بمناسبة ذكرى وفاة الشاعر خليل مطران (شاعر القطرين)
 في يوم 1/ يونيو / 1949م
أنقل لكم قصيدته الشهيرة: " مقتل بزرجمهر "
عندما تقترب ساعة الحقيقة ينكشف جوهر الرجال ، يصمت من يصمت ، و يصمد من يصمد ، البعض يؤنبه ضميره على خنوعه و ذله ، و البعض يفتخر بالمداهنة للطغاة و السلاطين ، و في دولة الفرس قديماً كان كسرى ملك الملوك ؛ الحاكم المطلق و المستبد الطاغي ، يقتل الناس دون رادع ، يسجنهم و يسحقهم ، و السبب جهلهم و استكانتهم، و ما أشبه اليوم بالأمس ؛ حيث أمة الفرس اليوم تعاني ظلم الأكاسرة الجدد ، أعداء الحياة و الإنسان ، العنصريين بكل ما تحمله العنصرية من معنى ، مجرمي الحروب و مثيريها....
( اشتهر كسرى بالعدل و كان بلا نزاع أعدل ما يكون المطلق اليد في أحكام بلاده ، فإن كان ما وصفناه في هذه القصيدة احدى جنايات مثله في العادلين فما حال الملوك الظالمين؟):
" مقتل بزرجمهر "
                 
    سجدوا لكسرى إذ بدا إجـــــــــلالا      =       كسجودهم للشمـــــــس إذ تتلالا
                        يا أمة الفرس العريقة في العـــلا       =      ماذا أحال بك الأسود سخـــــــالا
                        كنتم كبارا في الحروب أعــــــــزة      =       واليوم بتم صاغرين ضئــــــــالا
                        عباد كسرى مانحيه نفوســــــــكم         =    ورقابكم والعرض والأمــــــوالا
                        تستقبلون نعاله بوجوهكــــــــــــم            = وتعفرون أذلـــــة أوكـــــــــــــالا
                     التبر كسرى وحـــــده في فارس      = و يعد أمـــــــــــــة فارس أرذالا                      
                         يا يوم قتل بزرجمهر وقد أتـــــوا        =    فيه يلبون النداء عجــــــــــــــالا
                         متألبين ليشهدوا موت الــــــــذي           =أحيا البلاد عدالــــــــــــة ونــوالا
                         يبدون بشرا والنفوس كظيمـــــة       =     يجفلن بين ضلوعهم إجفــــــــالا 
                        شر العيال عليهم و أعقهــــــــــم          =  لهم و يزعمهم عليه عيــــــــــالا
                        إن يؤتهم فضلاً يمن و إن يــــرم    =        ثأراً يبدهم بالعــــدو قتــــــــــــالا
                        وإذا قضى يوما قضـــــاء عــادلا       =    ضرب الأنـــــام بعدله الأمثــــــالا
                        تجلو أسرتهم بروق مســـــــــرة           = و قلوبهم تدمى بهن نصـــــــــالا
                        وإذا سمعت صياحهم ودويهـــــم         =   لم تدره فرحا ولا إعـــــــــــــوالا
                        ويلوح كسرى مشرفا من قصره         =   شمســـــاً تضيء مهابــة وجلالا
                        شبحا لأرموز العظيم ممثـــــــلاً       =      ملكا يضم رداؤه رئبــــــــــــــــالا
                        يزهو به العرش الرفيع كأنــــه          =   بسنى الجواهر مشعــل إشعـــالا
                        وكأن شرفته مقام عبــــــــــــادة            =نصب التكبــر في ذراه مثــــــــالا
                        وكأن لؤلؤة بقائم سيفــــــــــــه      =       عين تعـــــــــد عليهم الآجـــــــالا
                        ما كان كسرى إذ طغى في قومه       =    إلا لما خلقوا به فعــــــــــــــــــالا
                        هم حكموه فاستبد تحكمــــــــــــا        =   وهم أرادوا أن يصـول فصــــــالا
                        والجهل داء قد تقادم عهـــــــــده      =     في العالمين ولا يـزال عضـــــالا
                        لولا الجهالة لم يكونوا كلهــــــم     =      إلا خلائــــــــــــق إخـوة أمثـــــالا
                        لكن خفض الأكثرين جناحهـــــم        =    رفع الملــــــوك وسود الأبطـــال
                        وإذا رأيت الموج يسفل بعضـــه           =ألفيت تاليه طغــــى وتعالــــــــــى
                        نقص لفطــــــــرة كل حــــي لازم   =        لا يرتجي معه الحكيم كمـــــــــالا
                       وإذا استوى كسرى وأجلس دونه     =     قواده البســـــــــلاء والأقيــــــــالا
                       صعدت إليه من الجماعة صيحـة         =  كادت تزلزل قصره زلـــــــــــــزالا
                       وإذا الوزير بزرجمهــر يسوقـــه    =       جلاده متهاديــــا مختـــــــــــــــــالا
                       وتروح حولهما الجموع وتغتــدي      =     كالموج وهو مدافع يتتالــــــــــى
                       سخط المليك عليه إثر نصيحــــة          =  فاقتص منه غواية وضـــــــــلالا
                       أبزرجمهر حكيم فارس والــورى  =         يطأ السجون ويحمل الأغــــلالا ؟
                        كسرى أتبقي كل فدم غاشــــــــم     =      حياً، وتردي العــــادل المفضـالا ؟
                        وتدق في مرأى الرعية عنقــــه        =   ليموت موت المجرميــن مــــــذالا
                        أين التفرد من مشورة صــــادق           =والحكم أعدل ما يكون جــــــدالا ؟
                       إن تستطع فاشرب من الدم خمرة =         واجعل جماجم عابديك نعــــــــــالا
                       واذبح ودمر واستبح أعراضهـــم    =       وامــــلأ بلادهــم أسى ونكـــــــالا
                       فلأنت كسرى ما ترى تحريمــــــه       =    كان الحرام وما تحــــــل حــــلالا
                       وليذكرن الدهر عدلك باهــــــــــراً         =  ولتحمدن خلائقـــا وفعــــــــــــالا
                       لو كان في تلك النعاج مقــــــــاوم  =         لك لم تجئ ما جئتـــه استفحـــالا
                       لكن أرادت ما تريد مطيعــــــــــــة     =      وتناولت منك الأذى إفضـــــــــالا
                       ناداهم الجلاد هل من شافــــــــــع        =  لبزرجمهــــــــر فقــــــال كل: لا لا
                       وأدار كسرى في الجماعة طرفــه =         فرأى فتاة كالصباح جمــــــــــــالا
                       تسبي محاسنها العيون وتنثنــــــي    =     عنها عيــون الناظرين كـــــــــلالا
                       بنت الوزير أتت لتشهد قتلــــــــــه       =  وترى السفاه من الرشــاد مـــدالا
                       تفري الصفوف خفية منظـــــــورة =        فري السفينـــة للحباب جبــــــــالا 
                        باد محياها فأين قناعهـــــــــــا ؟     =    وعلام شاءت أن يزول فـــــــــزالا
                        لا عار عندهم كخلع نسائهـــــــم        = أستارهن، ولو فعلـــن ثكالـــــــــى
                        فأشار كسرى أن يرى في أمرها =       فمضى الرسول إلى الفتاة وقــــالا
                        مولاي يعجب كيف لم تتقنعـــــــي    =    قالت له: أتعجبـــــــــا وســـــــؤالا
                        انظر وقد قتل الحكيم فهل تـــــرى      =  إلا رسومــــا حوله وظـــــــــــلالا
                        فارجع إلى الملك العظيم وقل له:        =مات النصيح وعشت أنعـــــم بالا
                        وبقيت وحدك بعده رجلاً، فســــــد =        و ارع النساء ودبر الأطفـــــــالا
                        ما كانت الحسناء ترفع سترهــــا    =     لو أن في هذي الجمــوع رجــالا
  
