
التلذذ بالأخذ يشترك فيه معظم البشر ،
لكن التلذذ بالعطاء لا يعرفه سوى العظماء وأصحاب الأخلاق السامية السامقة .
أحيانا تصعب التفرقة بين الأخذ والعطاء ،
لأنهما يعطيان مدلولاً واحداً في عالم الروح !
لأن فرحتي بما أعطيت لم تكن أقل من فرحة الذين أخذوا
إن بهجة العطاء تفوق لذة الأخذ ،
فالأولى روحانية خالصة ، تتملك وجدانك وأحاسيسك ،
والثانية مادية بحتة محدودة الشعور .
يقول جورج برنارد شو :
( المتعة الحقيقية في الحياة ، تتأتى بأن تُصهر قوتك الذاتية في خدمة الآخرين ،
بدلاً من أن تتحول إلى كيان أناني يجأر بالشكوى من أن العالم لا يكرس نفسه لإسعادك ! ).
فالمرء منا حينما يكون دائم العطاء ،
سيتملكه بعد فترة شعور بأنه يستمد من رب العزة أحد أسمى وأروع صفاته
وهي صفات ( الجود والعطاء والكرم) ،
وما أسعد الخالق حينما يتمثل أحد خلقه صفاته الجميلة الرائعة .
هذه اليد المعطاءة هي وحدها القادرة على نقلك من عالمك المادي الضيق ،
إلى عالم الروح الرحب الواسع ،
فالنفس تحب أن تكنز وتجمع ، وصعب عليها أن تجود وتنفق ،
فإذا ما علمتها العطاء والجود ،
كنت أحق الناس بالارتقاء والعلو والرفعة في الدنيا والآخرة .
صعب على عقل مادي أن يفهم معادلة العطاء السعيد ،
لذا لا أجدني مبالغا حين أجزم
أن أصحاب اليد العليا هم
نسيم الحياة وملائكة الإنسانية .
أصحاب اليد العليا هم
رواد كل زمن ، ورموز كل عصر ،
يجودون بالمال إن تطلب الأمر ، ويضحون بالنفس بنفوس راضية ،
ويقدمون راحة غيرهم على راحتهم وهنائهم .
تعرفهم بسيماهم ، قلوب هادئة .. و ابتسامة راضية واثقة ..
ونفوس مطمئنة مستكينة .
هم أسعد أهل الأرض ، ولهم في السماء ذكرٌ حسن .. وأجر عظيم .
يقول جبران خليل جبران
لا تنسى وأنت تعطي أن تدير ظهرك عن من تعطيه كي لا ترى حيائه عاريا أمام عينيك .

تحياتي
...........