
قال الله تعالى :

النساء
المشهورُ في سببِ نزولِ هذه الآيةِ الكريمةِ
أنها نزلتْ في الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى حِين قَالُوا :
((نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ)) ،
وَفِي قَوْلهمْ :
(( لَنْ يَدْخُل الْجَنَّة إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ))
وكَانُوا َيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لا ذُنُوب لَهُمْ ،
وقد ذكرَ أهلُ العلمِ أنها نزلت في ذَمّ التَّمَادُح ، وَالتَّزْكِيَة ،
وأنَّ لفظ الآيةِ عَامّ فِي ظَاهِره ،
وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ الْمِقْدَادِ بْن الأسْوَد قَالَ :
أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أَنْ نَحْثُو فِي وُجُوه الْمَدَّاحِينَ التُّرَاب .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –
رأى رَجُلاً يُثْنِي عَلَى رَجُل ؛
فَقَالَ :
" وَيْحكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبك " ،
ثُمَّ قَالَ :
" إِنْ كَانَ أَحَدكُمْ مَادِحًا صَاحِبه لا مَحَالَة ؛
فَلْيَقُلْ : أَحْسَبهُ كَذَا ، وَلا يُزَكِّي عَلَى اللَّه أَحَدًا " ،
ولذلك قال الرَّبُّ – جَلَّ ثَناؤه :
((بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاء)) ،
وقال في آيةِ النَّجْمِ :
((فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ اِتَّقَى)) ،
فَإِنَّهُ تَكْذِيبٌ مِنْ اللَّهِ للْمُزَكِّينَ أَنْفُسهمْ مِنْ الْيَهُود ، وَالنَّصَارَى ، وغيرهم ؛
أَيْ الْمَرْجِع فِي ذَلِكَ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ،
لأنَّهُ أَعْلَم بِحَقَائِق الأمُور ، وَغَوَامِضهَا ،
فَلْيَحْذرِ المسلمُ مِن تزكيةِ نفسه ، أو الاغترار بعمله ،
أو مَدحِ الناسِ وتزكيتهم دونَ حاجةٍ ، أو مَقصدٍ شرعيّ ،
والقَصْدُ والتوسط في الأمور خير .
اللهمَّ زكِّ نفوسنا ، وطَهِّر قلوبنا ، ولا تؤاخذنا بما يقولُ الناسُ عنّا ،
واجعلنا عندكَ خيراً ممّا يقولون .
تحياتي
...........