عرض مشاركة واحدة
قديم 11-10-2011, 01:21 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية العضو

مزاجي:










ابوحاتم غير متواجد حالياً

آخـر مواضيعي


ذكر

التوقيت

إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 


أيها المسلمون:
أوضحَ الإسلام للأمة القواعدَ التي تقوم عليها الأسرة، وأن الأسرة هي الخليَّة الأولى في بناء المُجتمع، وبيَّن لهم اقترانَ الزوجين في الزواج المشروع، وما لكلٍّ من الزوجين من واجبٍ وما عليه من حقٍّ، ودعاهم إلى تربية الأولاد تربيةً إيمانيةً لينشأ جيلٌ صالحٌ في نفسه نافعًا لأمَّته، أفرادُه لبِناتٌ صالحة لبناءِ مجتمعٍ صالحٍ.
وبيَّن حقوقَ الآباء من البرِّ والإحسان: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا[النساء: 36]، وحقُّ الأبناء في التربية والتوجيه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا[التحريم: 6]، وبيَّن حقَّ الرَّحِم بالصلةِ والمودَّة؛ لتكون الأسرة أسرةً قويةً مُتماسِكة بين التمسُّك والتشدُّد.
أيها المسلمون:
وأوضحَ الإسلامُ للمُجتمع قواعدَ العلاقة الاجتماعية، وأنه أقامَها على الإيمان والأُخُوَّة الإيمانية: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[الحجرات: 10]، ودعا المؤمنين للتناصُر والتآلُف: «مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم كمثَل الجسَد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسد بالحُمَّى والسهر»، وحثَّهم على أن يحمِيَ كلٌّ منهم كرامةَ أخيه ويُبعِد عن إهانته، والسعي في مساعدته، «المسلِمُ أخو المسلم، لا يظلِمُه ولا يُسلِمه»، «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، من فرَّج عن مسلمٍ كربةً من كُرَب الدنيا فرَّج الله عنه كُربةً من كُرَب يوم القيامة».
بيَّن لهم أصول التعامُل التجاري والمالي؛ فبيَّن العقود المباحة والمُحرَّمة، أباحَ البيعَ وحرَّم الربا، وأمر بالوفاء بالعقود وأداء الأمانة، والنُّصح والصدق في البيع والشراء، والبُعد عن التدليس والغشِّ والخِداع والقالَة والغَرَر.
بيَّن لهم تعالى الحلالَ والحرام من المطعوم والمشروب؛ فأباحَ الطيبات مما يُؤكَلُ ويُشرَب إذا لم يكن سرَفٌ ولا تبذير، حرَّم عليهم الميتَة ولحم الخنزير والمُسكِرات والمُخدِّرات وكلَّ ما يُهدِّدُ صحةَ الإنسان.
أرشدهم إلى مكارم الأخلاق ومحاسنِ العادات؛ فأمر بالصدق والإخلاص والبرِّ والإحسان والعدل والصفحِ والحلمِ والكرمِ والجُود، وحرَّم عليهم الخِصالَ الذميمة؛ من غيبةٍ ونميمة وقذفٍ وسُخريةٍ واستهزاءٍ وسُوء ظنٍّ بالمسلمين.
حرَّم عليهم الفواحِشَ صغيرَها وكبيرَها، وكلّ ما يؤدِّي إليها؛ فحرَّم الزنا وما يُقرِّبُ إليه؛ من خلوةٍ بالأجنبية، أو سفرٍ بلا محرَم، أو علاقةٍ جنسيةٍ تُخالِفُ الشرعَ، كما حرَّم عليهم السرقةَ والقتلَ والعُدوان والظلمَ على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ[الأعراف: 33].
شرعَ لهم عقوباتٍ شرعية لمن سلكَ طريقَ الإجرام وانتهَكَ الحُدودَ والمُحرَّمات؛ ليكون عقوبةً لمن وقع فيها وعبرةً لمن لم يقع فيها؛ فشرعَ القِصاصَ في العُداون: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ[البقرة: 179]، شرعَ حدَّ الزنا لردعِ المُحصَن وغير المُحصَن، وحدَّ القتل، وحدَّ القذف، وحدَّ شُرب الخمر، وحدَّ البُغاة والمُفسِدين وقُطَّاع الطرق.
وأرشدَ للعدل والإنصاف باستيفاء الحقوق وأداء كلٍّ حقَّه؛ فنهى عن حديث القضاء، وأي مأربٍ مع أحد الخصمَين لقرابةٍ أو هوًى، يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ[ص: 26].
بيَّن لهم أن الولايةَ بين المسلمين قائمةً على العقيدة الإسلامية لا على الوطنية والقبيلة، بيَّن لهم حقوقَ الحاكم على رعيَّته؛ من وجوب طاعة وليِّ الأمر فيما أمر واجتناب ما نهى ما لم يأمُر بمعصية أو ينهَى عن خير، وحثَّهم على عدم مُنازعة الحاكم، وأرشدَهم إلى الوقوف معه في كل الشدائد، والتعاوُن معه فيما يحفَظُ على الدولة من قُدراتها ومكاسبها، وحثَّ الحاكمَ على العدل في رعيَّته وتحقيق الحياة الكريمة لهم والرِّفقِ والشفقة والعدل بينهم، وعدمِ ظُلمهم وعدم المُحاباة بينهم.
