يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > الساحات العامة > ساحة الصحافة والمجتمع

ساحة الصحافة والمجتمع مخصصة لما يكتب في الصحافة والمقالات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-15-2012, 08:18 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عضو نشط
 
الصورة الرمزية دعبوس
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
دعبوس is on a distinguished road

أرواح مسروقة


 

أرواح مسروقة

منال مسعود الشريف



العاشرة مساءً ليلة السبت، تتحلق السجينات السعوديات نوير وهناء حول راديو أم مشعان في زنزانة رقم ٢، ينتظرن بلهفة برنامج «لست وحدك» على البرنامج الثاني لإذاعة جدة. البرنامج الذي يتحدث عن مشكلات وهموم الناس، وكأنك بحاجة لتضاعف جرعة همومك، ربما هو العزاء الذي تستمده من أحزان غيرك.



قد يعني الوقت في الجانب الآخر من هذه القضبان، الحياة بكل مشاغلها ومباهجها وأحزانها، لكن هنا تفقد الإحساس بالوقت والحياة، ساعات يومك وساعات ليلك تتشابه حد التطابق. ساعة واحدة تترقبها وتلاحقها كما تلاحق الفراشات التائهة بصيص النور... ساعة انتقالك من هذا العالم إلى العالم الآخر، إذ البشر لا يزالون يشعرون بآدميتهم. إصلاحية سجن النساء في الدمام، المبنى المتهالك، سبع زنزانات. أحصيت سبع سجينات سعوديات، والبقية عاملات منزليات اغتالت أحلامهن كل الظروف. حوت كل زنزانة ١٢ سريراً حديدياً مهترئاً، لا تكفي العدد المتكدس، حين تدخل، تخترقك العيون كمطر من رصاص، تجمهر عظيم عند بوابة الزنزانات وهتاف عالٍ بعربية مكسرة: «جديد، جديد، جديد». ستنام وتأكل وتصلي في مكان واحد، تختلط عليك الأمور حتى تصاب بالجنون.



لا تعرف كيف تصنف دورات المياه، لا يوجد صنابير أو رشاش، ثقب في الجدار يبصق في وجهك ماء بشكل متواصل، تخال أن مياه مدينة الدمام كلها ستجف بسبب إهداره هنا. ستغتسل وتفرش أسنانك وتتوضأ وتغسل ملابسك أيضاً تحت الثقب نفسه.



في ليلتي الأولى افترشت عباءتي في الممر المكتظ ... ولم أنم.



لا نوافذ... الأضواء تظل مضاءة، تفقد الإحساس بالليل و النهار، تنظر بخواء للساعة المعلقة على الحائط، لا تسمع «تك تك»، تشعر وللمرة الأولى أن الوقت توقف، تريد أن تمسك بعقارب الساعة وتجرها لرقم ٩، فالتاسعة صباحاً هو الوقت الذي سيفتحون فيه الباب لتخرج لفناء خارجي مغطى بألف شبك وشبك، تتسلل منه خيوط النور لتصنع بقعاً على أرض الفناء الأسمنتية. شمسنا القاسية التي طالما هربت منها، ألاحقها هنا، أبحث عنها، أحتضنها، أتنفس حريتي بين يديها.



بعض السجينات لا يتحدثن العربية، لم يفهمن لماذا جئن هنا. مَلأت دفتراً بعشرات القصص، كتبت عشرات رسائل الاسترحام للسجينات. آنا ماري كريسوستومو «فيليبينية» أنهت محكوميتها ثلاثة أعوام وزادت عليها ثلاثة أعوام أخرى لأنها لم تستطع دفع غرامتها لتخرج، مثلها الأندونسية نور سابودين، والسيريلانكية ياني زارينا، والبنغالية روما أخطر عبدالمنان، قضين وقت المحكومية ولم يجدن من يدفع غرامتهن.

 

 
























التوقيع

دعبوس بن دغيبيس الدغبوسي



من بلاد آكلي الدغابيس

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:21 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir