرطبي رحمه الله تعالى فقال فيها

(قال العلماء:بسم الله الرحمن الرحيم قسمٌ من ربنا أنزله عند رأس كل سورة,

يقسم لعباده إن هذا الذي وضعتُ لكم يا عبادي في هذه السورة حقٌّ,

وإني أفي لكم بجميع ما ضمنتُ في هذه السورة من وعدي ولطفي وبري)الجامع لأحكام القرآن1/91

قال ابن منظور في لسان العرب

(والرحمة في بني آدم عند العرب رقة القلب وعطفه,ورحمة الله عطفه وإحسانه ورزقه,

والرُّحم بالضم الرحمةُ,وما أقرب رُحم فلان إذا كان ذا مرحمة وبرٍّ,أي ما أرحمه وأبرَّه)12/230

وأما معنى الوصفين(الرحمن - الرحيم) فهما مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة,

و(الرحمن) عند المفسرين أعم وأشمل وأشد مبالغة من (الرحيم) وسبب ذلك عندهم هو قولهم بأن الرحمن وصفٌ لله تعالى يعم رحمته بالمؤمنين

ويعم كذلك رحمته بغير المؤمنين من خلقه,

فالرحمان هو ذو الرحمة التي تشمل الأمم والخلائق جميعها في دار الدنيا,

أما الرحيم فهو وصف مبالغة من الرحمة أيضاً ولكن المفسرين يقولون:

إنه يخص رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين - فقط - يوم القيامة قال الشيخ الشنقيطي- رحمه الله - في أضواء البيان :

(وعلى هذا أكثر العلماء,وفي كلام ابن جرير ما يفهم منه حكاية الاتفاق على هذا)1/40..

إلا أنه رحمة الله عليه استشكل على هذا القول وأجاب عن الإشكال فقال:

(فإن قيل:كيف يمكن الجمع بين ما قررتم وبين ما جاء في الدعاء المأثورمن قوله صلى الله عليه وسلم(يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما)؟؟

فالظاهر في الجواب والله أعلم أن الرحيم خاص بالمؤمنين كما ذكرنا,لكنه لا يختص بهم في الآخرة,

بل يشمل رحمتهم في الدنيا أيضاً,فيكون معنى رحيمهما رحمتَه بالمؤمنين فيهما,

والدليل على أنه رحيم بالمؤمنين في الدنيا أيضاً أن ذلك هو ظاهر قوله تعالى

(هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيماً)

لأن صلاته عليهم وصلاة ملائكته,وإخراجه إياهم من الظلمات إلى النور رحمةٌ بهم في الدنيا,وإن كانت سبب الرحمة في الآخرة أيضاً)1/40

4-البسملة عند القراء والفقهاء.

البسملة ثابتة لدى القراء متفقٌ عليها في أول الفاتحة,وخلافهم في أوائل السور غير الفاتحة,هل تثبت بها البسملة أم لا؟

علما أن الاتفاق عليها عند الفاتحة لا يلزم منه عدُّها آية منها,فإن من يعدها آية من الفاتحة هم جمهور القراء من الكوفيين والمكي,

وغيرهم من البصريين والشاميين والمدنيين,لا يرونها آية,وفي ذلك يقول الناظم:

والكوفِ مع مكٍّ يعدُّ البسملة *** سواهما أولى عليهم عدَّ لهْ.

قال ابن الجزري رحمه الله في النشر:

قال السخاوي رحمه الله :واتفق القراء عليها في أول الفاتحة فإن ابن كثير وعاصم والكسائي يعتقدونها آية منها ومن كل سورة,

ووافقهم حمزة على الفاتحة خاصة.النشر لابن الجزري1/210

أما اختلاف الفقهاء فقد بسطوه في كتب الفقه واختلفوا هل هي آية من الفاتحة بحيث يجب على المصلي ابتداء صلاته بها أم ليست كذلك

ولكلٍّ وجهته بدليله,ويمكن تلخيص أقوالهم في ذلك إلى ثلاث:

