الدكتور أبو عالي .. سرق الكاميرا

.

*****

الجمعة 18 رمضان 1434هـ

الدكتور أبو عالي .. سرق الكاميرا


بخيت طالع الزهراني

ليس المهم أن تكون صاحب أموال كثيرة , فكم من صاحب مال لا قيمة له كبيرة في المجتمع .. وليس المهم أن تكون صاحب وظيفة مرموقة , فكم من صاحب وظيفة كان عبئا عليها , بل ومتطفلاً ومتسلقا لها .

كما أنه ليس المهم أن تكون صاحب شهادة كبيرة .. فكم من أصحاب شهادات كبيرة تخجل لهم , والواحد منهم في المجلس أمامك يعجز عن القاء كلمة معبرة وعميقة المعاني .
أظن أن من المهم أن تكون صاحب حضور وجاذبية وتقدير ومحبة من الناس , ولابأس أن كان لديك مالاً أو شهادات أو وظيفة كبيرة .. وهذا ما يعرف بـ ( الكاريزما ) .. واستطرادا فـ (الكاريزما ) لفظة غير عربية , وثمة من ينسبها للثقافة الإغريقية القديمة , وهي على أي حال تعني أن يكون صاحبها ممن يمتلكون حضورا طاغيا , وجاذبية كبيرة , وشخصية محبوبة لدى قطاع كبير من الناس .

ثمة كما قلت سابقا أصحاب أموال , أو شهادات , أو مناصب رفيعة , ورغم ذلك فإن أحدا من أولئك ليس من أصحاب ( الكاريزما ) .. وبناء عليه يظل أولئك أقل حضورا في مجتمعهم , وأقل جاذبية بين الناس , ولا يكاد يشعر بهم أحد سوى المحيط الصغير جدا من حولهم .

كل الكلام أعلاه تداعى إلى ذاكرتي قبل أيام , وأنا في قصر البرود للأفراح , وفي حفل أهالي الأطاولة التكريمي للمحافظ الجديد لمحافظة القري الرجل الخلوق والدؤوب الأستاذ عبدالله الحربي .. أقول تذكرت ذلك وأنا أتأمل شخصية الدكتور سعيد بن عطية أبوعالي الغامدي .. ضيف شرف حفل تلك الليلة .

و (أبو عالي ) كما هو معروف شخصية تربوية أكاديمية أدبية معروفة , وهو وجيه من وجهاء الباحة , وقامة تعليمية سعودية معروفة , ويملك من الكاريزما الكثير جدا , فلدية جاذبية كبيرة , وشخصية مؤثرة , ودماثة خلق , وبراعة حديث , ويملك تجربة علمية وعملية حافلة بحشد كبير من الدراما , بحيث لا تمل من الاستماع لها , ومن الاعجاب بها وبصاحبها بالطبع , حتى ليقول قائل من أين جاء أبو عالي هذا , ومن الذي رباه وأدبه وصنع منه تلك الشخصية الاستثنائية .

في حفل الأطاولة الأخير استطاع الدكتور أبو عالي " أن يسرق الكاميرا " وهذا تعبير مجازي يقوله أهل السينما , ومعناه قدرة الشخص على الاستحواذ على نجومية الحفل , وفي كلمته بالحفل سرد على الحضور قصة ادارته لمعهد المعلمين بالأطاولة قبل حوالي 50 عاما .

كانت قصة معبرة ولافتة , وواحدة من حكايات العصامية الحقة , التي تسجل ضمن مسيرة بدايات التعليم السعودي , بكل متاعبها وآمالها , وبكل أفراحها وقسوة امكانياتها , قصة شاب لا يزيد عمره عن 19 عاما , ثم يكون مديرا لمعهد ليس بينه وبين طلابه فرق في العمر سوى عام واحد أو عامين , ثم ينجح في ادارة المعهد ويحقق طلابه نسبة نجاح 100 % .

القصة طويلة , وتجربة الدكتور أبو عالي في كل الأحوال عريضة في كل المواقع التي عمل فيها قبل وبعد حصوله على الدكتوراه من امريكا , سواء في تعليم المنطقة الشرقية كمدير عام , او في نادي الشرقية الأدبي ونادي الباحة الأدبي , أو جامعة أم القرى , أو كلية الباحة الأهلية أو رئاسته لتحرير مجلة الشرق , إلى غير ذلك من المهام التي أنيطت به .

الدكتور أبو عالي شخصية مؤثرة لا تتكرر كثيراً , ولدى الرجل فكر استثنائي , ورؤية مختلفة , وخبرة تراكمية عريضة .. وأتمنى من قلبي أن يستفاد منها بالشكل الصحيح , كما أتمنى مخلصاً أن يكرمه أهله أبناء منطقة الباحة عن طريق وجهائها تكريما يليق به , وبمنطقتنا التي أنجبت فذّاً , نبيهاً , وألمعياً مثله .

(منقول من صحيفة الباحة اليوم)
*****