عرض مشاركة واحدة
قديم 11-21-2008, 07:06 PM   رقم المشاركة : 5

 


الغنيمة الرابعة

الشهادة الملائكية


يقول الحق - جل وعلا - :

{ أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً } ،

والمفسرون يذكرون عند هذه الآية حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - ،

عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أنه قال :

( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ،

ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ،

ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم الله- وهو أعلم بهم- :

كيف تركتم عبادي ؟

فيقولون : تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون
)

[متفق عليه] .

إن السائل هو الله ملك الملوك ، والمسئولون هم الملائكة الذين

{لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون }

و { لايسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون

نعم هؤلاء الملائكة المقربون يشهدون لك عند الله ،

ويذكرونك بأداء الصلاة ، ويمدحونك بشهودك الجماعة ،

الملائكة الأبرار الأطهار يشهدون أنك من العباد المصلين الأخيار .

تأمل معي :

" لطف الله تعالى بعباده وإكرامه لهم بأن جعل اجتماع ملائكته

في حال طاعة عباده لتكون شهادتهم لهم بأحسن الشهادة "

[الفتح2/35 ] .

وتأمل معي أيضاً حكمة سؤال الله للملائكة كما ذكرها ابن حجر في قوله :

" قيل الحكمة فيه استدعاء شهادتهم لبني آدم بالخير واستنطاقهم بما يقتضي التعطف عليهم،

وذلك بإظهار الحكمة من خلق الإنسان في مقابلة من قال من الملائكة :

{أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون }

أي وقد وجد فيهم من يسبّح ويقدّس مثلكم بنص شهادتكم " .

ورد الحديث أيضاً " فيه الإخبار بما نحن فيه من ضبط أحوالنا حتى نتيقظ ونتحفظ في الأوامر والنواهي ،

ونفرح في هذه الأوقات بقدوم رسل ربنا وسؤال ربنا عنّا ،

وفيه إعلامنا بحب ملائكة الله لنا لنـزداد فيهم حباً ونتقرب بذلك
"

[الفتح 2/37 ] ،

فهل رأيت أثر صلاة الفجر في صلتك بالملائكة وشهادتهم لك.

وفي التفسير مزيد من القول أنقله لك من تفسير الألوسي عند قوله تعالى

{ إن قرآن الفجر كان مشهوداً }

حيث قال :

أخرج النسائي وابن ماجه والترمذي والحاكم وصححاه وجماعة عن أبي هريرة – رضي الله عنه -

عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه قال في تفسير ذلك :

تشهده - أي قرآن الفجر - ملائكة الليل وملائكة النهار ،

وقيل يشهده كثير من المصلين في العادة ،

وقيل من حقه - أي قرآن الفجر - أن تشهده الجماعة الكثيرة ،

وقيل تشهده وتحضر فيه شواهد القدرة من تبدل الضياء بالظلمة والانتباه بالنوم الذي هو أخو الموت .


وأختم هذه الغنيمة بقول الألوسي المفسر - رحمه الله - :

" ولا يخفى ما في هذه الجملة من الترغيب والحث على الاعتناء بأمر صلاة الفجر ؛

لأن العبد في ذلك الوقت مشيع كراماً ، ومتلقى كراماً ،

فينبغي أن يكون على أحسن حال يتحدث به الراحل ويرتاح إليه النازل
" .

فما أجلها من غنيمة ، فلا تغب عن شهودها .

 

 

   

رد مع اقتباس