حثَّ المجتمعَ المسلم على التعاوُن والتآلُف، وحذَّرَهم من النِّزاع، وأمرهم باجتماع الكلمة: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا[آل عمران: 103]، وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ[الأنفال: 46].
أمرَهم بتحكيم الشرع في كل شؤون حياتهم الفردية والجماعية؛ لتكون حياتَهم محكومةً بما شرعَ لهم من أحكام، وما وضع من قواعد وضوابط، وما شرعَ من معالم وحُدود، وما أرشد إليه من أخلاقٍ وفضائل، أرشد إلى النهوض بالأمة علميًّا واقتصاديًّا وزراعيًّا وصناعيًّا، وأرشد إلى الأخذ بكل سببٍ فيه التقدُّم والرُّقِيّ ما لم يُخالِف ما دلَّ الإسلامُ عليه.
هذا شرعُ الله؛ منهجٌ مُتكامل للحياة، جاء لإسعاد البشرية، والتوازُن بين الروح والمادة، وللربط بين العقل والوحي، وبين العلم والدين، وبين العقيدة والشريعة، وبين العبادة والاقتصاد والأخلاق، وبين الدنيا والآخرة، وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا[القصص: 77].
أيها المسلمون:
إن هذا المجتمعَ الذي أقامَه الإسلامُ على منهجٍ رباني له خصائص تُميِّزُه عن كل مجتمع لا يدينُ بدين الإسلام؛ فمن خصائص هذا المجتمع:
شُيوع الأمن والطمأنينة فيه، وذلك بوجودِ رادعٍ إيمانيٍّ في قلب المسلم يردَعه من الجريمة؛ لأن دين الإسلام يُرشِدُ أتباعَه إلى احترام الدماء واحترام الأموال واحترام الأعراض؛ يبتعدوا عنها ويدينوا اللهَ به، أما القوانين البشرية فإنها وإن قوِيَت فمتى تفلَّت منها انقضَّ على كل جريمةٍ من غير خجَلٍ ولا حياءٍ.
ومن خصائص هذه الشريعة أيضًا: حفظُ الحقوق العامة لكل الخلق؛ حفِظَ حقوق الآباء في البرِّ والإحسان، وحقوقَ الأبناء في التوجيه والإرشاد، وحقوقَ الأقارب في الصِّلَة والمودة، وحقَّ الكبير في الإكرام والاحترام، وحقَّ الصغير واليتيم في الشَّفَقة والحنان، وحقَّ المرأة في الإكرام، وحقَّ الجار في المُعاملة الطيبة، وحقَّ غير المسلمين أيضًا من مُعاهَدين ومُستأمنين، وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا[المائدة: 8].
مجتمعٌ شعائرُ الإسلام فيه ظاهرة: أذان وصلاة، وصوم وزكاةٌ وحج، وأخلاقٌ إسلامية يُطبِّقُها المسلمُ في حياته كلها، فليس هناك عقائد مخفيَّة ولا فرائض وأحكام مُستترة، ولكن هذا دأب أئمة الضلال الذين يتستَّرون على عقائدهم وأخفوا مبادئهم وأظهَروا خلافَ ما يعتقدون.
من خصائص هذه الشريعة: أنها مجتمعٌ أخلاقيٌّ ينبُذُ الرذيلة ويدعو إلى الحجاب والسِّتر والعفاف.
من خصائص هذا المجتمع المسلم: أنه مجتمعٌ متعاوِن أفرادُه مُتعاوِنون على البر والتقوى، وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ[التوبة: 71]، وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[العصر: 3].
من خصائصه: الربطُ بين جميع أفراده برابطة الإيمان، آخَى الإسلامُ بين المسلمين على اختلاف الألوان والأجناس والقبائل، ولكنه آخَى بينهم بهذا الدين: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[الحجرات: 10].
من خصائصه: أن الكرامة فيه إنما هي للتقوى، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ[الحجرات: 13] لا لجاهٍ ومالٍ ومنصبٍ، ولكن التقوى يكرُمُ ويسعُدُ بها الإنسان.
من خصائصه: الالتِحامُ بين الراعي والرعيَّة؛ فالراعي يبحَث مشاكلَ رعيَّته، ويسعى في حلِّ مشاكلهم، وتضميدِ جِراحِهم، ومُساعَدة مُحتاجِهم، والرعيَّة يُقابِلون ذلك بمحبَّة راعِيهم والدعاء له والوقوف معه في كل الأحوال، هكذا يريدُ الإسلامُ من المجتمع المسلم.
من خصائص هذا المجتمع المسلم: أنه مجتمعٌ تتكاملُ جميعُ مُؤسَّساته كاملة؛ شرعيَّةً تعليميَّةً ثقافيَّةً اقتصاديَّةً قضائيَّةً أمنيَّةً، الكلُّ في حِمَى الدين، والحِفاظُ على هويَّته ومنعه من التميُّع والتغريب.

يتبع

 

 

   

رد مع اقتباس