عرض مشاركة واحدة
قديم 01-29-2011, 06:49 PM   رقم المشاركة : 592
معلومات العضو
عضو فعّال
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
محمد عجير is on a distinguished road


 

الحلقة الخامسة عشرة :


جاءت إجازة عيد رمضان 1393هـ فتقابلت في موقف الطائف ( بالرياض ) مع الدكتور عبد الرحمن العشماوي وركبنا سويا تاكسي شفر موديل 73 إلى جدة وكانت من أجمل السفرات في حياتي رافقت فيها رجلا أحبه من كل قلبي ومع أن الطريق طويلا ومملا إلا أنني لم أشعر به وأنا برفقته ، لقد تحدثنا خلال تلك الرحلة طويلا خصوصا عن بداياته الشعرية التي علق بذهني منها أول بيت نظمه في حياته وكان في قريته التي ولد ونشأ بها قرية عراء بعد أن تأخر موسم الأمطار حيث يقول :



ياعراء هللي وكبري ** إن هذى السحب عَيَّتْ تمطري !



رجل لطيف ، مؤدب ، مثقف ، فضلا عن كونه من فحول الشعراء .





بعد أن قضيت عدة أيام في جدة توجهت إلى الديرة وقابلت أحبائي ورفاق طفولتي ، عبدالله رمزي ، علي أبوعلامة ، عبدالرحيم رمزي ، أبناء الخال مسفر وعبد الرحيم قسقس ، عبدالله أبوعلامة ، محمد التهامي ، غرم الله الفرنك ، مسفر العجمة ، سعيد بن علي العفاس ، عبدالله بن منصور وغيرهم فقضينا أيام عيد مرّت بسرعة البرق على الرغم من أنها لم تكن كسابقاتها ( طراطيع ولعب ولهو ) فالسن والموقف لم يعودا يسمحان بمثل ذلك ، وأتذكر أنه زارني في القرية للمعايدة زميل لي تعرفت عليه في الكلية وكان في القسم المتوسط ( سنة ثانية ) من الباحة إسمه أحمد السعدي ( توفي عليه رحمة الله فيما بعد برتبة رائد في مدينة جدة حيث كان يعمل في حرس الحدود ) وقد كان لزيارته أبلغ الأثر في نفسي .




لما حان موعد الرحيل وودعت إخوتي آخر ليلة في سهرة في منزل مسفر العجمة بعد أن تعشينا من طبخ أبي رمزي كبسة دجاج أُحضر مع الرز ( نيّاً ) من بقالة العم صالح بن حمدان ( الأعمى ) عليه رحمة الله وأعد بسخانة كهربائية يتم غمسها في القدر غمسا عن بكرة أبيها زادني فراقهم وجدا على وجدي .




في تلك الليلة إنقطع التيار الكهربائي أكثر من مرة وبعد أن ينقطع نقوم بتوليع الأتريك وكان بدون زجاج يحمي الفتيلة وعندما يعود التيار كنت أتعمد إدخال سبابتي فأفتت الفتيلة ظنا مني بأن الكهرباء لن تعاود الإنقطاع لكنها سرعان ماتخلف الظن فنعاود الكرّة بعد الكرّة لكن بعد أن ننتظر الرأس في ظلام دامس حتى يبرد . لاأدري كيف نضج الأكل تلك الليلة ولاأدري كيف تحمل رفاقي غلاستي بتكرار تفتيت الفتيلة !!





في موقف الرياض ( بالطائف ) وأنا قافلا بعد العيد إلى الرياض شاهدت عن بعد عريفا ( طالبا من القسم النهائي يدرس معي بالكلية ) من أهل مكة لي معه ذكرى سيئة مذ أول يوم ثلاثاء مر علي بالكلية حيث كانت وجبة الغداء يومئذ ( مصقع ، وملوخية ، ورز أبيض ) وكنت من المستجدين الذين معه على طاولة الأكل فخلط لي ولعدد من رفاقي المصقع مع الملوخية ووضع معها ثلاث ملاعق أو أربع من الرّز وصب عليها نصف كاس من الشاي ومثله من الماء وشيئا من الملح وقال : كل ياطالب بالأمر العسكري ! ( الأمر العسكري إذا لم يكن يمس الدين أو العرض أو المال فلا مجال لعصيانه مهما كان قاسيا ، هكذا علمونا ! ) تذكرت وقتها ( فريقة ) البقرة التي كنت أرى والدتي تصنعها في القرية لبقرتها حيث كنت حديث عهد بها في الديرة فتجرعت غدائي مع من تجرّع وأنا أردد بيني وبين نفسي الآية الكريمة ( يتجرعه ولا يكاد يسيغه ، ويأتيه الموت من كل مكان وماهو بميت ، ومن ورائه عذاب غليظ )




المهم عندما رأيت الرجل جال بمخيلتي ما أنا ذاهب إليه من الجحيم فقارنت بين رفيقي في السفر بداية الإجازة وبين رفيقي الذي أراه أمامي الآن فتنحيت جانبا في زاوية قهوة الموقف وبداء الشيطان يطرح عليّ حلولا ويقدم لي أفكارا بعضها أسوأ من بعض .

 

 
























التوقيع