1-ليست آية من الفاتحة ولا غيرها,وهو قول المالكية والأحناف,

واستدلوا بحديث أنس كما في مسلم

(صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم)

2- آية من كل سورة,وهو قول ابن المبارك,واستدلَّ بما رواه مسلم عن أنس قال:

بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذأغفى إغفاءة

ثم رفع رأسه مبتسما فقلنا :ما أضحكك يا رسول الله,

قال نزلت علي آنفا سورة فقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر)

3- آية في الفاتحة,

وهو قول الشافعي,واستدل بما رواه الدارقطني من حديث أبي هريرة

(إذا قرأتم الحمد لله فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني,وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها)

والجميع متفقون على أنها آية من القرآن في سورة النمل,كما حكاه القرطبي رحمه الله1/93

هذا والله تعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم إلى يوم الدين..

منقول http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=139670

 

 
























التوقيع

،



..




التعديل الأخير تم بواسطة مشرف الإسلامية ; 06-12-2008 الساعة 02:36 PM. سبب آخر: تنسيق الموضوع .... مع الإعتذار لكاتبه

   

رد مع اقتباس
قديم 06-12-2008, 06:23 AM   رقم المشاركة : 2

 

.



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tarafen مشاهدة المشاركة
البسملة في القرآن الكريم..

--------------------------------------------------------------------------------
الحمد لله رب العالمين ,والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على خير خلق الله أجمعين وعلى آله وصحابته والتابعين إلى يوم الدين...
فإن من سوابغ نعم الله تعالى على خير أمة أخرجت للناس إكرامها بكتاب الله المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد, ومما اشتمل عليه القرآن من آيات العظمة والجلال
-وكله كذلك- البسملةُ التي افتُتحت بها أم الكتاب وسأتطرق في عجل إلى ما يلي في تفسيرها بعد استمداد العون من ربي المعين:
1- سببِ نزولها.
2- معنى لفظ (بسملة) وإعرابها.
3- شرحِها .
4- البسملة عند القراء والفقهاء.

والله أسألُ أن يكرمني في هذا العمل بالإخلاص والقبول إنه ولي ذلك والقادر عليه,وهو بلا ريب قريبٌ مجيب الدعاء,وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين...

1- سبب النزول,وتاريخه:

لم أجد في ما طالعتُ من كتب التفسير سببا خاصا لنزول البسملة لوحدها,وذلك أن آيَ القرآن لا يلزمُ أن يكون لكل منها سببُ نزول مستقل,إذ يرِدُ بعضها وينزلُ من الله ابتداءاً,وقد ورد سببان لنزول البسملة كما ذكر ذلك الواحدي رحمه الله إلا أن الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في كتابه العجاب في بيان الأسباب تعقَّب الواحدي -رحمه الله- في آثارٍ ذكرها مستدلاً بها على سبب نزول البسملة فقال:
(ثم أسند من طريق أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال: أول ما نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم قال:{يا محمد استعذ ثم قل:بسم الله الرحمن الرحيم} والراوي له عن أبي رويق ضعيفٌ فلا ينبغي أن يُحتَجَّ به.
ثم أسند من طريق من طريق يزيد النحوي عن عكرمة والحسن قالا:{أول ما نزل من القرآن:بسم الله الرحمن الرحيم}.وهذا مرسل,ولعل قائله تأول الأمر في قوله تعالى (اقرأ باسم ربك الذي خلق) وإلى ذلك أشار السهيلي فقال: يستفاد من هذه الآية ابتداءُ القراءة بالبسملة,وأما خصوص نزول البسملة سابقا ففي صحته نظرٌ.)
ثم قال عقب ذلك(ثم أسند من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف ختم السورة حتى ينزَل عليه بسم الله الرحمن الرحيم- وهذا رواته ثقات.
وأخرجه أبو داود لكنه اختُلف في وصله وإرساله,وأورد الواحدي له شاهدين بسندين ضعيفين.
قال الجعبري:يؤخذ من هذا أن لنزول البسملة سببين,أحدهما:التبرك بالابتداء بها,والثاني:الفصل بين السورتين والله أعلم) العجاب في بيان الأسباب,لابن حجر,تحقيق:عبد الحكيم محمد الأنيس,ص/243
أما فيما يتعلق بتاريخ نزولها فقد قيل إنها أول ما نزل من القرآن الكريم ولكن في عدم تقييد ذلك بأوائل السور نظرٌ,حيث يرى الإمام السيوطي رحمه الله أنها هي أول آية نزلت على الإطلاق لحاجة أول السورة إليها , قال رحمه الله عند ذكره لأقوال العلماء في أول ما نزل,وقد جعل القول بأن البسملة هي أول ما نزل رابعَ تلك الأقوال(وعندي أن هذا لا يعد قولاً برأسه,فإنه من ضرورة نزول السورة نزول البسملة معها,فهي أول آية نزلت على الإطلاق.)
الإتقان في علوم القرآن للسيوطي1/72

2- معنى كلمة البسملة وإعرابها:
في اللغة العربية ما يسمَّى بالنحت في النسب,وهو نحت لفظ واحد من اسمين مشتركين أصلاً,كقول دمعزَ فيمن قال: أدام الله عزك,وحوقل فيمن قال: لا حول ولا قوة إلا بالله,وبسمل فيمن قال: بسم الله الرحمن الرحيم...الخ.
قال السمين الحلبي رحمه الله (وهي لغة مولدة,وقد جاءت في الشعر,قال عمر بن أبي ربيعة:
لقد بسملت ليلى غداة لقيتها *** ألا حبذا ذاك الحبيب المبسمِلُ
وغيره من أهل اللغة نقلها ولم يقل إنها مولدة كثعلب والمطرز)
الدر المصون1/13
وإعرابُها مختلفٌ بحسب اختلاف النحاة في التقدير المحذوف قبلها على وجهين:

(الباء): حرف جرٍّ.
(اسمِ): اسم مجرورٌ.
والجار والمجرور على القول بأن المحذوف مبتدأٌتقديره:(ابتدائي باسم الله) يكونان في محل رفعٍ خبرٌ,على القول بأن المحذوف المقدَّر فعلٌ تقديره (أبتدئ باسم الله) يكونان في محل نصب مفعول به والفاعل ضميرٌ مستترٌ تقديره أنا.
الرحمنِ الرحيمِ:صفتان مجرورتان تبعاً للموصوف.


3-شرحها:

لا شك أن إعراب البسملة السابقَ يوضح معناها المراد من طلب البركة والاستعانة بالله تعالى على ما يبمَل عليه من منطوق ومفعول,ولكني وجدت صياغة لمعنى البسملة الإجمالي يؤدي الغرض على أكمل وجه واستحسنت إيراده حيث قال شيخ المفسرين الإمام الطبري رحمه الله تعالى (إن الله تعالى ذكره وتقدست أسمائه أدب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله,وتقدم إليه في وصفه بها قبل جميع مهماته,وجعل ما أدبه به من ذلك وعلمه إياه منه لجميع خلقه,سنة يستنون بها,وسبيلا يتبعونه عليها,في افتتاح أول منطقهم,وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم,حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل بسم الله,على ما بطن من مراده)تفسير الطبري1/50

وقيل إنَّ البسملة قسمٌ من الله تعالى,وذكر ذلك الإمام القرطبي رحمه الله تعالى فقال فيها(قال العلماء:بسم الله الرحمن الرحيم قسمٌ من ربنا أنزله عند رأس كل سورة,يقسم لعباده إن هذا الذي وضعتُ لكم يا عبادي في هذه السورة حقٌّ,وإني أفي لكم بجميع ما ضمنتُ في هذه السورة من وعدي ولطفي وبري)الجامع لأحكام القرآن1/91

قال ابن منظور في لسان العرب(والرحمة في بني آدم عند العرب رقة القلب وعطفه,ورحمة الله عطفه وإحسانه ورزقه,والرُّحم بالضم الرحمةُ,وما أقرب رُحم فلان إذا كان ذا مرحمة وبرٍّ,أي ما أرحمه وأبرَّه)12/230
وأما معنى الوصفين(الرحمن - الرحيم) فهما مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة,و(الرحمن) عند المفسرين أعم وأشمل وأشد مبالغة من (الرحيم) وسبب ذلك عندهم هو قولهم بأن الرحمن وصفٌ لله تعالى يعم رحمته بالمؤمنين ويعم كذلك رحمته بغير المؤمنين من خلقه,فالرحمان هو ذو الرحمة التي تشمل الأمم والخلائق جميعها في دار الدنيا,أما الرحيم فهو وصف مبالغة من الرحمة أيضاً ولكن المفسرين يقولون:إنه يخص رحمة الله تعالى بعباده المؤمنين - فقط - يوم القيامة قال الشيخ الشنقيطي- رحمه الله - في أضواء البيان :(وعلى هذا أكثر العلماء,وفي كلام ابن جرير ما يفهم منه حكاية الاتفاق على هذا)1/40..
إلا أنه رحمة الله عليه استشكل على هذا القول وأجاب عن الإشكال فقال:
(فإن قيل:كيف يمكن الجمع بين ما قررتم وبين ما جاء في الدعاء المأثورمن قوله صلى الله عليه وسلم(يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما)؟؟
فالظاهر في الجواب والله أعلم أن الرحيم خاص بالمؤمنين كما ذكرنا,لكنه لا يختص بهم في الآخرة,بل يشمل رحمتهم في الدنيا أيضاً,فيكون معنى رحيمهما رحمتَه بالمؤمنين فيهما,والدليل على أنه رحيم بالمؤمنين في الدنيا أيضاً أن ذلك هو ظاهر قوله تعالى(هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيماً) لأن صلاته عليهم وصلاة ملائكته,وإخراجه إياهم من الظلمات إلى النور رحمةٌ بهم في الدنيا,وإن كانت سبب الرحمة في الآخرة أيضاً)1/40

4-البسملة عند القراء والفقهاء.
البسملة ثابتة لدى القراء متفقٌ عليها في أول الفاتحة,وخلافهم في أوائل السور غير الفاتحة,هل تثبت بها البسملة أم لا؟
علما أن الاتفاق عليها عند الفاتحة لا يلزم منه عدُّها آية منها,فإن من يعدها آية من الفاتحة هم جمهور القراء من الكوفيين والمكي,وغيرهم من البصريين والشاميين والمدنيين,لا يرونها آية,وفي ذلك يقول الناظم:
والكوفِ مع مكٍّ يعدُّ البسملة *** سواهما أولى عليهم عدَّ لهْ.

قال ابن الجزري رحمه الله في النشر:
قال السخاوي رحمه الله :واتفق القراء عليها في أول الفاتحة فإن ابن كثير وعاصم والكسائي يعتقدونها آية منها ومن كل سورة,ووافقهم حمزة على الفاتحة خاصة.النشر لابن الجزري1/210
أما اختلاف الفقهاء فقد بسطوه في كتب الفقه واختلفوا هل هي آية من الفاتحة بحيث يجب على المصلي ابتداء صلاته بها أم ليست كذلك,ولكلٍّ وجهته بدليله,ويمكن تلخيص أقوالهم في ذلك إلى ثلاث:
1-ليست آية من الفاتحة ولا غيرها,وهو قول المالكية والأحناف,واستدلوا بحديث أنس كما في مسلم (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم)
2- آية من كل سورة,وهو قول ابن المبارك,واستدلَّ بما رواه مسلم عن أنس قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذأغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما فقلنا :ما أضحكك يا رسول الله,قال نزلت علي آنفا سورة فقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر)
3- آية في الفاتحة,وهو قول الشافعي,واستدل بما رواه الدارقطني من حديث أبي هريرة(إذا قرأتم الحمد لله فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني,وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها)
والجميع متفقون على أنها آية من القرآن في سورة النمل,كما حكاه القرطبي رحمه الله1/93

هذا والله تعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم إلى يوم الدين..

منقول http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=139670


محبك في الله : ســـــــــــــــــــــــعيد راشد


.

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 06-12-2008, 02:22 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 20
إبن القرية is on a distinguished road


 


tarafen .. موضوع رائع

جزاك الله خير .. ونفع بك

دمت في حفظ الله

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 06-12-2008, 02:26 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز بن شويل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 19
عبدالعزيز بن شويل is on a distinguished road


 






tarafen


وفيت وكفيت

بحث متكامل ومتميز نفع الله به


تحياتي
...........

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 06-12-2008, 02:30 PM   رقم المشاركة : 5

 




بسم الله الرحمن الرحيم

جزاك الله خيراً على إثرائك الساحة الإسلامية بمثل هذه المواضيع

التي نسال الله أن ينفع بها وان يجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه


يثبت للفائدة


 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 06-12-2008, 03:04 PM   رقم المشاركة : 6

 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قرأتُ ما ذكره الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله ونفعه بعلمه

في تفسيره لسورة الفاتحة حيث قال :






مسألة:

هل البسملة آية من الفاتحة؛ أو لا؟

في هذا خلاف بين العلماء

فمنهم من يقول:

إنها آية من الفاتحة، ويقرأ بها جهراً في الصلاة الجهرية

ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة؛ لأنها من الفاتحة؛


ومنهم من يقول:

إنها ليست من الفاتحة؛ ولكنها آية مستقلة من كتاب الله

وهذا القول هو الحق؛


ودليل هذا: النص، وسياق السورة..

أما النص:

فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين:

إذا قال: { الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } قال الله تعالى: حمدني عبدي

وإذا قال: { الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ } قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي

وإذا قال: { مَـلِكِ يَوْمِ الدِّينِ } قال الله تعالى: مجّدني عبدي

وإذا قال: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } قال الله تعالى: هذا بيني وبين عبدي نصفين؛

وإذا قال: { اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ }... إلخ، قال الله تعالى: هذا لعبدي؛ ولعبدي ما سأل

" وهذا كالنص على أن البسملة ليست من الفاتحة

وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :

"صلَّيت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر

فكانوا لا يذكرون { بسم الله الرحمن الرحيم } في أول قراءة، ولا في آخرها"

والمراد لا يجهرون

والتمييز بينها وبين الفاتحة في الجهر وعدمه يدل على أنها ليست منها..



أما من جهة السياق من حيث المعنى:

فالفاتحة سبع آيات بالاتفاق

وإذا أردت أن توزع سبع الآيات على موضوع السورة

وجدت أن نصفها هو قوله تعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }

وهي الآية التي قال الله فيها: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين"

لأن { الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }: واحدة؛

{ الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ }: الثانية

{ مَـلِكِ يَوْمِ الدِّينِ }: الثالثة

وكلها حق لله عزّ وجلّ

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }: الرابعة .

يعني الوسَط؛ وهي قسمان:

قسم منها حق لله

وقسم حق للعبد

{ اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ } للعبد

{ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ } للعب

{ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ } للعبد..

فتكون ثلاث آيات لله عزّ وجل وهي الثلاث الأولى

وثلاث آيات للعبد . وهي الثلاث الأخيرة

وواحدة بين العبد وربِّه . وهي الرابعة الوسطى..



ثم من جهة السياق من حيث اللفظ،

فإذا قلنا: إن البسملة آية من الفاتحة لزم أن تكون الآية السابعة طويلة على قدر آيتين

ومن المعلوم أن تقارب الآية في الطول والقصر هو الأصل..



فالصواب الذي لا شك فيه أن البسملة ليست من الفاتحة

كما أن البسملة ليست من بقية السور..






ولمزد من البحث والتأصيل

ارجو زيارة الرابط التالي





اللهمّ انفعنا بما علّمتنا وعلّمنا ما ينفعنا

جزاك الباريء خيراً

جُلّ احترامي

دمتم سالمين

 

 
























التوقيع




كلمتان
خفيفتان على اللسان , ثقيلتان في الميزان , حبيبتان إلى الرحمن
"سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم"


   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:38 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir