عرض مشاركة واحدة
قديم 06-01-2012, 10:20 AM   رقم المشاركة : 1
من يعيد وهج سوق حُباشة


 

سوق حُباشة يقع جغرافيًّا على الضفة الجنوبية لوادي قنونا في حداب الفرشة، في العرضية التابعة لمحافظة القنفذة، وثقافيًّا بين أندية الباحة وجدة ومكة وأبها. لا أدري ما أسباب إهمال السوق على الخريطة السياحية والأثرية والثقافية رغم أنه أحد أشهر أسواق العرب في الجاهلية وصدر الإسلام، وقد باع فيه الرسول – صلى الله عليه وسلم - واشترى حين كان تاجراً لصالح السيدة خديجة - رضي الله عنها - قبل البعثة النبوية؟ وسبب ذيوع السوق تاريخيًّا أنه يقع على طريق التجارة القديمة من اليمن إلى مكة المكرمة ثم بلاد الشام، وتمر به قوافل السبئيين التجارية، وكتب عنه عدد من المؤرخين الأوائل مثل الأزرقي في كتابه أخبار مكة: "حُباشة سوق الأزد، وهي ديار الأوصام من بارق من صدر قنونا وحلى من ناحية اليمن، وهي من مكة على ست ليالٍ، وهي آخر سوق خُربت من أسواق الجاهلية". أما ياقوت الحموي فقال: "حُباشة بالضم والشين معجمة. وأصل الحُباشة الجماعة من الناس ليسوا من قبيلة واحدة. وحبشت له حُباشة أي جمعت له شيئاً. وأورد أبو عبيد البكري في معجمه "الحُباشة بضم أوله وبالشين المعجمة، أيضاً على وزن فُعالة، سوق للعرب بناحية مكة، وهي أكبر أسواق تهامة، كانت تقوم ثمانية أيام في السنة، قال حكيم بن حزام: رأيتُ الرسول صلى الله عليه وسلم يحضرها، واشتريتُ بزا من بز تهامة".

إذاً، تاريخيًّا سوق حُباشة لا يقل شأناً ومكانة وشهرة عن سوق عكاظ، بل يُعتبر صنواً له. وكل سوق له مزاياه المكانية والزمانية؛ حيث يُعقد سوق حُباشة في شهر رجب من كل عام، ولمدة ثمانية أيام. قال عنه الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي: لا بد أنها سوقٌ عظيمة ومتجر رابح، يهبط إليها أخلاط شتى من مختلف القبائل التي ترتاده للمتاجرة وفداء الأسرى، ومبادلتهم بأمثالهم، والتقاضي في المنازعات ومختلف المنافع التجارية وغير التجارية. كما وثَّقه المؤرخ حسن الفقيه في كتاب تحت عنوان حُباشة.
ولما كان السوق بهذه الشهرة التاريخية فلِمَ لا يتم إعادة إحيائه؟ وذلك بتنظيم فعاليات ثقافية في المكان والزمان المحددَيْن، بعد توثيق مكانه بكل دقة من أصحاب المعرفة، وخصوصاً أن هناك تجربة ناجحة تحققت على أرض الواقع، وهي إحياء سوق عكاظ، الذي أصبح علامة ثقافية بارزة في المشهد الثقافي والاجتماعي والحضاري، وحتى يُضاف رصيدٌ للسياحة والآثار في بلادنا؛ ما يؤكد ثراء تاريخ هذا الوطن.

مشكلة سوق حُباشة أنه يقع في منطقة الأطراف بين المناطق المشار إليها، وهي الباحة ومكة وعسير، إلا أن ذلك لا يعفي أبداً مسؤولياتها في التنسيق بينها لإعادة وهج السوق؛ ليصبح إضافة ثقافية وسياحية نحتاج إليهما.

للكاتب جمعان الكرت

 

 
























التوقيع



لا علاقة لي بمعرّف أحمد بن قسقس في الملتقى لأهالي وادي العلي

   

رد مع اقتباس