عرض مشاركة واحدة
قديم 05-08-2009, 08:12 PM   رقم المشاركة : 1
اصنع من الليمون شراباً حلواً


 




الذكيُّ الأريبُ يحوّلُ الخسائر إلى أرباحٍ ، والجاهلُ الرِّعْديِدُ يجعلُ المصيبة مصيبتينِ.‍‍‍ ‍

طُرِدَ الرسولُ صلى الله عليه و سلم من مكةَ فأقامَ في المدينةِ دولةً ملأتْ سمْع التاريخِ وبصرهُ .

سُجن الإمام أحمدُ بنُ حَنْبَلَ وجلد ، فصار إمام السنة ،

وحُبس شيخ الإسلام ابنُ تيمية فأُخْرِج من حبسهِ علماً جماً ،

ووُضع السرخسيُّ في قعْرِ بئْرٍ معطلةٍ فأخرج عشرين مجلداً في الفِقْهِ ،

وأقعد ابن الأثيرِ فصنّفَ جامع الأصول والنهاية من أشهرِ وأنفعِ كتبِ الحديثِ ،

ونُفي ابنُ الجوزي من بغداد ، فجوَّد القراءاتِ السبعِ ،

وأصابتْ حمى الموتِ مالك بن الريبِ فأرسل للعالمين قصيدتهُ الرائعة الذائعة التي تعدِلُ دواوين شعراءِ الدولةِ العباسيةِ ،

ومات أبناءُ أبي ذؤيب الهذلي فرثاهمْ بإلياذة أنْصت لها الدهرُ ، وذُهِل منها الجمهورُ ، وصفَّق لها التاريخُ .

إذا داهمتك داهيةٌ فانظرْ في الجانبِ المشرِقِ منها ،

وإذا ناولك أحدُهمْ كوب ليمونٍ فأضفْ إليهِ حِفْنَةً من سُكَّر ،

وإذا أهدى لك ثعباناً فخذْ جلْدَهُ الثمين واتركْ باقيه ،

وإذا لدغتْك عقربٌ فاعلم أنه مصلٌ واقٍ ومناعةٌ حصينة ضد سُمِّ الحياتِ .

تكيَّف في ظرفكِ القاسي ،

لتخرج لنا منهُ زهْراً وورْداً وياسميناً

( وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ) .

سجنتْ فرنسا قبل ثورتِها العارمةِ شاعرْين مجيديْنِ متفائلاً ومتشائماً فأخرجا رأسيْهما من نافذةِ السجنِ .

فأما المتفائلُ فنظر نظرةٌ في النجومِ فضحك.

وأما المتشائمٌ فنظر إلى الطينِ في الشارعِ المجاور فبكى.

انظرْ إلى الوجه الآخر للمأساةِ ،

لأن الشرَّ المحْض ليس موجوداً ؛

بل هناك خيرٌ ومَكْسبٌ وفَتْحٌ وأجْرٌ .


الشيخ عائض القرني


تحياتي
...........

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس