عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2011, 03:31 PM   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 

وأما المجيد: فهو ذو المجد، والمجدُ هو العظمةُ وكمال السلطان، فتأمَّل جمالَ هذه التحيات وكمالها وحُسنَها وجمالَها، وتدبَّر معانيها حين تزدلِفُ بها إلى ربك في جلوس التشهُّد وأنت خاشعٌ مُتأدِّب.
فالحمدُ لله الذي هدانا إليها، وأنعمَ بها علينا.
اللهم بارِك لنا في الكتاب والسنة، وانفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه الصادق الأمين، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها المسلمون:
وقد جاءت السنةُ بالترغيب في الدعاء بعد التشهُّد وقبل السلام، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعود بعد ما علَّمه التشهُّد: «ثم يتخيَّر من الدعاء ما شاء». وفي "الصحيحين": «ثم يتخيَّر من الدعاء أعجبه فيدعو به».
والأفضلُ أن تأتي أولاً بالدعاء الوارد في السنة ثم تدعو بعد ذلك بما تحبُّ من خيرَي الدنيا والآخرة، وقد جاءت السنةُ بأدعيةٍ تُقال في هذا الموضع؛ منها:
ما جاء في "الصحيحين" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا فرغَ أحدُكم من التشهُّد فليتعوَّذ بالله من أربع: من عذاب القبر، ومن عذاب جهنم، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنةِ المسيح الدجَّال».
وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُعلِّمُ أصحابَه هذا الدعاء كما يُعلِّمُهم السورةَ من القرآن، ولذلك فإن هذا الدعاء في هذا الموضع مُستحبٌّ استحبابًا شديدًا؛ بل إن من العلماء من قال بوجوبه.
وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجَّال، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات، اللهم إني أعوذ بك من الأمثم والمغرَم». فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذُ من المغرَم؟! فقال: «إن الرجل إذا غرِم حدَّث فكذَب، ووعدَ فأخلَف»؛ متفق عليه.
والمراد بفتنة المحيا: جميعُ الفتن الواقعة في الحياة مما فيها اختبارٌ للمرء في دينه؛ كفتنة المال، وفتنة النساء، وفتنة الأولاد والجاه، وجميع فتن الشُّبُهات والشهوات.
وأما فتنة الممات: فهي سؤال الملَكَين للميت في قبره عن ربه ودينه ونبيِّه، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنه أُوحِيَ إليَّ أنكم تُفتَنون في قبوركم مثل أو قريبًا من فتنة المسيح الدجَّال»؛ رواه البخاري.
ومن فتنة الممات: ما يحدثُ عند الاحتضار من سوء الخاتمة وإغواء الشيطان للإنسان، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إن أحدَكم ليعمَلُ بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبقُ عليه الكتاب فيعملُ بعمل أهل النار».
وأشد ما يكون الشيطان حِرصًا على إغواء بني آدم في تلك اللحظات، والمعصوم من عصمَه الله.
والمرادُ بفتنة المسيح الدجَّال: ما يحصُل به من الإضلال والإغواء بما معه من الشبهات، وخصَّه بالذكر مع أنه من فتنة المحيا؛ لعِظم فتنته.
والمأثمُ: هو كل قولٍ أو فعلٍ أو نيةٍ يأثَمُ بها الإنسان.
والمغرَم: هو كل ما يغرَمه الإنسان بسبب دَينٍ أو جنايةٍ أو مُعاملةٍ، ونحو ذلك.
ومما ورد من الدعاء أيضًا: «اللهم اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرت، وما أسرَرتُ وما أعلَنتُ، وما أسرفتُ، وما أنت أعلمُ به منِّي، أنت المُقدِّم وأنت المُؤخِّر، لا إله إلا أنت»؛ أخرجه مسلم.
ومما ورد أيضًا: «اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرِك وحُسن عبادتك». أوصى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُعاذًا أن يقولَه في دُبر كل صلاة.
ومما ورد من الدعاء: «اللهم إني ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا غفر الذنوبَ إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم». أوصى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أبا بكرٍ أن يقولَه في الصلاة، كما في "صحيح البخاري".
والأولَى أن يُقال في أحد موضِعَيْ إجابة ادعاء في الصلاة، وهما: السجود، أو بعد التشهُّد وقبل السلام.
وبعد ذلك يدعو المسلم بما شاء من خيرَي الدنيا والآخرة.
اللهم فقِّهنا في الدين، واجعلنا من أتباع سيد المرسلين.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على خير البرية، وأزكى البشرية: محمد بن عبد الله، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغُرِّ الميامين، وارضَ اللهم عن الأئمة المهديين، والخلفاء المَرْضِيِّين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابة نبيك أجمعين، ومن سار على نهجهم واتبع سنتهم يا رب العالمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم من أرادنا وأراد بلادنا بسوءٍ أو فُرقة فرُدَّ كيدَه في نحره، واجعل تدبيرَه دمارًا عليه.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، وهيِّئ له البِطانة الصالحة.
اللهم وحِّد به كلمةَ المسلمين، وارفع به لواء الدين، اللهم وفِّقه ونائبَيه لما فيه الخير للعباد والبلاد، واسلُك بهم سبيل الرشاد، وكن لهم جميعًا مُوفِّقًا مُسدِّدًا لكل خير وصلاح.
اللهم ادفع عنا الغلا والوبا، والربا والزنا، والزلازل والمِحَن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بَطَن.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين، اللهم أصلِح أحوال المسلمين، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم اجمعهم على الحق والهدى، اللهم احقِن دماءهم، وآمِن روعاتهم، واحفظ ديارهم، وأرغِد عيشَهم، واجعل كل قضاءٍ قضيتَه لهم خيرًا.
اللهم انصر المُستضعَفين من المسلمين في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين، واجمعهم على الحق يا رب العالمين.
اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين، اللهم عليك بأعداء الدين فإنهم لا يُعجِزونك.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ[البقرة: 201].
اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ويسِّر أمورنا، وبلِّغنا فيما يُرضِيك آمالنا، ربنا اغفر لنا ولوالدينا ووالديهم وذرياتهم، إنك سميع الدعاء.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

 

 

   

رد مع اقتباس