أسوأ إنسان على وجه الأرض ؟؟!!

بقلم فهد بن محمد العوين

عندما سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم قالت : كان خلقه القرآن .
لاشك أن حفظ وقراءة القرآن أمر جميل وعمل عظيم لكن الأجمل والأعظم عندما نتخلّق بهذا القرآن الكريم .
فإذا لم يظهر أثر القرآن على أخلاقنا وأعمالنا وأفعالنا وأقوالنا وتعاملنا في صحوتنا وغفوتنا في حركتنا وسكوننا في السر والعلن في الطريق في العمل في البيت مع الوالدين والأقارب مع الزوجة مع الأبناء مع الزملاء مع الأصدقاء حتى مع الأعداء، فما فائدة هذا الحفظ فنحن أصبحنا كأجهزة التسجيل فقط .
فالقرآن يجب أن يكون في حياتنا لأننا سوف نحتاجه في مماتنا وما بعد الموت .
صحيح أن بعض الناس يحفظ ويقرأ القرآن كواجب شرعي أو خوفا من العقاب وطمعا في الجزاء وهو لاشك أنه أفضل من شخص يهجر القرآن ، لكن طبعا لن يكون أفضل من شخص لا يقرأ ولا يحفظ القرآن لكنه يتخلّق بالقرآن ويعمل به في حياته ، فحفظك للقرآن خاص بك لكن تخلّقك بالقرآن يعود بالنفع عليك وعلى الآخرين وعلى المجتمع وعلى كا مايقع تحت يدك وتحت مسئوليتك، فرب عامل بالقرآن أفضل من حافظ له ، والأفضل من هؤلاء كلهم إنسان يحفظ ويقرأ القرآن ويعمل ويتعامل به .
فما أجمل أن نسير والقرآن يسير معنا .
فما أجمل أن يكون القرآن كالنور الذي ينير لنا الظلام .
فما أعظم أن نسمو بالقرآن ونرتقي بأخلاقنا وتعاملنا بآياته العظيمة .
فما أعظم أن نحلّق مع القرآن ونرتفع به عن سفاسف الأمور ويهذّب ألسنتنا ويصفّي قلوبنا وينقّي أنفسنا ويكبح ويضبط شهواتنا ويحفظ جوارحنا ودافعا لنا لمعرفة حق الله وحقوق الناس .
وهجر القرآن ليس فقط أن تترك قراءته وحفظه ،لذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله - : هجر القرآن أنواع :
أحدها : هجر سماعه والإيمان به ، والإصغاء إليه .
والثاني : هجر العمل به ، والوقوف عند حلاله وحرامه ، وإن قرأه وآمن به .
والثالث : هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه .
والرابع : هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم منه.
والخامس : هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها .
وهو مصداقا لقول الله تعالى :
{ وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا }( الفرقان : 30 )
والعجيب أنك أحيانا تتعامل مع غير المسلمين وتجد حسن التعامل منهم والأخلاق وبعضهم لم يقرأ القرآن فقط تتحسر من تعامل بعض المسلمين الذين عرفوا القرآن وقرؤوه بل أن البعض حافظا له عن ظهر قلب .
حتى الأمور المالية لم يغفل عنه القرآن ، فنجد أن أطول آية الدَين وهي أطول آية في القرآن تأمرنا بالتوثيق والكتابة والتسجيل بالرغم من أنها نزلت في وقت الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام وهم أفضل أهل الأرض ومع ذلك أمرهم القرآن بذلك فعملوا بها .
واعتقد أن أسوأ إنسان على وجه الأرض والله أعلم بمصيره يوم القيامة هو الذي يحفظ القرآن لكي يتاجر به ويرفع رصيده في البنك من خلال بيع آيات الله مقابل حفنة من الريالات


ختاما أقول أللهم أجعل القرآن ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا واجعلنا من القارئين والحافظين له ومن العاملين والمتعاملين به .