يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحات الموروث والشعر والأدب > دواوين الشعراء

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
قديم 12-08-2012, 09:13 AM   رقم المشاركة : 34

 

{ سنة التَّعْبَة وجبل أبي قبيس }

عُرف الشيخ المربي والأستاذ الوالد / علي سعد دغسان أبوعالي رحمه الله واسكنه فسيح جناته بالصدق والأمانة والأخلاص واشتهر بتلك الصفات بين عشيرته وقومه وأهله منذ مراحل شبابه الأولى ولذا كان مؤتمنا على أكثر من اسرة وأرملة وعشرات الأيتام في القرية بعد أن أسند اليه معظم القائمين على تلك الأُسَر أثناء مرضهم وقبل انتقالهم الى الرفيق الأعلى تلك المسؤلية محمِّلينه وزر الأخلال بها ، واضعين نصب عينيه مقاضاته أمام الملك الديان ومن تلك الأسر وجميعها عريقة أُسرة ( عمه عطية أبوعالي ، وأُسرة سعد بن عبد الله ، وأسرة شلح ، وعبدالله بن شويل ، والحمدان ، وآل أبوريشة ) وغيرها، فكان رحمه الله يعاني اشد المعاناة من هذا الأرث العظيم ويسعى جاهدا ليسدد ويقارب في أدائه خوفا من الله وهربا من مسؤلية الإخلال بالأمانة أو التنصّل منها ، وفي سنة ( التّعبة ) على حد تسميته لها كان عائدا ورفاقه من سفر لهم إلى الطائف ( على ظهور الدّواب ) وقبل وصوله إلى القرية جاءه خبر وفاة الشيخ صالح بن عيضة ( والد العم عبدالله أبوحسان متعه الله بالصحة والعافية ) وعلم أن الشيخ صالح أحضر رجلين في مرضه الذي توفي فيه وطلب منهما أن يبلغا دغسان اذا توفي قبل وصول الأخير إلى القرية وكّالته له على أسرته المكونة من أمرأتين وعدد من الأبناء وينقلا له شهادتهما على ذلك وبما أن الشاعر بطبعه مرهف الأحساس قادر على التعبير عما يختلج في نفسه من الم وحسرة وخلافها فقد انشد رائعته التي يستشمّ منها رائحة الهمّ والغمّ فقال :

إن كان ميّا حياة الغلب مت ياعلي

قِهرْت وانا اتحمّل لي هموم(ن) وضيق

لكنّ هذي السنه سمّيتها متعبة

يا كم لقلبي وهو متكدّر(ن) مارضي

وكل ما جيت بافيّق بدا داهية

1) ميّا حياة الغلب ــ لا مفر من الحياة المملوءة بالنّكد والتعب والمعاناة .
2) قهرت ــ تعبت وعجزت .
3) بافيّق ــ أي ارتاح .
4) متكدر ــ من الكدر وهو الضيق ،،، مارضي ــ لم يرض .
5) داهية ــ مصيبة .

وفي الرد يقول :

حلفت لو كان جلس النحل متياع لي

وفاكهه من عنب شبرا وتمر المضيق

والاّ حليب (ن) يجي يتمايل المتع به

ما يشفي الروح حتى يبري المارضي

وآذل منها تعقّب لي بدا دا هيه

1) جلس النحل ــ ما يخرج من بطونها وهو العسل ،،، متياع لي ــ متاع أو طعام لي .
2) شبرا والمضيق ــ مكانان معروفان يتبعان لمحافظة الطائف ويشتهر الأول منهما باجود انواع العنب حتى وقتنا الحاضر بينما يشتهرالثاني بأحد أجود اصناف التمور .
3) يتمايل المتع به ــ يميل به المتاع المحمول على رحل الدّابة لوفرته وثِقَلِه .
4) يبري المارضي ــ يشفي المريض .
5) أذل ــ أخاف ،،، تعقّب ــ ينتج عنها أو تؤخر لي ،،، بدا دا هيّه ـ داء لا نجاة معه،،، والخلاصة أن الشاعر يبدي تخوفه من أن تلك الظروف التي كان يمر بها تتعقب له بعلة في جسده لا ينجو معها ابدا .

والملاحظ هنا أنه قال ( حلفت ) ولم يات بلفظ الجلالة ( والله ) خوفا من الحنث في القسم وتلك إحدى لطائفه .

كان لابد من هذا الطرح وهذا البسط في المقدمة للوصول إلى بيت القصيد وهو موضوع قصيدة ( جبل أبي قبيس ) التي ذاع صيتها واشتهرت بين الناس واسبابها غير معروفة للسواد الأعظم منهم ، وكما اسلفنا فقد كان دغسان مسؤلا عن كثير من الأرامل والأيتام في القرية ومن بينهم أسرة عمه عطية رحمه الله، وقد كان لعطية المعني أخت تدعى ( رحمة ) وهي جدّةُ محدثكم أخت جده لأبيه سعد وجدته لأمه ووالدة أخواله كل من ( سعيد السروري ، وعلي بن قسقس ، والعبادي الكبير ) عليهم جميعا رحمة الله وقد إقترحّت رحمة المشار إليها أن يتزوج ابنها ( علي ّ ) من ابنة أخيها عطية ( والدة العبادي وبقية إخوته مسفر وعبدالرحيم وأحمد وعبدالقادر وشقيقاتهم ) رحم الله العبادي وبارك في إخوانه وأخواته جميعا وذلك على زوجته الأولى التي لم يرزق منها بأبناء وهي من بيت ( بن ناصر ) من رحبان ،

