ربما تعلم أنها مفيدة لصحتك، ومع ذلك ما زلت تهرب من تناول طعام والدتك الغني بالنباتات «المغذية». ولكن اليوم، وفقاً للدراسة المنشورة في مجلة «علم النفس البيئي»، بات بإمكانك أن تستفيد من وجود هذه المزروعات الخضراء في محيطك من دون أن تضطر لتناولها.
يؤكد العلماء أن وجود مساحة خضراء في محيط العمل يساعد على التفكير بإيجابية وعلى زيادة القدرة على التركيز. وقد تابع هؤلاء العلماء، الذين يمضون ساعات طويلة أمام شاشات الكمبيوتر، باهتمام مخاطر العمل في بيئة مصطنعة على الصحة العقلية.
وارتكزت الدراسة في نتائجها الأولى على مجموعة من الأبحاث أجريت حول نظرية «نقص التركيز». وبناء على هذه النظريّة، فإن السبب الذي يمنعك من التركيز لفترة طويلة على الجداول الظاهرة أمامك على شاشة الكمبيوتر، هو حقيقة أن لكل واحد منا قدرة محدودة على التركيز على نمط مماثل من العمل. هذه القدرة المحدودة تفترض وجود «الانتباه المباشر» الذي ينقص مع الوقت ويتطلب جهوداً ذهنية وجسدية عالية.
تصلح في هذا الصدد المقارنة مع نوع آخر من الانتباه. فأول ما يسترعي انتباهك مثلا أثناء نزهتك في حديقة عامة، وفقاً للعلماء، هو أوراق الأشجار، العصافير والورود الملونة وغيرها، وهذا ما يدعى بـ»الانتباه غير المباشر». وهو يتطلب جهداً أقل كونه يتم بشكل تلقائي، كما أنه يتيح لـ»الانتباه المباشر» أن يجدّد نفسه.
في الواقع، ما تزال النتائج متضاربة بعض الشيء حول مدى فعاليّة المساحات الخضراء في زيادة القدرة على التركيز في العمل. فهناك دراسات، حسب ما ينقله الباحثون، أثبتت أن وجود بعض النباتات في مختبر للكمبيوترات يزيد من إنتاجية العاملين فيه. في حين لم تسجل دراسات أخرى أي أثر يذكر لوجود النباتات على عاملين في مؤسسات أخرى، وبعضها سجّل تفاوتاً في التأثير بين الذكور والإناث.
ولكن ما يؤكده هؤلاء العلماء، أن ثمة منافع حقيقية يحصدها من يعملون في مكان تملؤه النباتات، وإن كان عليهم أن يجيبوا على بعض الأسئلة الملتبسة. ومنها على سبيل المثال، ما طبيعة العلاقة بين النباتات وأوقات الراحة في العمل والتي تعرف كذلك بأنها تساعد في تجديد «الانتباه المباشر»؟ هل وجود النباتات يسرّع تجديد «الانتباه المباشر»؟ أم أنه يساعد على جعل اوقات الراحة في العمل أكثر فعاليّة؟
وبغض النظر عن تشعبات العلم واستفساراته، هناك سؤال قد يختصر كل ما سبق: أليس جميلاً أن تكون محاطا في عملك بجزء من الطبيعة المنعشة، تزيّن مكعبات الباطون والقطع البلاستيكية التي تملؤه والتي يقال عنها في أحسن الأحوال إنها بشعة؟

(عن مجلة «سايانتيفيك اميركان»)