عرض مشاركة واحدة
قديم 12-14-2010, 10:41 AM   رقم المشاركة : 80
معلومات العضو
عضو فعّال
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
محمد عجير is on a distinguished road


 


(علّة ملاسي تستعصي على الحكماء)

كان دغسان رحمه الله من اشد الناس التصاقا بالشاعر محمد ملاسي ومن أقربهم الي نفسه، ولأنه شاعر مثله فانه ليس بمستغرب أن يكون هو الأعرف به و بمعاناته وما تنطوي عليه سريرته وإن لم يكن ذلك على سبيل الاطلاق الا انك تجده جليا في العديد من النصوص الشعرية التي اتحف بها الشاعران متذوقي هذا الفن من ابناء المنطقة الجنوبية،

وفي المقطوعة التالية ومايليها تتجلى هذه الفرضية بمالا يدع مجالا للشك، بل وتؤكد على أن دغسان رحمه الله هو الأجدر باستظهار ماكان محمد ملاسي رحمه الله يحاول اخفاءه وكتمانه من معاناة نفسية وربما جسدية ايضا حتى عن اقرب الناس اليه وماتلك المعاناة الا نتاج طبيعي لما افرزته تقلبات الدهر وظروف الحياة القاسية التي عاشها ( اعني ملاسي ) لكن ولأنه وهو المشهود له بالعصامية والقدرة على التحمل لم يشأ البوح بما يختلج في نفسه ويعبرعما بداخله من مشاعر شعرا كان أو نثرا درءا لشماتة الشامتين وكلام المغرضين فآثر الصمت وكأني به ولسان حاله يقول ( صبري على نفسي ولا صبر الناس عليّ )

الا أن فراسة دغسان وقدرته على قراءة تنهدات ملاسي وملامح آهاته التي كانت تخفى على كثير ممن حوله لم تكن بمنأى عن تخطيط دغسان المغلف بالدهاء والمكر الحسن إن شئت كي يقوم ( أي ملاسي ) باخراجها على الملأ دون تهرب أو سعي للي اعناق النصوص ،


ولك أخي المتصفح أن تتمعن في هذا الطرح الذي استنطق بموجبه دغسان رفيق دربه ليضع معاناته أو ( ينشر غسيله ) باللهجة الدارجة أمام الآخرين بكل شفافية ووضوح لترى مدى مايتمتع به كل من الشاعرين من ذائقة شعرية اقل ما يقال عنها أنها ( مبهرة)

البدع ( من دغسان )

والله اني آحب ذا بين الملا سيمتا
وآحب ذا يشتري ما العود وامتان طيب
لكن ربي ينقّض كل فتلا حكيم
اسمع كلامي ولا تقعد تعلّه عليل
والهجرة اصبر لفتنتها وبدوايها


فالهيئة الحسنة للإنسان تعبير عملي عن ذوق رفيع وإحساس بالجمال، وحُسْن مظهر الشخص الخارجي يتضح من طريقة حديثه وصمته وحركتة وسكونه ودخوله وخروجه وسيرته العملية في الناس بحيث يستطيع من يراه أو يسمعه أن ينسبه لأهل الخير والصلاح والديانة والفلاح .
وإنسان هذا نعته لاشك أنه مقبول محبوب قريب من الناس فالعين حين تقع على حَسَنِ الهيئة والهندام ترتاح لرؤياه وتنعم للقياه , لأن الشئ الحسن مُبهج , مرغوبٌ فيه ،
عن عبد الله بن عباس _ رضي الله عنهما _ قال : قال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ : إن الهَدْيَ الصالح والسمتَ الصالح والاقتصاد جُزءٌ من خمسةٍ وعشرين جزءاً من النبوة )) رواه أبو داود

ولقد عبردغسان وهو المربي الفاضل والقدوة الحسنه عن اعجابه بالرجل المتصف بالسمت واقسم على ذلك فقال ( والله اني آحب ذا بين الملا سيمتا ) ولأن الرائحة الزكية جزء من المظهر الحسن بل قد تكون عنوانا له فإن الشاعر لم يغفلها هنا بل صرح بها ولم يلمح لكنه استدرك فاشار بعدها مباشرة الى أن لكل قاعدة شواذ فقال ( لكن ربي ينقّض كل فتلا حكيم ) فلا يغرنّك مظهر شخص ما فتحكم عليه من خلال مظهره حكما قطعيا ازليا فإن الله قادرعلى أن يفضح سريرة ذلك الذي اعجبت به فيتضح لك عكس ماكنت تعتقده ( ستبدي لك الايام ما كنت جاهلا ) ولذا فقد اكّد على نصيحته تلك بقوله ( اسمع كلامي ) وانتفع به ( ولا تقعد تعلّه ) أي تردده دون الاستفادة منه ( عليل ) مفعول مطلق من ( تعلّ ) ثم ختم رائعته هذه بجملة هي بمثابة القاعدة التي يجب أن يراعيها المرء في كل مراحل حياته وهي الصبر على ما تبديه له الدنيا وما تخفيه من اقدار وفتن فقال ( والهجرة اصبر لفتنتها وبدوايها ) .

اما الرد فقد جاء من ملاسي كما اراده دغسان واضحا جليا لا لبس فيه فقال :




متى تفيق وترضى ياملاسي متى
ومتى بعد ينتهي ذا الشر ومتى نطيب
لو كان من ديرة امريكه يجينا الحكيم
إنه ليقفي وانا تحت الصخونة عليل
وعلتي ما يجي الدكتور بدوايها


ولاحظ هنا أن امريكا منذ ذلك الوقت تتبوأ قمة التقدم في جميع المجالات ومنها الطب لكن على الرغم من ذلك فقد اعيت ( علة ملاسي ) اطبائها وحكمائها فمات بها رحمه الله دون علاج وصدق الله القائل ( فلولا إن كنتم غير مدينين ، ترجعونها إن كنتم صادقين ) رحم الله ملاسي ودغسان وموتانا وموتى المسلمين وجمعنا بهم في جنات النعيم .

 

 
























التوقيع






   

رد مع اقتباس