عرض مشاركة واحدة
قديم 08-14-2010, 05:06 PM   رقم المشاركة : 1
Berightback لا تتأسف على ما فاتك


 


لا تتأسف على ما فاتك



يقول الإمام ابن الجوزي-رحمه الله- 0
"تأملت أحوال الفضلاء، فوجدتهم في الأغلب قد بُخِسُوا من حظوظ الدنيا 0 ورأيت الدنيا غالبًا في أيدي أهل النقائص.
فنظرت في الفضلاء 0 فإذا هم يتأسَّفون على ما فاتهم مما ناله أولو النقص 0 وربما تقطَّع بعضهم أسفًا على ذلك 0
فخاطبت بعض المتأسفين، فقلت له 0 ويحك 0 تدبر 0 أمرك 0 فإنك غالطٌ من وجوه 0
أحدها 0 أنه إن كانت لك همة في طلب الدنيا 0 فاجتهد في طلبها تربح التأسف على فَواْتها فإن قعودك متأسفًا على ما ناله غيرك 0 مع قصور اجتهادك غاية العجز 0
الثاني 00 أن الدنيا إنما تراد لتُعْبَر 0 لا 0 لتُعْمَر 0 وهذا هو الذ ي يدلُّك عليه علمك ويبلغه فهمك 0
وما يناله أهل النقص من فضولها يؤذي أبدانهم وأديانهم 0 فإذا عرفت ذلك لم تتأسف على فقد ما فَقْدُته 0 وكان أصلح 0 لك وكان تأسفك عقوبة لتأسُّفك على ما تعلم المصلحة في بعده 0 فاقنع بذلك عذابًا عاجلا 0 إن سلمت من العذاب الآجل 0
والثالث 00 أنك قد علمت بَخْسَ 0 حظِّ 0الآدمي في الجملة من مطاعم الدنيا ولذاتها بالإضافة إلى الحيوان البهيم 0 لأنه ينال ذلك أكثر مقدارًا مع أمنٍ 0 وأنت تناله مع خوف وقلة مقدارٍ 0
فإذا ضُوعِف حظُّك من ذلك؛ كان ذلك لاحقًا بالحيوان البهيم من جهة أنه يشغَلُه ذلك عن تحصيل الفضائل 0 وتخفيف المُؤَن ويبحثُّ صاحبه على نيل المراتب 0
فإذا آثرت الفضول مع قلة الفضول 0 عُدْت على ما علمت بالإِزدراء 0 فَشِنْت علمك 0 ودللت على اختلاط رأيك 0

المرجع: صيد الخاطر
للإمام: ابن الجوزي-رحمه الله-

 

 

   

رد مع اقتباس