نموذج أبوي فريد :
بسم الله الرحمن الرحيم
نعلم جميعا ما وصلت إليه وسائل التربية الحديثة من تقدم ورقي فقد تعددت الدراسات وانتشرت النظريات وأدلى كل خبير في التربية بدلوه وأصبح المجال مفتوحا لمن أراد الاستزادة فهاهي المكتبات ودور العلم تعج بالعديد من المؤلفات لجهابذة التربية في جميع مجالاتها وهذه الشبكة العنكبوتية تفتح أبواب جميع المكتبات العالمية لمن أراد ولوجها وتتيح لمتصفحها الاطلاع على ملايين المؤلفات والدراسات والنظريات والتجارب ومجالات أخرى لا تعد ولا تحصى وكذلك لدينا القنوات الفضائية الهادفة والصحف والمجلات وجميع وسائل الإعلام المستقيم الهادف وهناك العديد من المحاضرات والندوات وكل ذلك متاح لمن أراد أن يعرف الأسلوب الأمثل في تربية الأبناء .
وليس المبدع من توفر له كل ما يريد ثم يبدع ؛ ولكن المبدع هو من يتقن عمله ويبدع فيه دونما توفر له وسائل الإبداع .
وبطل هذا الموضوع هو مرب فاضل وأب مثالي لم يدخل مدرسة ولا معهدا تربويا ولا جامعة ولم يتعلم تعليما نظاميا أبدا ورغم كل ذلك نجح نجاحا منقطع النظير في تربية أولاده وكان نموذجا فريدا في التربية .
إنه سيدي وأخي ومن له فضل علي كبير في التربية بعد فضل الله ثم فضل والدي إنه الأخ يحيى بن سعيد بن صوهد أطال الله عمره على تقوى وصلاح ، هذا الرجل الذي لا يمل جليسه حديثه يجمع لك بين الحكمة والقصة والطرفة والشعر الهادف .
أثمرت تربيته لأولاده ونجحوا جميعا في المجالات التي يعملون بها ، فابنه الأكبر الأستاذ صالح مرب فاضل ومرشد طلابي يقتدى به واصل دراسته حتى تخرج من الجامعة ولم يكتف بما تلقاه من علوم في معهد إعداد المعلمين بل استطاع أن يجمع بين العمل والدراسة حتى نال الشهادة الجامعية كما أسلفت وابنه الثاني سعادة مدير عام معهد الإدارة بجدة الأستاذ علي بن يحيى وهو غني عن التعريف وسيرته العطرة تضيء ساحاتنا الحبيبة وسبق لكم الاطلاع عليها ... وابنه الثالث العميد طيار عبد العزيز والذي تلقى تعليمه العسكري البحري في الباكستان والطيران في أمريكا وفرنسا ولايزال يتبوأ الصدارة في مجال عمله ... وابنه الرابع عبد الله نموذج الموظف الصادق المخلص المستقيم ولا نزكيه على خالقه ليس هذا فحسب بل نجح في أعماله الحرة وفاز بما هو أكبر من ذلك بخدمته لوالديه وملازمته لهما ونال بذلك خير الدنيا وسينال خير الآخرة بفضل الله ومشيئته ... وابنه الخامس أبو خالد الأستاذ سعد معلم اللغة الانجليزية في إحدى مدارس الطائف مرب فاضل وأستاذ قدير ... وآخر العنقود المهندس محمد والمتخصص في الهندسة الميكانيكية والذي يعمل في مجال الاتصالات في منطقة الباحة ...
ما شاء الله لا قوة إلا بالله أسأل الله بمنه وكرمه أن يحفظهم جميعا ويحفظ لهم والدهم ووالدتهم تلك الأم الحنونة الصابرة والتي تقف مع والدهم خلف نجاحهم جميعا .
أرجو ألا يلومني أحد إذ كتبت عن بعض مآثر أحد أفراد أسرتنا بل عميدها الأخ يحيى بن صوهد فهذا الرجل يستحق منا كل تكريم وأسلوبه في التربية فريد ولم يكن الضرب من أساليبه فنظرة منه إلى المخطئ منا تكفي عن ذلك وكان التوجيه والقدوة الحسنة ديدنه وأسلوبه ...
وأذكر على سبيل المثال لا الحصر أنه أحضر ذات يوم قصيدة للشاعر محمود غنيم عنوانها مشاعر الآباء طلب من كل منا قراءتها ولم يطلب منا الالتزام بما ورد فيها رغم روعتها وعظمتها بل اكتفى بالتلميح ولشدة حبه لتلك القصيدة كبرّها أحد أبنائه ووضعها في برواز لا يزال معلقا إلى الآن في مدخل مجلس والدهم ( سابذل جهدي للحصول عليها وأنشرها لكم بمشيئة الله ) وكان حفظه الله يحثنا جميعا كما يحث أولاده بالقراءة الحرة والإكثار منها بل يسألنا ماذا قرأتم ؟ ولمن ؟ ولعل لمجالسته لبعض الأدباء مثل الأديب إبراهيم فوده وطاهر زمخشري واطلاعه على الكثير من الكتب وقراءته المستمرة للصحف أثر كبير في ذلك .
وأنا أعلم أنني لم أوفه حقه كما أنني لم أكتب بالتفصيل عن تخصصات أبنائه ولعل في المداخلات ما يسد هذا الخلل فاعذروني وليعذروني جميعا وتقبلوا خالص تحياتي وتقديري .