ومن المفارقات العجيبة أن الذي أملك للخال عليّ رحمه الله على زوجته الجديدة شقيق زوجته الأولى الشيخ محمد بن ناصر ( توفي رحمه الله في مدينة الخرج بعد أن استقر بها ) دون أن يكون في نفسه أدنى غضاضة من إقدام رحيمه على الزواج على أخته على عكس ما كان عليه أهل الديرة في ذلك الوقت وربما حتى وقتنا الحاضر لكنّ ذلك سببه ( العلم الشرعي ) الذي تفرد به بيت آل بن ناصر وخصوصا الشيخ محمد عليه وعلى بقية إخوته رحمة الله ،

المهم أن دغسان رحمه الله وافق بصفته ولي أمر الفتاة على رغبة عمته بعد أن استشار والدة العروس وكل من له علاقة بالأمر مشترطا على جميع الأطراف عدم افشاء السرّ حتى يتدبر أمره ويتحيّن الوقت الملائم لأظهاره على الملأ منعا للاحراج لكنّ الظروف اتت بعكس ما كان يشتهي بحكم أن المجتمع القروي صغير ويتسرب فيه الخبر بسرعة البرق فانكشف المستور وظهر الأمر على السطح فرافقه بعض اللغط فقال عليه رحمة الله منتقدا من لم يوف بوعده :

علي يقل بوس بك ياذا لعهده باق بيس

يضل عقله وخلق الله عنّه بيتنور

بوصيك لا تصحب اللي جاه في عقله خليل

وراعي الجهل بالمشعاب الى هاج ارمعه

1) بوس ــ بمعنى ( بئِسَ ) وبئس فعل ماضي جامد يدل على الذم بمعنى قَبُحَ وعكسه نَعْم في سياق المدح ،،، ياذا لعهده ــ يامن قطع على نفسه عهداً ،،، باق ــ نقض العهد وأخلّ بشروطه ،،، بيس ــ لو أن الفعل بئس فعلا غير جامد لقلنا أن بيس الأخيرة مفعول له مطلق على رأي إخواننا أهل اللغة وهي من وجهة نظري كذلك لكنها أتت بلهجتنا المحلّيّة الدّارجة وليس الفصحى.
2) يضل عقله ــ يفقد صوابه ،،، خلق الله ــ المقصود بهم البَشَرْ ،،، بيتنور ــ أي سوف تتنحى عنه الخلائق وتبتعد لقبح فعاله .
3) لا تصحب ــ لاتصاحب ،،، جاه في عقله خليل ــ اصابه خلل في عقله .
4) المشعاب ــ عصى غليظة معكوفة الطرف ،،، الى هاج ــ إذا بداء التصرف الأهوج غير الحكيم ،،، ارمعه ــ أي اضربه حتى يكفّ عن جهله .

بما أن البدع يحتوي على مفردات تستحث المتصدر للرد على الأتيان بذكر بيت الله الحرام وخليل الله ابراهيم وزوجته هاجر عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم فقد كان ملاسي خير من يوكل إليه هذا الأمر وهو الذي عشق بطحاء مكة وحرثها طولا وعرضا ذهاباً وجيئةً أكثر مما فعله بها أهلها لذا فقد بعث إليه دغسان ببدعه ليأتي رد ملاسي على ما تشتهيه النفس فقال طيب الله ثراه :

إن الحَجَرْ جابه الله للنبي من باقبيس

موضوع أمانة وحطّه ربنا للبيت نور

هاذي مسائل إلاهيّة كرامة للخليل

ذا حطّ ولّده على زمزم وهِبْ هاجر معه

1) النبي ــ يقصد به خليل الله إبراهيم عليه السلام ،،، الحَجَرْ ــ الحجر الذي كان يرتقي عليه إبراهيم ليتمم بناء البيت بعد أن علا البنيان وهو الذي عليه آثار اقدامه عليه السلام والمعروف بمقام إبراهيم ،،، باقبيس ــ جبل أبوقبيس المحاذي للصفا .
2) حطّه ــ وضعه ،،، للبيت نور ــ علامة، قال تعالى ( فيه آيات بينات، مقام إبراهيم ).
3) هاذي ــ هذه ،،، مسائل الاهيّة ــ اختصاصات ربانيّة اكرم الله بها نبيه وخليله إبراهيم .
4) ولده ــ أي ولد ابراهيم اسماعيل عليه وعلى أبيه السلام ،،، هب هاجر معه ــ وضع معه أُمّه هاجر على بئر زمزم قبل أن يقفل عائداً إلى بلاد الشام .

رحم الله من اتينا على ذكره في هذه السيرة العطرة حيا كان او ميتاً وأسكننا وإياه فسيح جناته، وسبحانك اللهم وبحمدك استغفرك اللهم واتوب إليك .

 

 
























التوقيع






   

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:23 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir