عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2012, 10:10 AM   رقم المشاركة : 4
Mnn


 



.
هذه إحدى قصائد صفي الدين الحلي

ما هبّتِ الريحُ إلاّ هزّني الطّرَبُ،


ما هبّتِ الريحُ إلاّ هزّني الطّرَبُ،= إذ كانَ للقَلبِ في مَرّ الصَّبا أرَبُ
لذاكَ إن هَيمَنتْ في الدّوحِ أُنشِدُه:= بيني وبينكَ يا دَوحَ الحِمى نَسَبُ
يا جِيرَة َ الشِّعبِ، لولا فَرطُ بُعدِكُمُ= لمَا غَدا القَلبُ بالأحزانِ يَنتَعِبُ
فهَلْ يَجودُ بكُمْ عَدلُ الزّمانِ لَنا = يوماً، وترفعُ فيما بيننا الحُجُبُ
يا سادَة ً ما ألفنا بعدَهم سكناً، = ولا اتّخَذنا بَديلاً حينَ نَغتَرِبُ
بودّكم صارَ موصولاً بكم نسبي؛ = إنّ المَودَة َ في أهلِ النُّهَى نَسَبُ
جميلُكُم كانَ في رِقّي لكُم سَبَبَا، = لا يوجدُ الحكمُ حتى يوجدَ السببُ
فكَيفَ أنساكُمُ بَعدَ المَشيبِ، وقَد= صاحبتُكم، وجلابيبُ الصِّبا قُشُبُ
أم كيفَ أصبرُ مغتراً بأُمنية ٍ، = والدّارُ تبعدُ، والآجال تقتربُ
قد زرتُكم وعيونُ الخَطبِ تلحظُني= شَزراً، وتَعثرُ في آثاريَ النُّوَبُ
وكم قَصدَتُ بلاداً كيْ أمرّ بكُمْ، = وأنتمُ القَصدُ لا مِصرُ ولا حَلَبُ
وكم قَطَعتُ إليكُم ظَهَرَ مُقفِرَة ٍ، = لا تَسحَبُ الذّيلَ في أرجائها السُّحبُ
ومَهمَهٍ كسماءِ الدَّجنِ معتكرٍ، = نَواظِرُ الأسدِ في ظَلمائِهِ شُهبُ
حتى وَصَلتُ إلى نَفسٍ مُؤيَّدَة ً، = منها النُّهَى واللُّهَى والمجدُ يكتسبُ
بمجلسٍ لو رآهُ الليثُ قالَ بهِ: = يا نَفسِ في مثلِ هذا يَلزَمُ الأدَبُ
مَنازِلٌ لو قَصَدناها بأرؤسِنا،= لكانَ ذاكَ علَينا بَعضَ ما يَجِبُ
ملكٌ بهِ افتخرتْ أيّامُهُ شرَفاً،= واستبشرتْ بمعالي مجدِهِ الرُّتَبُ
وقالتِ الشمسُ: حسبي أن فخرتُ به،= وجهي له شَبَهٌ، واسمي لهُ لَقَبُ
لا يعرفُ العفوَ إلاّ بعدَ مقدرة ٍ،= ولا يرَى العذرَ إلاّ بعدَما يَهَبُ
سَماحُهُ عُنوِنَتْ بالبِشرِ غايَتُها، = كما تُعَنونُ في غاياتِها الكُتُبُ
وهمة ٌ حارَ فكرُ الواصفينَ لها، = حتى تشابَهَ منها الصّدقُ والكذِبُ
قالوا: هوَ البدرُ؛ قلتُ: البدرُ مُمّحِقٌ = قالوا: هو الشمس؛ قلتُ: الشمس تحتجبُ
قالوا: هو الغيثُ؛ قلتُ: الغيثُ مُنتظَرٌ.= قالوا: هو اللّيثُ؛ قلتُ: اللّيثُ يُغتصَبُ
قالوا: هو السّيلُ ، قلتُ: السّيلُ مُنقطعٌ = قالوا: هو البحرُ ، قلتُ: البحُر مُضطرِبُ
قالوا: هو الظلّ؛ قلت: الظلّ مُنتَقلٌ. = قالوا: هو الدّهرُ؛ قلتُ: الدّهرُ مُنقَلِبُ
قالوا: هو السّيفُ؛ قلتُ: السّيفُ ننَدُبه،= وذاكَ من نفسهِ بالجودِ ينتدبُ
قالوا: فَما منهمُ يَحكيه؛ قلتُ لهم: = كلٌّ حكاهُ، ولكنْ فاتَهُ الشنَبُ
يا ابنَ الذينَ غَدَتْ أيّامُهم عِبَراً = بينَ الأنامِ، بها الأمثالُ قد ضربُوا
كالأُسُدِ إن غضِبوا، والموتِ إن طلَبوا،= والسّيفِ إن نُدبوا، والسّيلِ إن وهبُوا
إن حكموا عدلوا، أو أمّلوا بَذَلوا، = أو حوربوا قتلوا، أو غولبوا غَلَبُوا
سريتَ مسراهمُ في كلّ منقبة ٍ، = لم يَسرِها بَعدَهم عُجمٌ ولا عَربُ
وفُقتَهُمْ بخِلالٍ قد خُصِصتَ بها، = لولا الخصوصُ تساوى العودُ والحطبُ
حَمَلتَ أثقالَ مُلكٍ لا يُقامُ بها، = لو حملتها الليالي مسّها التعبُ
وحُطتَ بالعدلِ أهلَ الأرضِ كلّهمُ،= كأنّما النّاسُ أبناءٌ، وأنتَ أبُ
لكلّ شيءٍ، إذا عللتَهُ، سببٌ، = وأنتَ للرّزقِ في كلّ الورى سببُ
مولايَ! دِعوَة َ عَبدٍ دارُهُ نَزَحَتْ، = عليكمُ قربه بل قلبهُ يجبُ
قد شابَ شعري وشعري في مديحكمُ،= ودُوّنَتْ بمَعاني نَظميَ الكُتُبُ
فالنّاسُ تَحسُدُكم فيهِ، وتحسُدُه فيكُم،= وليسَ له في غَيرِكم طلَبُ
فلا أرتنا الليالي منكمُ بدلاً؛ = ولا خلَتْ منكُمُ الأشعارُ والخُطَبُ

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس