الموضوع: قصيدة أعجبتني
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-17-2009, 05:50 PM   رقم المشاركة : 5

 

كتاب المغنّي (*)

شعر/ علي الدميني

أغني ، وإما تساءل عني المغنيّ
لماذا أغنيّ؟
أغني ...
لأني
أرى شبهي في الغناء
وأغنيتي في كتاب المغنيّ


قفا نحمد الله ، أن الفتى لم يزل غارقاً في طفولتهِ
مثل "نخل الحسا" وعيون "العيون ".
يقلّب بين اليدين مداخل جنات عدْنٍ، وأنهارَ نارٍ
تضئ المدينة ، من شارع المتنبي ببغداد َ
حتى ابتسام ِ الخليج، لحي ّ "الدواسرِ " في شارع الحبِ،
حين
تسلّل في غصّة الليل
من وجعٍ نحو آخرَ،
من راية ٍ
لم تعد شجرا،ً يانعاً بالعصافيرِ ،
أو لامعاً كالأساطيرِ،
حتى دنى
و تدلّى
على سعف النخل ِ
فاتحةً من رفيف اليمام ِ
و " وسمية ً " من لموع السحاب ْ.


قفا ، نحمد الله ،
أن الفتى عاد من سفرٍ ، وأناب ْ
إلينا
فآنس ناراً بأطراف رمل الجزيرة ِ
مترعة ً بالحنين و حمى السراب
وأسرج أشواقها في " أغاني الكتاب ْ ".


تساءلت في أول الليلِ
كيف أقلّب جمري على قلقي

وأجادل – مستوحشا- متن هذا الكتاب؟
ومن سيرافقني للوقوف على صحوهِ
إن بدا،
وعلى ظلـّهِ
إن غدا
نورساً في الضباب؟

ومن ذا سيكتب عنـّي
جنون التأمل في نحوهِ
و تراتيلهِ،
يوم تدلف روحي إلى عتبات الخطاب؟

ومن سوف يرفع عنّي الملامةَ َ ،
إما رأيت الخُطى،
والخطأ ْ ،
لامعين
كوجه الصواب؟



وفي آخر الليل
ألفيت قلبي يفتش في لغتي عن ملامحهِ
فأرى الميم حاء ْ
وأُوغل في سفري نحوه ُ
فأرى الميم دال ْ.


هو الحدُّ والمدّ
والشك في المبتدأ،
واليقينُ الذي لا يقال ْ.

شبيهٌ به النهرُ،
ضحكته ُ "زرقةٌ طفلة ٌ "،
و تباريحهُ
غابةُ من سؤال ْ.

يشفّ
فتشرب "فيروزُ" من كأسهِ،
ويقسو
فتبدو مفاتيحهُ
كمصافحة الطقس
( للإحتمال ).

** ** **

أغني ، وإما تساءل عني المغنيّ
لماذا أغنيّ؟
أغني ...
لأني
أرى شبهي في الغناء
وأغنيتي في كتاب المغنيّ

** ** **

فيا صاحبي:
كم ركضتُ ، و أرّقتني :
إذا قلتُ " إن الطريق جنوبٌ"،
تقود الخطى باتجاه الشَمال
و إن قلت ُ إن الصباح َ "يمينٌ"
تشيرُ
"بأن الصباح شمال" !

أغيبُ فتُجهِدُ نجواك في أثري
و إن عدتُ أغرقتني
في عصيّ المنال ْ.


أيا ظمأ ً ضارباً في جذوع الهواء ْ
ويا حـُلُماً نازفاً بالمياه ْ
أعنّي
لأختارَ ما أشتهي من " كتاب المغنـّي"
أهشُّ به ِ في الصباح ِ
على شغف ٍ نابض ٍ في الفلاة ِ،
وأُشرِعهُ في المساء ْ:

لرائحة البنّ وهي تطلّ من النافذة
تعتّقـُها باشتعال الكلام
و نشرب صهباءها من يديك ْ.


سلاماً .. سلاماً :
على مطرٍ نابتٍ في العروق ِ
وغيمٍ يسيل
على بسمة المائدة ْ.
على أفقٍ راعش ٍ،
تتخلّق منـــــــك َ فواتحه ُ
ومواجعه ُ
وصفاتُ ُ النشيد ْ.

على لغةٍ تترقرق كالماء ِ،
تُشرَبُ والماء ِ،
تنحت ُ أعرافها في مسيل الزمان ْ
ترفرف كالطير ِ
إما تخفّت بحنائها
في حرير المجازْ
و ترقص في البهو
إمّا تجلّت
كفاتنةٍ
من صبايا الحجاز.

سلاماً على ما تبيحُ الكتابة ُ من صمتها،
وما يوقد ُ الشمسَ
إما شددنا الرحال إليك ْ.

"وقوفاً بها "، صاحبي،

و سلام ٌ عليها
سلام ٌ عليك ْ.



الظهران 10/ فبراير /2009م


كانت مهداة

إلى الأستاذ محمد العلي

 

 

   

رد مع اقتباس